البكالوريا المصرية: هل هي الحل أم المعضلة؟ وهل تحقق نقلة نوعية في التعليم؟ بين الآمال والتحديات.. حوار مع خبير
البكالوريا المصرية: هل هي الحل أم المعضلة؟ وهل تحقق نقلة نوعية في التعليم؟
بين الآمال والتحديات.. حوار مع خبير
بقلم: د. أحمد شلغم
شهد نظام البكالوريا الجديد جدلاً واسعًا في الشارع المصري، حيث تتباين الآراء بين مؤيد ومعارض، فهل يمثل هذا النظام نقلة نوعية في منظومة التعليم، أم أنه مجرد تغيير شكلي؟ هذا السؤال وغيره من التساؤلات حول إيجابيات وسلبيات النظام الجديد، سنحاول الإجابة عليها من خلال استعراض آراء أحد الخبراء، ومنهم الأستاذ الدكتور أحمد جمال الدين موسى، وزير التربية والتعليم الأسبق والذى أبدى بعض الملاحظات العامة بشأن اقتراح شهادة البكالوريا المصرية وقال سيادته:
أولاً: نرحب بمبدأ التطوير، لأن نظام الثانوية العامة الحالي قديم وعتيق وواجب التطوير منذ أمد بعيد، فلا يجب ان نرفض التطوير خوفًا من عواقب التغيير (ظاهرة النفور من المخاطرة risk aversion).
ثانياً: نرفض تمامًا مسمى البكالوريا المصرية، فهو رده إلى الخلف، وانحناء تجاه لغة أجنبية، وتجاهل للتطور الذي نجح فيه أسلافنا في إحلال لغتنا القومية محل اللغة الأجنبي، فضلًا عن أن مصطلح الثانوية العامة انتشر من مصر الى الدول العربية كافة وصار مقبولًا ومسلمًا به. ولا يجب أن نغفل أن احترام اللغة الوطنية هو مكون أساسي في الهوية الوطنية ويلزمنا به الدستور.
ثالثاً: في الفلسفة والمنطلقات وتحت عنوان التعليم متعدد التخصصات ( وهو في حد ذاته هدف جيد) يأتي عنوان دمج المواد العلمية والأدبية والفنية (وهو توجه خاطئ)، فليس الدمج هدفًا، وإنما الواجب تشجيع الطلاب على اختيار التخصصات والمسارات التي تتناسب مع قدراتهم وميولهم والتي يرغبون فيها.
رابعاً: المرحلة التمهيدية (الصف الأول الثانوي).
يقترح المشروع المطروح مواد:
– اللغة العربية
– التاريخ المصري (الأوفق أن يستبدل بالتاريخ والجغرافيا).
– اللغة الأجنبية الأولى
– التربية الدينية (نرى الأوفق هو استمرارها مادة أساسية ملزمة لكن لا تحتسب ضمن المجموع).
وتكفي هذه المقررات لتكون بمثابة المقررات الإلزامية المشتركة لكافة الطلاب، ثم يختار الطالب مقررين إضافيين وفقًا للمسار الذي يفضله. على سبيل المثال:
– العلوم الطبيعية (الأحياء، الفيزياء، الكيمياء، الرياضيات)
– العلوم التطبيقية (الرياضيات، الفيزياء، الكيمياء، علوم الحاسب).
– العلوم الاجتماعية (الاقتصاد، الإحصاء، الإدارة، اللغة الأجنبية الثانية).
– الآداب والفنون (الفلسفة والمنطق، علم النفس، تاريخ الفنون، اللغة الأجنبية الثانية).
خامساً: نؤيد العودة إلى جعل الصف الثاني والثالث مرحلة واحدة نهائية للتعليم الثانوي.
سادساً: الصف الثاني الثانوي:
المواد الأساسية المقترحة:
– اللغة العربية
– اللغة الأجنبية الأولى
– تاريخ وجغرافيا مصر.
المواد التخصصية (يختار الطالب مقررًا دراسيًا وفقًا للتخصص الذي يرغبه):
– الطب وعلوم الحياة (الواقع أنه تعبير غير موفق، لذا نقترح استبداله بمصطلح العلوم الطبيعية). ونقترح أن يختار الطالب بين مقرري (الأحياء والكيمياء)
– الهندسة وعلوم الحاسب (الأفضل استخدام تعبير العلوم التطبيقية) ويختار الطالب بين مقرري ( الفيزياء والرياضيات).
