الاخبارمنوعات

كلمة رئيس الهند السيد/ رام ناث كوفيند إلى الأمة بمناسبة الاحتفال بيوم استقلال الهند الثالث والسبعين

 

القصر الرئاسي الهندي، 14 أغسطس 2019

 

أيها الإخوة المواطنون الأعزاء

  1. أتقدم إليكم بالتحية عشية الاحتفال بعيد الاستقلال الثالث والسبعين. ويعتبر هذا اليوم من الأيام السعيدة والمفعمة بالمشاعر بالنسبة لجميع أبناء الهند، سواء كانوا يعيشون في الداخل أو في الخارج. ودعونا نتذكر بكل مشاعر التقدير والامتنان عددا لا يحصى من المقاتلين من أجل تحقيق الحرية والثوار الذين ناضلوا وجاهدوا وقدموا تضحيات بطولية للحصول على حريتنا من الحكم الاستعماري.
  2. لقد أكملنا 72 عاما كأمة حرة ونحن الآن نمر بمنعطف خاص جدا. فبعد بضعة أسابيع من الآن، أي في الثاني من أكتوبر، سنحتفل بالذكرى السنوية المائة والخمسين لميلاد والد الأمة، المهاتما غاندي، والذي يعتبر نبراسا لجهودنا الناجحة الرامية لتحرير أمتنا ولجهودنا المستمرة لإصلاح مجتمعنا وتخليصه من كافة أوجه عدم المساواة.
  3. وتختلف الهند المعاصرة بشكل تام عن الهند التي عاش فيها وعمل بها المهاتما غاندي. ومع ذلك، لا يزال غاندي من الشخصيات الهامة للغاية. فمن خلال دفاعه عن الاستدامة والاهتمام بالبيئية والعيش في وئام مع الطبيعة، فقد تنبأ بالتحديات الملحة التي تواجهنا في عصرنا هذا. فعندما نقوم بتصميم وتنفيذ برامج لتحقيق رفاهية مواطنينا وعائلاتنا المحرومة، وعندما نسعى إلى استغلال قوة الشمس كطاقة متجددة، نضع فلسفة غاندي موضع التنفيذ.
  4. ويصادف هذا العام أيضا الاحتفال بالذكرى السنوية الخامسة والخمسين لميلاد أحد الهنود العظام والأكثر حكمة والأكثر نفوذا على الإطلاق – وهو جورو ناناك ديفجي. ويعتبر جورو ناناك مؤسس الديانة السيخية، لكن التقديس والاحترام اللذين يتمتع بهما لا يقتصران على مجرد إخواننا الذين يعتنقون الديانة السيخية بل يمتدا ليشملا ملايين آخرين في الهند وفي جميع أنحاء العالم. وإننى أتقدم لهم جميعا بأطيب تمنياتي في هذه المناسبة الكريمة.

