اليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال بعين إماراتية
اليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال بعين إماراتية
بقلم.د.خالد السلامي
في الثاني عشر من شهر يونيو من كل عام تبرز قضية مكافحة عمل الأطفال. لكن للأسف الشديد يؤلمني أن أقول بأن العالم يخسر المعركة مجددا، فأعداد العمالة من الأطفال في تزايد. بل إن الأسوأ من ذلك هو أن المجتمعات بدأت تعتاد على النظر إلى الطفل العامل. فنرى مشاهير التواصل الاجتماعي يصورون مقاطع لأطفال في العمل ومعلقين على المقطع بعبارات جميلة تحمل السم مثل (هذا بطل) (هذا رجل). ألهذا الحد أصبحت أعيننا معتادة على عمالة الطفل؟ في الوقت الذي من المفترض ان ننتقد هذه الظاهرة، أصبحنا نثني على الطفل ونشجعه بحجة أنه بطل وأن ما يقوم به تضحية (مقبولة) منه لأجل أسرته. ولا نستغرب إطلاقا أن نرى الأسوأ من ذلك، فالكثير من المقاطر يظهر فيها طفلا من أصحاب الهمم يعمل في ورشة تصليح سيارات، بل قد تكون إعاقته حركية في ساقيه لكنه يزحف على الأرض للقيام بعمله، فيصوره الناس وينشرون المقاطع تحت عنوان أنه بطل.
إن عمالة الأطفال تشكل تهديداً مستمراً حيث توظف الشركات والمصانع في العديد من البلدان الملايين من الأطفال وهو ما قد يهدد مستقبل أجيال كاملة حول العالم. كما أن الأزمة الناتجة عن انتشار وباء كوفيد-19 أدت إلى زيادة في عمالة الأطفال حول العالم وهو ما يشكل تراجعاً كبيراً عما تم إحرازه على هذا الصعيد خلال سنوات ما قبل الجائحة. للأسف هناك ما يقارب من 160مليون طفل، يعملون في سن الطفولة، ما يشكل خطرا عليهم، الأمر الذي يمنعهم من الذهاب إلى المدرسة وليس لديهم أي وقت للعب، وكثير منهم لا يتلقى غذاء سليما أو أي نوع من أنواع الرعاية، وبذلك يحرمون من فرصة أن يكونوا أطفالا. للأسف عمالة الأطفال تُخرج لنا أطفالًا حرموا من حق حياة طفولتهم، ولا شك أن هذا ينعكس على نموهم النفسي والذهني، ويؤدي بدوره إلى خروج أجيال تكن في أعماقها الغضب والسخط على المجتمع وعلى العالم كله، خاصة عندما ترى هذه الأجيال أطفال اخرين يتمتعون بحقوقهم وهم محرومون منها وهذا حتما يؤدي إلى تعرض الأمن المجتمعي للبشرية إلى الخطر.
على العالم أن يدرك أن مكافحة عمل الأطفال تبدأ من مكافحة أسبابها الأساسية. إن الفقر قد يكون دافعا، لكن بالتأكيد ليس مبررا، لتغيير ثقافة بعض المجتمعات لخروج الأطفال الذين فقدوا المعيل للعمل، خاصة مع نظرة تلك المجتمعات لعمل المرأة وأن خروجها للعمل هو من العيب الكبير ومصدر عار. كما أن الصراعات والحروب لها دور أساسي في تشرد الاف الأطفال، فيجد الأطفال أنفسهم في ليلة وضحاها قد فقدوا أباءهم وأمهاتهم في حروب وصراعات لا طائل منها إلا تدمير السلم المجتمعي حول العالم وحرمان ملايين الأطفال من الأمن والأمان والتعليم.
إن دولتنا الإمارات العربية المتحدة تؤكد دعمها الكامل للجهود العالمية لوقف ظاهرة عمالة الأطفال، انطلاقاً من حرص الدولة على حماية حقوق الطفل الأساسية من خلال الأنظمة والقوانين التي تكفل نموه في بيئة آمنة وصحية، تلبي طموحاته وقدراته ومهاراته. كما أن الدولة تبادر بتقديم الدعم والمساعدة والرعاية الصحية اللازمة للأطفال في العديد من الدول من خلال بناء مستشفيات وإرسال الأدوية الطبية اللازمة، وإعطائهم الأولوية في حق التعليم. كما تتخذ الدولة كافة الجهود والإجراءات اللازمة لمكافحة هذه الجريمة، من خلال القوانين والتشريعات التي وضعتها لحماية الطفل واستراتيجيات الحماية والرعاية وغيرها من الآليات الهادفة إلى تقديم المصلحة الفضلى للطفل على جميع المستويات، بما يضمن حفظ حقوقه الأساسية والرعائية والاجتماعية وحفظ سلامته وضمان نشأته التنشئة السليمة.
المستشار الدكتور خالد السلامي
رئيس مجلس إدارة جمعية أهالي ذوي الإعاقة