كلمة الأستاذة الدكتورة “فاديا كيوان” المديرة العامة لمنظمة المرأة العربية في افتتاح المنتدى العلمي الأول لوحدة النشر العلمي
كلمة الأستاذة الدكتورة “فاديا كيوان” المديرة العامة لمنظمة المرأة العربية
في افتتاح المنتدى العلمي الأول لوحدة النشر العلمي
بعنوان: “مستقبل النسوية في الوطن العربي”
بكلية البنات للآداب والعلوم والتربية – جامعة عين شمس
قامت الأستاذة الدكتورة فاديا كيوان، المديرة العامة للمنظمة، وضيفة شرف المنتدى، بتوجيه جزيل الشكر لكلية البنات وهنَّأت فريق العمل لدى الكلية على نشاطه المتواصل في ميادين بحثية مهمة، وثمّنت فتح النقاش حول النسوية ومستقبلها في العالم العربي.
ولفتت سيادتها إلى النسوية اليوم غير النسوية في ستينيات القرن الماضي، وأن النسوية مرت برحلة طويلة ترافقت خلالها بموجات واتجاهات رأى طبعت كل مرحلة وذلك منذ النسوية المتقاطعة مع مقاومة الاستعمار إلى النسوية ومقاومة العنصرية والنسوية ومقاومة الطبقية، إلخ…، موضحة أن الوعي بالتمييز الحاصل بحق المرأة كونها امرأة ترافق والمفاصل الكبرى التي عبرتها الشعوب من إنهاء الاستعمار وبناء الدول الوطنية إلى محاربة العنصرية والعبودية والطبقية، مشيرة إلى أن هنالك نسوية ملونة ونسوية عمالية ونسوية وطنية ونسوية قومية، ثم النسوية المدمجة بالتنمية المستدامة، التي تفّرع عنها إدماج قضايا المساواة بين الجنسين في مسارات وسياسات التنمية المستدامة وكذلك الموازنات المستجيبة للمساواة بين الجنسين.
وأضافت سيادتها أن النسوية اليوم تواجه تحديين اثنين: الأول عقائدي والثاني مؤسساتي.
وأوضحت سيادتها أنه “في المجال العقائدي، تعترض مسار الحركة النسوية إشكالية تحملها المجتمعات الغربية بحماس فيما تتحفظ عليها العديد من المجتمعات النامية أو مجتمعات الجنوب، وهي ترتبط بنقل النضال لرفع التمييز بحق المرأة لأنها امرأة إلى نضال من مقاربة النوع الاجتماعي حيث يحاول البعض إدخال مجموعة واسعة من حالات التمييز والتهميش تتراوح بين المثلية والترانسجندر، والزعم بتعدد الاجناس وليس ثنائيتها والحق في التحول الجنسي وإلخ..” مضيفة أن البعض يسعى لأن يجعلوا النسوية مفهوم مطاط يشمل كل الفئات المذكورة أعلاه تحت شعار حقوق الانسان والعديد من الدول العربية قد تحفظت على هذا الاتجاه ورفضته.
وأوضحت إلى أنه إضافة لهذا التحدي الذي تواجهه النسوية في دول الشمال ، فإنها داخل الدول العربية والاسلامية تواجه تحدي وقوف العديد من التيارات الدينية ضدها على اعتبار أن هناك وظائف طبيعية أوكلها الله تعالى إلى المرأة وهذه الوظائف تشمل الحمل والوضع والرضاعة و تربية الاطفال والرعاية الاسرية والخدمة المنزلية، دون غيرها. مشيرة إلى ما تحمله هذه النظرة من إنكار وتجهيل لقدرات المرأة الفكرية والمجتمعية على اختلافهما.
وإزاء ذلك أكدت سيادتها ضرورة المساواة في الفرص بصورة كاملة بين الجنسين، على اعتبار أن الفروقات موجودة بين الأفراد، وليس بين الجنسين، وأن الفارق الوحيد بين المرأة والرجل يتعلق بالخصائص الجنسية فقط والمرتبطة بوظيفة بيولوجية طبيعية، موجودة لدى كل الكائنات الحية. وأن الفروق في القدرات والمهارات الفكرية والخصال – مثل الشجاعة والصدق والوفاء والإقدام ليست بين الجنسين كما تسوق لذلك الصور النمطية.
وأضافت الدكتورة فاديا كيوان أن الواقع يحمل البراهين بأن الانتماء إلى الذكورة أو الأنوثة لا يترافق بالضرورة بقدرات مختلفة فكريًا وجسديًا ونفسيًا وفي المهارات لدى البشر.
وأكدت سيادتها أن كل الدول العربية تقريباً باتت تعتمد نهجاً يسعى لتوفير المساواة في الفرص بين الجنسين. وتسعى المجتمعات لدعم قيام المرأة بالوظائف الطبيعية الثلاث والتي تتميز بها وقد أنعم الله عليها بها وهي الحمل والوضع والرضاعة. وفيما خلا ذلك فالعنوان هو الشراكة بين الزوجين على كل المستويات وفي كل المجالات. مشددة على أن هذه الشراكة من شأنها أن تعزز أواصر الأسرة، لينشأ الأطفال في كنف اسرة مستقرة توفر لهم الأمان النفسي كما تسعى لتوفير الأمان المادي.
أما التحدي الكبير الثاني الذي تواجهه النسوية فأوضحت الدكتورة كيوان أنه تحدي مؤسساتي.. حيث نشأت النسوية وترعرعت في تربة المجتمع المدني على أيدي رائدات وبنى هؤلاء حركات مطلبية شعبية طالبت الحكومات برفع الظلم عن المواطنة/ المرأة. وتحت هذا الضغط وفي ظل تلك المناصرة، جرى تعديل تشريعات وتبني سياسات وبرامج خاصة بردم الفجوة وتحقيق المساواة في الفرص بين الجنسين في الميادين كافة. ثم ظهرت النسوية الحكومية وتبنت الحكومات أجندات اعتبرتها تحتضن مطالب النساء وتحتوي القضية.
ولفتت سيادتها إلى أن الحركات النسوية فقدت في أغلبية المجتمعات الغربية حجمها الشعبي وانكفئت إلى مواقع محصورة تقودها نخب تركز على بعض الحقوق دون سواها في ظل واقع عام نزَه نفسه من النصوص المجحفة بحق المرأة والفتاة. وفي دول الجنوب ومنها الدول العربية ظهر تنافس بين النسوية الحكومية والنسوية المدنية . مضيفة أن قضايا المرأة تقع- من ثم -ضحية سياسات الكوتا والتداخل بين الأجندة النسوية والاجندات السياسية، لاسيما تلك التي تحملها القوى الموجودة في السلطة.
وفي ختام كلمتها تمنت سيادتها كل التوفيق والسداد لأعمال المؤتمر.