أيها الأخوة المواطنون

  1. لم يعتبر الجيل المتألق، الذي قادنا إلى الحصول على الحرية، تحقيق الاستقلال عملية تقتصر على نقل السلطة السياسية فحسب. فقد اعتبرها نقطة انطلاق لعملية أطول وأكبر تتعلق ببناء الأمة وتحقيق التلاحم الوطني. كان هدف هذا الجيل هو تحسين حياة كل فرد وكل أسرة بل تحسين حياة المجتمع ككل.
  2. ومن منطلق هذه الخلفية، أود أن أعرب عن ثقتي في أن التغييرات الأخيرة التي حدثت في جامو كشمير ولاداخ ستكون ذات فائدة كبيرة لتلك المناطق. فستمكن الناس هناك من الحصول على نفس الحقوق والتمتع بنفس المرافق التي يتمتع بها المواطنون الآخرون في بقية أنحاء البلاد. وتشمل تلك التغييرات قوانين تتعلق بالحرية والمساواة والأحكام المتعلقة بالحق في التعليم والوصول إلى المعلومات العامة من خلال الحق في المعلومات والتحفظات الموجودة في مجال التعليم والتوظيف والمرافق الأخرى والخاصة بالمجتمعات المحرومة وتحقيق العدالة لبناتنا من خلال إلغاء الممارسات غير العادلة مثل الطلاق الفوري بالثلاثة.
  3. وفي بداية هذا الصيف، شارك شعب الهند في الانتخابات العامة السابعة عشر، وهي أكبر انتخابات ديمقراطية في تاريخ البشرية. لهذا ينبغي أن أعبر عن تهنئتي للناخبين. فلقد اقبلوا على مراكز الاقتراع بأعداد غفيرة وبكثير من الحماس. وعبروا عن حقهم الانتخابي ومارسوا مسؤوليتهم الانتخابية.
  4. إن كل انتخابات تمثل بداية جديدة. وتجدد كل انتخابات الأمل والتفاؤل الجماعي للهند – أمل وتفاؤل يشبهان ما شعرنا به في 15 أغسطس 1947. والآن علينا جميعا، في الهند، أن نعمل معا. ونقود أمتنا العزيزة إلى آفاق جديدة.
  5. ويسعدني، في هذا الصدد، أن أشير إلى أن الدورة البرلمانية التي اختتمت أعمالها مؤخرا قد شهدت جلسات طويلة ومثمرة في كل من مجلس النواب وجلس الشيوخ. وقد تم تمرير العديد من مشروعات القوانين المهمة، بروح من التعاون والنقاش البناء بين الأحزاب. وإنني على ثقة من أن ذلك مؤشرا لما سيكون عليه الحال خلال السنوات الخمس القادمة. كما أحث الجميع على أن إشاعة هذه الروح في جميع مجالسنا التشريعية.
  6. لماذا هذا الأمر مهم؟إنه أمر مهم ليس فقط لأن المنتخبين يجب أن يكونوا أهل ثقة للمكان الذي وصلوا إليه من خلال الناخبين الذين أعطوهم أصواتهم، ولكنه أمر مهم أيضا في عملية بناء الأمة، وهي عملية مستمرة كان الاستقلال إحدى العلامات الفارقة على هذا الدرب. إن عملية بناء الأمة تتطلب من كل مؤسسة وكل صاحب مصلحة العمل كتف بكتف وفي منظومة متناغمة يدا واحدة. إن عملية بناء الأمة  في نهاية الأمر هي عبارة عن إرساء شراكة مُثلى بين الناخبين وممثليهم، وبين المواطنين وحكومتهم ، وبين المجتمع المدني والدولة.
  7. تلعب الدولة والحكومة دوراً هاماً في هذه عملية بناء الأمة باعتبارها تعمل على تسهيل الأمور وتذليل العقبات وتمكين الأطراف. ومن ثم، فإنه من الضروري لمؤسساتنا الرئيسية وصناع السياسات أن يدرسوا ويقدروا الرسالة التي يرسلها المواطنون وأن يستجيبوا لأفكار ورغبات شعبنا. وكرئيس للهند، فإنه شرف لي أن أسافر في جميع أنحاء بلادنا إلى الولايات والمناطق المتنوعة والتقي أخواني من المواطنين الهنود من كافة المجالات والقطاعات. قد يختلف أبناء الهند بصورة كبيرة في أذواقهم وعاداتهم، لكنهم يشتركون في نفس الأحلام. قبل عام 1947، تمثلت الأحلام في حصول الهند على حريتها. أما اليوم، فأصبحت الأحلام هي تحقيق التنمية بوتيرة متسارعة و إرساء نظام حكم فعال يتسم بالشفافية ؛ والشعور ببصمة للحكومة في حياتنا اليومية حتى ولو بصورة طفيفة.
  8. إن تحقيق هذه الأحلام أمر ضروري. إن القراءة الصحيحة للتفويض الذي منحه الشعب يجعل مسألة استيعاب تطلعاتهم أمراً واضحاً. وعلى الرغم من أن للحكومة دوراً حتمياً، إلا أنني أرى أن الفرصة والقدرة الأكبر تكمن في المهارة والموهبة والابتكار والإبداع و ريادة الأعمال لدى أبناء الهند البالغ عددهم 1.3 مليارنسمة. وهذه الصفات ليست بالصفات الجديدة على أبناء الهند. لقد استطاع أبناء الشعب الهندي الحفاظ على حضارتنا التي تعود بجذورها إلى آلاف السنين. وكانت هناك فترات في تاريخنا الطويل عندما واجه شعبنا المصاعب والتحديات، أثبت خلالها مجتمعنا مرونته على تحمل تلك المصاعب وأظهرت الأسر شجاعة منقطعة النظير. وامتلك الكثير من أصحب العزيمة والهمم القوة التي مكنتهم من البقاء والاستمرار في مسيرة الكفاح بل و تحقيق الازدهار. ولنا أن نتخيل اليوم ما يمكن لأبناء شعبنا أن يحققوه في ظل البيئة التي توفرها الحكومة من تذليل للعقبات ومنحهم القدرات التي تمكنهم على القيام بأدوارهم.
  9. يمكن للحكومة أن تبني بنية تحتيةللقطاع المالي وذلكفي شكل نظام مصرفي  يتسم بالشفافية و الشمولية مع إرساء نظام ضريبي يسهل التعامل معه عن طريق الإنترنت وتذليل حصول رواد الأعمال الحقيقيين على رأس المال . ويمكن للحكومة أن تبني بنية تحتية مادية تتمثل في بناء مساكن لأشد الناس فقراً، وتوفير الطاقة والمراحيض والمياه في كل منزل. ويمكن للحكومة أن تبني بنية تحتية مؤسسية للتعامل مع المفارقات المتمثلة في مشكلات الفيضانات والكوارث في بعض أجزاء من البلاد، و مشكلة ندرة المياه في أجزاء أخرى. ويمكن للحكومة أن تبني بنية تحتية لوسائل المواصلات في شكل طرق سريعة أوسع وأفضل، وتوفير قطارات أكثر أماناً وسرعة؛ وإنشاء مطارات في المناطق الداخلية من البلاد، وإقامة موانئ كثيرة على سواحلنا. ومكنت عملية سهولة الوصول للبيانات على المستوى العالمي المواطن العادي من الاستفادة من مبادرة “الهند الرقمية”.
  10. يمكن للحكومة أن تبني بنية تحتية اجتماعية في شكل برنامج رعاية صحية شامل، وتقديم تسهيلات ووضع أحكام لإدماج مواطنينا من أبناءديفيانج في المنظومة الاجتماعية.يمكن للحكومة أن تبني بنية تحتية قانونية عن طريق سن قوانين تعزز المساواة بين الجنسين، وكذلك إلغاء القوانين التي عفا عليها الزمن لجعل الحياة أسهل لأبناء شعبنا.
  11. ولكن الأمرالأكثر أهمية هو أن يستخدم المجتمع والمواطنون هذه البنية التحتية ويحافظون عليها لما فيه صالحهم و صالح عائلاتهم والمجتمع والجميع.
  12. فعلى سبيل المثال، نجد أن طرق المواصلات الجيدة في المناطق الريفية لن تكون ذات فائدة إلا عندما يستخدمها المزارعون للوصول إلى أسواق أكبر والحصول على أسعار أفضل لمنتجاتهم. وكذلك لا يكون للإصلاحات المالية واللوائح الأيسر لبيئة الأعمال معنى، إلا إذا استفاد منها رواد الأعمال، سواء كانوا من أصحاب المشروعات الصغيرة أو من كبار رجال الصناعة، لبناء مؤسسات تجمع في عملها بين الجدية والإبداع، وخلق فرص مستدامة. إن توفير مراحيض وتوصيل المياه في المنازل بشكل عام لا يكون له معنى، إلا إذا تم تمكين النساء في الهند، وتعزز كرامتهن وتحفيزهن للخروج والمشاركة لتحقيق طموحاتهنحيث يمكنهن تحقيق طموحاتهن كأمهات وربات بيوت وكعاملات وأفراد، وفقاً لرغبتهن في تحديد مصائرهن الخاصة.

