مؤتمرات وندوات

أهمية الإعلام في التصدي للأمية والبحث على التعلم والمعرفة

أهمية الإعلام في التصدي للأمية والبحث على التعلم والمعرفة

جاءت مشاركة الدكتور عبد الكريم عبد الجليل الوزان – عميد كلية الإعلام في الجامعة الإسلامية بولاية منيسوتا الأمريكية في الملتقى الدولي: (أثر محو الأمية في نهضة وتنمية الأمم والشعوب) 13 أكتوبر 2021م، 7 ربيع أول 1443 هـ “حضوري / أونلاين” في إطار احتفالات الأمم المتحدة باليوم العالمي لمحو الأمية، برعاية رابطة الجامعات الإسلامية بالتعاون مع الاتحاد العربي للتنمية المستدامة والبيئة ومركز صالح كامل للاقتصاد الإسلامي – بمركز الشيخ صالح كامل للاقتصاد الإسلامي جامعة الأزهر – مدينة نصر.

فكان البحث كما يلى:

“أصبح الإعلام اليوم في ظل التطور التكنولوجي الهائل من متطلبات الحياة العصرية، كما أنه يعتبر وسيلة للتعرف على العلوم والثقافات الأخرى. وللتعلم والإعلام، عاملان متلازمان متفاعلان يكمل كل منهما الآخر، وهذا يعزز من الاتحاد الذي يدفع نحو ترسيخ الثقافة الإعلامية ضمن أذهان الجمهور، وفق منهاج علمي تربوي إعلامي، يعد بعناية بهدف خلق مجتمع قادر على مواكبة متطلبات الحياة بشكلها الجديد”.

وللإعلام أثر كبير في محو الأمية والعمل على نهضة وتنمية الأمم والشعوب من خلال إدخال المفاهيم الجديدة وتصحيح المفاهيم الخاطئة باستخدام كافة وسائل الإعلام ووفق خطاب إعلامي مدروس يتلائم مع كافة المستويات والثقافات وبمختلف الأماكن والأوقات تأسيساً على سياسة حكومية ومجتمعية تصنع في أجندتها مخاطر الأمية التقليدية أو أمية المتعلمين والمثقفين في جوانب كثيرة ربما فاتتهم خلال مراحل حياتهم وتعليمهم. ولابد من وجود تربية إعلامية واعية تتلائم مع متطلبات العصر.

والتربية الإعلامية هي اتجاه عالمي جديد، يختص بتعليم أفراد الجمهور مهارة التعامل مع الإعلام، وذلك لأن الإعلام ووسائل الاتصال الحديثة أصبحت هي الموجه الأكبر، والسلطة المؤثرة، على القيم والمعتقدات والتوجهات والممارسات، في مختلف الجوانب، اقتصادياً وثقافياً واجتماعياً. وتعد منظمة :اليونسكو”، أكبر داعم عالمي للتربية الإعلامية، وتدعم الكثير من الأنشطة والفعاليات في هذا المجال، ووثائق أنشطة “اليونسكو” تعد التربية الإعلامية جزءاً من الحقوق الأساسية لكل مواطن، في كل بلد من بلدان العالم، وتوصي بضرورة إدخال التربية الإعلامية ضمن المناهج التربوية الوطنية، وضمن أنظمة التعليم غير الرسمية، والتعلم مدى الحياة.

والأمية ظاهرة اجتماعية سلبية منتشرة في أغلب دول العالم وبخاصة النامية منها. ويختلف مفهوم الأمية من دولة إلى أخرى، فمثلاً في البلدان النامية يقصد بها الإنسان الذي تجاوز الثانية عشر من عمره ولم يتعلم مبادئ القراءة والكتابة والحساب. أما في البلدان المتقدمة فيقصد بالأمية الشخص الذي لم يصل إلى المستوى التعليمي الذي يمكنه من فهم التعليمات الكتابية في المواضيع التقنية في عمله.

ويبين محمود حسن الغنام في رسالة ماجستير قدمها لجامعة آل البيت 2016، أن هناك أنواع من الأمية فمنها الأمية الأبجدية والأمية الثقافية والأمية الأيديلوجية والأمية الحضارية وأمية المتعلمين، وأهم أسباب انتشارها هي عوامل اقتصادية وبيئية واجتماعية وإدارية وسياسية، وتعد وصمة عار في جبين القرن الحادي والعشرين الذي يتصف بالنضج الفكري والتسابق العلمي. ولا يمكن تحقيق الاستقرار والتفاهم والنمو والتماسك الاجتماعي وصولاً لإنضاج وتقدم مجتمعي متحضر يصل إلى مصاف المجتمعات العالمية الراقية، بعيداً عن العقبات والغموض والتخلف والأمراض ما لم يتم إيقاف تفشي الأمية، وظاهرة تفشي الأمية في البلاد العربية على وجه التحديد يعود إلى عوامل كثيرة مختلفة فهناك السياسية والاجتماعية والاقتصادية الثقافية “نذكر منها: الزيادة السكانية الكبيرة في البلاد العربية – ضعف الكفاية الداخلية لأنظمة التعليم التي تؤدي إلى تسرب الأطفال من التعليم – عدم تطبيق التعليم الإلزامي بشكل كامل في معظم أقطار الوطن العربي – عجز معظم الحكومات العربية عن تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص التعليمية التربوية – عدم جدوى الإجراءات التي تتخذ بشأن مكافحة الأمية وتعليم الكبار في البلاد العربية – عدم ربط التنمية الثقافية والاجتماعية في البلاد العربية بالتنمية التربوية التعليمية – تدني مستوى المعيشة وانخفاض مستوى الدخل في معظم الأسر العربية”.

الإشكالية البحثية:

تكمن الإشكالية البحثية هنا في كيفية قيام الإعلام بمجابهة الأمية؟، وما هي أفضل سبل المجابهة؟، وما تأثير العوامل السياسية والحكومية والاجتماعية والدينية والاقتصادية في ذلك؟، وخاصة في المجتمعات متوسطة التحضر والثقافة، وما هو الخطاب الإعلامي المناسب؟، وهل يمكن تهيئة المقومات العلمية والإعلامية والكوادر المختصة وتوفير الأجهزة والمعدات اللازمة والمضي بكل ذلك وفق منهج دقيق؟.

أهمية الدراسة:

في ضوء التطور التكنولوجي الهائل في العالم، وشمول الإعلام بكل فروعه وأشكاله بذلك التطور، ولكن الإعلام أصبح يمثل الطريق للتواصل الاجتماعي والحضاري والتقارب بين الأديان والحضارات، وحيث أن الأمية باتت تشكل عائق أمام تطور المجتمعات وعائق بطريق التحاقها بركب التكنولوجيا المتسارعة، ولأن السياسة أصبحت تتفاعل بشكل كبير ومفصلي مع الإعلام وتعول عليه كثيراً، وحيث أن الإعلام بات يدير الأزمات في العالم ويؤثر بشكل مباشر على الرأي العام بكل حدوده، وبما أن كل هذا وذاك ينعكس على الاستقرار الأمني وتحقيق الرفاهية الاقتصادية وديمومة التنمية المستدامة، فقد تم إعداد هذه الدراسة.

أهداف الدراسة:

شملت الدراسة الإجابة عن التساؤلات التالية:

  • لماذا نهتم بدراسة مواجهة الأمية؟.
  • كيف يقوم الإعلام بنشر التوعية والحث على التعلم والمعرفة؟
  • مدى الاستعدادات الحكومية في دعم وسائل الإعلام من مختلف النواحي والاتجاهات وخاصة في مجال مكافحة الأمية وفي نهضة وتنمية الأمية والشعوب ونشر الوعي والمعرفة؟
  • ما هو تأثير العوامل السياسية والاجتماعية والاقتصادية والدينية على قيام وسائل الإعلام في أداء مهمة مجابهة الأمية ونشر الوعي والمعرفة؟.
  • ما هو دور القائم بالاتصال تجاه عملية محو الأمية وما هي استعداداته وخططه ووسائله في هذا الجانب؟
  • كيف يكون الخطاب الإعلامي في مضامينه وأبعاده تجاه التعامل مع الأمية؟.

