عمالة الطفل إمتهان لطفولته أم تطوير لمهاراته
عمالة الطفل إمتهان لطفولته أم تطوير لمهاراته
تحقيق/فتحية علي
بين اليتم والفقر بين بطالة الاَباء وتدني الأجور تضيع طفولة الكثير من الأطفال ،أطفال سرقت منهم طفولتهم بسبب ظروف فرضت عليهم وإستبدلت طفولتهم من اللعب مع الأطفال في مثل عمرهم ، أصبحوا يلعبوا بمفك وبنسة وفوطة أثناء عملهم فقتلت طفولتهم، فهم أصغر وأضعف من أن يمارسوا تلك الأعمال، أو يشاركوا في أنشطة تهدد سلامتهم وتعرضهم للخطر، سواء نموهم البدني أو العقلي أو الإجتماعي أو التعليمي، أطفال يحملون سنين عمرهم الضائعة بين أيديهم وتمر بهم السنين، وقد عاشوا حياة الكبار قبل نضوجهم وآوانهم، وأصبحوا أجساد أطفال ولكن تملكهم روح الكبار، فقتلت طفولتهم وبرائتهم وهذا ما يحدث بسبب عمالة الأطفال .
وتحدثت د/نبيلة تاجرخيرالله مدرس بكلية البنات جامعة عين شمس أداب قسم إجتماع ،أن هناك عدة أسباب لخروج الطفل لسوق العمل منها “أسباب إقتصادية” تتمثل فى الفقر والعوز وعدم الإنفاق على الطفل من قبل الوالدين بل والأكثر من ذلك قد تعتمد أسرة الطفل نفسها على الدخل الذي يتقاضاه من عمله خارج المنزل، وقد تكون هناك أسر تلجأ لدفع الأطفال للعمل وخاصة فى فصل الصيف حتى يبر مصاريف الدراسة نتيجة الفقر المدقع، وقد يكون عدد أطفال الأسرة كبير فتستغلهم لسد حاجاتها من ملبس ومأكل ومشرب.
وأشارت تاجر أن هناك أسباب إجتماعية أيضا من أهمها “التفكك الاسري” ويأتي ذلك نتيجة الخلافات الزوجية التي تصل فى بعض الأحيان إلى الطلاق وتشرد الأطفال وعمالتهم فى سن صغير.
وأضافت إن زواج الأب بزوجة أخرى نتيجة الطلاق أو تعدد الزوجات أو وفاة الأم تعد أيضا من الأسباب الإجتماعية ،
وأوضحت أن هناك أسباب نفسية، منها إعتماد الأسرة على الطفل الذكر الأكبر فى الإنفاق ،تجعله لديه شعور نفسي خاطئ وهو أن يكون مسؤل عنهم وعن إخواته الأصغر، وهذا مايجعله يتحمل الكثير من العقد النفسية وغياب مشاعر الطفولة والإستمتاع بها.
ونوهت خيرالله للحد من هذه الظاهرة من خلال حملات التوعية بالتليفزيون ووسائل التواصل الإجتماعى بتنظيم عمالة الأطفال والتأكيد على أهمية مرحلة الطفولة والواجب على المجتمع تجاه الطفوله ونشر قانون عمالة الأطفال الذي ينص على فيما نصت عليه المادة (60) : يحظر تشغيل الطفل أكثر من ست ساعات يومياً، ويجب أن تتخلل ساعات العمل فترة أو أكثر لتناول الطعام والراحة لا تقل في مجموعها عن ساعة واحدة، وتحدد هذه الفترة أو الفترات بحيث لا يعمل الطفل أكثر من أربع ساعات متصلة، ويحظر تشغيل الطفل ساعات عمل إضافية أو تشغيله في أيام الراحة الأسبوعية والعطلات .
وقالت ا.د/ سامية خضر أستاذ علم الإجتماع جامعة عين شمس: إن السبب الرئيسي يرجع للكثافة السكانية، وعلى الإعلام وخاصة “الإعلام المرئي والمسموع” الوقوف بجانب الدولة في إيجاد حل جذري وتوعوي لإلقاء الضوء على قضايا تعطي قوة وقدرة ومثل أعلى للمشاهدين والمستمعين.
