السفير مصطفى الشربينى:نحن في عصر الغليان وسنتجاوز مستوى 1.5 درجة مئوية قبل ٢٠٢٨
السفير مصطفى الشربينى:
نحن في عصر الغليان وسنتجاوز مستوى 1.5 درجة مئوية قبل ٢٠٢٨
السفير مصطفي الشربيني
صرح السفير مصطفى الشربيني الخبير الدولي في الاستدامة وتقييم مخاطر المناخ والمراقب باتفاقية باريس للتغير المناخ وعضو مفوضية المجتمع المدني بمنظمة الصحة العالمية بالامم المتحدة ورئيس الكرسي العلمي للبصمة الكربونية والاستدامة بالألكسو بجامعة الدول العربية
من المرجح أن تتجاوز درجة الحرارة العالمية 1.5 درجة مئوية فوق مستوى ما قبل الصناعة بشكل مؤقت خلال السنوات الخمس المقبلة
هناك احتمال بنسبة 80 في المائة أن يتجاوز متوسط درجة الحرارة العالمية السنوي مؤقتاً 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة خلال سنة واحدة على الأقل من السنوات الخمس المقبلة، وذلك وفقاً لتقرير جديد صادر عن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية ، وهذا تحذير صارخ بأننا نقترب أكثر فأكثر من الأهداف المحددة في اتفاق باريس بشأن تغير المناخ، والتي تشير إلى زيادات طويلة الأجل في درجات الحرارة على مدى عقود، وليس أكثر من سنة إلى خمس سنوات
ومن المتوقع أن يكون المتوسط العالمي لدرجة الحرارة القريبة من السطح لكل عام بين عامي 2024 و2028 أعلى بما يتراوح بين 1.1 درجة مئوية و1.9 درجة مئوية اعلي من خط الأساس 1850-1900، وفقًا لتقرير المنظمة العالمية للأرصاد الجوية .
وإنه من المحتمل بنسبة 86% أن تسجل سنة واحدة على الأقل من هذه السنوات رقما قياسيا جديدا في درجات الحرارة، متجاوزة عام 2023 الذي يعد العام الأكثر دفئا حاليا.
هناك احتمال بنسبة 47% أن يتجاوز متوسط درجة الحرارة العالمية على مدى فترة الخمس سنوات 2024-2028 بأكملها 1.5 درجة مئوية فوق عصر ما قبل الصناعة، حسبما يقول التحديث العالمي السنوي إلى العقدي للمنظمة WMO ، ارتفاعًا من 32% عن تقرير العام الماضي للفترة 2023-2027 .
انه في مايو 2024 كانت أبرز نقاط درجة حرارة الهواء السطحي ودرجة حرارة سطح البحر ، كان أكثر دفئًا عالميًا من أي مايو سابق في سجل البيانات، حيث بلغ متوسط درجة حرارة الهواء السطحي 15.91 درجة مئوية، أي 0.65 درجة مئوية فوق متوسط 1991-2020 لشهر مايو و0.19 درجة مئوية فوق المستوى المرتفع السابق المسجل في مايو 2020.
وقد بلغ متوسط درجة حرارة سطح البحر اليومية بالدرجة المئوية فوق المحيط العالمي خارج القطبية 60 درجة جنوبًا – 60 درجة شمالًا لجميع فترات الـ 12 شهرًا الممتدة من يونيو إلى مايو من العام التالي .
ان ما يثير القلق انه فقد حطمت الأشهر الـ 12 الماضية أرقامًا قياسية لم يسبق لها مثيل ، ويرجع ذلك أساسًا إلى انبعاثات غازات الدفيئة لدينا وزيادة إضافية من غازات الدفيئة ، وقد حدث النينيو في المحيط الهادئ الاستوائي تعني المحيطات الأكثر سخونة المزيد من الرطوبة في الغلاف الجوي، ويقول ايضا إن الهواء يمكن أن يحمل بشكل عام حوالي سبعة بالمائة من بخار الماء لكل درجة مئوية واحدة من ارتفاع درجة الحرارة ،وهذا يؤدي إلى تقلبات الطقس بشكل متزايد، مثل الرياح العاتية والأمطار القوية.
وذلك وفقا لبيانات خدمة كوبرنيكوس لتغير المناخ C3S ، التي ينفذها المركز الأوروبي للتنبؤات الجوية متوسطة المدى نيابة عن المفوضية الأوروبية بتمويل من الاتحاد الأوروبي، بنشر نشرات مناخية شهرية بشكل روتيني حول التغيرات الملحوظة في درجات حرارة الهواء السطحي والبحر العالمية ، الغطاء الجليدي البحري والمتغيرات الهيدرولوجية ، حيث تستند معظم النتائج المبلغ عنها إلى مجموعة بيانات إعادة تحليل ERA5، باستخدام مليارات القياسات من الأقمار الصناعية والسفن والطائرات ومحطات الطقس حول العالم.
والجديد بالذكر ان كوبرنيكوس ،يعد أحد مكونات برنامج الفضاء التابع للاتحاد الأوروبي، بتمويل من الاتحاد الأوروبي، وهو برنامجه الرئيسي لمراقبة الأرض، والذي يعمل من خلال ست خدمات مواضيعية هي :
الغلاف الجوي، والبحرية، والأرضية، وتغير المناخ، والأمن، والطوارئ ، فهو يوفر بيانات وخدمات تشغيلية يمكن الوصول إليها مجانًا، مما يوفر للمستخدمين معلومات موثوقة وحديثة تتعلق بكوكبنا وبيئته ، يتم تنسيق البرنامج وإدارته من قبل المفوضية الأوروبية ويتم تنفيذه بالشراكة مع الدول الأعضاء ووكالة الفضاء الأوروبية ESA والمنظمة الأوروبية لاستغلال سواتل الأرصاد الجوية EUMETSAT والمركز الأوروبي للتنبؤات الجوية متوسطة المدى ECMWF ، ووكالات الاتحاد الأوروبي
وسوف يستمر ذلك الارتفاع حتي 2050 حتي نصل إلى صافي انبعاثات عالمية صفر، فسوف يستمر المناخ في الدفء، وسيستمر في تحطيم الأرقام القياسية، وسوف يستمر في إنتاج المزيد من الأحداث المناخية المتطرفة إذا اخترنا الاستمرار في إضافة غازات الدفيئة إلى العالم
حيث ارتفعت الفرصة بداية من هذا العام ٢٠٢٤ بنسبة 80% في سنة واحدة على الأقل من السنوات الخمس المقبلة لتجاوز 1.5 درجة مئوية بشكل مطرد منذ عام 2015، عندما كانت هذه الفرصة قريبة من الصفر.
وبالنسبة للأعوام بين 2017 و2021، كانت هناك فرصة للتجاوز بنسبة 20%، وارتفعت هذه الفرصة إلى 66% بين عامي 2023 و2027.
والجدير بالذكر أنه يتم إنتاج التحديث من قبل مكتب الأرصاد الجوية في المملكة المتحدة، وهو المركز الرئيسي للمنظمة للتنبؤات المناخية السنوية إلى العقدية ، وهو يقدم تجميعاً للتنبؤات الواردة من مراكز الإنتاج العالمية المعينة من قبل المنظمة ، وغيرها من المراكز المساهمة.
وقد تم إصداره ليتزامن مع خطاب رئيسي ألقاه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش يدعو فيه إلى اتخاذ إجراءات أكثر طموحا بشأن المناخ قبل قمة مجموعة السبع في إيطاليا في الفترة من 13 إلى 15 يونيو ٢٠٢٤.
وقد قال السيد غوتيريش: “نحن نلعب الروليت الروسية مع كوكبنا”، ونحن بحاجة إلى منحدر خروج من الطريق السريع إلى جحيم المناخ، والخبر السار هو أننا نسيطر على عجلة القيادة، إن معركة الحد من ارتفاع درجة الحرارة إلى 1.5 درجة سوف يتم كسبها أو خسارتها في عشرينيات القرن الحالي ، تحت أنظار القادة اليوم.
وقد اعتمد السيد غوتيريس أيضًا على الأدلة الداعمة من خدمة كوبرنيكوس لتغير المناخ الممولة من الاتحاد الأوروبي والتي ينفذها المركز الأوروبي للتنبؤات الجوية متوسطة المدى، وأظهر هذا أن كل شهر من الأشهر الـ 12 الماضية قد سجل رقماً قياسياً جديداً لدرجات الحرارة العالمية لهذا الوقت من العام.
