تعاون أبناء الهند لمواجهة أزمة كوفيد19
أبناء الهند يقومون بإعداد الوجبات وتوزيعها على مرضى فيروس كوفيد-19 وعائلاتهم
يقوم مجموعة من الطهاة الذين يعملون من المنازل بالتعاون مع بعض جيرانهم المهتمين بإعداد وجبات طعام للمرضى الذين يعانون من فيروس كوفيد019 وذويهم من القائمين على رعايتهم.
بقلم: ريم خوخار
نيودلهي ، الهند : في ظل شعور بلاكشا أجروال بالقلق الشديد إزاء ارتفاع حالات الإصابة بفيروس كوفيد -19 بين أفراد مجتمعها في مدينة نويدا الواقعة على حدود نيودلهي، سارعت على الفور لتقديم يد العون و المساعدة وبدأت في طهي وجبات للمرضى وعائلاتهم.
بعد أن قدمت بلاكشا الوجبات لعدد قليل من العائلات داخل مجمعها السكني في وقت سابق من هذا الشهر ، بدأت في تلقي مكالمات من جميع أنحاء المدينة طلباً للمساعدة.
وقالت بلاكشا : “لم أستطع أن أرفض طلبات الناس، لأنهم لن يتصلوا إلا إذا كانوا في حاجة فعلية للمساعدة. إن بعض الطلبات كانت تأتي من أشخاص فقدوا أفراد عائلاتهم مؤخراً.”
وفي غضون أسبوع ، استطاعت بلاكشا أن تصل بعدد الوجبات التي تقوم بإعدادها يومياً إلى 120 وجبة.
وتقول بلاكشا: “أثناء وجودك في العزل المنزلي، فإن وجود شخص يعتني بطعامك أو وجبات أطفالك أمر ضروري، لأنك لا يمكنك طهي الطعام لهم، وهو أمر يجب المساعدة كي لا يشعر المرء بمزيد من التوتر بشأنه.”
بلاكشا هو أحد أفراد مجموعة كبيرة متزايدة من الطهاة الذين يعملون من المنزل والجيران المهتمين في مختلف أنحاء الهند بتقديم يد العون والمساعدة من خلال توفير وجبات الطعام للآلاف من مرضى كوفيد-19 أثناء إقامتهم في فترة العزلة المنزلية.
كان يوم الأربعاء هو أكثر الأيام دموية في الهند حتى الآن، حيث تم تسجيل 3293 حالة وفاة بسبب فيروس كورونا خلال الـ 24 ساعة الماضية ، مما رفع عدد حالات الوفاة إلى 201187. كما سجلت البلاد 360960 حالة جديدة ، وهو أكبر إجمالي عدد إصابات يتم تسجيله في العالم في يوم واحد، مما رفع إجمالي عدد الإصابات إلى ما يقرب من 18 مليوناً.
وقد اجتاحت الموجة الثانية المدمرة من العدوى مرافق الرعاية الصحية في الهند، حيث أبلغت المستشفيات في جميع أنحاء البلاد عن نقص في الأكسجين والأسرة.
ووسط هذا النقص ، يضطر آلاف الأشخاص المصابين بالمرض إلى البحث عن العلاج في المنزل.
ويتعاون الطهاة الذين يعملون من المنزل مع بعض المقيمين في الأحياء لإعداد الوجبات الساخنة وتوزيعها علاوة على ذلك يقدم هؤلاء الطهاة نصائح عبر الإنترنت حول كيفية تحضير وجبات بسيطة للأفراد أثناء وجودهم في الحجر الصحي.
ويقدم الكثيرون الطعام مجاناً، بينما يتقاضى آخرون أجور رمزية مقابل وجبة مكونة من الدال (العدس) والأرز والخضروات والشاباتي.
تدير روشني ناثان مجموعة تحمل اسم “ذا كيتشين تيبل” في مدينة حيدر أباد في جنوب الهند. وبدأت روشني منذ أسبوع في إعداد وجبات بسيطة بالإضافة للطلبات المعتادة للأشخاص الموجودين في الحجر الصحي.
وقالت روشني “أردت فقط أن أقوم بدوري و وجبي. لا يكاد يكون هناك أي جهد عند إعداد بعض الكاري والأرز.”
أدركت ناثان الحاجة إلى توفير الوجبات الغذائية البسيطة بعد أن لاحظت أن العديد من الأزواج المسنين في مجمعها السكني لم يتمكنوا من الطهي أثناء المرض، وما زالوا مترددين في تناول الطعام غير المطبوخ في المنزل.
ويوجد حالياً في العاصمة نيودلهي أكثر من 50000 شخص في حالة عزلة منزلية.
وقد لاحظت كيشي أرورا وهي مستشارة أغذية وطاهية معجنات ، أن عملائها يطلبون خلال شهر يناير تغيير قوائم الطعام.
وقالت: “كان بعضهم يطلب طعامًا بسيطًا، بدلاً من الأطباق الغنية بالتوابل التي يختارها المرء عادةً عند الطلب.”
وبحلول منتصف شهر مارس ، زادت الطلبات وتقوم كيشي الآن بطهي 20 وجبة على الغداء والعشاء للعائلات في الحجر الصحي.
وبدأت معظم هذه الخدمات في وقت سابق من هذا الشهر عندما بدأت الموجة الثانية الشرسة تشهد تزايد في أعداد الإصابات بفيروس كورونا في الهند.
وأشارت لوفلين مولتاني ، وهي متخصصة في مجال السياحة من مدينة بنجالورو الواقعة في جنوب الهند، إلى إصابتها بفيروس كوفيد-19 في مارس مع بعض أفراد أسرتها.
وتضيف لوفلين قائلة: “عند الإصابة يشعر المرء بالفزع، ولا يمكنك تذوق أي شيء وأنت أضعف من أن تطبخ. ولم يكن هناك الكثير من خدمات الوجبات محلية الصنع متوفرة في ذلك الوقت.”
طلبت لوفلين مؤخراً من أصدقائها إرسال طعام مطبوخ في المنزل لها بعد أن أصيبت ابنتها بالتسمم الغذائي من طلباتهم اليومية من المطعم.
وبالنظر في رسائل الانستجرام الواردة إليه، لاحظ الطاهي سارانش جويلا المقيم في مومباي زيادة في طلبات الطعام من جانب العائلات المقيمة في العزل في مدن مختلفة.
ويشير سارانش قائلاً: “لقد تجاهلت الرسائل القليلة الأولى ولكن مع ظهور المزيد من الرسائل ، أدركت أنه يتعين علي القيام بشيء ما. إذا لم أستخدم شبكة التواصل الاجتماعي الخاصة بي للمساعدة ، فما الفائدة من من تواجدي عليها؟ ”
في اليوم التالي، بدأ سارانش في إرسال تفاصيل أولئك الذين يقدمون وجبات لمرضى كوفيد-19 في المنزل.
وقال سارانش في “كنت أتوقع 20 إلى 25 فرد سيتقدمون للمساعدة في تقديم هذه الخدمات، لكن في غضون أيام كان لدينا مئات الأشخاص الذين يريدون تقديم خدماتهم.”
وقام مع أسرته والعديد من المتطوعين بجمع المعلومات والتحقق من أرقام هواتف أصحاب هذه الطلبات وإدخال التفاصيل يدويًا في جدول بيانات عام، والذي تحول سريعًا إلى موقع على شبكة الإنترنت ليكون أكثر سهولة في البحث و لربط المرضى المعزولين ومٌقدمي الوجبات.
في غضون أسبوع ، أصبحت مبادرة سارانش جويلا ، التي انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي من خلال هاشتاج #CovidMealsforIndia ، تضم ما يقرب من 1500 مقدم وجبات في 50 مدينة.
وتقول خوسي دوجار، وهي سيدة أعمال و إحدى مقدمي الخدمات المسجلين في مدينة جواهاتي المدينة الرئيسية في ولاية آسام الشرقية “أعرف مدى صعوبة التأقلم مع تعرض بعض أفراد عائلتي لهذا الأمر مؤخراً.”
