مشاركة وزير البيئة الأسبق في المؤتمر الدولي الرابع عشر للاتحاد العربي للتنمية المستدامة والبيئة
مشاركة وزير البيئة الأسبق في المؤتمر الدولي الرابع عشر
للاتحاد العربي للتنمية المستدامة والبيئة
تغطية إعلامية: عبير سلامة
شارك الوزير د. مصطفى حسين وزير البيئة الأسبق، في المؤتمر الدولي الرابع عشر، تحت عنوان (الذكاء الاصطناعي بالوطن العربي بين التأصيل النظري والتطبيقات العملية) “أهداف التنمية المستدامة أنموذجاً”، برئاسة الدكتور أشرف عبد العزيز الأمين العام للاتحاد، ومقرر عام المؤتمر أ.د. نور شفيق الجندي أستاذ علوم البيئة بمعهد بحوث البترول، برعاية الأمين العام لجامعة الدول العربية السيد أحمد أبو الغيط، وفي مقرها، على مدار يومي 4 – 5 ديسمبر 2024، بمشاركة إحدى عشرة دولة عربية (مصر، السعودية، ليبيا، تونس، الجزائر، المغرب، الإمارات، قطر، سلطنةعمان، البحرين، فلسطين)، وبرعاية إعلامية “مجلة نهر الأمل”.
افتتح الوزير د. مصطفى حسين كلمته، قائلاً: نجتمع اليوم لنتعمّق ونتشارك معاً ظاهرة لطالما ظنناها أعجوبة تكنولوجية بعيدة المنال لنتفاجأ بأنها أصبحت جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية. إنّه الذكاء الاصطناعي الذي جعل العالم يقف عند فجر حقبة جديدة ستغيّر حياة البشرية مع الإقرار بالكثير من التحديات والمتغيّرات التي لا تزال في معظمها مجهولة والتي تشكّل العديد من المخاطر على مجتمعاتنا وإرثنا وثقافتنا العربية.
وأفاد حسين، بأن إليون ماسك، أطل في الآونة الأخيرة في حديث مبهر ومرعب على حدّ سواء، ليثير قلقا عالمياً واسعاً حول إمكانية طرح 10 مليار روبوت بهيئة بشرية مع حلول العام 2024، مع التطوّر المتسارع للذكاء الاصطناعي. وبالفعل كشفت شركة تسلا رسمياً، خلال حفلها الذي أقامته تحت عنوان “وي روبوت”، عن روبوت أوبتيموس على هيئة إنسان، وأوضحت أن أوبتيموس سيكون قادراً على القيام بالكثير من الأعمال بدءاً من حمل الأشياء الثقيلة إلى رعاية الأطفال. الأمر الذي يضعنا جميعاً أمام مرحلة جديدة عنوانها “السباق في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي”. وها نحن اليوم، حاضرين من كافة الأقطار العربية نبحث معاً في أكثر الموضوعات إثارة للجدل والنقاش، ولنضع قواعد ناظمة لهذا السباق على أرضنا العربية تفادياً للكثير من المخاطر المحتملة والتهديدات التي قد تطال الأمن والأخلاق في مجتمعاتنا، وسعياً لتأمين قنوات التمويل اللازمة للاستثمار في هذه التكنولوجيا الحديثة. إنّه الذكاء الاصطناعي بكل تعقيداته وأهميته و فرصه في آن واحد.
وأشار وزير البيئة الأسبق، إلى أن البداية من العام 1966، حيث مشى عالِم الحاسوب جوزيف فايزنباوم في أحد ممرات معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا متجها إلى مكتبه، شاعراً بالقلق والتوتر. هناك حيث بدأ صديقنا أولى تجاربه التي غيّرت مستقبل الذكاء الاصطناعي ومستقبل البشرية، هناك جرّب فايزنباوم روبوت المحادثة الجديد “شات بوت”، الذي أطلق عليه اسم “إليزا”. وصولاً إلى العام 2018 الذي اعتبر بمثابة النقلة الكبرى ليخرج الذكاء الاصطناعي من البحوث والمختبرات إلى حياتنا في تفاصيل يومياتها، فلم يعد ضرباً من ضروب الخيال العلمي ولا الفانتازيا الهوليوودية، بل حاضراً مجسّداً معلناً الثورة الصناعية الخامسة بترقّب و حذر.
وأوضح حسين، نقف اليوم على عتبات ال 2025 نقف، حيث أضحى الذكاء الاصطناعي أحد المحركات الأساسية التي توجّه الاقتصاد العالمي. ليس فقط في دول العالم المتقدم حيث الاستثمارات الضخمة في هذا المجال، ومنها العملاقين الولايات المتحدة الأميركية والصين، لتليها المملكة المتحدة، ثم الهند، فالإمارات العربية المتحدة. بل أصبح له دور مهم أيضاً في الدول النامية، مما يضعنا أمام تساؤلات حول كيفية الاستفادة منه، وتوظيفه بما يخدم مصالحنا الوطنية والقومية ويحسّن جودة الحياة دون أن يتحوّل إلى تهديد أمني أو اقتصادي وكيفية تمويله مقارنة مع حجم الاستثمارات الضخم لهذه التكنولوجيا في العالم المتقدّم.
وأفاد الوزير الأسبق لوزارة البيئة، بأن أهداف هذا المؤتمر الجامع تكمن في عدة محاور أساسية، تبدأ بتأسيس مفاهيم الذكاء الاصطناعي من خلال دراسة مرتكزاته النظرية، وتوضيح خلفيته التاريخية، لنسلّط الضوء فيما يلي على دوره في تحقيق التنمية الاقتصادية والعلمية، وكيف يمكن أن يكون مصدراً مهماً للدخل من خلال التطبيقات العملية التي أصبحت تساهم في تنمية المجتمعات من خلال الاستثمارات الضخمة المخصصة له في العديد من الدول. وهنا لابد من الوقوف عند التقديرات التي تشير إلى أنّ نحو 800 مليون شخص حول العالم سيفقدون وظائفهم خلال الأعوام المقبلة حيث سيحلّ مكانهم جيل جديد من البشر الرقميين. فكيف سنتوجّه عربيا لمواجهة هذا التحدي المحتمل و ما هي الاستراتيجيات التي نرتكز عليها في سوق العمل للحد من هكذا نوع من المخاطر.
واستكمل قائلاً: وبينما نتحدّث عن التطبيقات الإيجابية لهذا المجال، لا يمكننا إغفال الجوانب السلبية التي يمكن أن تترتّب على استخدامه، سواء في شكل تهديد الأمن القومي أو تهديد موازين القوة بين الدول والحرب الناعمة بين الإنسان والآلة. ففي الدول المتقدمة، يتم تخصيص استثمارات ضخمة في الذكاء الاصطناعي، يتيح لها استخدام هذه التكنولوجيا كأداة للهيمنة والسيطرة، بينما قد تشكل هذه الظاهرة تهديدًا للأمن القومي للدول النامية بشكل عام، ودولنا العربية بشكل خاص. ولعلّ الوقوف عند استقالة “جيفري هنتون” الأب الروحي للذكاء الاصطناعي في شركة غوغل في مايو 2023 يشكّل جرس إنذار ينبّه البشرية حول المخاطر التي نذكر.
وفي هذا السياق أوضح، نناقش موقع الوطن العربي على خارطة الذكاء الاصطناعي العالمية، حيث نحلل وضعنا الحالي مقارنة بالدول المتقدمة التي تؤسس لثورة طبية، تعليمية وصناعية، وكيف يمكننا بناء منظومة خاصة بالذكاء الاصطناعي تتماشى مع أهداف التنمية المستدامة في وقت يتوجّه الاقتصاد المستقبلي أن يكون معرفياً تقنياً رقمياً، وأنّه في حال بقيت الدول العربية والنامية بعيدة عما يجري على الساحة العالمية، ستكون منفصلة عن العالم وسرعة التطوّر فيه.
وقال وزير البيئة الأسبق، لنستعرض بعدها التصوّرات المستقبلية لتطوير منظومة الذكاء الاصطناعي في المنطقة العربية، متطلّعين إلى كيفية تحقيق التوازن بين تحقيق الفائدة من هذه التكنولوجيا وضمان الحفاظ على الأمن والاستقلالية. لعلّنا نصل للإجابة عن سؤال يشغل مجتمعاتنا: “هل الذكاء الاصطناعي هو ذاك العدو الشرس كما يتم تصويره والذي يعتزم اغتصاب حضارتنا والسيطرة عليها؟ أم هو لخدمة الإنسانية و العالم؟”.
وأفاد حسين، بأن لوكاس جوبا، رئيس برنامج الذكاء الاصطناعي من أجل الأرض في مايكروسوفت أنّ هذه التكنولوجيا، يقول: يمكن أن تغيّر قواعد اللعبة في مواجهة التحديّات المجتمعية الملحّة وخلق مستقبل أفضل. والجدير بالذكر أن ّ شركة مايكروسوفت أطلقت برنامج AI FOR EARTH والذي يهدف إلى حماية الكوكب من خلال استخدام علم البيانات في القطاعات الأربعة الرئيسية: الزراعة، المياه، التنوّع البيولوجي، وتغيّر المناخ.
وأوضح د. مصطفى حسين، أن هذا المؤتمر يشكل فرصة لفتح نقاش موسّع حول الذكاء الاصطناعي، وفهم أبعاده التقنية، الاقتصادية، والأمنية. ونحن جميعاً في هذا المكان مدعوون للعمل معاً على إمكانية جعل هذه التكنولوجيا أداة للتنمية المستدامة في العالم العربي وتسخيرها، حيث تحتاج للأموال الضخمة وزيادة الاستثمارات الوطنية في هذا المجال، كما هو الحال في الدول المتقدّمة، لخلق مفارقة حقيقية في سبل العيش والمناخ والزراعة والتعليم والصحة وجودة الحياة، بعيداً عن أي تهديدات قد تشكلّها بعض التطبيقات المتطورة لتلك التكنولوجيا.
ودعا وزير البيئة الأسبق، الجميع إلى الاستفادة من هذه الفرصة الفريدة لمناقشة كل هذه القضايا، موضحاً أن كل فكرة تطرح خلال هذين اليومين ستساهم بشكل كبير في صياغة رؤى مستقبلية للوطن العربي حول هذه التكنولوجيا الحديثة.
واختتم د. حسين، أنّه على الرغم من أهميته الكبرى وانتشاره المتسارع، لابد من التوافق والاعتراف بأن الذكاء الاصطناعي لن يحكم العالم، ولكن سيغيّره للأبد. ومن هنا البداية.