الاخبار

احذر المخدرات الرقمية مقال للدكتور عبد الكريم الوزان

احذر المخدرات الرقمية

صورة أرشيفية للدكتور عبد الكريم الوزان
صورة أرشيفية للدكتور عبد الكريم الوزان

مقال للدكتور عبد الكريم الوزان

عرفت المجتمعات مفهوم المخدرات التقليدية من مختلف المواد والأشكال والاستخدامات التي تؤدي الى الادمان والتأثير على الجهاز العصبي والقدرات العقلية والنشاط، وتداعيات كل ذلك على الصحة والتعليم والعمل والانتاج ومزاولة الحياة بشكل طبيعي، ومنها الأفيونات والحشيش والكوكائين والقات والفولانيل وغيرها.

والمخدرات الرقمية ليست حديثة العهد فقد نشأت واعتمدت على تقنية قديمة تسمى “النقر بالأذنين” اكتشفها العالم الألماني “هينريش دوف” عام 1839 واستخدمت لأول مرة عام 1970 لعلاج بعض الحالات النفسية لشريحة من المصابين بالاكتئاب الخفيف، أو انه استخدم في حالة المرضى الذين يرفضون العلاج السلوكي ” العلاج بالأدوية” ولهذا تم العلاج عن طريق ذبذبات كهرومغناطيسية لفرز مواد منشطة للمزاج، كما أنها استخدمت في مستشفيات الصحة النفسية نظراً لوجود خلل ونقص في المادة المنشطة للمزاج لدى بعض المرضى النفسيين، لذلك يحتاجون إلى استحداث خلايا عصبية يتم إفرازها تحت الإشراف الطبي، بحيث لا تتعدى ثواني أو جزءاً من الثانية، ويجب ألا تستخدم أكثر من مرتين يومياً، ثم يوقف العلاج بهذه الطريقة آنذاك نظراً لتكلفتها العالية(1).

وفي ضوء التطور التكنولوجي والرقمنة الاعلامية في فضاء اتصالي مفتوح ظهرت اشكاليات خطيرة في هذا النوع من المخدرات الرقمية (Digital Drugs) أو الـ iDoser)) ، ولايقل تأثيرها عن المخدرات المعروفة، فهي : عبارة عن موجات متناغمة بطبقات مختلفة تؤثر على الخلايا العصبية بتأثير المخدرات نفسه، بل أشد فتكا، ويصفها البعض بأنها موسيقى تشبه “حبوب الهلوسة”، مخدرة للعقل، يتم سماعها عبر سماعات “استريو” بكل من الأذنين، فتبث ترددات معينة في الأذن اليمنى مثلاً، وترددات أقل إلى الأذن اليسرى، وتكون قوة الصوت أقل من 1000 إلى1500 هيرتز كي تسمع منها الدقات، أما الجانب المخدر من هذه النغمات فيكون عبر تزويد طرفي السماعة بدرجتين مختلفتين من الترددات الصوتية، ويكون الفارق ضئيلاً يقدر من 30 هيرتز(2).

والاشكالية البحثية هنا تتمثل في كيفية تسخير الشباب للانصياع لهذا النوع من المخدرات في ضوء التطور التكنولوجي الكبير؟. وماهي الوسائل المتاحة للحد منها ؟. وكيف يمكن لوسائل الاعلام البديل من التصدي لها ؟. وماهي العوامل التي تسهل وقوع الشباب تحت براثن هذا الادمان ؟.

وتظهر لنا أهمية هذا الموضوع انطلاقا من المخاطر الكبيرة والجمة بمستقبل الشباب وسلامة البلاد. اذ لابد من وضع دراسات وبحوث علمية تتصدى لهذه المخدرات التي يمكن اعتبارها بروباغاندا ممنهجة، وأحد أساليب الحرب النفسية، والتي اتخذت تسميات مختلفة مثل المتعة في السماء أو بوابة الجحيم أو إنقاص الوزن.

والغريب في الأمر ان من يتعاطى هذا النوع من المخدرات تجده يتبع اسلوب بعينه عند تعاطيها. فهو يعزل نفسه بغرفة ذات اضاءة خافتة بعد أن يعصب عينيه يكون قبلها قد ارتوى من الماء. ومنهم من يرتدي ثياب مميزة كان تكون فضفاضة ثم ينهمك بالاستماع وهو بداية للتعاطي. فيشعر بنوع من الاسترخاء والراحة بعد اندماجه بشكل تام وعزل نفسه عن العالم الخارجي. وقد يبدو الأمر غريبا للبعض ان هذه المخدرات متنوعة على شاكلة المخدرات التقليدية .”فهناك ترددات لكل نوع من المخدرات مثل الكوكائين والميثانفيتامين والمعروف بكريستال ميت وغيرها الكثير من الأنواع المسببة للهلوسة أو الاسترخاء أو التركيز وغيرها من الآثار”(3).

ولابد اذن من وضع حلول سريعة لاسيما بعد استفحال هذه الظاهرة في بعض الدول الأوروبية كأمريكا، والعربية كالامارات ، بسببب توفر عوامل التقنية العالية وتطور شبكات الانترنت .

الحلول تتمثل بإبعاد الضرر عن المدمنين الذين يعيشون حالة من التشنجات والعزلة الاجتماعية، ومراعاة تشريع قوانين معاصرة تتماشى مع حجم الثورة التكنولوجية واتساع العالم الافتراضي، مع حتمية مراقبة المواقع الأباحية والمجهولة وغلقها وتطبيق اللوائح العقابية على من يقف خلفها . وزيادة التوعية للشباب عبر مراجعة المناهج التعليمية وبرامج المؤسسات الاجتماعية. وضرورة قيام الأسر بواجباتها التربوية عبر المراقبة والتوجيه الودي لأبنائها، ومحاولة منع انعزالهم في غرف خلال استخدامهم الأجهزة الحديثة، مثل الجوالات والحاسب الألكتروني. وقيام وسائل الاعلام بتوحيد خطابها الاعلامي بشكل علمي وممنهج ، خاصة نحو مخاطر هذا الادمان، مع ضرورة إلتزام القائم بالإتصال بمقومات التربية الاعلامية، والحال نفسه بالنسبة للمتلقي. ولا بد من تدريس مادة الاعلام في المدارس الثانوية لتحصين الأفكار وسلامة العقول. وقيام الحكومات بمحاربة البطالة وايجاد فرص للشباب وخاصة الخريجين، وعدم تركهم يعيشون حالة من الفراغ والضغوطات النفسية. ومن المهم تشجيع المصابين من قبل ذويهم ومدرسيهم ، بمراجعة الأطباء المعنيين بعد اقناعهم بمنطقية وطبيعة الاجراء الذي لايعد عيبا مجتمعيا .

1- محمود حسن والي ، المخدرات الرقمية .. جذورها ونشأتها وآثارها المستقبلية ، مركز النهرين ، 16-3-2022

2- احمد النجار ، كيف يتم اصطياد الشباب؟، https://www.alarabiya.net/medicine-and-health ،8 نوفمبر 2022

3- فريق حلوها ، أضرار المخدرات الرقمية وطرق الوقاية والعلاج، https://www.hellooha.com/articles/9 ، 14-11-2016

#مجلة_نهر_الأمل

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى