مقالات

الطيارون الذين ألقوا القنبلتين على هيروشيما ونجازاكى.. زاروا المدينتين بعد ذلك.. كسائحين.. لكى يروا على الطبيعة آثار القصف..

بمناسبة الذكرى الـ ٨٠ لقصف هيروشيما بالقنبلة الذرية

الطيارون الذين ألقوا القنبلتين على هيروشيما ونجازاكى.. زاروا المدينتين بعد ذلك.. كسائحين.. لكى يروا على الطبيعة آثار القصف..

 

بقلم: السيد هانى

كتب عالم الذرة المصرى المعروف الدكتور على مصطفى مشرَّفة مقالاً عن قصف اليابان بالقنابل الذرية.. نُشِرَ فى جريدة “الأهرام” بتاريخ ١٨ أغسطس عام ١٩٤٩.. تحت عنوان: “الوقاية من القنابل الذرية”.. قال فيه:

قنبلة هيروشيما ألقيت يوم ٦ أغسطس سنة ١٩٤٥؛ فى الساعة الثامنة والربع صباحاً .. وقد أخذت المدينة على غرة فلم تطلق صفارات الإنذار.. وكانت صفارات الأمان قد أُطلقت قبل ذلك بخمس وأربعين دقيقة مُنذِرة بانتهاء غارة سابقة .. فكان أغلب العمال وتلاميذ المدارس والموظفين فى طريقهم إلى أعمالهم.. كما كان الكثير منهم يعمل فى الهواء الطلق، ولما كان عدد الطائرات المُغيرة لا يزيد على ثلاث.. منها واحدة من “طراز ب ٢٩” تحمل القنبلة. وطائرتان من طائرات الاستكشاف.. فإن الناس لم تحفل بأمر هذا العدد الصغير من الطائرات المُغيرة.. وقد انفجرت القنبلة فى الهواء.. ونشأ عن انفجارها تدمير مساحة تساوى نحو أربعة ونصف من الأميال المُربعة.. وبلغ عدد القتلى والمفقودين بين سبعين وثمانين ألفاً.. كما بلغ عدد الجرحى سبعين ألفاً آخرين.. وقد اتفق شهود العيان على أنهم رأوا وميضاً خلاباً أبيض اللون.. وشعروا بهواء مُندفع.. وسمعوا صوتاً كصوت الرعد.. يتبعه أصوات تصدع المنازل وانهيارها.. ثم أعقب ذلك أن خيم الظلام.. فوجدوا أنفسهم مُحاطين بسحب من التراب.. وبعد ذلك بقليل شعروا بوجود النيران فى أجزاء متعددة من المدينة..

وكانت القنبلة التى ألقيت على نجازاكى يوم ٩ أغسطس مصنوعة من البلوتونيوم.. فى حين أن قنبلة هيروشيما كانت مصنوعة من اليورانيوم.. وكان نصف قُطر دائرة تدميرها يزيد بمقدار ١٥% على قنبلة هيروشيما.. على أن المساحة التى دمرت فعلاً فى نجازاكى لم تزد على ميل مربع واحد وأربعة أخماس الميل المربع.. كما أن عدد القتلى والمفقودين لم يزد على أربعين ألفاً.. وبلغ عدد الجرحى مثل هذا العدد.. وقد نسب هذا النقص فى عدد القتلى والجرحى فى نجازاكى إلى أن الأرض لم تكن مُسطَّحة.. فحالت بعض أجزائها دون تخريب الأجزاء الأخرى”.. انتهى الاقتباس – نقلاً عن كتاب: “دكتور على مصطفى مشرَّفة.. ثروة خسرها العالم” – تأليف: دكتور عطية مصطفى مشرفة – الناشر: مركز كتب الشرق الأوسط..

* * *

وكانت بعض قنوات التليفزيون قد أذاعت فى أغسطس عام ٢٠٠٥ فيلما تسجيليا عن قصف اليابان بالقنابل الذرية بمناسبة مرور ٦٠ عاما على هذا الحدث..!

وقد ظهر فى الفيلم أطقم الطيارين والملاحين الذين قادوا الطائرات الأمريكية التى اشتركت فى إلقاء القنبلتين .. ولم يبد الطيارون أى ندم على ما فعلوه.. بل اعتبروا أن ما قاموا به كان واجباً وطنياً من أجل أن تنتصر الولايات المتحدة فى الحرب.. وصفوا مشاعرهم بدِقّة وهم يقودون طائراتهم فوق المحيط الهادى.. وبحوزتهم القنبلة الذرية.. متجهين إلى اليابان.. كيف حددوا الهدف؟ ثم حاموا حوله عدة مرات .. ووصف أحدهم الذى كانت مهمته الضغط على “الزر” الذى يلقى بالقنبلة.. كيف فعل ذلك .. وماذا كانت مشاعره وهو يضغط على “الزر”..!

الغريب أن هؤلاء الأشخاص أنفسهم .. قاموا بعد إلقاء القنبلتين برحلة سياحية إلى مدينتى هيروشيما ونجازاكى فى الفترة من ٢٠ إلى ٣٠ سبتمبر عام ١٩٤٥.. أى بعد إلقاء القنبلتين الذريتين على المدينتين بحوالى الشهر ونصف الشهر تقريباً.. لكى يروا على الطبيعة آثار قصف المدن السكنية بالقنابل الذرية.. والتقطوا لأنفسهم صورا تذكارية وسط الدمار والحطام.. نظمت الرحلة لهم الحكومة الأمريكية.. وسافروا إلى اليابان كسائحين وأعضاء فى منظمات المجتمع المدنى الأمريكى؛ يريدون إظهار تعاطفهم مع الشعب اليابانى.. واستقبلهم المسئولون فى الحكومة اليابانية بهذه الصفة.. وقدموا لهم كل التسهيلات الممكنة لزيارة هيروشيما ونجازاكى.. بدءا من السيارات التى نقلتهم إلى هاتين المدينتين.. والمرطبات التى شربوها.. والمرافقين اليابانيين الذين اصطحبوهم إلى المواقع التى دمرت..!

الأغرب من ذلك أن قصة هذه الرحلة السياحية لم يكشف عنها طوال العقود الماضية.. إلا على ألسنة الطيارين الأمريكيين أنفسهم فى الفيلم التسجيلى.. وقد عرضوا فى الفيلم بعض الصور التذكارية التى التقطوها لأنفسهم وسط الدمار والحطام.. فى هيروشيما ونجازاكى..

التعريف بالكاتب:

السيد هانى..
نائب رئيس تحرير جريدة الجمهورية..
الكاتب المتخصص فى الشئون الدولية..
عضو المجلس المصرى للشئون الخارجية..

#مجلة_نهر_الأمل

اظهر المزيد
صورة nahr1 Alamal

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى