جريمة التهرب الضريبي: الإطار القانوني والعقوبات المقررة
جريمة التهرب الضريبي: الإطار القانوني والعقوبات المقررة
بقلم: د. محمد رمضان عيد محمود جمعه غريب
دكتوراة في القانون الجنائي

يعد التهرب الضريبي من أخطر الجرائم المالية التي تمس مصلحة الدولة مباشرة، لما يترتب عليه من حرمان الخزانة العامة من مواردها المشروعة، مما ينعكس سلبًا على قدرة الدولة في تمويل الخدمات والمشروعات العامة. ولهذا، أولى المشرع المصري هذه الجريمة اهتمامًا خاصًا، فنظمها بنصوص واضحة وأقر لها عقوبات تتسم بالتدرج والشدة، تبعًا لجسامة الفعل ودرجة القصد الجنائي.
أولًا: العقوبات المقررة وفقًا للنصوص القانونية
الغرامة والتعويض المالي:
يعاقب كل ممول يخالف أحكام القانون بقصد التهرب من أداء الضريبة المستحقة بغرامة لا تقل عن 1000 جنيه ولا تجاوز 5000 جنيه، بالإضافة إلى إلزامه بأداء تعويض يعادل مثل الضريبة التي تهرب من سدادها.
عقوبة عدم تقديم الإقرار الضريبي:
في حالة امتناع الممول عن تقديم الإقرار الضريبي، أو تضمين الإقرار بيانات غير صحيحة، يُعاقب بغرامة تتراوح بين 200 و2000 جنيه، مع إلزامه بسداد قيمة الضريبة المستحقة التي تهرب منها.
الحبس:
يجوز للمحكمة، بحسب جسامة الجريمة والظروف الملابسة، أن تقضي بعقوبة الحبس، خاصة إذا ثبت توافر القصد الجنائي المباشر في التهرب.
ثانيًا: الطبيعة الجنائية للجريمة
التهرب الضريبي يعد جريمة عمدية، يتطلب المشرع لقيامها توافر ركن مادي يتمثل في فعل أو امتناع مخالف للقانون (كإخفاء نشاط أو تقديم بيانات غير صحيحة)، وركن معنوي يتمثل في القصد الجنائي المتمثل في نية التهرب من دفع الضريبة المستحقة.
ثالثًا: فلسفة المشرع في التجريم
لم يقف المشرع عند حد تغريم المتهرب، بل ألزمه برد ما تهرب منه من ضرائب، وذلك لتحقيق الردع العام والخاص، وضمان عدم استفادة الجاني من نتائج جريمته. كما منح القضاء سلطة تقديرية لتشديد العقوبة حال ثبوت سوء النية أو تكرار المخالفة.
خاتمة
تؤكد النصوص القانونية أن التهرب الضريبي ليس مجرد مخالفة مالية، بل جريمة ذات أثر اقتصادي واجتماعي جسيم، مما يبرر إحاطتها بعقوبات مالية وبدنية معًا، لضمان حماية المال العام وتحقيق العدالة الضريبية.









