الوزان يكتب: أهمية الإعلام في تشكيل الرأي العام

الوزان يكتب: أهمية الإعلام في تشكيل الرأي العام
بقلم: أ.د. عبد الكريم الوزان
الإعلام هو التعبير الحقيقي والموضوعي لعقلية الجماهير ولاتجاهاتها وميولها وتطلعاتها عبر إستخدام وسائل الإعلام المختلفة .فهو المرآة العاكسة لها.
أما الرأي العام فهو الآراء المجتمعة التي تمثل الأفكار والمعتقدات لمجتمع معين، يثار فيه الحديث حول قضايا معينة أو مواضيع بعينها، تتعلق بمواقف وأفكار سياسية واقتصادية وثقافية نابعة من صميم واقع المجتمع.
يعد الإعلام الطريق الأمثل لتفعيل الرأي العام بأنواعه المختلفة من خلال إعتماده على عوامل عديدة مثل الدراية الكاملة بطبيعة الجمهور وفهم ثقافته، ورصانة الخطاب الإعلامي، وخبرات القائم بالإتصال، والتقنية العالية لوسائل الإعلام، ورأس المال، بالإضافة الى توافر مقومات التربية الإعلامية، وسياسة القائم بالاتصال، وعوامل اخرى كالأمان والحرية والوعي.
لقد تفاعل الاعلام بشكل كبير مع الرأي العام حتى أصبح بمقدور الأفراد والجماعات إستغلال الرأي العام من خلال المشاركة في الفعاليات الاجتماعية بواسطة المنظمات وتحقيق لقاءات مع السياسيين وقادة الرأي والخروج بتظاهرات سلمية وحتى دخول عملية الانتخابات.
ويمثل الخطاب الإعلامي دوراً كبيراً في تحريك الرأي العام سواء كان رأيا عاما محليا او إقليميا أو دولياً، فيؤثر فيه ويتأثر، وصولاً للتحكم به وتحقيق الغايات.
ويعد الإعلام من الإستراتيجيات التي تعمل على تفعيل الرأي العام وتنشيطه من خلال استخدام مختلف الوسائل الإعلامية، كالحملات التسويقية، ومواقع التواصل الإجتماعي، والتداخل الممنهج مع التعليم، والمشاركة بمختلف الأنشطة والفعاليات، والوصول لقادة الرأي والصفوة.
ويتحتم على الإعلام ان يلم بكل اتجاهات وأنواع الرأي العام مثل الرأي العام الإجتماعي والرأي العام السياسي والرأي العام الثقافي والراي العام الإقتصادي وهكذا. كما يمكن أن يؤثر بشكل مباشر في تحقيق التنمية الشاملة أو بشكل غير مباشر من خلال التعامل بشكل علمي إعلامي سليم مع الرأي العام.
بدوره يؤثر الرأي العام على الأفراد حيث يكون بمقدورهم أن يضعوا بصماتهم على السياسات العامة من خلال الانضمام للمنظمات المدنية والمشاركة في الاستطلاعات والانتخابات والتواصل مع المطبوعات من صحف ومجلات وانخراطهم في التواصل مع وسائل وبرامج التواصل الإجتماعي.
ونرى من المفيد أن نضع بعض التوصيات في هذا الجانب منها:
1- تحقق عناصر الخبرة والوعي والمهنية والنزاهة والحيادية بشخص القائم بالاتصال سواء كان مالكاً للوسيلة الإعلامية أم فاعلا ًفيها.
2- عقد الدورات والمؤتمرات وتبادل الزيارات الخارجية للإطلاع على خبرات وتجارب الشعوب الأخرى والإستفادة من ذلك في تصميم رسائل اتصالية موجهة للرأي العام الإقليمي أو الدولي.
3- إجراء بحوث علمية في تخصصات الإعلام والرأي العام والعلوم السياسية والإجتماعية وتنمية قدرات القائمين بالاتصال، لإحداث تأثير فعال على الرأي العام أياً كان نوعه.
4- عمل شراكات واتفاقيات مع مؤسسات إعلامية إقليمية ودولية كوكالات الأنباء لإستثمار ذلك عند تصميم خطابات موجهة للرأي العام وبخاصة الإقليمي والدولي.
5- التنسيق مع وسائل الإعلام في الداخل وتبادل الأفكار والمعلومات والرؤى لتوحيد الخطاب الإعلامي نحو الرأي العام المحلي.
6- تمتين العلاقات مع الساسة وقادة الرأي والصفوة للإستفادة من ذلك في مخاطبة الرأي العام وبخاصة المحلي.
7- تأهيل الجمهور إعلامياً من خلال تحقيق المواطنة الرقمية وتدريس الإعلام كمنهج ومقررات في المدارس الثانوية، وهذا ما يعزز من تسهيل مهمة تفاعل الإعلام مع الرأي العام وسرعة تنشيطه.
8- تكثيف البرامج الإعلامية التوعوية من خلال وسائل الإعلام عبر برامج أدبية وثقافية وفنية لتأهيل وتفعيل الجمهور ليكون عند الحاجة رأي عام قابل للتجاوب بسهولة لأية رسائل إعلامية.
9- باعتبار أن الرأي العام قابل للتغيير، فيتحتم على الإعلام متابعة ومراقبة الأحداث والتقلبات المختلفة في البلاد ومعالجة ذلك بشكل مهني ومدروس لا يؤثر في ثقة الجمهور بوسائل الإعلام.
10- على القائم بالإتصال، العلم بأن من خصائص الرأي العام انه مشترك بين الناس، وهذا يعني أن يتوخى الحذر في صياغة خطاب الرأي العام لإختلاف القوميات والأديان والمذاهب، وحتى لا يحدث شرخاً في النسيج الإجتماعي.
11- على وسائل الإعلام أن تشجع على حرية الرأي والتعبير “النسبي” للفرد؛ فهذا يعزز من تحقيق رأي عام مجتمعي واع ونشط.
12- على القائم بالإتصال أن يدرك أن مخاطبة الرأي العام سلاح ذو حدين، فإن لم يحسن المضمون والأسلوب والوسيلة، فإن الرأي العام سيكون ذا اتجاه معاكس.
13- على الإعلام أن يتغلغل في ميادين المجتمع، ويكون قريباً من الأحداث حتى يتحسس الواقع ويدرس الظواهر الإجتماعية، وذلك ما يسهل مخاطبته وتفعيله للرأي العام المحلي بشكل خاص.
14- على الإعلام أن لا يقتصر عمله على تفعيل الرأي العام في أوقات الأزمات، بل يكون عمله ممنهجاً بشكل متواز مع سير الأحداث الإعتيادية، حتى يستطيع أن يظل قريباً منه في التواصل وإحداث التأثير بشكل سلس.
التعريف بالكاتب:
أ.د. عبد الكريم عبد الجليل الوزان
أستاذ الإعلام
رئيس الجامعة الأفروآسيوية الأسبق