التغيرات المناخية وآثارها على الاحياء المائية والاقتصاد
التغيرات المناخية وآثارها على الاحياء المائية والاقتصاد فى مصر
تقرير : وفاء ألاجة
فى إطارالموسم الثقافى لمركز بحوث الشرق الأوسط للدراسات المستقبلية بجامعة عين شمس نظم المركز ورشة العمل بعنوان”التغيرات المناخية وآثارها على الأحياء المائية والإقتصاد فى مصر” تحت رعاية الدكتور محمود المتينى رئيس جامعة عين شمس والدكتور هشام تمراز نائب رئيس الجامعة لشؤن المجتمع والبيئة والدكتور أشرف مؤنس مدير المركز وبحضور الدكتورة حنان كامل وكيل كلية الأداب لشؤن التعليم بجامعة عين شمس ، والدكتورة هبة صلاح حامد استاذ فسيولوجية الأسماك بكلية البنات للآداب والعلوم والمدرب التأهيلى بالبرنامج التأهيلى لسفراء المناخ الأفارقة، والدكتور عيد رشاد مدرس الاقتصاد بكلية التجارة رئيس شعبة الدراسات الاقتصادية بالمركز ، والدكتور فتحى السيد يوسف مدرس الاقتصاد بجامعة بنها والدكتور علاء متولى أستاذ التربية بجامعة بنها والعديد من الباحثين ومهتمين بشؤن البيئة .
وأشار الدكتور أشرف مؤنس لأهمية ورشة العمل لأنها تأتى فى إطار الإستعداد لاستضافة مصر لمؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ فى نوفمبر القادم بشرم الشيخ ، وقد عقدت الأمم المتحدة أول مؤتمر للمناخ فى استوكهولم عام 1972 وقد نسق برنامج الأمم المتحدة للبيئة، على مدار 50 عامًا، جهوداً عالمية لمواجهة أكبر التحديات البيئية على كوكب الأرض. وساعد هذا التعاون العالمي في إصلاح طبقة الأوزون والتخلص التدريجي من الوقود المحتوي على الرصاص ووقف الأنواع المهددة بالانقراض من الانقراض. لقد أتاحت القدرة التي يتمتع بها برنامج الأمم المتحدة للبيئة في تنظيم الاجتماعات والبحث العلمي الدقيق منبراً للبلدان للمشاركة والعمل بجسارة والنهوض بجدول الأعمال البيئي العالمي.
ويواجه العالم 3 أزمات تتمثل فى تغير المناخ ، وفقدان التنوع البيولوجى ، والتلوث والنفايات ويأتى انعقاد المؤتمر هذا العام بالفائدة على مصر على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية لما له من فائدة فى الترويج سياحى وجذب للإستثمارات الأجنبية الاقليمية والعالمية وترويج للصناعات التقليدية والتراثية المصرية وفرصة لتبنى القضايا المصرية فى المحافل الدولية مثل قضية المياه فالمؤتمر فرصة لطرح القضايا المصرية وتعزيز التواجد المصرى فى المحافل الدولية بما يخدم إستراتيجية مصر للتنمية المستدامة 2030 وتأتى ورشة العمل فى إطار مواكبة المركز للمتغيرات العالمية للخروج بتوصيات ونتائج لها أثر فى الوصول لعالم أكثر أمناً وإستقراراً لخدمة الانسان أينما كان.
وإستعرضت الدكتورة هبة صلاح تأثير التغيرات المناخية على التنوع البيولوجىى البيئى بما يتضمن من بحيرات وأنهار وغابات وصحراء و التنوع الجينى بكل ما يشمله من إختلافات جينية فى كل نوع ومايساهم فيه التنوع الكبير من النباتات والحيوانات فى فوائد عديدة فهناك بعض أنواع السموم يستفيد منها الانسان مثل سم الثعبان الذى يدخل فى صناعة الدواء وأى تغير فى المناخ له تأثير على البيئة وهى الظروف والعوامل الخارجية التى تحيط بالحيوانات والنباتات والانسان ، والتغيرات المناخية فى درجة حرارة الأرض وشدة الرياح والأمطار لها عوامل وأسباب طبيعية مثل تغيرات حركة الأرض وزيادة نسبة غاز ثانى أكسيد الكربون وتأثيره على مكونات الغلاف الجوى ، وعوامل بشريةمثل التصحر والغطاء النباتى وما يصاحب ذلك من تهديد لصحة الانسان فى الدول النامية والمناطق القاحلة وتعرض الجليد فى المناطق القطبية للذوبان وغرق بعض السواحل مثل الاسكندرية .
ويصاحب التغيرات المناخية تلوث للهواء يؤثر على الجهاز التنفسى لأن سرعة الرياح تنقل معها حبوب اللقاح والجاثيم كما تسبب مشكلات فى الجلد وتنشر الأمراض المنقولة بالمياه مثل الكوليرا وتؤثر التغيرات المناخية لتدهور الصحة العقلية مثل أمراض “آلزهايمر” وتصاب البيئة بمايعرف ب”الحزن الأيكولوجى”وتزداد الكوارث الطبيعية من ارتفاع سطح البحر ووتلوث المياه العزبة وتغير أنماط سقوط الأمطار وحدوث مجاعات بسبب ندرة المياه .
كما تتأثر الثروة السمكية والتى تعد عنصر هام لتحقيق الأمن الغذائى لأنها غنية بالبروتين وتعد أسعارها فى متناول الجميع ، فالبيئة البحرية تتأثر بالأمطار الحمضية الملوثة بثانى أكسيد الكبريت وأكسيد النيتروجين وحمض النيتريك والكبريتيك ويؤدى سقوط الأمطار الحمضية على النبات والمياه والبحارلتأثيرات سلبية على الأسماك والكائنات البحرية مما يؤدى لتعرض الأسماك للموت أثناء الهجرة لوضع البيض لعدم تأقلمها مع البيئة التى تنتقل إليها فى ظل المتغيرات المناخية فأسماك السلمون تنتقل لأماكن محددة لوضع البيض مما يؤثر على معدلات الخصوبة والذى يعد تأثير سلبى على الثروة السمكية وقد شهد العالم خلال الفترة من 2008 و2010 ظاهرة نفوق جماعى للأسماك وأثرت على مصر والدول العربية بسبب إرتفاع درجات الحرارة والقاء مخلفات سفن النفط فى المياه مما يؤدى لنفوق الأسماك.
وبدأت الطحالث فى التكاثر بدرجة كبيرة مما يؤثر على كميات الأكسجين المذاب فى المياه وأثر ذلك على الأسماك كبيرة الحجم خاصة فى الوقت المتأخر من الليل والساعات الأولى من النهار لأن منسوب الأكسجين يكون أقل فى تلك الفترة قبل ظهور الشمس لأن الضوء يساعد فى عمليات التمثيل الغذائى الذى يعيد إنتاج الأكسجين مرة أخرى وعليه ينبغى تنقية مياه الشرب من الطحالب والأسماك الميتة ويتأثر المصطافين على الشواطىء بتلك الملوثات وإصابتهم بالأمراض الجلدية مما يعطل حركة السياحة ، وتقوم مصر بالتوسع فى الاستزراع السمكى مثل مشروع الفيروز شرق التفريعة فى بورسعيد ، ومشروع بحيرة الغليون للإستزراع السمكى فى كفر الشيخ بهدف الارتقاء بمستوى التصنيع السمكي في جميع المجالات وذلك بهدف زيادة نصيب الفرد من الاسماك ومحاولة سد الفجوة الغذائية وتقليل الاستيراد .
وبدأ العالم فى حساب البصمة الكربونية وهى مؤشر للتعبير عن كمية انبعاثات غاز ثانى أكسيد الكربون الناتج عن حرق الوقود الأحفورى وتزايد الأنشطة الصناعية ووسائل النقل والمواصلات ، وتقاس البصمة الكربونية على مستوى الفرد أو المؤسسة وقياس الانبعاث المباشر لغاز ثانى أكسيد الكربون أو الإنبعاثات غير المباشرة فعندما نتناول ثمرة تفاح يكون ذلك بعد عدة اجراءات من الزراعة والتداول حتى وصولها للمستهلك وماينتج عن تلك الدورة من انبعاثات كربونية فى مراحل الانتاج والشحن والتسويق ، ويأتى برنامج تأهيل فراء المناخ الأفارقة لتعديل السلوكيات السلوكيات ولزيادة الوعي بالعمل المناخي ومواجهة التغيرات المناخية للأنشطة الفردية والمنزلية بإعداد جيل من الشباب الملهمين والمؤثرين ليكون لهم دور توعوي في القارة للحد انبعاثات الكربون والغازات المسببة للاحتباس الحراري وذلك استعدادًا لتنظيم مصر مؤتمر الأطراف COP27 في نوفمبر القادم 2022 .
وأكد الدكتور عيد رشاد أن اتفاقية الأمم المتحدة الاطارية بشأن تغير المناخ لمعالجة آثار الغازات الدفيئة التى أدت لارتفاع درجة حرارة الأرض وساهمت فى الشعور بالإحترار العالمى والتى تعد الطاقة العامل الرئيسى لحدوثها بنسبة 76% ، بفعل التسارع المتزايد فى التصنيع وانتاج الكهرباء من الوقود الأحفورى وتزويد المبانى بالطاقة ،كما ساهم ازالة الغطاء النباتى وقطع الغابات فى زيادة المشكلة ، كما تؤثر الظاهرة على الصحة وتتسبب فى زيادة أعداد الوفيات ،كما أن هناك أثر إقتصادى لتلك الظاهرة يتمثل فى بخر المياه بسبب ارتفاع درجة الحرارة مما يعرض انتاج الغذاء للعالم كله للخطر ولاسيما فى المناطق الحارة ولكن المناطق الباردة لاتتأثر بسبب ذوبان الجليد مما يعنى الاستفادة من الأراضى الزراعية بشكل أكبر،وتزداد عمليات التصحر وجفاف التربة وتدمير البيئة بفعل الأعاصير وتتضرر الدول النامية بشكل أكبر مما يؤدى لفقدان 50% من الدخل القومى لهذه الدول عام 2030 بسبب تغير المناخ فالدول الواقعة فى المناطق الباردة سوف يزداد فيها انتاج الغذاء .
وتزيد الاستثمارات الأجنية من مشكلة تلوث البيئة لأنها تفضل انتاج الصناعات الملوثة للبيئة خارج أراضيها ونقلت صناعة الأسمنت وغيرها من الصناعات التى تؤثر على جودة الهواء الى الدول الأخرى فالاتحاد الأوروبى لايرخص لشركات انتاج الأسمنت وتستخدم التجارة الدولية قيود غير تعريفية لتقف عائقاً أمام الاستيراد من الدول النامية لأن شركاتها غير صديقة للبيئة وتساهم الطاقة فى رفع نسب التلوث فى جميع الصناعات الزراعية والغذائية بنسبة 76% المستخدمة للوقود الأحفورى والغاز الطبيعى ،مما يزيد من نسب انبعاثات الغازات الدفيئة من غاز ثانى أكسيد الكربون وغاز أكسيد النيروزوالغازات الفلورية وتعد الصين أكبر الدول المؤثرة فى تلوث البيئة بسبب نشاطها الصناعى وتأتى الولايات المتحدة فى المرتبة الثانية ثم الهند وروسيا وأندونيسيا والبرازيل واليابان وإيران وألمانياوتلك الدول مسؤلة عن انبعاث 60% من الغازات الدفيئة.
وتقوم الدول الصناعية بحرق 100 مليون برميل من النفط يومياً بسبب الثورة الصناعية وينبغى وضع التزامات على تلك الدول تتعهد بتمويل مشروعات مواجهة التغيرات المناخية وقد وضعت الأمم المتحدة فى مؤتمر الأطراف القارية للمناخ عام 1992 الاتفاقية الاطارية لتغير المناخ وكان أول مؤتمر دولى للمناخ ، ثم جاءت إتفاقية باريس عام 2015 وطالبت بإلتزامات دولية بدلا من المساهمات الطوعية فى المساهمات المحددة وطنياً ،وطالبت بالتوسع فى استخدام الطاقة الخضراء والمتجددة للتقليل من الانبعاثات الدولية لكل دولة بنسب محددة ، والاستهداف للوصول لصفر كربون عام 2050 وتقديم التقارير المعنية بتغير المناخ ورصد الارتفاع فى درجات الحرارة .
وإستعرض الدكتور فتحى السيد يوسف التغيرات المناخية وآثارها على الاقتصاد المصرى والتحديات التى يواجهها العالم بشبب التغيرات المناخية من تقدم تكنولوجى وتطور صناعى وندرة المياه وفى عام 2000 حددت مجموعة الدول الانمائية للألفية 169 هدف من أهداف التنمية المستدامة ثم طورتهم ل17 هدف وأدرجت الغايات والأخرى فى عام 2015 ولرصد أثار التغيرات المناخية على أهداف التنمية المستدامة ومن مظاهرها الاحتباس الحرارى وذوبان الجليد وانبعاث الغازات الدفيئة وقد زادت كميات الانبعاثات خلال الفترة من 2005 الى 2015 بنسبة 31% ،وتساهم الطاقة فى 40% من تلك الزيادة والتنقيب عن البترول بنسبة 43% مما يتطلب تحديد القطاعات الأكثر تلويثاً للبيئة واتخاذ سياسات ضدهم وتطبيق الضريبة الكربونية عليها .
وللتغيرات المناخية تداعيات على القطاع الزراعى مثل ندرة الموارد الطبيعية المغذية للقطاع الزراعى ، وندرة فى الأراضى الزراعية وندرة المياه وزيادة الطلب على الغذاء أكثر من المتاح فعلياً وفى مصر تقل مساحة الأراضى القابلة للزراعة بنسبة 15% فى كل من الدلتا والاسكندرية والبحيرة والأراضى الواقعة جنوب بحيرة المنزلة بسبب غرق الأراضة أو زيادة نسبة الملوحة وإنخفاض جودة انتاجية المحاصيل وتهديد الأمن الغذائى وغرق الأراضى الساحلية وهجرة السكان .
وتؤثر التغيرات المناخية على أهداف التنمية المستدامة مما يسدعى إتخاذ سياسات سريعة للحد من ذلك التأثير لنستطيع تحقيق أهداف التنمية المستدامة ومن سياسات التخفيف من حدة الانبعاثات الكربونية :
1- تخفيض الطلب على السلع والخدمات التى تزيد من الغازات الدفيئة .
2- تقليل إستهلاك الطاقة الناتجة من الوقود الأحفورى والتوسع فى استخدام السيارات الكهربائية والاعتماد على الطاقة المتجددة مثل محطة الزعفرانة ومحطة بنبان للطاقة الشميسة بأسوان
3- التعاون الدولى لرصد التغيرات والانذار من أثارها .
4- تطوير سلالات المحاصيل التى تتحمل درجات الحرارة المرتفعة .
5- الاعتماد على الوسائل التكنولوجية الصديقة للبيئة .
وأشارت الدكتورة حنان كامل لأهمية الحفاظ على حقوق الأجيال القادمة والمطالبة بتحقيق نمو إقتصادى لايدمر البيئة وإتخاذ سياسات للحد من الزيادة السكانية ومعالجة آثارها السلبية والتوسع فى الاقتصاد الأخضر والنظم الزراعية الموفرة للمياه والمستخدمة للطاقة الخضراء مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية والهيدروجين الأخضر.