مشاركة دولية كبيرة في ختام مؤتمر البحوث الاقتصادية .. سوق العمل المصري
مشاركة دولية كبيرة في ختام مؤتمر ” البحوث الاقتصادية .. سوق العمل المصري”
إبراهيم عوف
أختتمت فعاليات مؤتمر سوق العمل المصري ” الواقع والسياسات من منظور النوع الاجتماعي ودرجة التأثر بالتغيرات الاقتصادية “والذي نظمه منتدي البحوث الإقتصادية، و تم خلاله إطلاق ونشر نتائج المسح التتبعي لسوق العمل المصري لعام 2018.
و أعلن منتدى البحوث الاقتصادية، نتائج مسح سوق العمل المصري العام الماضي، والذي شمل عينة لأكثر من 61 ألف مواطن، منهم الأسر المتواجدة بالمناطق الأكثر فقرا، من أجل دراسة درجة التأثير بالتغيرات الاقتصادية، بمعدل استجابة بلغ 98% بين الأسر موضوع المسح.
قال د. راجي أسعد، عضو منتدى البحوث الاقتصادية، والأستاذ في جامعة مينسوتا الأمريكية:” إن هناك زيادة كبيرة في البطالة المحبطة، خاصة بين الإناث في مصر في الفترة بين عام ٢٠١٢ إلى ٢٠١٨، مشيرًا إلى ارتفاعها بمقدار الضعف من ٢٪ إلى ٤٪ بين الاناث، ومن ٩٪ إلى ١١٪ بين الذكور”.
وأضاف د. أسعد بالنسبة للكشف عن المسح التتبعي لسوق العمل المصرية في الفترة بين عامي ٢٠١٢ و٢٠١٨، أن هذا النوع من البطالة، هي تلك الفئة التي ترغب في العمل ومستعدة أن تعمل لكنها لا تبحث عن عمل، وهذا هو المفهوم الواسع للبطالة، موضحًا أن هذا يأتي رغم انه بالمفهوم الدارج للبطالة والذي يعني ـن هناك من يرغب في العمل ومستعد له ويبحث عنه.
وأشار د. أسعد إلى تراجع معدلات البطالة بنسبة كبيرة، ووصلت وفقا للأرقام الرسمية الحكومية في الربع الثاني من العام الجاري ٢٠١٩ إلى ٧،٥٪ من ٨،٢٪ العام الماضي في نفس الفترة.
و اوضح د. اسعد إن الاناث في مصر، لا يفضلن العمل في القطاع غير الرسمي، وهناك تراجع في فرص العمل الحكومية، لذلك لا يبحثن عن عمل أو قل بحث من هن في سن العمل عن وظيفة بنسبة كبيرة في فترة المسح.
وأعلن أسعد ، أبرز نتائج مسح سوق العمل وتطور سوق العمل في الفترة من 1998 وحتى 2018، وكان أبرزها:
– تراجع ضغوط عرض العمالة بشكل ملحوظ نتيجة تغير الهيكل العمري للسكان.
– تراجع معدلات الوفيات في مرحلة الطفولة المبكرة أوائل الثمانينات ترتب عليه زيادة نسبة الفئة العمرية بين الشباب طوال الـ30 عاما الماضية.
– العشر سنوات المقبلة ستشهد عودة ضغط الطلب على العمالة.
– ارتفاع معدلات التشغيل في القطاع غير الرسمي وصل إلى 13% عام 2018
– تراجع معدلات العمالة غير المنتظمة نتيجة تحسن الاقتصاد وعمل الموظفين لفترات أطول.
– موظفي الحكومة أعلى القطاعات رضا عن العمل عام 2018.
– كلما ارتفع مستوى التعليم بين الذكور كلما تراجعت معدلات العمل بالقطاع غير الرسمي.
جدير بالذكر ان د. هالة السعيد قالت في أفتتاح المؤتمر :” أن هذا الحدث يمثل ثمرة لتعاون جاد بين مؤسسة وطنية عريقة متمثلة في الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء، والذي لطالما واصل تقديم اسهاماته الثرية لدعم وتطوير قواعد البيانات الشاملة والمتخصصة، ومنتدى البحوث الاقتصادية وهو أحد بيوت الخبرة الإقليمية المشهود لها بالكفاءة والمهنية والذي أسهم على مدار أكثر من ربع قرن بالعديد من البحوث والدراسات الميدانية القيمة، وفي مقدمتها سلسلة مسوح سوق العمل في الأعوام 1998، 2006، 2012، متابعه أن المسح التتبعي لعام 2018، والذي يتم إطلاقه اليوم يأتي استكمالًا لتلك السلسلة، والتي توفر لنا قاعدة بيانات مُتكاملة وتفصيلية لأحد أهم القضايا والمتغيرات الاقتصادية ذات البعد الاجتماعي، وهي قضية التشغيل وسوق العمل”.
وأوضحت د. السعيد أن المسح التتبعي لسوق العمل المصري لعام 2018 يأتي لإلقاء الضوء على عددٍ من المفاهيم والعلاقات الاقتصادية شديدة الأهمية، وفي مقدمتها العلاقة المتشابكة بين قضية التشغيل والنمو الاقتصادي، موضحة أنه أمر بديهي أن تكون العلاقة بينهما طردية حيث يٌتيح النمو الاقتصادي المُرتفع مجالاً أوسع للنهوض بمستويات التشغيل، ومن ثَم تخفيض معدل البطالة، متابعه أنه تكفي مُقارنة معدلات البطالة في الدول المُتقدّمة بنظيراتها في الدول النامية للوقوف على الأثر الإيجابي للنمو الاقتصادي على فرص التشغيل، موضحه أنه لهذا يكون السعي لتحقيق معدل نمو اقتصادي مُرتفع هو خط الدفاع الأول أمام قضية البطالة.
