رؤية دولة الإمارات لتمكين أصحاب الهمم وأهمية دور التنمية البشرية في دعمهم
بقلم: خالد السلامي
تتميز الإمارات العربية المتحدة بإرث ثقافي طويل في توفير الدعم والرعاية لأصحاب الهمم. هذه الرؤية الإنسانية والشاملة مستمدة من قيادتها الرشيدة التي تؤمن بأن كل فرد في المجتمع لديه دور محوري وقيمة غير قابلة للتقدير. على مر السنين، وضعت الإمارات عدة برامج وسياسات هادفة لتعزيز الاستقلالية والتمكين لأصحاب الهمم وتوفير فرص عادلة للجميع.
تعتبر التنمية البشـرية واحدة من أكثر المجالات أهمية في القرن الحادي والعشـرين. فالعالم يتغير بسـرعة، ولابد من مواكبة هذه التغيرات بتعزيز قدرات البشـر وتمكينهم من الاستفادة القصوى من الفرص المتاحة لهم. وعندما نتحدث عن التنمية البشـرية، فإننا نتحدث بالضرورة عن كل فئات المجتمع، وبالأخص أصحاب الهمم الذين يمثلون قوة بشـرية هائلة قادرة على إحداث تغيير إيجابي في المجتمع. الحكومة الإماراتية، على سبيل المثال، تعتبر التنمية البشـرية أحد أهم أهدافها، وتعمل بلا كلل لتوفير الدعم اللازم لأصحاب الهمم، ومساعدتهم على تحقيق أقصـى استفادة من حياتهم.
أصحاب الهمم هم فئة هامة من المجتمع، يعانون من إعاقات جسدية أو ذهنية أو نفسية. هؤلاء الأشخاص يواجهون التحديات العديدة، من صعوبة الوصول إلى الخدمات الأساسية مثل التعليم والرعاية الصحية والعمل، إلى التمييز الذي يتعرضون له في المجتمع، وحتى الشعور بالعزلة والتهميش.
هنا، يلعب دور التنمية البشـرية الأساسي. تركز التنمية البشـرية على تحسين القدرات البشـرية وجودة الحياة للأفراد والمجتمعات. من خلال التعليم والتدريب، الرعاية الصحية والدعم النفسـي، والتوعية المجتمعية حول حقوق واحتياجات أصحاب الهمم، يمكن للتنمية البشـرية أن توفر لهم الفرصة للمشاركة الفعالة في الحياة الاجتماعية والاقتصادية.
أمثلة النجاح تظهر كيف يمكن للتنمية البشـرية أن تغير حياة أصحاب الهمم. نانسـي لوبيز، مثلا، وهي سيدة أعمال ناجحة ذات إعاقة بصرية، كانت قادرة على تأسيس شـركتها الخاصة بفضل الدعم والتدريب الذي حصلت عليه. ثم هناك ستيفن هوكينغ، الذي كان يعاني من التصلب الجانبي الضموري، لكنه أصبح واحدا من أعظم العلماء في القرن العشـرين بفضل التعليم والدعم الذي تلقاه. وماري كوري، التي رغم إعاقتها الجسدية، حققت نجاحا كبيرا في مجال العلوم وأصبحت الأولى من نوعها لفوز بجائزة نوبل في الفيزياء والكيمياء.
ومع ذلك، فإن التحديات التي يواجهها أصحاب الهمم في التنمية البشـرية مازالت موجودة. من التمييز في المجتمع، إلى عدم توفر المرافق والخدمات التي تلبي احتياجاتهم، الى ارتفاع تكلفة التدخلات والبرامج الخاصة بهم، وحتى عدم وجود وعي كافٍ بحقوقهم واحتياجاتهم. لذلك، من الضـروري أن تبذل الحكومة والمجتمع المدني والقطاع الخاص جهودًا لإزالة هذه التحديات.
في المستقبل، يمكن أن تحقق التنمية البشـرية لأصحاب الهمم تقدما كبيرا، إذا تم تنفيذ الخطوات اللازمة. هذا يتطلب زيادة الوعي بحقوقهم واحتياجاتهم، توفير المرافق والخدمات التي تلبي احتياجاتهم، خفض تكلفة التدخلات والبرامج الخاصة بهم، وتشجيعهم على المشاركة في الحياة الاجتماعية والاقتصادية.
نحن ندعو جميع أفراد المجتمع إلى الوقوف مع أصحاب الهمم ودعمهم في تنمية قدراتهم وتحقيق أقصـى استفادة من حياتهم. يمكننا القيام بذلك من خلال رفع الوعي بحقوقهم واحتياجاتهم، توفير المرافق والخدمات التي تلبي احتياجاتهم، وتشجيعهم على المشاركة في الحياة الاجتماعية والاقتصادية.
الإمارات العربية المتحدة ليست مجرد دولة تسعى لدعم أصحاب الهمم، بل هي رائدة في هذا المجال على المستوى العالمي. من خلال تبني مبادئ التنمية البشـرية والتمكين، تعمل الإمارات على ضمان أن أصحاب الهمم لديهم كل الأدوات والموارد التي يحتاجونها لتحقيق أقصى استفادة من حياتهم ومواهبهم.
من بين الجهود المتميزة التي تقوم بها الإمارات لدعم أصحاب الهمم، يمكننا ذكر الاستثمارات الكبيرة في البنى التحتية الداعمة والمرافق الصحية والتعليمية. الهدف من هذه الجهود هو تحقيق بيئة شاملة ومتكاملة تمنح أصحاب الهمم الفرصة للاندماج الكامل في المجتمع، وتقديم مساهمات ذات قيمة.
ما يميز الإمارات العربية المتحدة حقًا هو التزامها بتحقيق التمكين الكامل لأصحاب الهمم، وذلك من خلال تبني مبادئ التنمية البشـرية وتقديم بيئة داعمة تمكنهم من تحقيق أحلامهم وطموحاتهم. يتمثل هذا التزام الإمارات في التعليم والرعاية الصحية والعديد من الفرص الاقتصادية والاجتماعية التي تعمل على تحقيقها.
علينا أن نكرس الاهتمام الذي يستحقه أصحاب الهمم، وأن نعمل بجد لدمجهم في كل جوانب الحياة اليومية. الحكومة الإماراتية، بفضل الرؤية الثاقبة لقيادتها، واعتمادها لمبادئ التنمية البشـرية، قد أثبتت أنها رائدة في هذا المجال. إلا أنه يتعين علينا جميعا، كأفراد وكمجتمع، أن نبذل جهوداً متواصلة لضمان أن أصحاب الهمم يتمتعون بكافة حقوقهم، وأنهم قادرون على الاستفادة القصوى من الفرص المتاحة لهم. فقط عن طريق العمل معا، يمكننا تحقيق مجتمع أكثر شمولية ومساواة، حيث يتمتع الجميع بالكرامة والاحترام
التعريف بالكاتب:
المستشار الدكتور خالد السلامي – سفير السلام والنوايا الحسنة وسفير التنمية ورئيس مجلس إدارة جمعية أهالي ذوي الإعاقة ورئيس مجلس ذوي الهمم والإعاقة الدولي في فرسان السلام وعضو مجلس التطوع الدولي وأفضل القادة الاجتماعيين في العالم لسنة 2021 وحاصل على جائزة الشخصية المؤثرة لعام 2023 فئة دعم أصحاب الهمم وحاصل على أفضل الشخصيات تأثيراً في الوطن العربي 2023 وعضو اتحاد الوطن العربي الدولي عضو الامانة العامة للمركز العربي الأوربي لحقوق الإنسان والتعاون الدولي.