الذكاء الاصطناعي وتأثيره على حياتنا خلال مؤتمر العربي للتنمية الرابع عشر بمقر جامعة الدول
تحت عنوان (الذكاء الاصطناعي بالوطن العربي بين التأصيل النظري والتطبيقات العملية) "أهداف التنمية المستدامة أنموذجاً"
الذكاء الاصطناعي وتأثيره على حياتنا
خلال مؤتمر العربي للتنمية الرابع عشر بمقر جامعة الدول
تحت عنوان (الذكاء الاصطناعي بالوطن العربي بين التأصيل النظري والتطبيقات العملية)
“أهداف التنمية المستدامة أنموذجاً”
تغطية إخبارية: عبير سلامة
شارك د. عبد الرحمن بن فهد المطرف أستاذ تقنية المعلومات جامعة الملك سعود، بكلمة تحت عنوان: “الذكاء الاصطناعي وتأثيره على حياتنا”، خلال المؤتمر الدولي الرابع عشر، تحت عنوان (الذكاء الاصطناعي بالوطن العربي بين التأصيل النظري والتطبيقات العملية) “أهداف التنمية المستدامة أنموذجاً”، برئاسة الدكتور أشرف عبد العزيز – الأمين العام للاتحاد، ومقرر عام المؤتمر أ.د. نور شفيق الجندي – أستاذ علوم البيئة بمعهد بحوث البترول، وبرعاية الأمن العام لجامعة الدول العربية – السيد “أحمد أبو الغيط”، وفي مقرها، على مدار يومي 4 – 5 ديسمبر 2024، وبمشاركة إحدى عشرة دولة عربية (مصر، السعودية، ليبيا، تونس، الجزائر، المغرب، الإمارات، قطر، سلطنةعمان، البحرين، فلسطين)، وبرعاية إعلامية “مجلة نهر الأمل”.
أفاد أستاذ تقنية المعلومات جامعة الملك سعود، أن التحول الرقمي الذي يشهده عالمنا اليوم لا يقتصر على كونه نقلة تقنية فحسب، بل هو أيضاً مسؤولية أخلاقية تتطلب تفكيراً جماعياً لضمان توظيف هذه الأدوات بطرق تسهم في صالح الإنسانية وتعزز التنمية المستدامة. فبينما يفتح الذكاء الاصطناعي آفاقًا جديدة، يحمل في طياته تحديات كبيرة، تفرض علينا التفكير في كيفية استخدامه بما يحقق التوازن بين التقدم التكنولوجي والحفاظ على القيم الإنسانية.
وأوضح المطرف أهمية تسليط الضوء على أربعة محاور رئيسية تشكل مرتكزات أساسية لوقع ومستقبل الذكاء الاصطناعي:
أولًا: أخلاقيات الذكاء الاصطناعي – التحدي والفرصة
الذكاء الاصطناعي هو سلاح ذو حدين؛ فبينما يعد أداة قوية لدفع عجلة التقدم، فإنه يطرح تحديات أخلاقية كبيرة إذا لم يُستخدم بحذر. تشير الدراسات الحديثة إلى أن 70% من الشركات الكبرى تواجه صعوبة في ضمان نزاهة الخوارزميات وتقليل التحيزات التي قد تؤثر سلبًا على الفئات الأقل تمثيلًا. وفي تقرير صادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي (2023)، أُشير إلى أن 60% من التقارير المتعلقة بالذكاء الاصطناعي تركز على القضايا الأخلاقية، مثل احترام الخصوصية ومنع التمييز.
وأكد على ضرورة وضع إطار عالمي موحد لأخلاقيات الذكاء الاصطناعي يُركز على ثلاث ركائز أساسية:
– احترام الخصوصية: حيث يجب حماية البيانات الشخصية وعدم استخدامها بطرق تُنتهك الحقوق الفردية.
– تعزيز الشفافية: وضمان فهم كيفية اتخاذ القرارات بواسطة الخوارزميات.
– تقليل التفاوت الرقمي: لضمان أن هذه التقنيات تُستخدم بشكل عادل في مختلف الأوساط الاجتماعية والجغرافية.
ثانيًا: الذكاء الاصطناعي في التعليم – استثمار المستقبل
بين أن التعليم يعد من أبرز المجالات التي يمكن أن تستفيد من تقنيات الذكاء الاصطناعي. من خلال أنظمة التعلم التكيفي، يمكن تخصيص تجارب تعليمية وفقًا لاحتياجات كل طالب، وهو ما يُسهم في رفع فعالية التعليم. على سبيل المثال، أظهرت دراسة أجراها معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) عام 2022 أن منصات التعليم المدعومة بالذكاء الاصطناعي يمكن أن تحسن أداء الطلاب بنسبة تصل إلى 30%.