– الأعمال (وهو تعبير ليس في موضعه، والأصوب استخدام تعبير العلوم الاجتماعية). ويختار الطالب بين مقرري(الاقتصاد والإدارة).
– الآداب والفنون ويختار الطالب بين (تاريخ الفنون وتاريخ الآداب).
سابعاً: الصف الثالث الثانوي (نقترح الاستمرار في تدريس اللغة العربية، واللغة الأجنبية الأولى، والتربية الدينية على أن تكون خارج المجموع).
التخصص الأول (العلوم الطبيعية):
– يختار الطالب ٢ بين ٣ مقررات (الأحياء البيئية “مستوى رفيع”، الفيزياء والكيمياء “مستوى رفيع”، الرياضيات “مستوى رفيع”).
التخصص الثاني( العلوم التطبيقية):
– يختار الطالب ٢ من بين ٣ مقررات (الرياضيات “مستوى رفيع”، تقنيات المعلومات “مستوى رفيع”، الفيزياء والكيمياء “مستوى رفيع”).
– التخصص الثالث (العلوم الاجتماعية): يختار الطالب ٢ من بين ٣ مقررات (الاقتصاد “مستوى رفيع”، الرياضيات، العلوم السياسية).
– التخصص الرابع (الآداب والفنون): يختار الطالب 2 من بين 3 مقررات (الجغرافيا السياسية، الآداب والثقافة المعاصرة، الفنون الحديثة (المسرح – السينما – الموسيقي – الفنون التشكيلية).
ثامناً: لا توجد لدينا ملاحظات جوهرية بشأن القواعد العامة سوى التساؤل عن توزيع الدرجات(١٠٠ درجة لكل مقرر): هل ستقتصر فقط على الامتحانات التحريرية ؟! وفي هذه الحالة أين مفهوم التعلم النشط؟ وأين تشجيع الأنشطة والمساهمات الطلابية والمشاركات على مدى العام الدراسي؟ هل الخشية من صعوبة التأكد من حيدة وعدالة التقييم من قبل بعض المعلمين ستقودنا للاستمرار في تبني نظام قائم على الحفظ والتلقين والتسميع في ورقة الامتحان؟ وفي هذه الحالة هل تكتمل حقًا أهداف التطوير الحقيقي؟ الجدير بالملاحظة أنه لم تعد هناك دولة متقدمة معاصرة تقتصر في اختباراتها على الامتحانات التحريرية.
تاسعاً: نرى وجوب الاستفادة في التطوير من دروس وخبرات نظم الثانوية العامة الحديثة التي تم تطبيقها بنجاح في مصر على نطاق ضيق في السنوات الأخيرة، بخاصة مدارس المتفوقين في العلوم والتكنولوجيا STEM.
عاشراً: لم نتبين في المشروع المقدم كيفية التعامل مع فكرة التسريع التي تتيح للمتفوقين والعباقرة إمكانية اختصار وقت الدراسة المعتاد.
حادي عشر: نرى مع رغبتنا في تجنب الحديث هنا عن الجوانب الأخرى الجوهرية في أي مشروع لتطوير النظام التعليمي المصري ككل، والاقتصار فقط على ما تناوله المشروع المقترح، فإنه نرى أن هذا المقترح، وإن كان في مجمله خطوة ايجابية نحو التطوير، فإنه قابل للتحسين من خلال الحوار ودمج المقترحات الجيدة. ومع ذلك فنجاحه – حتى بعد التحسين – سيظل متوقفًا على قدرتنا في تطبيقه بنجاح في مدارسنا على اتساع أرض الوطن، وهي مدارس ذات ظروف ومستويات مختلفة.
ثاني عشر: التطوير مهم، ويجب عدم التراجع عنه، لكنه لا يأتي متسرعًا دون تهيئة الظروف التي تكفل نجاحه. لذا نعتقد أن فكرة تطبيقه بدءًا من العام القادم قد تكون غير واقعية. ومن ثم نفضل وضع برنامج زمني مناسب، وخطة تنفيذية محددة لما يجب إنجازه من عناصر التطوير الأخرى (المعلمون، الفصول، التجهيزات، المناهج، الإدارة المدرسية، الحوكمة المجتمعية والإدارية.. الخ) التي تهيئ فرصة نجاح التطبيق عند الشروع فيه.