المدن الذكية: مستقبل الحياة المدعوم بالذكاء الاصطناعي
المدن الذكية: مستقبل الحياة المدعوم بالذكاء الاصطناعي
بواسطة/ محمد علي
أكدت د. أميرة سامي طلعت – معهد بحوث الإلكترونيات
تشهد مدن العالم اليوم تحولاً جذرياً نحو نموذج جديد من التنمية الحضرية يُعرف بـ “المدن الذكية”، حيث يشكل الذكاء الاصطناعي المحرك الأساسي لإدارتها وتطوير خدماتها. لم يعد الذكاء الاصطناعي مجرد تقنية مستقبلية، بل أصبح واقعاً ملموساً يسهم في تحسين جودة الحياة داخل المدن، عبر إدارة ذكية للموارد والبنية التحتية.
في مجال إدارة المرور مع توسع المدن وتزايد أعداد المركبات، أصبح الحل لا يكمن في إنشاء طرق جديدة فحسب، بل في إدارة أكثر ذكاءً لحركة المرور، وهنا يبرز دور الذكاء الاصطناعي كأداة فعالة تتجلى في الاعتماد على أنظمة متقدمة تستخدم خوارزميات الذكاء الاصطناعي لتحليل تدفق السيارات لحظة بلحظة، عبر كاميرات الاستشعار وأجهزة المراقبة المنتشرة في الشوارع. وتقوم هذه الأنظمة بضبط إشارات المرور بشكل ديناميكي، لتقليل الاختناقات وتحسين انسيابية الحركة، وهو ما أثبت فعاليته في مدن مثل سنغافورة ودبي.
كما تُستخدم تقنيات الرؤية الحاسوبية والتعلم الآلي في التعرف على الحوادث فور وقوعها، وإرسال تنبيهات فورية إلى وحدات الطوارئ لتقليل زمن الاستجابة وإنقاذ الأرواح. وتساعد أنظمة التنبؤ الذكية على تحديد الأوقات والمناطق الأكثر ازدحاماً، ما يسمح بتوجيه السائقين نحو طرق بديلة قبل وقوع الأزمة.
ولم تتوقف التطبيقات عند هذا الحد؛ فالمركبات المزودة بأنظمة الذكاء الاصطناعي أصبحت تتواصل فيما بينها ومع إشارات المرور لتجنب التصادمات وتنظيم السرعة بشكل آمن. كما تساهم البيانات التي تجمعها هذه الأنظمة في مساعدة البلديات على تخطيط الطرق المستقبلية بناءً على حركة المرور الفعلية.
أما في قطاع الطاقة، فتسهم المدن الذكية في رفع كفاءة استهلاك الكهرباء والمياه من خلال عدادات ذكية تتنبأ بالاستهلاك وتُبلغ السكان بتقليل الهدر. كما تُستخدم الخوارزميات في إدارة شبكات الطاقة المتجددة لضمان توازن العرض والطلب.
وفي مجال إدارة النفايات، أصبحت الحاويات الذكية قادرة على إرسال إشعارات عند امتلائها، مما يوفّر الوقت والجهد ويقلل التكاليف التشغيلية وتتبع النظافة العامة وتحليل المناطق الأكثر احتياجاً للصيانة.
لا تقتصر أهمية المدن الذكية على البنية التحتية فحسب، بل تمتد إلى تحسين جودة حياة المواطنين، وكل مدينة تستثمر اليوم في الذكاء الاصطناعي، إنما تبني غدها الأكثر استدامة وازدهاراً.









