تحقيقات وتقارير

التغيرات المناخية واثارها بحرائق الغابات في العالم

خلال المؤتمر العربي الاوربي الدولي”اثر التغير المناخي على تدهور التربة"

د.خالد القيسي يناقش” التغيرات المناخية واثارها بحرائق الغابات في العالم”

أثر التغيرالمناخى على تدهور التربة

تقرير : وفاء ألاجة

تواصلت فاعليات المؤتمر العربي الاوربي الدولي الذي عقده الاتحاد العربي للتنمية المستدامة والبيئة بالتعاون مع الاكاديمية الدبلوماسية بوزارة الخارجية والشتات ووزارة البيئة والتخطيط المكاني بالعاصمة بريشتينا ووزارة الخارجية والشتات بجمهورية كوسوفاعلى مدار يومي السابع والثامن من مايو2022 تحت عنوان :”اثر التغير المناخي على تدهور التربة” – المتغيرات والحلول، برئاسة كلا من السفير الدكتور بكر اسماعيل – مدير عام الاكاديمية الدبلوماسية بوزارة الخارجية والشتات بجمهورية كوسوفا والدكتور اشرف عبد العزيز – الامين العام للاتحاد العربي للتنمية المستدامة والبيئة

 

وإستعرض الدكتور خالد القيسى استاذ الاقتصاد الزراعي والتنمية المستدامة بجامعة السليمانية ، وعضو الهيئة الاستشارية العلمية للاتحاد العربي للتنمية المستدامة والبيئة، ومنسق عمل الاتحاد لدول العراق وسوريا والاردن” التغيرات المناخية واثارها بحرائق الغابات في العالم مع التركيز على حرائق دول البحرالابيض المتوسط”مشيراً الى أنه ادى التغير المناخي المتسارع على مدى العقود الماضية الى تفاقم المشكلات البيئية الحالية وبالاخص في حوض البحر الابيض المتوسط والتي تنتج عن تظافر عدة عوامل كالتغيرات في استخدام الاراضي وزيادة التلوث وتراجع التنوع البيولوجي والتي تنعكس اثارها على مختلف النظم البيئية الحيوية الهامة كالمياه والغذاء والصحة والامن ورفاهية البشر.

دكتور خالد القيسي
دكتور خالد القيسي

وتأتي في مقدمة الاثار الضارة بالبيئة هو الاضرار بالغابات فحرائق الغابات هي احدى النتائج السلبية التي اضرت بالغابات في العديد من دول العالم وبالاخص في دول البحر الابيض المتوسط كتركيا واليونان وتونس والجزائر وسوريا ولبنان وايطاليا واسبانيا وغيرها من دول حوض البحر الابيض المتوسط ، وتعتبر الغابات احد المصادر الطبيعية المتجددة اذا ما تمت إدارتها بشكل سليم  لكن قام الانسان عبر التاريخ بتدمير أجزاء كبيرة من الغابات من خلال حرقها او ازالتها للاغراض الزراعية وغيرها مما سبب اخلال بالتوازن الطبيعي والاضرار بالبيئة حيث ان ازالة اشجار الغابات لا يهدد الغطاء النباتي فحسب بل الانسان والحيوانات التي تعيش فيها. 

وتشير الاحصاءات ان نسبة الغابات المهددة بالخطر في الدول المتقدمة هي (3%) فقط في حين ان التدهور الاكبر بالغابات هي في الدول النامية حيث انها فقدت نحو (50%) من  مساحتها خلال العقود الثلاث الاخيرة وان (50%) الاخرى في طريقها للتدهور ان لم يتم التصدي لمسببات ازالة هذه الغابات تعد الغابات رئة حقيقية سليمة حيث ان مساحة ( كيلومترمربع واحد ) تطلق ( 10 ) طن من الاوكسجين في اليوم الواحد مما يعني نحو ( 3650 ) طن من الاوكسجين سنويا.

د. خالد القيسي
د. خالد القيسي

كما تعمل الغابات على خفض درجات الحرارة في محيطها الجوي , الامر الذي يعطي لعمل هذه الرئة الرائعة بعدا ثالثا فيزيائيا وحيويا وهذا البعد يجعل الغابات اكثر فعالية بيئيا ويجعل ملايين السكان يتجهون اليها صيفا وشتاءا لاستنشاق الهواء النقي والبارد والعليل ، و تمتاز الغابات في قدرتها على فلترة الهواء وترسب الغبار والاجزاء العالقة الضارة على اوراقها , ان هكتار واحد من مساحة الغابات قادر على ترسيب ( 9) طن من الغبار مما يؤدي الى خفض نسبة  الغبار بحوالي ( 30-40% ) في جو الغابة ، ويعود ذلك الى كبر مساحة المسطح الورقي الذي يتراوح ( 50-150) الف متر مربع / للهكتار الواحد.

 واثبتت الابحاث العلمية بان غابات اشجار السرو تقوم بترسيب  حوالي (30) طن من الغبارللهكتارالواحد في السنة، اما اشجار الصنوبر فانها ترسب نحو (50) طنا من الغبارللهكتارالواحد في السنة.

كما ان الغابات والاراضي الزراعية كما يصفها العلماء هي احدى الوسائل الناجعة لاعادة توازن كربون الارض ، فالغابات والنباتات الخضراء هي المستهلك الاول للكربون واليها وحدها يعود امتصاص الكربون من الغلاف الجوي بكميات هائلة، وهنا يمكن ان نفهم الدور التوازني الذي تلعبه الغابة ، فبالرغم من انها من المتضررين جراء ظاهرة الاحتباس الحراري الا انها تقوم بامتصاص نسبة كبيرة من غاز الكربون بالجو محدثة بذلك توازن ديناميكي في نسبة الغازات الموجودة في الغلاف الجوي ،ولهذا السبب اضافة الى اسباب اقتصادية اخرى ركز العالم على التوسع في زراعة الغابات وصيانتها وحمايتها.

ان ازالة الغابات تؤدي الى التدهور في التنوع البيولوجي حيث ان الغابات تحتوي على نحو ( 80% ) من التنوع البيولوجي في العالم , وتظهر الدراسات اننا نخسر نحو ( 137 ) نوع من النباتات والحيوانات والحشرات كل يوم بسبب ازالة الغابات اي بنحو ( 50000) نوع من هذه الكائنات خلال السنة ونتج عن ازالة الغابات زيادة معدل التصحر،و زيادة ظاهرة الاحتباس الحراري والتغير المناخي ، والتاثير على الحيوانات البرية والاخلال بالتوازن البيئي والتنوع البايولوجي ، وحرمان الافراد من الطبيعة وبالحصول على المزايا العديدة للغابات التي تقدمها للبشرية.      

وهناك عوامل عديدة تؤدي الى حدوث حرائق الغابات ومنها التغيرات المناخية والتي لم يشهدها العالم من قبل نتج عنها اندلاع الحرائق ومصرع مئات الاشخاص وتدمير الالاف المنازل في العديد من الدول بالقارات الامريكية والاوروبية والافريقية والاسيوية حيث امتدت الحرائق من سيبريا شرقا الى بوليفيا وولاية كاليفورنيا الامريكية مرورا بالجزائر وتونس في شمال افريقيا واليونان في اوروبا , وهو الامر الكارثي الذي يهدد واستقرار الارض في حال عدم وجود حلول جذرية لهذه التغيرات المناخية.

تتسبب حرائق الغابات في احراق 100 مليون هكتار من الغطاء النباتي في جميع انحاء العالم سنويا , فضلا لما تسببه من اضرار مادية وضحايا بشرية وكوارث بيئية وهي تعتبر من اكثر الكوارث كلفة في العالم ، وتحدث الحرائق في الدول النامية عادة اما بشكل متعمد من قبل الانسان نفسه لتطهير مساحات كبيرة من الاراضي من اجل زراعة محاصيل واشجار اخرى او لغرض السكن او انشاء الطرق والسدود وغيرها من الاستخدامات , وقد تحدث الحرائق بسبب عوامل خارجة عن سيطرة الانسان بسبب التغيرات المناخية مثل ارتفاع درجات الحرارة والجفاف الشديد والرياح القوية وغيرها من الاسباب والتي غالبا ما تكون مجموعة الاسباب الثانية مقتصرة على الدول المتقدمة بدرجة كبيرة. 

 ويمكن ان نشير الى اهم الكوارث لحرائق الغابات التي حدثت بالعالم والتي ادت الى حصول اضرار كبيرة سواء بالارواح او الممتلكات وتجريف مساحات شاسعة من اراضي الغابات بفعل الحرائق وكما يلي:

حرائق الغابات فى سوريا و تحدث الحرائق بغابات سوريا سنويا لعوامل عديدة الا ان الحرائق في العام 2020 تعد مؤثرة بشكل كبير كونها امتدت لمساحات كبيرة لعدد من المحافظات  الرئيسية (حمص وحماة واللاذقية) وتشير بعض الاحصاءات إلى ان مساحة  الغابات المتضررة بعام 2020 قد بلغت نحو 9000 هكتار ولاكثر من 400 حريقا والذي تعد الاكبر اعدادا بتاريخ الحرائق بسوريا خلال المدة بين عامي 2010 – 2018 تعرضت نصف مساحة الغابات لحرائق متعددة اذ بلغت نحو 100 الف هكتار وبنحو 2000 حادثة حريق

واندلعت عدة حرائق فى لبنان خلال شهرى يوليو واغسطس من هذا العام 2021 في شمال لبنان وبالاخص بمنطقة عكار والتي امتدت الى الحدود بمحافظة حمص السورية والتي تعد الاسوأ في لبنان منذ عقود وخلفت العديد من الاضرار المادية والبشرية والبيئية وبالاخص الاضرار بعشرات الالاف من اشجار الصنوبر والبلوط والارز.

واجتاحت اكثر من ( 100 ) حريق الغابات شمال شرقي الجزائر ولنحو ( 17 ) ولاية جزائرية وبالتحديد منطقة تيزي اوزو الاكثر تضررا خلال شهري يوليو واغسطس من هذا العام 2021 اودت بحياة ( 71 ) شخصا واحدثت اضرار مادية كبيرة , ومن اهم العوامل لحدوث هذه الحرائق هو الارتفاع غير الطبيعي بدرجات الحرارة حيث وصلت نحو 47 درجة مئوية ، وحدث الحرائق ايضا بذات الفترة وموازية لحرائق الجزائر بتونس حيث اندلعت نحو 214 حريقا طالت مئات الهكتارات من اراضي الغابات خلال الفترة ( 23/ 7 / 2021 لغاية 9/ 8 / 2021 ) وترجع الاسباب لذات الاسباب هو الارتفاع الشديد بدرجات الحرارة حيث وصلت نحو 49 درجة مئوية في تونس.

ومن اهم المعالجات للتقليل من اثر التغيرات المناخية بحرائق الغابات العمل على تنفيذ بروتوكولات واتفاقيات التي تم توقيعها بالعديد من المؤتمرات المشتركة في هذا المجال وبالاخص اتفاقية برشلونة عام 2016 استراتيجية البحر الابيض المتوسط  للتنمية المستدامة  ( 2016 – 2025 ) كوثيقة ذات توجه استراتيجي ضمن اطار تنفيذ اجندة التنمية المستدامة للامم المتحدة 2030 بما يحقق اهداف التنمية المستدامة ، وزيادة التوعية وتطوير القدرات التقنية والمضي قدما نحو منطقة خضراء منخفضة الكاربون ومقاومة تغير المناخ.

استخدام وسائل الطاقة المتجددة والنظيفة كالطاقة الشمسية والرياح والمياه وغيرها وجعلها متاحة للجميع ، وانشاء آلية اقليمية للتواصل بين العلوم والسياسة بهدف اعداد تقييمات وارشادات علمية اقليمية موحدة حول اتجاهات تغيرات المناخ واثاره وخيارات التكييف والتخفيف ، وسد الفجوة بين البحث العلمي وصنع القرار وذلك من خلال المساهمة في تحسين السياسات على جميع المستويات .  

#مجلة_نهر_الأمل

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى