الذهب الأخضر في مصر .. تحدي القيمة المضافة وسباق المليار دولار
بقلم أ.د./ هبه عبدالله
معهد البحوث الزراعية والبيولوجية
تعتبر مصر موطنًا لأكثر من 60 إلى 70% من الإنتاج العالمي لعجينة الياسمين، المكوّن السحري الذي يضفي على أفخم العطور العالمية لمستها الفريدة. ومع هذا التفوق الاستثنائي، تقف مصر اليوم أمام مفترق طرق خلال الانتقال من مجرد توريد الخام إلى تصنيع المنتج النهائي. هذا القطاع، الملقب بحق بـ “الذهب الأخضر”، يمتلك إمكانات هائلة لدعم الاقتصاد القومي والتحول إلى قصة نجاح اقتصادية تدرّ المليار دولار المنشود.
نمو الصادرات وفجوة القيمة
شهد قطاع النباتات الطبية والعطرية نموًا ملحوظًا، حيث تجاوزت صادراته 400 مليون دولار في العام الجاري (2024)، ويستهدف الوصول إلى مليار دولار بحلول عام 2030. ورغم إرسال مصر لنحو 85% من إنتاجها لأسواق مثل أوروبا الغربية وأمريكا الشمالية، إلا أن الغالبية العظمى تُصدر في صورتها الأولية كـ “أعشاب مجففة” أو “زيوت خام”.
تُكرس هذه الظاهرة فجوة كبيرة، حيث يُقدر سعر المنتج النهائي المصنع (كأدوية أو مستحضرات تجميل) بعشرة أضعاف سعر المادة الخام المصدرة. ويملك التركيز على التصنيع وحده القدرة على مضاعفة العائدات، وقد يصل إجمالي عائدات القطاع إلى 3 مليارات دولار إذا تم استثمار القيمة المضافة بالكامل.
تشمل النباتات الرائدة في تصدير مصر:
• الياسمين: أكبر منتج ومُصدر لعجينة الياسمين عالميًا.
• النعناع، الريحان، البردقوش: تتصدر مصر إنتاجها وزيوتها الطيارة عالميًا.
• البابونج (الكاموميل): يُعد من أجود الأنواع عالميًا.
استراتيجية 2030 والتحديات ..
تتجه الدولة بخطوات متوافقة مع رؤية 2030 لزيادة المساحة المزروعة من 130 ألف فدان حاليًا إلى 250 ألف فدان بحلول عام 2030، مع التركيز على الزراعة العضوية (الأورجانيك) كشرط أساسي للأسواق الأوروبية.
وتتضمن الاستراتيجية:
تدشين وحدات تعقيم ومعامل بحثية بالشراكة مع هيئات دولية مثل (GIZ) ودول رائدة كالهند لنقل الخبرات وضمان الجودة. دعم صغار المزارعين وتمكينهم.
إنشاء بنية تحتية للتصنيع ومعامل لمتبقيات المبيدات.تبقى التحديات الهيكلية قائمة، وأبرزها ضعف البنية التحتية للاستخلاص والتى تحتاج استثمارات ضخمة، مما يؤدي إلى ضياع فرصة تصنيع الأطنان الكبيرة. كما تشكل الإجراءات المعقدة للحصول على التراخيص عقبة أمام صغار المستثمرين.
الخلاصة:
مفتاح ثروة مصر في هذا القطاع يكمن في تحويل المنتج الخام إلى زيوت مُعبأة ومُعالجة ومُعتمدة عالميًا.
وإذا نجحت الدولة في ربط المزارع بالصناعة وتجاوز التحديات، ستصبح مصر قاطرة إقليمية ودولية لهذا القطاع الحيوي.