وأعلنت د. السعيد عن تطلعها وشغفها الدائم لمثل تلك المسوح والدراسات القيمة، والتي تعد بمثابة ثروة من البيانات للخبراء والأكاديميين تفتح المجال لمزيد من الدراسة والبحث المتعمق لسوق العمل في جوانبه الاقتصادية والاجتماعية، بما يدعم متخذي القرار في سبيل وضع السياسات الفاعلة التي تتسق مع متطلبات الواقع وتحقق المستهدفات المطلوبة للتنمية الشاملة، وتابعت السعيد لافته إلي المشاركة الواسعة في المؤتمر لنخبة متميزة من الخبراء والأكاديميين، فضلًا عن ممثلي الحكومة ومتخذي القرار والقطاع الخاص والمجتمع المدني إضافة إلى المشاركة البارزة للمنظمات المحلية والدولية المتخصصة، مؤكدة أن وجود هذا الجمع المتميز في مكان واحد؛ يعمل علي إثراء النقاش حول ما توصل إليه مسح سوق العمل لعام 2018 من نتائج، بما يسهم في الخروج بتوصيات قيمة تعظم الاستفادة من نتائج هذا البحث المهم.
و اوضحت د. السعيد أن من ضمن أهم الآليات التي تعوّل عليها الحكومة لتحقيق معدلات النمو المستهدفة استمرار الجهود لتشجيع وتنمية قطاع المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر مع العمل على تحفيز اندماج القطاع غير الرسمي في القطاع الرسمي، مشيرة إلي أن اهتمام الدولة المصرية بقطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة يرتكز في الأساس على إدراك كامل للإمكانيات الواعدة التي يتمتع بها هذا القطاع في مصر، إلى جانب تعظيم الاستفادة بما حققته التجربة الدولية في التنمية الاقتصادية من نجاحات كبيرة استطاعت أن تحققها العديد من دول العالم باعتمادها على هذا القطاع كقاطرة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية خاصة مع قدرة هذا القطاع على استيعاب العمالة والتخفيف من حدة البطالة، ومعالجة مشكلة الفقر وزيادة الدخول والمساهمة في الابتكار، فضلاً عن مساهمة مشروعات هذا القطاع بفاعلية في تعبئة المدخرات المحلية وتوظيفها في عملية التنمية الاقتصادية، كما يساعد أيضاً في عملية التنمية المكانية وتحقيق التوازن الإقليمي للتنمية.
و أعلنت د. السعيد إلي الإجراءات الجادة التي اتخذتها الحكومة المصرية خلال السنوات الأخيرة لتشجيع قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة، حيث كانت إجراءات شاملة ولم تقتصر فقط على الجوانب التمويلية، اذ اشتملت كذلك على تهيئة بيئة الأعمال لتسهيل الحصول على التمويل، إضافة إلى الجوانب المؤسسية بإنشاء جهاز واحد معني بهذا القطاع هو جهاز تنمية المشروعات، فضلًا عن الجوانب التشريعية بالعمل الجاري لإصدار مشروع القانون الجديد لتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة للوصول إلى أفضل المزايا والتسهيلات التي يمكن تقديمها لهذه المشروعات، مضيفه أنه تم العمل كذلك على تقديم الدعم الفني وتوفير الخدمات غير المالية الداعمة لهذا القطاع، خاصة الخدمات التسويقية واللوجستية و التكنولوجية، وتوفير التدريب لتأهيل الكوادر البشرية، ودعم ريادة الاعمال وتشجيع ثقافة العمل الحر لدى الشباب.
وأوضحت السعيد أن العديد من المؤشرات المهمة التي رصدها المسح التتبعي لسوق العمل المصري لعام 2018، ومن بينها استمرار التفاوت النوعي في مُعدّلات البطالة والارتفاع الملحوظ في جُملة المُتعطّلين في سن الشباب، وبين حملة المُؤهّلات العليا، وكذا تفاوت المُعدّلات بين المناطق الحضرية والريفية، وفيما بين مُحافظات الجمهورية، جاءت لتمثل إضافة جديدة لقاعدة البيانات اللازمة لتحقيق الاستهداف في التخطيط التنموي وتوجيه جهود الدولة لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، موضحه أن الدولة تكثف جهودها لتعظيم الاستفادة من كافة البيانات المتاحة لوضع البرامج والخطط التنفيذية، والتي تستهدف تحديد الفجوات التنموية وخفض معدلات الفقر وتحسين جودة الحياة للمواطن المصري، من خلال زيادة نسبة الاستثمارات الموجهة للقرى الأكثر فقراً في إطار مبادرة حياة كريمة، والتي تعتمد في تنفيذها على المؤشرات التي توصل اليها بحث الدخل والانفاق وخريطة الفقر لعام 17/2018، فضلًا عن توجيه برامج دعم وتمويل المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر تجاه المحافظات الأكثر فقراً، وتخصيص نسبة محددة من التمويل لهذه المحافظات، وزيادة الدعم الفني والتمويلي المقدم لأنشطة الأسر المنتجة في المحافظات المستهدفة، ودعم المشروعات متناهية الصغر للمرأة المعيلة منها مشروع “مستورة”.
و في النهاية قام أكدت د. السعيد علي حرص الدولة لاستكمال توجهها الجاد نحو تمكين المرأة اقتصاديًا واجتماعيًا من خلال تشجيع مشاركتها في سوق العمل سواء في شغل الوظائف الحكومية، والتي وصلت نسبة المرأة بها 45% من إجمالي الوظائف الحكومية أو من خلال تشجيع إقامة المرأة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة وتوفير الدعم والتمويل اللازم لذلك.