الدراسات السابقة:

أولاً: بينت الدراسات السابقة من قبل النصر، عبد العزيز ناصر، بعنوان محو الأمية الإعلامية والمعلوماتية كوسيلة لمنع التطرف العنيف، بأن تعرض السكان المستمر لوسائل الإعلام يمثل تحدياً تربوياً، زاد في العصر الإلكتروني والرقمي. ويتطلب تقييم مصادر المعلومات مهارات التفكير النقدي إن فصل الحقيقة عن الرأي، وكذلك تقييم النص والصورة لكشف التحيز، وأيضاً بناء وتفكيك النص على أساس مبادئ المنطق، كل هذه مهارات يمكن تدريسها. إن تدريس محو الأمية الإعلامية ليس معترفاً به على نطاق واسع لأهميته كجانب من جوانب التربية المدنية والسلام، ولذلك فقد تم تطوير عدد قليل من البرامج التعليمية كجزء من التعليم الأساسي الحديث.

وخلصت الدراسة إلى:

ضرورة تنفيذ برامج محو الأمية الإعلامية في المدارس، ولاسيما في المرحلة الثانوية، من أجل المساعدة على تطوير نهج مميز ونقدي للتغطية الإخبارية للمستهلكين في وسائط الإعلام وتعزيز الوعي الإعلامي وتطوير محو الأمية الخاصة بالإنترنت لمكافحة المفاهيم الخاطئة، التحيزات وخطاب الكراهية.

ثانياً: دراسة الغنام، محمود حسن، بعنوان أثر الإنفاق العام على التعليم في خفض معدلات الأمية في الأردن، حيث بينت أن ظاهرة الأمية تعد من الظواهر التي تحدد الملامح العامة لأي مجتمع من المجتمعات، فهي لا تخلو منها أي دولة سواء كانت متقدمة أو متخلفة، وهي قضية مألوفة ومتناولة من حيث أنها ظاهرة اجتماعية للشعوب والحضارات والمجتمعات وعلى مر العصور.

بناء على ذلك فالأمية ظاهرة متعددة الجوانب وعميقة الجذور، وتختلف مفاهيمها باخلاف الشعوب والثقافات، حيث تقتضي الضرورة وضع برامج لمعالجة الأمية لكل بلد على حدة، وبذل جهود دولية داعمة للجهود الوطنية، وإيجاد عملية موازنة لتهيئة بيئة دولية مساندة.

وإلى:

  • هناك أثر للإنفاق العام على التعليم في خفض معدلات الأمية في الأردن.
  • أن العلاقة بين حجم الإنفاق العام على التعليم ومعدل الأمية هي علاقة عكسية، أي بزيادة معدل الإنفاق الحكومي على التعليم تنخفض معدلات الأمية في الأردن.
  • زيادة الإنفاق على التعليم يساهم في تغلب المجتمع على العديد من المشكلات والتحديات مثل الفقر والعولمة.

التوصيات:

