الوزان يكتب.. دور الإعلام في مجابهة الكراهية
الوزان يكتب.. دور الإعلام في مجابهة الكراهية
بقلم: أ.د عبد الكريم الوزان
للكراهية مرادفات مثل المقت والبغضاء والأحقاد، وهي مجموعة مشاعر تجعل الفرد أو الجماعة لايطيقون المقابل، ويشعرون بالاشمئزاز والعداء والنفور تجاهه بسبب حدث وقع في الحاضر أو الماضي، في حين عرفت “رابطة مكافحة التشهير” خطاب الكراهية عبر الإنترنت، بأنه تمثيل للأفكار التي تروج للكراهية أو التمييز أو العنف ضد أي فرد أو مجموعة من الأشخاص على أساس العرق أو اللون أو العرق أو الجنسية أو الدين من خلال الإعلام الرقمي”.
وأسباب الكراهية عموما معروفة منها الجهل والحسد واللؤم وسوء التربية والطائفية، أو العدوان و الظلم والطغيان والاستغلال.
هذه المشاعر والوقائع تنمو وتشتد بتطور التكنولوجيا وبخاصة وسائل الاعلام والاتصال. فكما يستخدم الإعلام الحديث التقارب والإتجاه نحو انفتاح المجتمعات على بعضها البعض لأغراض إنسانية وحضارية ونفعية وعلمية ، فإن الكراهية تستغل ذات التطور في ايصال رسائلها السلبية وتحقيق أغراضها وإظهارها في أسرع وقت وبأبشع الصور كإستخدام الذكاء الاصطناعي في التشويه والتلفيق والتضليل والابتزاز.
من هنا يتحتم اتخاذ تدابير تقع أعبائها على الأسرة والساسة والإعلام. والأخير هو القاسم المشترك الذي يؤثر ويتأثر بهما فينطلق بخطاباته الإعلامية نحو الجمهور المستهدف في الداخل والخارج. وهذا بدوره يتطلب سياسة حكيمة وعادلة وبصيرة من صناع القرار لمتابعة الأسرة والاعلام، وتنظيم الرقابة الإلكترونية ورقابة المطبوعات وتفعيل القوانين الوضعية ذات العلاقة. ومن المفيد تدريس مادة الإعلام في المدارس الثانوية لترسيخ وعي إعلامي تربوي قادر على خلق حصانة فكرية بإتجاه إنساني. كذلك من الضروري اهتمام الإعلام بمجابهة التحريض الديني والمذهبي والرفض المتشدد للرأي الآخر.
ولابد من تصميم خطابات اعلامية رصينة وبصيرة وبخاصة في مجالي الأدب والفن، بعيدة كل البعد عن “التعصّب الفكري والتمييز العنصري والتجاوزات التعبيرية القدحية والنظرة الاستعلائية في الخطاب المصحوب بالإقصاء”.
وهناك وسائل التواصل الإجتماعي التي تضم أنشطة غير مشروعة ، حيث حذر خبراء إعلاميون من تنامي خطاب الكراهية عبر التواصل الاجتماعي، بإعتبارها غير مقيدة بقوانين وأنظمة، وفي كثير من الأحيان تستمد هذه الوسائل معلوماتها من وسائل الإعلام الرسمية والخاصة.
كما يجب عدم الخلط بين الكراهية وحرية الرأي والتعبير عبر وسائل الاعلام. فيما يتحتم على القائم بالاتصال الخروج من دائرة “الإعلام المتطرف” حيث خلصت دراسة نشرتها مجلة الحكمة للدراسات الإعلامية والاتصالية بعنوان “دور الإعلام في الوقاية من التطرف”، إلى أنّ هناك دورًا إعلاميًا في مواجهة التطرف، يتمثل في دراسة ومناقشة وتحديد الظواهر المستحدثة منها ظاهرة التطرف وتفنيد مزاعمها والمقومات التي تقوم عليها مع توخي الدقة في عرض الحقيقة والبعد عن التهويل أو التهوين من التطرف “. بينما “أشار أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة 2019 إلى أن التصدي لخطاب الكراهية لا يعني تقييد أو حظر حرية التعبير، بل يعني منع تصعيد خطاب الكراهية من أن يتحول إلى شيء أكثر خطورة، لاسيما التحريض على التمييز والعداوة والعنف، وهو أمر محظور بموجب القانون الدولي”.
أيضا لابد للقائم بالاتصال من الالتزام بمقومات التربية الإعلامية وأن يطور قدراته المهنية ويزيد من وعيه ويحسن من لغته. ومن المفيد القيام بحملات إعلامية لحسر مد الكراهية. ولابد من الانفتاح على ثقافات وحضارات العالم الخارجي، حيث أن فهمه واندماجه يساعده في حصر تمددها وإجهاضها قدر الإمكان سعيا وراء التسامح وإفشاء السلام.
ومن الضروري الاهتمام بالبحوث الاجتماعية والنفسية وتسليط الضوء الإعلامي عليها بغية حماية المجتمع من الكراهية وتداعياتها التي تؤثر على الجميع وبأبعد المديات ومختلف النواحي.
التعريف بالكاتب:
أ.د. عبد الكريم عبد الجليل الوزان
أستاذ الإعلام
رئيس الجامعة الأفروآسيوية الأسبق