ومع ذلك، يظل التحدي الأكبر في ضمان وصول هذه التقنيات إلى الجميع، خاصة في المناطق التي تعاني من فجوات رقمية، مثل بعض الدول العربية. هذه الفجوة الرقمية قد تؤدي إلى تفاقم عدم المساواة في فرص التعليم، مما يجعل من الضروري أن تتضافر الجهود لتوفير الأدوات الرقمية لجميع الفئات.
ثالثًا: تعزيز المحتوى الرقمي العربي – الفرص والضرورة
أضاف على الرغم من أن العالم العربي يمثل نحو 5% من سكان العالم، إلا أن المحتوى الرقمي العربي لا يتجاوز 1% من إجمالي المحتوى الرقمي المتاح على الإنترنت. هذه الفجوة تمثل فرصة كبيرة لتحفيز الابتكار في إنتاج المحتوى العربي، الذي يعكس هويتنا الثقافية ويعزز من حضورنا في الاقتصاد الرقمي العالمي. من خلال توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي مثل الترجمة الآلية و أنظمة توليد النصوص، يمكن سد هذه الفجوة بشكل فعال. على سبيل المثال، تم استخدام تقنيات مثل ChatGPT و BERT لتوليد محتوى عالي الجودة باللغة العربية، مما يساهم في تعزيز التنوع الثقافي في الفضاء الرقمي. ووفقًا لتقرير مؤسسة “إيدو” (EDU) لعام 2023، فإن المحتوى الرقمي المتاح باللغات الأقل تمثيلًا (مثل العربية) يمكن أن يُسهم في تعزيز الشمولية الرقمية على مستوى العالم.
رابعًا: الذكاء الاصطناعي وتأثيره في سوق العمل
استطرد المطرف حديثه قائلا إن الذكاء الاصطناعي ليس مجرد أداة لتغيير كيفية عمل المؤسسات والشركات فحسب، بل هو أيضًا قوة مغيرة للأنماط التقليدية لسوق العمل. ففي دراسة أعدتها شركة ماكنزي (McKinsey) عام 2022، تم التأكيد على أن 40% من الوظائف في القطاعات التقليدية يمكن أن تختفي أو تُستبدل خلال العشر سنوات القادمة نتيجة لاعتماد الذكاء الاصطناعي. من ناحية أخرى، فإن الذكاء الاصطناعي سيُحفز ظهور وظائف جديدة في قطاعات مثل البيانات الضخمة، الأمن السيبراني، والتكنولوجيا المتقدمة.
ومع ذلك، يتطلب ذلك إعادة تأهيل القوى العاملة من خلال برامج تدريبية مكثفة، تضمن اكتساب المهارات الرقمية اللازمة لمواكبة التحولات الجديدة. لذا، يتعين على الحكومات والشركات والمجتمع المدني العمل سويًا لتطوير استراتيجيات تعليمية مستدامة، قادرة على تجهيز الأفراد للمستقبل الرقمي.
وأفاد، إن النجاح في تبني الذكاء الاصطناعي يتطلب شراكة استراتيجية بين الحكومات، القطاع الخاص، و المؤسسات الأكاديمية، حيث إن التعاون المشترك بين جميع الأطراف المعنية هو السبيل الأمثل لتحقيق هذه الرؤية، وبناء عالم أفضل لأجيال المستقبل.
ودعا أستاذ تقنية المعلومات، إلى إنشاء مراكز بحثية إقليمية متخصصة تُركز على تطوير حلول تقنية مبتكرة تتناسب مع احتياجات مجتمعاتنا. كما يجب أن تتبنى السياسات الوطنية الابتكار المسؤول الذي يخدم الإنسان ويعزز الاستدامة، ويُحافظ في ذات الوقت على هويتنا الثقافية واللغوية.
واختتم، أود أن أعبّر عن امتناني العميق لمنظمي هذا المؤتمر المتميز الذي يُعد منصة لتبادل الأفكار وصياغة رؤى مشتركة. إن الذكاء الاصطناعي ليس مجرد أداة تقنية، بل هو فرصة لصناعة مستقبل أكثر عدالة واستدامة يعكس قيمنا الإنسانية.