ونبهت خضر على ضرورة إنصات المسؤليين أكثر لظاهرة عمالة الأطفال ووضع حلول لها من خلال عمل إعلانات وأفلام توعوية مثل فيلم “أفواه وأرانب”، وإقامة ندوات للتقليل من الكثافة السكانية، كما أشارت بضرورة التناغم ما بين عدد أفراد الأسرة ودخلها وهو إختصاص النواحي الإدارية.
وأضافت إن في حال تضخم حجم أطفال الأسرة فيمكن للأبوين اللجوء للمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر للأسر الغير قادرة على سد إحتياجاتها الإجتماعية والإقتصادية التي توفرها الدولة ، بجانب وزراة التضامن الإجتماعي، ونوهت لفتح ورش عمل في الأجازة الصيفية لجذب الأطفال وإستثمار عقولهم فيما هو إيجابي.
ومن منظور إيجابي رأت ا/ منى منصور مسؤل تطوير مهني معتمد ،إن المرحلة العمرية من سن ( 14 إلى 17 ) سنة من المراحل المهمة للتطوير الوظيفي، إذا بدأ الأطفال بممارسة مجموعة متنوعة كافية من التجارب العملية المفيدة خلال هذه المرحلة ، فلن يطوروا إهتماماتهم الوظيفية فقط، بل سيطورون الإستقلالية وإحترام الذات و تقدير المستقبل، وإن عدم وجود الخبرات العملية المفيدة والمتنوعة يعيق هذا التطور.
وقالت منصور:تجربة العمل بدوام جزئي من التجارب المهمة للتطوير من مهاراتهم ومساعدتهم في إكتشاف ميولهم الوظيفية التي تساعدهم في زيادة وعيهم الذاتي بنفسهم وبإختيار المجالات المناسبة لهم وإدراكهم لطبيعة سوق العمل، والتي تؤثر بالتالي على إختيارتهم الدراسية للمجالات التي تناسبهم وتناسب إختياراتهم المهنية .
واستكملت منى منصور أن السن المبكر قبل سن( 14 ) يكون الطفل في مرحلة تطوير مفهومه الذاتي أثناء إستكشافه لبيئته، وهنا يكون الإستكشاف بشكل واسع بدون التجربة الفعلية للعمل، أما بعد(سن 14) يمكن التجربة عن طريق العمل بدوام جزئي بشكل يحافظ على صحة الطفل الجسدية والنفسية،وتوفيرتجارب عملية مفيدة لمساعدته على الإختيار وإتخاذ قرار تعليمي ومهني يتوافق مع إهتماماتهم.
وأضافت أن هناك مواد قانونية لتنظيم عمل الأطفال التي تحافظ على صحتهم وسلامتهم بشكل يتناسب مع هذه المرحلة العمرية لهم .
وقدمت نصيجة لأولياء الأمور والمعلمين بالمدارس بتشجيع أطفالهم خاصة في هذه المرحلة العمرية ( 14 إلى 17سنة ) لتجربة العمل بمجالات مختلفة وجني ثمار و فائدة هذه التجارب .
والجدير بالذكر أن هناك مدارس للتعليم المجتمعي وتعرف أيضا بـ “مدارس الفصل الواحد” فهي تؤدي دور محوري وفعال في توفير الخدمات التعليمية مجاناً، وتستقبل الأطفال المتسربين من التعليم والذين لم يتقدموا للمرحلة الإبتدائية نظرا للظروف الإقتصادية التي نشأوا فيها ،وهي بالتعاون بين وزارة التربية والتعليم وبعض مؤسسات المجتمع المدني.
وعلى الأسر اللجوء لهذه المدراس لأنها تعد مركز هام ومحوري في حياة الطفل لتنمية ثقافته وتزويده بالمعارف والمهارات الأساسية التي تحرره من التخلف والجهل والقهر التعليمي.