  • دعوة الإعلاميين والتربويين إلى التنسيق بين قطاع التربية وقطاع الإعلام في تخطيط المحتوى الإعلامي التربوي الذي يمكن تقديمه للطلبة من أجل نشر الوعي والمعرفة.
  • دعوة المؤسسات التعليمية إلى التوظيف الأمثل لإمكانات مؤسسات الإعلام ووسائل الاتصال الجماهيرية في خدمة العملية التربوية التعليمية ومحو الأمية.
  • الاهتمام بالتربية الإعلامية كونها أحد الموضوعات الحديثة التي يغفل عنها الكثير وتندر فيها الدراسات السابقة ولها دور كبير في عملية التنشئة الإعلامية واكتساب القيم والمعارف. وتصبح أكثر تأثيراً عندما تتكامل أدوار الآباء والمعلمين والمختصين في الإعلام وصناع القرار لخلق وعي نقدي أكبر بين الأفراد.
  • ضرورة التوجه نحو إيجاد وتحديد طرق وأساليب علمية وإعلامية مناسبة في التعليم ورفع كفاية العملية التربوية للوصول إلى تعلم ناجح يكون بمقدوره تحجيم الأمية إلى أقل قدر ممكن.
  • ضرورة وجود استعداد نفسي وثقافي ووطني لدى الحكومات، من أجل تنفيذ برامج مكافحة الأمية ودعم وسائل الإعلام بلا توقف أو محدودية.
  • عامل التكنولوجيا يؤسس لتحقيق برامج تعليمية وثقافية توعوية ولابد من دعم وتمويل هذا الجانب بشكل صحيح.
  • التعصب الديني والجهل والتخلف في المجتمع أو داخل العائلة، عوامل تشويش وإعاقة لتنفيذ برنامج مكافحة الأمية ونشر الوعي وإرساء دعائم التقدم والتكنولوجيا ويتحتم على وسائل الإعلام وضع ذلك نصب أعينها.
  • يتحتم عدم الانغلاق بل الانفتاح على تجارب وثقافات الشعوب والدول الأخرى المتقدمة فيما يخص تطوير البرامج الخاصة بمكافحة الأمية والاستفادة من تجاربها، من أجل اختصار الزمن والاستفادة المبكرة من المستوى الذي وصلت إليه في عملية التوعية والتنوير الذهني.
  • على الحكومات القيام بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني ورجال الدين والأسر وبمشاركة فعالة من قبل وسائل الإعلام من أجل تفعيل برامج مواجهة الأمية.
  • إعداد مناهج إعلامية وفق أسس علمية ومهنية وحضارية وحيادية، يراعى فيها وحدة البلاد والناي عن الطائفية والمذهبية والعرقية، انطلاقاً من أهمية الإعلام وتأثيره الكبير على المجتمع والرأي العام في عملية التعليم والتثقيف واللحاق بركب الحضارة.
  • ضرورة تنفيذ برامج محو الأمية الإعلامية في المدارس، ولاسيما في المرحلة الثانوية من أجل المساعدة على تطوير نهج مميز ونقدي للتغطية الإخبارية للمستهلكين في وسط الإعلام وتعزيز الوعي الإعلامي وتطوير محو الأمية الخاصة بالإنترنت لمكافحة المفاهيم الخاطئة، التحيزات وخطاب الكراهية.
  • تحسين الأوضاع الاقتصادية وزيادة الإنفاق العام على كل ما يتعلق بالتعليم.

المصادر:

  • الشميمري، فهد بن عبد الرحمن، التربية الإعلامية – كيف نتعامل مع الإعلام، http://www.waudimediaeducation.org/,2020
  • ما هي الأمية، أسباب الأمية، أنواع الأمية، بحث عن الأمية، 3-8-2016 3 https://www.hmsmsry.com/vb/t100127
  • ناصر عبد العزيز النصر، محو الأمية الإعلامية والمعلوماتية كوسيلة لمنع التطرف العنيف، 2016، https://www.un.org/ar/chronicle/article/19955
  • تحالف الحضارات التابع للأمم المتحدة، تقرير الفريق الرفيع المستوى (نيويورك، الأمم المتحدة، 2006)، ص 26. متوفر عبد الرابط التالي:

www.unaco.org/resource/alliance-of-civilizations-reports-of-the-high-/level-group-13-november-2006

  • أثر الإنفاق العام على التعليم في خفض معدلات الأمية في الأردن، محمود حسن الغنام، رسالة ماجستير – جامعة آل البيت، 2017.

#مجلة_نهر_الأمل

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى