مقالات

تحديات تجريم المخدرات الرقمية في التشريعات الجنائية

سلسلة نهر الأمل للتوعية بالقانون الجنائي
مصطلح اليوم
(تحديات تجريم المخدرات الرقمية في التشريعات الجنائية)

بقلم: د. محمد رمضان عيد محمود جمعه غريب

د. محمد رمضان عيد محمود جمعه غريب
د. محمد رمضان عيد محمود جمعه غريب

فيما يتعلق بنصوص قانون العقوبات المصري بشأن ماهية الجوهر المخدر، فقد نص القانون على أن:

1 – المخدرات:
كل ما يعد طبقًا لإحكام القانون رقم 182 لسنة 1960 بشأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والتجارة فيها؛ من المواد والنباتات والجواهر المخدرة والجواهر التخليقية ذات الأثر التخديري أو الضار بالعقل أو الجسد أو الحالة النفسية أو العصبية.

2 – تعاطي المخدرات:
تناول المخدرات المشار إليها في البند السابق دون مقتضى طبي.

فيلاحظ أن المشرع أورد لفظ “مواد” مقترنة بالجواهر المخدرة، مما يقطع بأن المشرع يفترض أن يكون المخدر “شيء مادي ملموس يمكن حيازته ويشغل حيز من الفراغ”، وهو ما لا ينطبق على فكرة المخدرات الرقمية، والتي لا يمكن وصفها ب “المواد” فهي ليست مادة ملموسة”. كما يلاحظ أن المشرع أورد لفظ “تناول” وهو ما يطرح سؤال منطقي، هل يعتبر الاستماع إلى الملفات الصوتية نوعًا من “التناول”؟ فالتعاطي كما عرفه المشرع هو استعمال المتهم للمخدر بأية وسيلة كانت وأيا كان نوع المخدر مادة أو نبات أو موجات صوتية أو غيرها.

فالفعل يقوم به التعاطي من أجل إدخال المخدرات إلى جسمه بأية وسيلة؛ أما الإدمان هو حالة تترتب على التعاطي. وقد جرمت معظم القوانين حالة الحيازة أو الحراز بقصد التعاطي، وهي الحالة التي لم يصل فيها المتعاطي إلى التعاطي.

تختلف كيفية التعاطي بالنسبة لنوع المخدر، فقد يكون عن طريق الحقن وريديًا، أو تحت الجلد، أو التناول بالفم، أو الاستحلاب تحت اللسان، أو يكون عن طريق الاستنشاق أو التدخين… وغيرها من الطرق.

أركان جريمة التعاطي:
أ – الركن المادي: ويتكون من عنصرين أولهما المخدر وثانيهما – السلوك الإنساني.

العنصر الأول: المخدر: إن المواد المخدرة وما في حكمها كثيرة ومتعددة، فكلما مرت الأيام اكتشفت البشرية مواد أخرى لم تكن معروفة من قبل ولها ذات الآثار المعروفة من قبل ولها ذات الآثار المعروفة في المخدرات أو آثار قريبة منها أو أشد منها أو أخطر.

قد نص نظام مكافحة المخدرات في أغلب الدول على المخدرات المدرجة في جداول والمرفقة به، بحيث لو لم يتم الاعتراف بمخدر معين ولم يدرج ضمن القائمة فإن تعاطيه يصبح مباحًا.

تحديد نوع المخدر: إن الأحكام في قضايا المخدرات لابد وأن تبنى كغيرها من الأحكام الجنائية على القطع واليقين لا الظن والرأي، ولابد أن يثبت القاضي في حكمه بالإدانة في جرائم الإنتاج والتهريب نوع المخدر الذي أدان به المتهم، ولابد أن يتبين على وجه القطع نوع المخدر الذي أدان به المتهم، ولابد أن يتبين على وجه القطع نوع المواد المضبوطة ليتأكد من كونها مدرجة بالجداول الملحقة بنظام مكافحة المخدرات، ومن ثم يقوم العقاب النظامي، أم غير مدرج فلا تقوم الجريمة أصلا.

كمية المخدر:
لم تشترط معظم القوانين حدا معينا أدنى لكمية المواد المخدرة، فالجريمة قائمة مهما كانت الكمية صغيرة، متى كان لها كيان مادي محسوس يمكن تقدير ماهيته.

ضبط المخدر:
ذهب البعض بأن ضبط المادة المخدرة ليس الزما لصحة الحكم بالإدانة بشرط أن يثبت القاضي أن الفعل المكون للجريمة قد انصب على مادة مخدرة، ويجوز للمحكمة أن تكون عقيدتها من أي دليل مطروح في الدعوى حتى ولو لم تضبط المادة المخدرة. وهناك رأي آخر والذي يشترط ضرورة ضبط المخدر لصحة الحكم بالإدانة، لأن القاضي ملزم ببيان نوع المخدر، وهذا يتطلب الاستعانة بآراء الخبراء، وهذا لن يكون إلا بضبط المادة المحجوزة. وبالنسبة لنوع المخدرات الرقمية فإننا لا نستطيع تطبيق الرأي الثاني، والأجدى والأفضل تطبيق الرأي الأول مع أخذ دلائل وحجج كتاريخ تحميل الجرعة ونوعها وحجمها والموقع المحملة منه، وغيرها من البيانات.

المنظومة القانونية المصرية خالية تمامًا من أي نصوص تخص موضوع المخدرات الرقمية على الرغم من أنها سباقة في هذا المجال للتصدي لكل أمر مستحدث يمس الأمن والسلامة المجتمعية، لأن الموضوع مستجد على الساحة الوطنية حتى وإن سجلت حالات تعاطي في هذا الصدد في الآونة الأخيرة لهذا العقار المستحدث، ذلك بالرغم من فاعلية للمخدرات الرقمية تضاهي أثر المخدرات التقليدية.

#التوعية_القانون_لجنائي

#مجلة_نهر_الأمل

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى