المملكة المغربية تستعرض خطة عمل للقضاء على كافة أشكال أسوء أنواع عمالة الأطفال بالمنطقة العربية
خلال المؤتمر العربي رفيع المستوى "عمل الأطفال وسياسة الحماية لاجتماعية في الدول العربية"
خلال المؤتمر العربي رفيع المستوى “عمل الأطفال وسياسة الحماية لاجتماعية في الدول
العربية”
المملكة المغربية تستعرض خطة عمل للقضاء على كافة أشكال أسوء أنواع عمالة الأطفال بالمنطقة العربية
أكدت نور العمارتي مديرة دائرة التعاون الدولي والشراكة ، وزارة الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى، والتشغيل والكفاءات بالمملكة المغربية أن الطريق الى قمة عمل الأطفال يعتد على 4 محاور وهم :
المحور الأول يتعلق بالوقاية من خلال مكافحة الفقر والإقصاء الاجتماعي، وتعزيز التعليم الشامل والحماية الاجتماعية، ودعم الأسر في وضعية صعبة.
أما المحور الثاني فيهم الحماية وتطبيق القانون عبر تعزيز المنظومة القانونية الوطنية بما يتلاءم مع الاتفاقيات الدولية ذات الصلة، فضلاً عن تقوية آليات الرقابة ضمن جميع القطاعات التي تنطوي على مخاطر، وتعزيز دور تفتيش العمل.
أما المحور الثالث فيعنى بإعادة التأهيل والمواكبة، لضمان إعادة إدماج الأطفال المنتشلين من سوق الشغل في النظام المدرسي والاجتماعي، وتوفير برامج تعليمية وصحية وتكوينية مناسبة لهم.
وأخيرا، يقوم المحور الرابع على الشراكات الداخلية والتعاون الإقليمي والدولي، من خلال التنسيق مع الفاعلين المؤسساتيين الوطنيين، وتعبئة المجتمع المدني، والقطاع الخاص والشركاء الدوليين، بهدف إحداث دينامية متعددة المستويات وطنية وإقليمية ودولية فعالة في
مجال مكافحة عمل الأطفال.
لقد بدأ المغرب مبكرًا جدًا في مكافحة عمل الأطفال عبر أجيال متعاقبة من السياسات العمومية المخصصة لهذا الغرض، وآخرها أطلقت سنة 2023. وبفضل هذه السياسات تمكنا من خفض معدلات عمل الأطفال إلى أقل من 1.3% من مجموع الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 7 و 17 سنة، حيث تم خفض عدد الأطفال المشتغلين بنسبة 59.1% بين سنتي 2017 و 2024، مع العلم أن هذه النسبة الضئيلة المتبقية من الأطفال العاملين، إنما تعمل فقط بشكل موسمي كدعم أسري وأخص هنا بالذكر العمل
خلال مواسم الحصاد في الوسط القروي
وفي هذا الإطار، ضاعفنا جهودنا في محاربة الهدر المدرسي من خلال برامج موجهة، من بينها “مدرسة الفرصة الثانية، بالإضافة إلى برنامج جديد وطموح يرتكز على التكوين عن طريق التدرج المهني فيما لا يقل عن سبع قطاعات اقتصادية. وقد عرف هذا البرنامج الذي يشرف عليه قطاع الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات تعبئة غير مسبوقة مع تخصيص ميزانيات مهمة لهذا الغرض. ولإنجاحه، قام القطاع بتحديد أكثر من 200 مهنة، والتكوينات جارية حاليا.
لا يخفى عليكم أن وضعية تشغيل الأطفال الراهنة على المستوى الكوني ما زالت مقلقة بالنظر لعدد الأطفال العاملين البالغ حوالي 138 مليون طفل سنة 2024، يعمل معظمهم في الزراعة في ظروف صعبة وخطيرة، في حين ينخرط البعض الآخر في المناجم التقليدية أو في سلاسل التوريد.
ورغم النتائج المسجلة على مستوى الحصيلة، فإن العدد الإجمالي للأطفال العاملين يظل في تزايد مستمر نتيجة النمو الديمغرافي المتفاقم، فضلاً عن أن الأنظمة التعليمية تواجه ضغوطاً متزايدة بسبب الهدر المدرسي، وتزداد هذه الظاهرة ارتفاعاً بفعل الفقر، والأزمات الإنسانية، وتغير المناخ، وضعف أنظمة الحماية الاجتماعية.
