كلمة “المدير التنفيذي لأجفند” خلال منتدى المجتمع المدني العربي للطفولة السادس
كلمة “المدير التنفيذي لأجفند” خلال منتدى المجتمع المدني العربي للطفولة السادس
عبير سلامة
ألقى د. ناصر القحطاني – المدير التنفيذي لأجفند كلمة خلال افتتاح أعمال “منتدى المجتمع المدني العربي للطفولة السادس” الذي ينعقد على مدار يومي 13-14 فبراير 2024، نظمه المجلس العربي للطفولة والتنمية، تحت رعاية:
السيد أحمد أبو الغيط – أمين عام جامعة الدول العربية.
صاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن طلال بن عبد العزيز آل سعود
أ.د. أحمد زايد – مدير مكتبة الأسكندرية،
تحت شعار “تمكين الطفل العربي في عصر الثورة الصناعية الرابعة وما بعدها.
وكانت نص الكلمة كالآتي:
بسم الله الرحمن الرحيم
“صاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن طلال بن عبد العزيز آل سعود – رئيس المجلس العربي للطفولة والتنمية ورئيس برنامج الخليج العربي للتنمية.
سمو الأميرة سرى بنت سعود بن سعد آل سعود، نائبة رئيس مجلس أمناء مؤسسة أحياها.
معالي السفيرة الدكتورة هيفاء أبو غزالة – الأمين العام المساعد رئيس قطاع الشؤون الاجتماعية – جامعة الدول العربية.
معالي الدكتور أحمد زايد – مدير مكتبة الإسكندرية.
سعادة الدكتورة نجاة معلا ممثل الأمين العام للأمم المتحدة بشأن العنف ضد الأطفال
سعادة الدكتور حسن البيلاوى – الأمين العام للمجلس العربي للطفولة والتنمية
أصحاب المعالي والسعادة، السيدات والسادة.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سعادتنا كبيرة بأن نلتقي معاً اليوم في مكتبة الإسكندرية بكل عراقتها وحضورها التليد في تعظيم المعرفة وبناء الفكر الإنساني. وتقديرنا أن انعقاد هذا المنتدى السادس للمجتمع المدني حول الطفولة في هذا الصرح العالمي والمركز الحضاري العلمي الثقافي، وبعنوان “تمكين الطفل العربي في عصر الثورة الصناعية الرابعة”، له رمزيته المهمة في ضرورة الانفتاح على المعارف ومواكبتها، وبناء حراكنا التنموي والثقافي على العلم والمعلومة والتماشي مع العصر التقني بكل تجلياته . فنرجو أن نعزز خطواتنا باستمرار بالفكر الراكز، وبالاستفادة من التجارب الناجحة التي تضعنا وأطفالنا في قلب العصر ومستجداته.
فشكراً لمكتبة الإسكندرية وقيادتها. ونأمل أن تكون رمزية هذا الصرح بكل ما تعكسه من معاني الريادة والتميز حاضرة دوماً في معالجاتنا لقضايانا المصيرية، وفي مقدمتها قضايا الطفولة. وشكراً للحضور الكريم.
السيدات والسادة،
تعلمون أن الاهتمام بالطفولة هو من أساسيات استدامة التنمية، التي ترمي في أبسط مفاهيمها إلى حفظ حقوق الأجيال، والاتزان في الاستفادة من الموارد. أي ضمان التجدد وعدم الإهدار. والطفولة ـ بإمكاناتها ومقوماتها، وبما تعنيه للمستقبل ـ هي مورد متجدد.
ومن هنا فإن كل ما يُرصد للطفولة من مال وجهد ووقت هو رصيد مستثمر في مستقبل الأمة.
وها هو المجلس العربي للطفولة والتنمية، الذي تعلمون عن نشاطاته الكثير، يؤكد مفهومه المتقدم للاستثمار في المستقبل، فهو صاحب مبادرة هذا المنتدى العامر بالحضور النوعي والمتخصصين في حقول منتجات الثورة الصناعية الرابعة. والمجلس ينهض بدور مرجعي مهم للدول العربية في قضايا الطفولة، ويسهم بحيوية في بلورة الفكر التنموي تجاه مشكلات ثقافة الطفل وصحته والظواهر السلبية التي تتهدد حاضره ومستقبله.
واليوم يشهد هذا المنتدى إطلاق دراسة بعنوان ” قياس مدى جاهزية الطفل العربي لعصر الثورة الصناعية الرابعة”، وهي الدراسة التي قدمها المجلس ، وتعد من أهم الإصدارات التي تمثل قيمة مضافة للمكتبة العربية.
والقناعة بأهمية الاستثمار في الطفولة هو ما حدا بأجفند للتوجه نحو التنمية التخصصية لهذه الشريحة، فبدأ في وقت مبكر من استهلال رسالته التنموية بإفراد مساحة مهمة من استراتيجيته للطفولة المبكرة التي تعد مرحلة حاسمة في حياة الإنسان لما تنطوي عليه من خصوصية تترك بصمات واضحة على مستقبل الفرد. ومنطلق المشروع الذي يقوده (أجفند ) هو إعانة الدول العربية على صياغة خطط واستراتيجيات وطنية للطفولة تكون عصرية ورصينة. وضمن الاستراتيجية يعمل أحفند مع اليونيسف لإنشاء مركز تميز عالمي للطفولة المبكرة ليكون منصة جديدة عالمية في المجال، وبمثابة مركز فكري وبحثي ليقدم خدماته لكافة دول العالم ولمختلف القطاعات.
فلدى( أجفند) ، بقيادة صاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن طلال بن عبد العزيز، قناعة راسخة بأن مشكلات الطفولة، وبخاصة الطفولة العربية كبيرة وكثيرة ومتشابكة لأنها تركت بدون علاج أمداً طويلاً وغاب عنها المنظور الاستراتيجي. ودوماً يؤكد سموه بضرورة استصحاب التقنية وتطوراتها في تعاملاتنا مع قضايا الطفل العربي، لإيمانه بمستقبل التقنية، وفوائدها في تحقيق استدامة التنمية، ولذلك يحث على دعم وتعزيز كل توجه يتخذ التقنية سبيلاً لتحديث أدوات التنمية ومدخلاتها ، وتوسيع أوعيتها، وزيادة نطاق مستفيديها.
ولعل من المناسب أن نستحضر معاً في هذا المنبر المعرفي الفكرة البليغة التي وضعها رائد التنمية العربية، صاحب السمو الملكي الأمير طلال بن عبد العزيز ـ رحمه الله ـ عندما قال : ” ما لم تحل مشكلات الطفولة العربية فستظل طموحاتنا نحو المستقبل قاصرة ، وخططنا متعثرة، لأننا دوماً سنفاجأ بأناس لم نكن نضعهم في الحسبان ولم نكن نقيم لهم وزناً ، وأصبح لزاماً على المجتمع استيعابهم في مؤسساته التعليمية والصحية”.
ومضى ـ رحمه الله ـ لافتاً إلى قضية أساسية : وهي ” أن لا تتشكل عادات الطفل العربي وسلوكه بمعزل عن بيئته، وعن حضارته النابعة من القيم والتقاليد الأصيلة”، وأكد ضرورة أن نجنب أطفالنا” متلازمة الخوف “، وبصورة خاصة التوجس من الجديد. هذا المنظور الواقعي هو منهج يستشرف المستقبل بكل تغيراته.
ولذلك نؤمن بأن كل خطواتنا التي تستهدف الطفل العربي يجب أن تصب في نهر واحد نرفده جميعاً بآمالنا العريضة وأعمالنا. ولذلك فالتقدير كبير للمجلس العربي للطفولة والتنمية على ما يتحقق اليوم في هذا المنتدى السادس بعنوان “تمكين الطفل العربي في عصر الثورة الصناعية الرابعة”. فلنتضامن جميعاً بتناول علمي وتبصر لمآلات المستقبل لصياغة خطط للطفولة تصون الوقت والجهد والأموال .
وإذا كان هذا المنتدى الدوري الذي بادر به المجلس ـ قد تأسس على مركزية المجتمع المدني وصدارته في التمهيد لمستقبل الطفل العربي وتلمس سبل تمكينه وحضوره الواعي وتعاطيه مع مخرجات عصر المعارف المتنوعة والتغيرات فائقة السرعة، فذلك لأن هذا القطاع يشكل قاعدة المجتمع. وقوى المجتمع المدني ومنظماته ــ إذا تأسست وفق المفهوم الديمقراطي الذي يجعلها قادرة على الحركة الحرة المسؤولة ــ فهي تعين الحكومات، وتحمل عن كاهلها أعباء هائلة. فهذا القطاع يجب أن ينال الثقة من الحكومات ليعمل بشفافية. فمنظمات المجتمع المدني بما تكشف عنه من حضور مؤثر وطاقات وقدرات بإمكانها أن تسهم بأدوار مميزة في قضايا الطفولة.
أما تحقيق عنوان المنتدى “تمكين الطفل العربي في عصر الثورة الصناعية الرابعة” فله ـ في تقديرنا ـ متطلبات عديدة أساسها التنشئة التي تزود الطفل بحقائق العصر ومهارات التعامل مع جديد زمانه، ليكون قادراً على المشاركة في تنمية مجتمعه.