17-    أن نعتز بتلك البنية التحتية ونحافظ عليها – وهي البنية التحتية التي تخص كل شخص فينا، نحن شعب الهند – تعني أن نؤمّن وجهاً آخر من أوجه حريتنا التي حصلنا عليها بشق الأنفس. إن المواطنين الهنود المتمدينين يحترمون ويمتلكون تلك الخدمات وتلك البنية التحتية. وعندما يفعلون ذلك، فإنهم يظهرون روح وعزيمة الرجال والنساء الشجعان الذين يخدمون في قواتنا المسلحة والقوات شبه العسكرية وقوات الشرطة. فإذا ما كنت تقوم بحماية أمتنا على الحدود أو تمنع إلقاء الحجارة على قطار سائر أو أي منشأة أخرى عامة – سواءً أكان ذلك تصرفاً عفوياً أو مدفوعاً بالغضب – فإنك بشكل ما تحمي ثروة مشتركة. فهذا الأمر ليس مجرد امتثال للقانون، ولكنه امتثال للضمير الداخلي.

18- لقد تحدثت حتى الآن عن الدولة والمجتمع، الحكومة والمواطن، وكيف لكل منهما أن يرى الآخر وأن يتعاون معه. أود الآن أن أتحدث عن كيف ينبغي لنا نحن الهنود أن نرى بعضنا البعض – كيف ينبغي أن يكون لنا نفس التوقعات من أخواننا المواطنين ونكن لهم نفس الاحترام الذي نتوقع منهم أن يكنونه لنا. على مدى تاريخها الذي يمتد لمئات وآلاف السنين، نادراً ما كانت الهند تمثل مجتمعاً يتسم بالحكم على الآخرين. ولكنها كانت تتبنى مبادئ التسامح والعيش المشترك. إننا نحترم هويات بعضنا البعض – سواءً كانت تلك الهوية تتعلق بالإقليم الذي يولد فيه الشخص أو اللغة التي يتحدثها أو الدين الذي يؤمن به أو حتى عدم إيمانه بأي دين. إن تاريخ الهند ومصيرها، تراثها ومستقبلها، ترسي مبادئ التعايش والمصالحة، الإصلاح والتصالح – وتجعل قلوبنا تتسع لتقبل أفكار الآخرين.

19-    وبنفس روح التعاون تلك نقيم علاقاتنا الدبلوماسية أيضاً، حيث نشارك بسرور خبراتنا ونقاط القوة لدينا مع الدول الأخرى الشريكة معنا في جميع القارات. دعونا نكون دائماً على وعي بسحر وتفرد الهند، سواءً في الهند أو خارجها، وسواءً في خطابنا المحلي أو سياستنا الخارجية.

20- إننا أمة شابة، مجتمع أصبح الشباب يحدد شكله وهيئته على نحو متزايد. إن طاقات شبابنا يتم توجيهيها في العديد من الاتجاهات – سعياً في إثر تحقيق التميز في مختلف المجالات من الرياضة إلى العلم، ومن التعليم حتى المهارات الشخصية. وهو أمر يثلج القلوب. ورغم ذلك، فإن أعظم هدية يمكن أن نقدمها لشبابنا ولأجيالنا القادمة هي التشجيع على والتأسيس لثقافة حب الاستطلاع – وخاصة داخل الفصول الدراسية. دعونا ننصت إلى أبنائنا – لأن من خلالهم يهمس المستقبل في أذاننا.

21-    أقول ذلك واثقاً ومؤمناً بأن الهند لن تفقد قدرتها على الإنصات إلى أضعف الأصوات، ولن يغيب عن بصرها المثل العليا العريقة التي توارثتها، ولن تنسى إحساسها بالعدالة أو المغامرة. فلدينا، نحن الهنود، من الجرأة ما يجعلنا نستكشف القمر والمريخ. إننا أيضاً شعب يحرص على إنشاء بيئة عيش ملائمة لثلاثة من كل أربعة نمور برية تعيش على كوكبنا، لأن إحدى سمات المواطن الهندي أن يتعاطف مع الطبيعة ومع جميع الكائنات الحية.

22-    منذ أكثر من مائة عام مضت، عبر الشعر الملهم سوبرامانيا بهاراتي باللغة التاميلية عن حركة الحرية لدينا وأهدافها الواسعة بالأبيات التالية:

سوف نتعلم الدين والعلم

سوف نستكشف السماوات والمحيطات

سوف نكشف ألغاز القمر

وسوف ننظف شوارعنا أيضاً

الأخوة المواطنون،

23-    لتكن لدينا دائماً تلك المثل العليا وذلك الدافع لأن نتعلم وننصت ونصبح أفضل، ولنتحلى دائماً بحب الاستطلاع والروح الأخوية. لتباركنا تلك المبادئ دائماً، ولتبارك الهند.

24-    أقول ذلك، وأعرب لكم مرة أخرى عن أطيب تمنياتي في عشية عيد الاستقلال.

شكراً لكم

تحيا الهند!

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى