الجرف تكتب: من أزهر الزقازيق تُولد القدوة

الجرف تكتب: من أزهر الزقازيق تُولد القدوة
بقلم: د. أسماء محمد الجرف
عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر الشريف
في زمانٍ تشتد فيه الحاجة إلى النماذج المضيئة، وتتشوّف فيه الأنظار إلى منارات تهدي الطريق، يسطع من بين جدران العلم واليقين اسم طالبة أزهرية نذرت وقتها للقرآن، وسلكت طريق النور بإيمان ويقين.
إنها آلاء عبد السلام عزازي، الطالبة بالفرقة الرابعة، شعبة أصول الدين، قسم التفسير وعلوم القرآن، بكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بالزقازيق، والتي خطّت اسمها بحروف من نور، بتفوقها في مسابقة القرآن الكريم على مستوى جامعة الأزهر.
ليس هذا التفوق مجرد ترتيب رقمي، ولا شهادة تُعلّق على الجدار؛ بل هو شهادة حياة، وإعلان لميلاد قدوة أزهرية تُجسّد في ذاتها جمال التوازن بين حفظ القرآن وتحصيل العلم، بين الإيمان العميق والسلوك الرفيع.
آلاء عزازي لم تكن فقط طالبة نجيبة، بل كانت مشروعاً أزهرياً ناضجاً، تفتّح في بيئة مشبعة بالعلم والخلق، في رحاب كلية احتضنتها، وفي ظل إدارة واعية آمنت بموهبتها، وعلى رأسها الأستاذة الدكتورة أماني محمد هاشم، عميدة الكلية، التي لا تدّخر جهداً في دعم التميز وتشجيع التفوق.
لقد أدركت آلاء منذ خطواتها الأولى في هذا الصرح العلمي أن القرآن لا يُحفظ فقط في الصدور، بل يُجسَّد في الفكر والسلوك، في الإتقان والاجتهاد، في النقاء والبذل. فكان القرآن لها نبراساً، وكان سلوكها ترجماناً حياً لمعانيه.
ولا يمكن الحديث عن هذا التفوق دون الإشارة إلى الأسرة التي صنعت الخلفية الأولى لهذا المجد، وغرست في قلب ابنتها حب الكتاب وحسن السيرة. فالأمهات والآباء الذين يزرعون نور القرآن في بيوتهم، هم أنفسهم من يُنبتون مثل هذه القدوات.
إن تكريم آلاء عزازي هو تكريم لكل أبٍ وأمٍ غرسوا، ولكل معلمة آمنت، ولكل مؤسسة حملت الأمانة، وهو قبل كل شيء، تكريم للقرآن، الذي لا يزال وسيظل يصنع العظماء، ويرسم معالم الطريق في زمن المتغيرات.
هكذا تُولد القدوة، لا من فراغ، بل من بيئة عامرة بالإيمان، ومن مناهج تصون العقيدة والفكر، ومن جامعات – كالأزهر الشريف، تصنع للأمة مستقبلها من بنات أفكارها وبنات صدور حفِظَت النور.
آلاء عزازي ليست فقط متفوقة.. بل هي رسالة أمل، وقصة نجاح، ودعوة مفتوحة لكل طالب علم أن يجعل من كتاب الله نقطة الانطلاق، ومن الإخلاص في التعلم سُلّمه إلى المعالي.