وأهم مقومات التنشئة الصحيحة هو حماية الطفل، والحماية التي نعنيها أشمل من مجرد اتقاء المشكلات التقليدية التي تعرض للطفل ومعالجتها.. فالحماية تتكامل لتشمل كل ما يعوق نمو الطفل ويعكر بيئة الطفولة التي يفترض فيها الصفاء والنضارة. وتبدأ الحماية المتكاملة بحماية الأسرة من الفقر حتى ينشأ الطفل تنشئة صحية وصحيحة ويتلقى التعليم المناسب في سن مبكر الذي يجعله قادراً على التفاعل مع محيطه التعاطي مع جديد عالمه.
لذلك فإن مشروع أجفند للشمول المالي ودمج المهمشين في المنظومة المالية والتنموية يضع إصحاح بيئة الطفل أولوية متقدمة، وفي ذلك حماية اجتماعية واقتصادية مستقاة من تنمية اجتماعية متعددة الأبعاد .. فتجربة (أجفند) في مكافحة الفقر قد عكست نتائج ذات مدلولات كبيرة في حماية الأطفال، لأن محاربة الفقر أولاً تحمي الأسرة، وهي ـ بعون الله ـ ضمانة لتنشئة الأطفال بعيداً عن التبعات الخطيرة للفقر وعدم الاستقرار، لأن معظم الأطفال الذين يفقدون الأمان هم من أسر فقيرة. ولذلك ابتكرت بنوك أجفند للشمول المالي طيفاً واسعاً من المنتجات التي تحقق أهداف التنمية المستدامة منها: التعليم، الحضانات ورياض الأطفال.
فالطفل الفقير تطلعاته وأحلامه متواضعة بل فقيرة لا تتجاوز الاحتياجات البسيطة التي يفتقدها. فكيف لمثل هذا الطفل أن يفكر في ما يضج به العالم الرحب الذي يفتحه الذكاء الاصطناعي والتطبيقات المختلفة لوسائط التواصل؟
إعداد الطفل والأسرة لما هو قادم من تطورات تقنية هو استباق وتحصين ضد الاهتزازات التي يحدثها رهاب جديد التقنية.
ونحن في أجفند نرى أهمية التأهيل التقني للأجيال الجديدة لتنشأ متصالحة مع العصر الذي سيعيشون تطوراته. ولذلك يبدأ إعدادهم بجرعات معرفية في مرحلتي الطفولة المبكرة ورياض الأطفال. والجامعة العربية المفتوحة ـ القائمة على مفهوم التعليم المدمج ـ هي نافذة في التعليم العالي العربي لاستيعاب الحالمين بتعليم يلبي متطلبات العصر. وتأسست لتكون منصة للانطلاق نحو المستقبل في تلازم مع هذا القرن المسمى ” قرن التحولات الكبرى” حيث يؤكد الخبراء أن المجتمعات ستحتاج فيه أن يكون ثلث أفرادها على الأقل في حالة دراسة وتعلم مستمرين إذا أرادت أن تواكب العصر والتغير المعرفي والعلمي السريع. والأطفال أكثر المعنيين بهذه التحولات.
وجانب آخر مهم في تمكين الأطفال، وهو اتاحة الفرصة لهم للاطلاع على ما يتم بشأن قضاياهم، والمضي أكثر بإشراكهم والاستـئـناس بآرائهم، وحسناً فعل المجلس العربي للطفولة والتنمية في هذا المنتدى بأن خصص جلسة حوارية للأطفال لنقف على منظورهم. وذات المنحى شهدناه في إطار أعمال COP28 حيث شاركت مجموعة من الأطفال في الجلسة التي كانت بعنوان “أثر التغيرات المناخية على عمل الأطفال في المنطقة العربية”. فإشراك الأطفال في مناقشة قضاياهم يمنحهم الثقة ويفتح مداركهم على الحلول.
وهكذا تتكامل عناصر التمكين وتتعاضد الجهات الأطراف ـ الدول والمجتمع المدني بأطيافه ـ لنخرج بنموذج عملي قابل للتطبيق على واقع أطفالنا لننتظر مخرجات بحجم الآمال الكبيرة . ونحن نُعوّل أكثر على تنوع الشراكات والأطراف لأنها توفر فرص أكبر لتسريع تحقيق الأهداف.
ختاماً ، نجدد الشكر للمجلس العربي للطفولة والتنمية، ونأمل أن تكون معطيات هذا المنتدى مفتاحاً للتمكين الذي نتطلع إليه لوضع الطفل العربي في الطريق السالك باتجاه قادم القرن الحادي والعشرين.
ونسأل الله أن يكلل المساعي بالتوفيق والسداد”.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.