الحماية الجنائية لرئيس الجمهورية في مواجهة التجاوزات الإعلامية: قراءة في القانون المصري
الحماية الجنائية لرئيس الجمهورية
في مواجهة التجاوزات الإعلامية: قراءة في القانون المصري
بقلم: د. محمد رمضان عيد محمود جمعه غريب
دكتوراة في القانون الجنائي

يحظى رئيس الجمهورية في النظام الدستوري المصري بمكانة خاصة، ليس فقط باعتباره رأس السلطة التنفيذية، بل أيضًا باعتباره رمز الدولة ووحدتها، وممثلها الأعلى في الداخل والخارج. هذه المكانة تفرض على المشرع توفير حماية قانونية خاصة له، ولا سيما في مواجهة التجاوزات التي قد تصدر عبر وسائل الإعلام، إذا انطوت على مساس بشرفه أو اعتباره أو تهديد لسلامته أو أمن البلاد.
أولًا: الحماية الجنائية
يُطبق في هذا المجال الإطار العام لجرائم النشر، وذلك على النحو الآتي:
1. جرائم السب والقذف العلني
نظمها قانون العقوبات في المواد (302) وما بعدها، حيث يعاقب على توجيه عبارات أو اتهامات تمس الشرف أو الاعتبار إذا وقعت علنًا، سواء عبر الصحف أو القنوات الفضائية أو المواقع الإلكترونية أو أي وسيلة من وسائل العلانية.
تشدد العقوبة إذا ارتكبت الجريمة بواسطة إحدى وسائل الإعلام، نظرًا لاتساع نطاق الضرر.
2. نشر الأخبار أو البيانات الكاذبة
نصت المادة (188) من قانون العقوبات على العقاب على نشر أو إذاعة أخبار أو بيانات أو إشاعات كاذبة من شأنها تكدير الأمن العام أو إثارة الفزع بين الناس أو الإضرار بالمصلحة العامة.
يشمل ذلك إذا كان النشر يمس الثقة في القيادة السياسية أو يعرض سلامة البلاد للخطر.
3. إفشاء أسرار الدولة أو معلومات حساسة
شددت المواد (80) وما بعدها العقوبة على نشر أو إذاعة أسرار أو مستندات أو معلومات تتعلق بالدفاع أو الأمن القومي، وقد تصل العقوبة إلى السجن المؤبد إذا كان من شأن النشر الإضرار بمصالح البلاد أو تعريض سلامتها للخطر.
4. التحريض على العنف أو الكراهية
يعاقب القانون على التحريض على ارتكاب الجرائم أو على الكراهية إذا ارتبط ذلك بتهديد سلامة رئيس الجمهورية أو أمن الدولة، وقد تصل العقوبة إلى السجن المشدد إذا ارتبط الفعل بجرائم إرهابية.
ثانيًا: الحماية الإدارية
إلى جانب العقوبات الجنائية، منح القانون رقم 180 لسنة 2018 بشأن تنظيم الصحافة والإعلام المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام سلطة توقيع جزاءات إدارية على المؤسسات الإعلامية التي تبث محتوى مخالفًا للقانون أو ميثاق الشرف الإعلامي، وذلك من خلال:
– الغرامة المالية.
– الإيقاف المؤقت للبث أو النشر.
– سحب الترخيص نهائيًا.
ويشمل ذلك إذا احتوى المحتوى على سب أو قذف أو أخبار كاذبة أو تحريض على العنف ضد رئيس الجمهورية أو أي من مؤسسات الدولة.
خاتمة
إن الحماية القانونية لرئيس الجمهورية في مواجهة التجاوزات الإعلامية لا تُعد قيدًا على حرية التعبير أو النقد المباح، وإنما هي ضمانة لاستقرار الدولة وهيبتها، مع ضرورة الموازنة بين الحق في التعبير المشروع وحظر نشر أو إذاعة ما يفتقر إلى السند من الحقيقة أو القانون.









