امل صليب
ابن سينا، فيلسوف إسلامي وطبيب وعالِم في العلوم الطبيعية والرياضيات
هو أبو علي الحسين بن سينا، فيلسوف إسلامي وطبيب، وعالِم في مجالات العلوم الطبيعية، والرياضيات.
ولد في عام 980 ميلادي في أفشانا القريبة من بُخارى، وأبوه هو عبد الله مواليد مدينة بلخ وأمه سيتارا من مدينة تاجك، ويُعد ابن سينا من أكثر الشخصيات الفلسفية والأطباء تأثيراً في العالم الإسلامي وأوروبا في فترة العصور الوسطى، إذ إن كتبه واكتشافاته بالطب كانت تُدرَس في جامعات أوروبا حتى القرن السابع عشر.
حرص عبد الله، والد ابن سينا، على تلقي ابنه لأفضل تعليم حيث إنّه كان طفلاً نبيهاً وذكياً، حيث إنه في سن العاشرة ختم القرآن، وأنهى دراسته له وأصبح بارعاً في اللغة العربية وآدابها، ثمّ اتجه إلى دراسة الشريعة الإسلامية، والفقه، والفلسفة، والمنطق، والعلوم الطبيعية، وبقيَ فيها لمدة 6 سنين، ثم أصبح طبيباً في سن الثامنة عشر، وكان قد درس الطب منذ الثالثة عشر من عمره، وأصبح له سُمعة معروفة في الطب في بلده وما حولها، في حين أنه اشتهر في أوروبا بعد ترجمة أعماله إلى اللاتينية والعبرية وانتشارها فيها.
كان والد ابن سينا يعمل محافظاً في إحدى القُرى، ثم انتقل مع عائلته إلى بُخارى وعمل في وظيفة إدارية أيضاً لدى نوح بن منصور سلطان بُخارى، ومن ثم بدأ ابن سينا التعلم في مجال الفقه مع معلمه إسماعيل الزاهد، وبعدها اتجه إلى دراسة الطب مع عدد من المعلمين، وقد وصف ابن سينا مجال الطب بالسهل. وقام ابن سينا بمعالجة السلطان منصور بن نوح بعد أن أُصيب بمرض حيَّرَ أطباء المدينة، فكافئه السلطان وسمح له بالدخول إلى مكتبة السمانيد الملكية الخاصة به، مما ساعد ابن سينا في تعليمه الذاتي للفلسفة والعلوم، حيث بدأ في الكتابة في عمر 21 عاماً، إذ كتب في مجالات عِدّة كالرياضيات، والهندسة، وعلم الفلك، والفيزياء، والميتافيزيقيا، وعلوم اللغة، والشعر، والموسيقى.
استمر ابن سينا في العمل داخل البلاط الملكي كطبيب حتى وفاة السلطان، ثم انتقل إلى جرجان وهي منطقة قريبة من بحر كابسيان، فكان يُدرِس علم الفلك والمنطق فيها، وبدأ أيضاً بتأليف أشهر كتبه في الطب وهو كتاب القانون في الطب، ثم انتقل بعد ذلك إلى منطقة الري، ومارس الطب فيها وألّف حوالي 30 كتاب، ثم رحل إلى همدان، حيث عالج حاكمها شمس الدولة من مَغص شديد، فأصبح طبيبه الخاص وصديقاً مقربّاً منه، وقد عيّنه رئيساً للوزراء، وبعد وفاة شمس الدولة لم يرغب ابن سينا في البقاء داخل حمدان، فخاطب حاكم أصفهان حتى يجد له منصباً في بلاطه الملكي، إلا أن أمير حمدان الجديد علم بذلك وقام بسجنه، وقد كتب ابن سينا عِدّة كتب أثناء وجوده في السجن، ثم بعد إطلاق سراحه انتقل إلى أصفهان، حيث وجد الاستقرار والأمان، وعمل في خدمة علاء الدولة إلى أن وافته المنية.
يُعتبر المجال الطبي سبباً لشهرة ابن سينا، وخصوصاً كتابه القانون في الطب، الذي يُعد موسوعة شاملة للمعلومات والمعرفة الطبية، شرح فيه الأمراض التي تُصيب الإنسان في جميع أجزاء جسمه، ومن اكتشافاته أيضاً في مجال الطب ما يلي: [اكتشف العدوى وفَهِم طبيعة الأمراض المُعدية وكيفية انتقالها – كان أول من يُميز الفرق بين الشلل النصفي الناجم عن سبب داخلي والذي يَنتُج عن سبب خارجي – أول من وصف أمراض النساء كمرض انسداد المهبل، والأورام الليفية، وحُمّى النفاس- وضّح السكتة الدماغية – بيّن أثر الأمراض العقلية على سائر الجسم وأعصابه، وضرورة الخضوع للعلاج النفسي – استخدم الكي والنار لإيقاف النزيف- قام بوصف 670 عقار لعلاج الأمراض – وضّح أثر التلوث على جسم الإنسان والأمراض التي قد تُصيبه بسببه – كان له مساهمات في علم التشريح فوضّح أجزاء العين بشكل دقيق].
ساهم ابن سينا في مجالات عِدّة غير الطب من ضمنها العلوم الطبيعية والموسيقى ومنها: [“في مجال الفيزياء”: قام باختراع جهاز لقياس الطول بدقة، وقام بوصف حركة الجسم، وعرف طبيعة الضوء وكيفية انبعاثه إذ اكتشف أنّ الضوء أسرع من الصوت، ووضّح كيف يُمكن للصوت أن ينتقل عبر موجات صوتية في الهواء، ودرس أشكال الطاقة المختلفة. “في علم الفلك”: اخترع جهاز لمراقبة إحداثيات النجوم، إذ اكتشف أنّ اضاءة النجوم ذاتية، وقام بتقديم العديد من الاقتراحات الفلكية مثل أنّ كوكب الزهرة أقرب إلى الشمس من الأرض. “في مجال الموسيقى”: كتب العديد من القصائد القصيرة. “في مجال علم النبات”: قام بشرح تركيب النبات، ووضّح أجزاءها جميعاً بدقة].
ربط ابن سينا الفلسفة بالدين، فقام بتقبُل بعض الأفكار الفلسفية السابقة ورفض البعض الآخر، فمثلا قام بشرح مفهوم النبالة الأفلاطونية للانبعاث، لكنه بالمقابل رفض بعض أفكاره الأُخرى مثل الوجود المسبق للروح، كما قام باستخدام منطق أرسطو لتطوير حججه.
كتب أكثر من 400 عمل، الذي بقي منها ونُشِر حوالي 240 عمل، كانت في مجالات مختلفة كالطب، والعلوم، والموسيقى، والفلسفة، والدواء، والدين، ومجالات أُخرى أيضاً، وأبرز هذه الأعمال: [القانون في الطب: هو موسوعة طبية تتكون من خمسة مجلدات بمجموع كلمات يفوق المليون كلمة، ويحتوي الكتاب على معلومات طبية من المصادر القديمة والإسلامية – كتاب الشفاء: يُقسم هذا الكتاب إلى أربع أجزاء علمية وفلسفية، وهي: “المنطق، العلوم الطبيعية، الرياضيات، الميتافيزيقيا”، وقيل أن هذا الكتاب هو شفاء الروح – كتاب الخلاص – كتاب الملاحظات والعتابات- ورقة عن التشريح – ورقة عن الطعام والأدوية – ملخص الإقليدس – ملخص الماجيست – كتاب الفلك – الأطروحة التي تُبطل حكم النجوم – أطروحة في الفضاء- أطروحة في النباتات والحيوانات].
توفي ابن سينا في عمر الثامنة والخمسين في عام 1037 ميلادي في إيران، بسبب مرض في جهازه الهضمي مما أدى الى ألم في معدته، وقام بالتبرع بجميع ما يملك للعبيد والجمعيات الخيرية قبل وفاته.
المصدر: موضوع