مقالات

من المهارة إلى المعادلة.. كيف غيّرت التكنولوجيا والهندسة وجه كرة القدم الحديثة؟

من المهارة إلى المعادلة.. كيف غيّرت التكنولوجيا والهندسة وجه كرة القدم الحديثة؟

بقلم: د. أحمد شلغم

د. أحمد شلغم
د. أحمد شلغم

لم تعد كرة القدم مجرد لعبة تستند إلى المهارات الفردية والخطط التقليدية، بل تحوّلت إلى ساحة متطورة تجمع بين العلم والهندسة، حيث تلعب التكنولوجيا الحديثة دوراً محورياً في تطوير أداء اللاعبين وتحليل المباريات وتصميم الملاعب والمعدات بشكل غير مسبوق.

ومن خلال سلسلة المقالات السابقة عن اقتحام التكنولوجيا الحديثة مجال تدريب كرة القدم يتلاحظ في السنوات الأخيرة، اقتحام تقنيات الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات قلب اللعبة، لتصبح ركيزة أساسية في إعداد الفرق ووضع الاستراتيجيات، ولم تعد قرارات المدربين قائمة على الحدس وحده، بل تعتمد على أنظمة متقدمة لتحليل كل تفصيلة في أداء اللاعبين.

كما تلاحظ أن هناك أندية كبرى مثل مانشستر سيتي وليفربول تعتمد اليوم على برامج تحليل الفيديو والذكاء الاصطناعي لتقييم التحركات الفردية، وابتكار خطط لعب مخصصة بدقة متناهية.

أما على مستوى اللياقة البدنية، فقد دخلت الهندسة الطبية والرياضية على الخط وبقوة، فنجد أجهزة استشعار متطورة تُزرع في الملابس أو توضع على الجسم تراقب معدل ضربات القلب، وجهد العضلات، وسرعة الجري، لتزويد المدربين ببيانات لحظية تُمكِّنهم من تصميم برامج تدريب فردية، تقلل من احتمالات الإصابة وتزيد من كفاءة الأداء.

والهندسة لم تتوقف عند حدود جسم اللاعب، بل امتدت إلى تصميم البيئة المحيطة به.

فنجد الملاعب أصبحت تحفًا هندسية ذكية، بأرضيات هجينة تجمع بين العشب الطبيعي والصناعي، وأنظمة تدفئة وتهوية تحت الأرض كما حدث في مونديال قطر ٢٠٢٠، تضمن جودة اللعب في مختلف الظروف المناخية.

كما طالت الثورة التصميمية المعدات الرياضية، مثل الكرات التي باتت أكثر دقة واستقراراُ في الهواء، وأحذية اللاعبين التي تُصمم وفق أحدث تقنيات المواد والراحة والانسيابية.

ولعل أبرز ما أثار الجدل والإعجاب معاُ هو تطور التحكيم بفضل التكنولوجيا، فقد أحدثت تقنية حكم الفيديو المساعد (VAR) ثورة في دقة القرارات، إلى جانب تقنية “عين الصقر” التي تحدد عبور الكرة لخط المرمى بنسبة خطأ تقترب من الصفر.

هذه التطورات ضمنت مزيداُ من العدالة في المباريات، وساعدت في تقليل الجدل التحكيمي الذي لطالما شغل الجماهير.

عزيزى القارئ المستقبل القريب يحمل مفاجآت أكبر، ومن المتوقع أن تدخل الروبوتات والملابس الذكية ساحة التدريب والمباريات، وأن تتولى خوارزميات الذكاء الاصطناعي تصميم الخطط التكتيكية بشكل لحظي، ليبقى السؤال:

هل نحن أمام عصر تتحول فيه كرة القدم من فن إلى علم محض؟ أم أن سحر اللعبة سيظل في التوازن بين العقل والعاطفة؟

ما هو مؤكّد أن كرة القدم لم تعد كما كانت، وأن هندسة المستطيل الأخضر أصبحت علمًا يُدرس.

#انتظرونا_مع_موضوع_جديد

#مجلة_نهر_الأمل

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى