نفذت كلية العلوم بنين جامعة الأزهر، مشروعا بحثيا بمشاركة العالم الكبير الدكتور فاروق الباز رئيس مركز الاستشعار عن بعد بجامعة بوسطن وعضو المجلس الاستشارى لعلماء وخبراء مصر، وبالتعاون مع عدد من الجامعات ومراكز الأبحاث الدولية والمحلية مثل مركز الأبحاث والاستشعار عن بعد بجامعة نورث كارولينا بأمريكا والمركز الكندى للتنمية المستدامة وجامعة قناة السويس والهيئة القومية للاستشعار عن بعد وعلوم الفضاء بمصر.
وذلك تحت إشراف الباحث الرئيسى للمشروع الدكتور مصطفى أبوبكر الأستاذ المساعد بقسم الجيولوجيا بكلية العلوم بنين جامعة الأزهر، بالإضافة إلى فريق بحثى عالمى وبتمويل مباشر من صندوق العلوم والتنمية التكنولوجية (STDF) التابع لوزارة التعليم العالى والبحث العلمى.
تفاصيل المشروع
يهدف المشروع إلى تقديم استراتيجية جديدة، لاستغلال مياه الأمطار الموسمية ومصادر المياه الجوفية المتجددة فى شمال سيناء، لتحقيق تنمية زراعية مستدامة فى منطقة السر والقوارير، من خلال شق قناة جنوب غرب جبل طلعة البدن، لكى توصل المجرى الحالى لوادى العريش بالمجرى القديم، حيث ستحول القناة مسار مياه السيول الموسمية لمنطقة غرب جبل الحلال لاستصلاح نحو 350 ألف فدان والتى تمثل ارضا واعدة للتنمية الزراعية.
علاوة على ذلك، فإن المنطقة تحتوى على مياه جوفية ذات معدل ملوحة منخفض نسبيًا، كما أن خزانات المياه الجوفية العميقة للحجر الرملى النوبى توجد على عمق أقل، كذلك سيساهم فى نقل عدد من سكان الوادى والدلتا لشبه جزيرة سيناء لدعم الاستقرار والتنمية.
استغلال مياه الأمطار
إعادة توجيه مسار السيول سوف يساعد على الحد من الآثار السلبية المدمرة للسيول على مدينة العريش ويزيد من استغلال مياه الأمطار بدلًا من ضياعها فى البحر، فيمكن الاعتماد على مياه الأمطار والسيول الموسمية والمياه الجوفية المتجددة بالمنطقة كموارد بديلة لمياه النيل من أجل التنمية المستدامة فى شمال سيناء، التى تتلقى أعلى كمية من الأمطار فى مصر (304 ملم /سنة فى مدينة رفح).
وعلاوة على ذلك، يتم تسجيل كميات كبيرة من الأمطار تصل إلى 500 مم/ سنة خلال العواصف المطيرة كل بضع سنوات فى المنطقة.
ويعتبر وادى العريش أكبر نظام تصريف فى سيناء، فهو يستقبل نحو 60٪ من إجمالى الأمطار التى تسقط عليها ويتدفق شمالًا إلى البحر الأبيض المتوسط، بعد تناقص حصة مصر من المياه كنتيجة لبناء سد النهضة الإثيوبى والتغيرات المناخية والزيادة السكانية المطردة.
وهكذا فان تحويل مجرى الوادى سيسهم فى إعادة شحن الخزان الجوفى القريب من السطح حيث إن مسامية التربة عالية فى هذه المنطقة ومقدار الميل قليل مما يعطى فرصة لحدوث ترشيح للمياه السطحية إلى الخزان الجوفى.
كذلك يمكن إنشاء عدد من البحيرات الصناعية لتخزين مياه الأمطار لاستغلالها فى التنمية الزراعية، كذلك أيضًا، فإن القناة المقترحة سوف تكون بديلا فعالًا لمشروع مد ترعة السلام إلى منطقة السر والقوارير، والتى قد تستنزف مياه النيل والاقتصاد المصرى، وتأثير آخر لهذا المشروع سوف يكون على الجانب الاجتماعى من خلال تحسين الوضع الاقتصادى لبدو سيناء وهذا سوف يشجع على إنشاء مجتمعات عمرانية وزراعية فى الأماكن التى كانت تؤوى بؤر الإرهاب.
المراحل التنفيذية للمشروع
المشروع الآن فى مرحلته الأخيرة بعد أن تم استخدام عدد هائل من صور الأقمار الاصطناعية المرئية و الرادارية والحرارية لتصنيف التربة، لمعرفة خصائصها عن طريق تحليل البصمة الطيفية للمعادن المكونة لها وتحديد مسارات السيول، وعمل محاكاة بالذكاء الاصطناعي لمعرفة مسارات وكمية السيول قبل وبعد حفر القناة، وتحديد أفضل الأماكن لبناء السدود وحوائط التوجيه، والتخطيط المُثلى لاستخدامات الأراضى.
كما تمت دراسة وتقييم الأثر البيئى على المنطقة بعد إنشاء القناة والسدود، كذلك استخدمت لأول مرة صور أقمار صناعية عالية الدقة لفحص نسبة المواد العضوية فى التربة لمعرفة ملاءمتها للاستصلاح الزراعي، وحتى الآن وصلت إنجازات المشروع الإجمالية إلى نحو 90٪ من النتائج المتوقعة كما تم حفر القناة لتحويل مجرى السيل بوادى العريش وبناء السدود على المجرى الحالى، وحفر شبكة من الابار الجوفية، ثم سيتم تمهيد الأرض بمنطقة السر والقوارير للاستصلاح الزراعى.
استفادة جامعة الأزهر من المشروع
هذا المشروع يعود بالنفع على جامعة الأزهر ليس فقط من الناحية العلمية والبحثية، من خلال تبادل الخبرات بين أعضاء هيئة التدريس بالجامعة والجامعات الأجنبية، ولكن أيضًا يسهم المشروع فى إنشاء معمل أبحاث الاستشعار عن بعد والجيومعلوماتية بمبنى المعامل المركزية بكلية العلوم بنين.
حيث سيتم تخصيص جزء من ميزانية المشروع المخصصة للجامعة لتجهيز المعمل كما سيقوم صندوق العلوم والتنمية التكنولوجية بإهداء الأجهزة العلمية المستخدمة فى المشروع للجامعة، لتكون نواة تشغيل المعمل البحثى الذى من المخطط له أن يتحول لمركز الأزهر للاستشعار عن بعد وعلوم الفضاء والجيومعلوماتية، وهذا المركز سيقوم بخدمة كافة الكليات العلمية بالجامعة والجامعات المصرية والإقليمية.
وكذلك العمل على تنفيذ مشاريع بحثية قومية وعالمية بالتعاون مع أكبر المؤسسات والمراكز البحثية من أجل تعظيم دور جامعة الأزهر فى استخدام التكنولوجيا الحديثة لخدمة المجتمع المصرى والوطن العربى والإسلامى.