وعلى الرغم من معاناتها مع الخدمات غير المنتظمة والانتظار لفترات طويلة للاستلام من قبل شركاء توصيل الوجبات، تقوم خوسي دوجار بنفسها بنقل وتوصيل بعض الطلبات داخل حيها أو تجعل الناس يتواصلون مع أفراد يقدمون خدمات أخرى في منطقتهم.
ويشير خوسي قائلة: “يحتاج شركاء التوصيل إلى مساعدتنا نظرًا لوجود العديد من الأشخاص مثلي ممن يرغبون في المساعدة الآن”.
وتقول سونالي تشاترجي وهي طاهية تقوم بإعداد الوجبات من المنزل إنها تطبخ أكثر من 100 وجبة في اليوم في ولاية هاريانا (شمال الهند) في مدينة جوروجرام ، وهي مدينة تابعة لنيودلهي مثل مدينة نويدا.
وتقول إنها تبدأ يومها في الساعة 5:30 صباحًا لطهي وتعبئة الطلبات بمساعدة عائلتها.وتشير قائلة: “يمكنني طهي المزيد ولكن هناك عددًا محدودًا من موظفي التوصيل لنقل الطلبات.”
ويقوم الكثيرون بالطهي بجانب وظائفهم اليومية مثل سنيها سيناباتي المتخصصة في مجال المسؤولية الاجتماعية للشركات في بوبانسوار عاصمة ولاية أوديشا بشرق الهند.
تقول سنيها سيناباتي: “أتلقى مكالمات من أشخاص في الولايات المتحدة أو بنجالورو يرغبون في توفير وجبات لوالديهم المسنين في بوبانسوار أثناء العزلة المنزلية.”
تتقاضى سنيها ، التي تطبخ 15 وجبة في المتوسط في اليوم ، 50 روبية (حوالي 70 سنتًا) مقابل وجبة مكونة من الدال (العدس) والأرز والخضروات.
وتقول سنيها سيناباتى “يسعدني أن أساعد شخصًا ما في شيء بهذه البساطة”.
ويقول العديد من مقدمي الوجبات إنهم يستمرون في تلقي الطلبات حتى بعد اختبار الشخص سلبيًا لأن التعب يستمر لعدة أسابيع.
وتقول أبارنا جارج ، وهي طاهية في مدينة جايبور بولاية راجستان ، أن الوباء كشف عن وجود عدم توازن بين الجنسين في الأعمال المنزلية والطهي.
وتضيف أبارنا، التي يطبخ أكثر من 60 وجبة يوميًا للمرضى والعائلات المعزولين، قائلة: “نتلقى طلبات من العائلات التي تكون فيها الأم مريضة وبقية أفراد الأسرة غير قادرين على التأقلم مع هذا الوضع.”
وتعافت شاهين بهاتناجار مؤخرًا من فيروس كوفيد-19 أثناء وجودها في عزلة منزلية مع زوجها في جورجورام. وعلى الرغم من أنها اعتمدت على الوجبات التي يقدمها الأصدقاء والعائلة ، إلا أنها كانت تطلب وجبات بانتظام من طاهية تعمل من المنزل في الحي.
وتقول شاهين بهاتناجار: “عندما سألتها كم أدين لها ، قالت لا شيء، وأنه من واجبها أن تدعمنا في مثل هذا الوقت. لقد تأثرت كثيرًا بهذه اللمسة الإنسانية.”
وعلى الرغم من أن العمل قد يكون مرهقًا ، إلا أن مقدمي الوجبات يقولون إن التعليقات الواردة من الأشخاص الذين يساعدونهم تجعلهم يواصلون العمل.
وتعترف أرورا بأنها مرهقة عقليًا وجسديًا ، والتعب الواضح عبر الهاتف وهي تتحدث عن وفاة صديق لها قبل ذلك بساعات قليلة.
وتشير في هذا الصدد بقولها:”هذا يجعلني مشغولة، أو سأكون متحمسة باستمرار. التعليقات ترد إلي من الناس تجعل الأمر يستحق العناء.”
#مجلة_نهر_الأمل