الانتخابات النيابية فى كازاخستان … اصنع اختيارك
الانتخابات النيابية فى كازاخستان … اصنع اختيارك
بقلم: ٠د. أحمد طاهر
—
تحت شعار اصنع اختيارك، شهدت كازاخستان فى العاشر من يناير الجارى (2021) الاستحقاق النيابى الثامن فى عمر الدولة منذ تأسيسها فى اوائل تسعينيات القرن المنصرم، إذ تحتفل كازاخستان فى ديسمبر القادم بالذكرى الثلاثين للتأسيس. وقد أكسب هذا الشعار هذه الانتخابات أهمية خاصة، كونها الانتخابات الاولى التى تجرى فى عهد الرئيس المنتخب قاسم توقاييف الذى تولى السلطة عام 2019 عقب المبادرة الرئاسية التى اقدم عليها الرئيس الاول نزارباييف بافساح المجال أمام جيل جديد من رجال الدولة ليتحمل المسئولية الوطنية، فكان تنحيته طوعية عن السلطة مع احتفاظه برئاسة حزب نور اتون الذى يملك الاغلبية البرلمانية فى البرلمان المنتهية ولايته. فضلا عن ذلك تكتسب هذه الانتخابات أيضا اهميتها كونها الاولى التى تجرى بعد حزمة الاصلاحات الدستورية والتشريعية التى ادخلتها الدولة بهدف توسيع حجم المشاركة السياسية لقوى المعارضة من ناحية، وتمكين المرأة والشباب لخوض غمار العمل السياسى من ناحية اخرى، وهو ما انعكس بالفعل على الانتخابات الحالية التى شارك فيها 312 مرشحًا ينتمون إلى خمسة أحزاب وافقت على خوض العملية الانتخابية مقارنة بثلاثة أحزاب فى الانتخابات التى جرت فى مارس 2016. بل مما يلفت الانتباه أن انتماءات المرشحين المشاركين الذين خاضوا المنافسة الانتخابية، عبرت بجلاء عما يتمتع به المجتمع الكازاخي من تنوع عرقى ودينى وفكرى وثقافى منسجم، إذ أنه من بين المرشحين 90 امرأة ( بنسبة 29٪) ، و19 شخصًا دون سن 29 عامًا، كما انهم ممثلون عن 12 عرقية، وهو ما يؤكد على نجاعة الاصلاحات الدستورية التى جرت فى تحقيق أهدافها تطبيقا لمفهوم “دولة الإنصات” او الدولة المنصته الذي صكه الرئيس قاسم توقاييف، والذى هدف من وراءه ترسيخ المزيد من الانفتاح والنزاهة والشفافية في النظام الانتخابي من ناحية، وتعزيز مساءلة الحكومة أمام المواطنين من ناحية أخرى.
ولم تقتصر نجاعة هذه الاصلاحات على المشاركة فى الانتخابات ترشيحا فقط، بل شهدت ايضا اتساع حجم المشاركة تصويتا، إذ سجلت تقارير المراقبين والاعلاميين اقبالا متميزا من جانب المواطنين الكازاخ الذين حرصوا على المشاركة فى الادلاء بأصواتهم سعيا من جانبهم إلى جعل الشعار الانتخابى الذى تبنته الدولة “اصنع اختيارك” واقعا عمليا، وقد شجعهم على ذلك ما اتخذته الدولة من تسهيلات عديدة، أبرزها اقامة 10061 مركز اقتراع فى الداخل الكازاخى، إلى جانب 66 مركزا في مقار البعثات الدبلوماسية في 53 دولة، بما يستهدف استيعاب كافة الناخبين المقدر عددهم بما يقارب من 12 مليون ناخب (11,915,903 ناخبا على وجه التحديد).
وتكشف المؤشرات الاولية لنتائج الانتخابات عن حصول حزب نور اتون الذى يترأسه الرئيس الاول لجمهورية كازاخستان نزارباييف، على الاغلبية البرلمانية فى المجلس المكون من 107 عضوا (يتم اختيار 98 عضوًا عن طريق القوائم الحزبية الوطنية التي تتجاوز عتبة 7٪ من الاصوات، وتنتخب جمعية شعب كازاخستان وهي هيئة دستورية تمثل مختلف المجتمعات العرقية في البلاد تسعة أعضاء)، ليشاركه فى تشكيل البرلمان الجديد الاحزاب الاربعة الاخرى التى خاضت المعركة الانتخابية وهى: الحزب الشعبي الكازاخستاني، حزب أك جول الديمقراطي، وحزب أويل الوطني الديمقراطي، وعدل.
غاية القول إن الاستحقاق النيابى والمحلى الذى شهدته جمهورية كازاخستان يمثل خطوة مهمة فى سبيل استكمال الخطط المستقبلية للدولة وفقا لرؤيتيها 2030 و2050، الهادفتان إلى جعل كازاخستان من بين الثلاثين دولة الاكثر تقدما فى العالم، وهو ما يلقى مزيد من عبء المسئولية على عاتق البرلمان القادم فى معاونة أجهزة الدولة المختلفة لتسريع وتيرة الانجازات المستهدفة.