وفي مواجهة هذه التحديات أبانت عدة مبادرات محلية وإقليمية عن فعاليتها. بحيث كان المساهمة وحدات حماية وإدماج الطفولة في وضعية هشة التي استفادت من دعم المنظمات غير الحكومية والشركاء الدوليين، أثراً إيجابياً في التقليص من ظاهرة تشغيل الأطفال بشكل ملموس في بعض المناطق. كما أن من شأن الحلول الرقمية المعتمدة، مثل رسم خرائط المناطق ذات المخاطر وأنظمة الإنذار المبكر عبر تقنيات الاتصال الحديثة، توفير أدوات مبتكرة لتحديد الحالات التي تنطوي على مخاطر بسرعة والاستجابة لها بفاعلية.
وبناء عليه، يظل تكثيف الجهود المنسقة والمستدامة أمرًا بالغ الأهمية لضمان ترسيخ هذه المكتسبات
اسمحوا لي أن أؤكد على عنصر محوري وأساسي في رؤية المغرب لمكافحة هذه الظاهرة والمتمثل في ضرورة إرساء نظام متابعة وتقييم قائم على بيانات موثوقة، إذ سيمكن هذا النظام من قياس التقدم المحرز، وتحديد التحديات المستمرة، وتقويم السياسات العمومية المندمجة بشكل دوري. كما سيستند إلى حكامة جيدة، تنخرط فيها جميع المؤسسات الوطنية بالتنسيق مع المجتمع المدني والشركاء الدوليين، اعتماداً على مؤشرات دقيقة مصنفة حسب السن والجنس ومنطقة التواجد وقطاع النشاط، تمكن من تقييم ليس فقط مدى انتشار عمل الأطفال، ولكن أيضاً فعالية برامجنا لإعادة إدماجهم في النظام المدرسي والاجتماعي.
يشكل المؤتمر العالمي السادس للقضاء على عمل الأطفال لحظة قوية للتعبئة العالمية، نسعى جميعاً من خلاله إلى توحيد الرؤى والاستراتيجيات، ورسم خارطة طريق واضحة وطموحة، توجه عملنا الجماعي وتضمن لكل طفل حقه غير القابل للتصرف في أن ينشأ بكرامة. كما نأمل أن تؤدي هذه القمة إلى إقامة شراكات جديدة تعزز جهودنا المشتركة ومواردنا كمجموعة إقليمية عربية وكمجتمع دولي
اليوم، توجه المملكة المغربية نداء عاجلاً لتعبئة جماعية سريعة تمكننا كمجتمع عربي ودولي من تحقيق هدفنا المشترك في الوقت المحدد له 2030، فكل تأخير من شأنه أن يحرم الأطفال من حقهم في الطفولة والتعليم، ويمنعهم من النمو في بيئة آمنة وخالية من المخاطر. من هذا المنبر ندعو دول المجموعة العربية حكومات وشركاء اجتماعيين ومجتمع مدني وقطاع الخاص إلى تكثيف الجهود والعمل بتضامن وحزم، من أجل سياسات متكاملة ومندمجة تعزز التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة، وتقوي الحماية
الاجتماعية، وتكرس التعليم الإلزامي، وتضمن انتقالاً سلساً من الاقتصاد غير المنظم إلى الاقتصاد المنظم.
واستغل هذه المناسبة وهذا الجمع الكريم للترحيب بكم في المملكة المغربية بمدينة مراكش للمشاركة في فعاليات المؤتمر العالمي السادس للقضاء على عمل الأطفال الذي سينظم خلال الفترة الممتدة من 11 إلى 13 فبراير. وستوجه الدعوات الرسمية إلى وزراء العمل في جميع دول أعضاء المنظمة خلال الأيام القادمة. ونأمل في حضوركم بكثافة لتعزيز.
في ختام هذه الكلمة، أود أن أعرب عن خالص امتناني لدعم المملكة المغربية في هذه المبادرة، ولجميع المتدخلين والخبراء الحاضرين معنا على غنى مساهماتهم وسخائهم في تبادل خبراتهم. كما أود أن أحيي الفريق المنظم، على المستويين اللوجستي والعلمي، الذي سهر بدقة وتفان على إنجاح هذا اللقاء العربي
أتمنى لهذا اللقاء حوارات مثمرة، ونقاشات بناءة، وتوصيات عملية تقربنا من هدفنا المشترك عالم لا يترك فيه أي طفل جانباً ولا يُجبر فيه على العمل، بل ينمو بحرية وحماية وتعليم.









