التسميد الحيوي: ثورة خضراء لتعزيز إنتاج القمح المصري وتقليل فاتورة الاستيراد
مقالات علمية
التسميد الحيوي: ثورة خضراء لتعزيز إنتاج القمح المصري وتقليل فاتورة الاستيراد
بقلم: أ. د. وفاء عبد الرحيم
عميد معهد البحوث الزراعية والبيولوجية
تشكل فاتورة استيراد القمح عبئاً ثقيلاً على الاقتصاد المصري، إذ تستورد البلاد 63% من احتياجاتها (نحو 12 مليون طن سنوياً) بتكلفة تصل إلى 3.2 مليار دولار. وفي ظل هذا التحدي، تبرز تقنيات التسميد الحيوي القائمة على ميكروبات التربة كأحد الحلول الإستراتيجية لتعزيز الإنتاج المحلي، وتوفير العملة الصعبة، وتحقيق الأمن الغذائي. تعمل الكائنات الدقيقة في التربة كحلفاء طبيعيين للنبات من خلال آليات متطورة أبرزها: بكتيريا تثبيت النيتروجين “أزوسبيريلوم” التي تحول النيتروجين الجوي إلى أمونيا صالحة لتغذية النباتات، مما يقلل الإعتماد على الأسمدة الكيماوية بنسبة 25%، فطريات تحليل الفوسفات مثل “بنسيليوم” وبكتريا “بسودوموناس” التي تحرر الفوسفور المختزن في التربة، مما يزيد امتصاصه بنسبة 40%، كذلك محاربة الأمراض ببكتيريا “باسيلوس سبتيليس” التي تنتج مضادات حيوية طبيعية تكافح أمراض الصدأ الأصفر الذي يهدد 30% من محصول القمح المصري، وقد حققت حقول القمح المُعالجة بالمخصبات الحيوية مثل “بلوجين” و”فوسفورين” زيادة في الإنتاجية بنسبة 10-30%، مع توفير في استخدام الأسمدة الكيماوية بنسبة 25-50%، مما وفر 500 جنيه/فدان في التكاليف. وقد توسعت مصر في تطبيق التسميد الحيوي على 1.2 مليون فدان من إجمالي 3.5 مليون فدان مزروعة بالقمح (2024)، بنسبة نمو 35% مقارنة بعام 2020، مما يعكس التوجه المتصاعد نحو الزراعة الحيوية المستدامة. ومن ضمن التطبيقات الناجحة:
1- مشروع “إنديجو” الدولي: تم معاملة بذورالقمح بالميكروبات وحقق زيادة في الإنتاجية بمعدل14% في مصر.
2- مبادرة “هنزسويل” المحلية: تم استخدام سمادًا عضويًا مدعّمًا بالميكروبات مما وفر 50% من مياه الري، ورفع خصوبة التربة الرملية بنسبة 70%.
3- تجربة مزارعي الوجه البحري (الدقهلية): حققوا زيادة قدرها 1طن/فدان باستخدام المخصب الحيوي “ميكروبين”.
إن الاتجاه إلى التسميد الحيوي عبر توظيف الميكروبات المفيدة يعتبراستثمارا استراتيجيا في “الذهب الأصفر” المصري، حيث يرفع الإنتاجية إلى 8.5 مليون طن سنوياً، ويوفر 45% من فاتورة استيراد القمح بحلول 2030.








