كلمة أبوالغيط بفعالية إطلاق “دراسة عمل الأطفال في الدول العربية”
كلمة أبوالغيط بفعالية إطلاق "دراسة عمل الأطفال في الدول العربية"
أكد السفير أحمد أبوالغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، إن السنوات الماضية شهدت اهتماماً متزايداً من قبل الجامعة بقضايا الطفل والنهوض بأوضاعه وإنفاذ حقوقه، بما يراعي مصلحته الفضلى ويتماشى مع حقوقه الأصيلة والمكفولة له في الاتفاقيات والمعاهدات الإقليمية والدولية، خاصة اتفاقية حقوق الطفل التي صادقت عليها الدول العربية وكذلك البروتوكولات الإضافية الملحقة بها، بالإضافة الى “أجندة التنمية المستدامة 2030 ” التي اعتمدها قادة العالم سبتمبر 2015 في قمة أممية تاريخية.
جاء ذلك في كلمة ألقاها أبوالغيط بافتتاح أعمال فعالية إطلاق “دراسة عمل الأطفال في الدول العربية”، التي اعتمدت توصياتها مؤخرا خلال الدورة الرابعة للقمة العربية التنموية، الاقتصادية والاجتماعية التي عقدت في لبنان 20 يناير، الماضي، كوثيقة استرشادية لدعم جهود الدول الأعضاء للقضاء على هذه الظاهرة، وتهدف إلى تقدير حجم ظاهرة عمل الأطفال في الدول العربية، وإجراء تقييم دوري للإنجازات والتحديات التي تواجه هذه الظاهرة في المنطقة العربية.
وأضاف أبوالغيط في كلمته: “إنني إذ انتهز هذه الفرصة لأعبر عن خالص الشكر والتقدير لشركائنا الأساسيين في إعداد هذا الدراسة منظمة العمل الدولية، ومنظمة العمل العربية، والمجلس العربي للطفولة والتنمية، ومنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة، على جهودهم المبذولة وتعاونهم المقدَّر خلال فترة إعداد الدراسة، كما لا يفوتني أن أتقدم بالشكر والتقدير لفريق العمل الفني والسادة الخبراء بمركز البحوث والاستشارات”.
وتابع: “نجتمع اليوم لمناقشة قضية هامة تؤرق مجتمعنا العربي وهي قضية عمل الأطفال والتي تعتبر عنفاً ممارساً ضد هؤلاء الأطفال ويحرمهم من حقوقهم الأساسية في التمتع بالحياة الطبيعية في سنواتهم الأولى من أعمارهم، تلك السنوات التي تعتبر الأهم في تشكيل شخصياتهم وسلامة بنيانهم العقلي والنفسي، إلى جانب حرمانهم من التعليم والصحة والحماية والنماء، فضلاً عن ازدياد هذه القضية خطورة في ظل ما تمر به عدد من دول المنطقة من إرهاب ونزاعات وحروب مسلحة، حيث تشير الإحصائيات إلى أن معدّل انتشار عمل الأطفال في البلدان المتأثّرة بالنزاعات المسلّحة أعلى من المتوسّط العالمي، كما أنّ معدّل انتشار العمل الخطر يزيد بنحو 50% في البلدان المتأثّرة بالنزاعات المسلّحة منه في العالم بأجمعه”.
واستطرد: “ولا يغفل علينا حجم التراجع والانتكاسات التي أصابت حقوق الأطفال في الفترة الأخيرة نتيجة للتحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وما صاحبها من لجوء ونزوح وتشتت للأسر، الأمر الذي كان له انعكاسات سلبية على الأطفال.. ناهيك عن التحديات الكبرى المترتبة على هذه الظروف الصعبة من عدم الالتحاق بالتعليم وعدم الحصول على الخدمات الصحية المناسبة، بل وتفشي عدد من الأمراض التي تم القضاء عليها نهائياً في سنوات سابقة، وسوء التغذية، والزواج المبكر والزواج القسري وعمل الأطفال في أعمال خطرة، وجاءت على رأس هذه التحديات تجنيد الاطفال وإشراكهم في عمليات مسلحة او أعمال ترتبط بالنزاعات بلغت ذروتها في جمع ونقل المؤن والأسلحة للجماعات المسلحة، وجمع أشلاء الموتى، مما يجعلنا نضيف إلى قائمة الحقوق التي ننادي بها لأطفالنا الحق في الطفولة، حيث تترك هذه التحديات بصمات غائرة لا يمكن التخلص منها بسهولة لدى كل طفل شاءت الظروف أن يتعرض لها”.
وقال أبوالغيط في كلمته: “إن قضية عمل الأطفال هي قضية متعددة الجوانب، فبالإضافة إلى الجوانب الحقوقية التي لا تخفى على أحد هناك العديد من الجوانب الاقتصادية والاجتماعية لهذه القضية التي تشكل حائلاً دون القضاء على هذه الظاهرة المتفاقمة، فهناك عدد من الأولويات التي يجب العمل عليها ومنها على سبيل المثال محاربة الفقر، والتمكين الاقتصادي للأسرة، فالدول الاكثر فقراً تسجل معدلات أعلى لعمل الأطفال، كما أن هذه المعدلات هي، بشكلٍ عام، أعلى في المناطق الريفية مقارنة بالمناطق الحضرية، ويرتبط كذلك عمل الأطفال ارتباطاً وثيقاً بالتسرب المدرسي حيث أنّ الأطفال العاملين الذين يرتادون المدرسة يميلون إلى العمل لساعات أقلّ من غيرهم”.
وأردف: “إن الطفل العامل وخاصة في الأعمال المصنفة كأسوأ اشكال عمل الأطفال وفي الأعمال الخطرة، هو طفل يتم اغتيال أحلامه كل يوم وكل ساعة، فهو يجد نفسه يعمل في ظل ظروف خطرة لا تتناسب مع بنيانه الجسمي أو تكوينه النفسي، أو يجد نفسه مرغماً على حمل سلاح بدلاً من تواجده في المدرسة مع أقرانه او استمتاعه بأبسط حقوقه المكفولة له.. فهذا الطفل مازال يحلم بأن يعيش طفولته كسائر أطفال العالم، وفي هذا السياق، جاءت مبادرة الجامعة العربية ومن خلال هذه الشراكة المقدَّرة مع الجهات الدولية والإقليمية ذات العلاقة، لإعداد هذه الدراسة الهامة التي تلقي الضوء على الاتجاهات والخصائص الرئيسية لعمل الأطفال في المنطقة العربية، وتسلط الضوء على عدد من التوصيات بهدف معالجة هذه المسألة”.
واختتم أبوالغيط: “في ختام كلمتي لا يسعني إلا أن أتقدم بالشكر مرة أخرى إلى كافة الشركاء الذين ساهموا في إعداد هذه الدراسة الهامة، كما أتقدم بالشكر إلى الدول الأعضاء وممثلي المنظمات الدولية والإقليمية ووكالات الأمم المتحدة ومنظمات المجتمع المدني والخبراء والاكاديميين والشخصيات العامة الذين حرصوا على المشاركة في أعمال هذه الفعالية، ونتطلع إلى المضي قدماً في تنفيذ ما جاء بها من توصيات ووضع خطة عمل تنفيذية من أجل تسليط الضوء على التحديات وتقييم كافة الانجازات التي تقوم بها الدول العربية للقضاء على عمل الأطفال”.