وبالنظر إلى هذه السجلات الشهرية الـ 12، فإن متوسط درجة الحرارة العالمية للأشهر الـ 12 الماضية (يونيو 2023 – مايو 2024) هو أيضًا الأعلى على الإطلاق، عند 1.63 درجة مئوية فوق متوسط ما قبل الثورة الصناعية 1850-1900، وفقًا لتقرير كوبرنيكوس لتغير المناخ ERA5.
وقال كو باريت، نائب الأمين العام للمنظمة “وراء هذه الإحصاءات تكمن الحقيقة القاتمة المتمثلة في أننا بعيدون عن المسار الصحيح لتحقيق الأهداف المحددة في اتفاق باريس”.
“يجب علينا أن نفعل المزيد بشكل عاجل لخفض انبعاثات الغازات الدفيئة، وإلا فسندفع ثمناً باهظاً على نحو متزايد من حيث التكاليف الاقتصادية بتريليونات الدولارات، وتأثر حياة الملايين من الطقس المتطرف والأضرار الجسيمة التي تلحق بالبيئة والتنوع البيولوجي.”
المنظمة العالمية للأرصاد الجوية تدق ناقوس الخطر بأننا سنتجاوز مستوى 1.5 درجة مئوية على أساس مؤقت وبتكرار متزايد، لقد تجاوزنا بالفعل هذا المستوى بشكل مؤقت لعدة أشهر ، وفي الواقع تجاوزنا المتوسط خلال فترة الاثني عشر شهراً الأخيرة.
ومع ذلك، من المهم التأكيد على أن الانتهاكات المؤقتة لا تعني فقدان هدف الـ 1.5 درجة مئوية بشكل دائم، لأن هذا يشير إلى ارتفاع درجات الحرارة على المدى الطويل على مدى عقود من الزمن.
وبموجب اتفاق باريس ، اتفقت البلدان على إبقاء متوسط درجة حرارة السطح العالمية على المدى الطويل أقل بكثير من درجتين مئويتين فوق مستويات ما قبل الصناعة ومواصلة الجهود للحد من ذلك إلى 1.5 درجة مئوية بحلول نهاية هذا القرن.
ولقد حذر المجتمع العلمي مرارًا وتكرارًا من أن ارتفاع درجة الحرارة بأكثر من 1.5 درجة مئوية يهدد بإطلاق العنان لتأثيرات تغير المناخ الأكثر خطورة والطقس المتطرف وكل جزء من درجة الاحترار أمر مهم.
وحتى في ظل المستويات الحالية للاحتباس الحراري، هناك بالفعل تأثيرات مناخية مدمرة، وتشمل هذه موجات الحر الشديدة، وهطول الأمطار الغزيرة، وحالات الجفاف؛ انخفاضات في الصفائح الجليدية، والجليد البحري، والأنهار الجليدية؛ تسارع ارتفاع مستوى سطح البحر وتسخين المحيطات.
“إننا نعيش في أوقات غير مسبوقة، ولكن لدينا أيضًا مهارة غير مسبوقة في مراقبة المناخ وهذا يمكن أن يساعد في توجيه أعمالنا، سيتم تذكر هذه السلسلة من الأشهر الأكثر سخونة على أنها باردة نسبيًا، ولكن إذا تمكنا من تثبيت تركيزات الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي في المستقبل القريب جدًا، فقد نتمكن من العودة إلى درجات الحرارة “الباردة” هذه بحلول نهاية القرن”، قال كارلو بونتيمبو، مدير خدمة كوبرنيكوس لتغير المناخ.
بلغ المتوسط العالمي لدرجة الحرارة القريبة من السطح في عام 2023 مستوي قدره 1.45 درجة مئوية (مع هامش عدم يقين قدره ± 0.12 درجة مئوية) فوق خط الأساس لما قبل الثورة الصناعية، وفقاً لتقرير المنظمة WMO عن حالة المناخ العالمي 2023 .
ولقد كان هذا العام هو العام الأكثر دفئًا على الإطلاق، والذي غذاه ارتفاع درجة حرارة المناخ على المدى الطويل والذي تضافر مع عوامل أخرى، أبرزها ظاهرة النينيو التي تحدث بشكل طبيعي، والتي بدأت تتضاءل الآن.
حيث ارتفعت درجات الحرارة العالمية في العام الماضي بسبب ظاهرة النينيو القوية الطبيعية ، ويتنبأ تحديث جديد للمنظمة WMO بتطور ظاهرة النينيا والعودة إلى الظروف الأكثر برودة في منطقة المحيط الهادئ الاستوائية في المدى القريب، ولكن ارتفاع درجات الحرارة العالمية في السنوات الخمس المقبلة يعكس استمرار الاحترار الناجم عن غازات الاحتباس الحرارى
لقد تم الاعتراف بالأمراض المرتبطة بالحرارة على أنها خطر مهني لعقود من الزمن ، تتزايد حالات الحرارة الشديدة في جميع أنحاء الولايات المتحدة، مما يعرض عددًا متزايدًا من العمال لظروف تسبب الإصابة والمرض والوفاة ، على سبيل المثال، أثناء أحداث الحرارة الشديدة، يعاني العمال من أمراض مرتبطة بالحرارة بما في ذلك الإجهاد الحراري وضربة الشمس؛ الإصابات المهنية الناجمة عن التعرض للحرارة العالية مثل الحروق أو السقوط من الدوخة ، وتفاقم الحالات الموجودة مسبقًا مثل الربو أو أمراض الكلى أو أمراض القلب ، ولهذه العواقب الصحية أيضًا آثار اقتصادية، بما في ذلك فقدان إنتاجية العمال، وزيادة تكاليف الرعاية الصحية ومطالبات تعويض العمال، والتهديدات التي يتعرض لها الاستقرار المالي للعمال من فقدان العمل.
وتتزايد هذه المخاطر مع زيادة تواتر موجات الحر الناجمة عن تغير المناخ، وأطول أمدا، وأكثر شدة ، حيث تجلب أشهر الصيف القريبة حرارة أعلى من المتوسط.
و انه وفقا لبيانات منظمة الصحة العالمية تعتبر زيادة درجة الحرارة خطر بيئي ومهني كبير ، والإجهاد الحراري هو السبب الرئيسي للوفيات الناجمة عن سوء أحوال الطقس ويمكن أن يؤدي إلى تفاقم الاعتلالات الكامنة بما فيها أمراض القلب والأوعية الدموية وداء السكري والصحّة النفسية والربو، كما يمكن أن يزيد خطورة التعرّض للحوادث وانتقال بعض الأمراض المعدية ، وضربة الشمس هي حالة طبية طارئة تسبّب ارتفاعاً في معدّل الوفيات الناجمة عنها.
يتزايد بإطراد عدد المُعرّضين للحرارة الشديدة بسبب تغيّر المناخ في جميع أقاليم العالم ، وقد زادت الوفيات الناجمة عن الحرارة بين من تزيد أعمارهم على 65 عاماً بنسبة 85٪ تقريباً في الفترة الواقعة بين عامي 2000-2004 وعامي 2017-2021 .
تثبت الدراسات أن الفترة الواقعة بين عامي 2000 و2019 شهدت وفاة 000 489 شخص تقريباً بسبب الحرارة سنوياً، منهم نسبة 45٪ في آسيا و36٪ في أوروبا ، وتشير التقديرات إلى أن أوروبا لوحدها استأثرت في صيف عام 2022 بنحو 672 61 وفاة إضافية ناجمة عن الحرارة ، وقد يتسبّب اندلاع موجات الحر الشديدة في ارتفاع معدّل الوفيات بشكل حاد ، فقد شهدت أوروبا في عام 2003 وفاة 000 70 شخص بسبب موجة الحر التي أجتاحتها خلال شهري يونيو أغسطس ، كما شهد الاتحاد الروسي في عام 2010 وفيات إضافية عددها 000 56 وفاة خلال موجة الحر التي اجتاحت البلد لمدة 44 يوماً.
وتتشكل خطورة التعرّض للحرارة بفعل عوامل فسيولوجية، مثل العمر والحالة الصحّية، وعوامل التعرّض مثل المهنة والظروف الاجتماعية والاقتصادية على حد سواء.
ويمكن التنبؤ بالآثار السلبية للحرارة على الصحّة، كما يمكن الوقاية منها إلى حد كبير بفضل اتباع سياسات وتنفيذ تدخلات محدّدة ومتعدّدة القطاعات في مجال الصحّة العامة ، وقد أصدرت المنظّمة إرشادات موجهة إلى مؤسسات الصحّة العامة لتحديد مخاطر الحرارة الشديدة و إدارتها ، ويمكن أن يؤدي العمل بشأن تغيّر المناخ بالاقتران مع التأهب الشامل لمواجهة المخاطر وإدارتها إلى إنقاذ الأرواح في الوقت الحاضر وفي المستقبل.