مقالات

جائحة كورونا وعلاقتها بالبيئة

جائحة كورونا وعلاقتها بالبيئة

بقلم.أ.د/ شعبان ابو حسين

استاذ العلوم الزراعية بالمركز القومي للبحوث
والامين المالي وعضو مجلس الأمناء بالمؤسسة المصريه العربية للإستثمار والإبتكار والتنمية الصناعية
والمدير الاقليمى فى الشرق الاوسط للمجلات العلمية الدولية

يتفق العلماء في الوقت الحاضر على أن مفهوم البيئة يشمل جميع الظروف والعوامل الخارجية التي تعيش فيها الكائنات الحية وتؤثر في العمليات التي تقوم بها وتشمل التربة والماء والهواء وما يتضمنه كل عنصر من هذه العناصر الثلاثة .

وهذه العناصر تمثل العمود الفقرى للموارد الطبيعية ويؤدى عدم ترشيد استغلالها الى الاخلال بالنظام البيئى وتنتج معظم مشاكل البيئة التى نعانى منها من الاستغلال غير الرشيد للموارد البيئية الى جانب عدم الوعى بالاثار الضارة المترتبة على الاستخدام الجائر للموارد الطبيعية والذى يؤدى الى كثير من الخلل فى المنظومة البيئيه التى تؤدى الى كوارث بيئيه ويترتب على تلك المشاكل البيئية كثير من المشكلات الاقتصادية والصحية.

تسبب فيروس كورونا في العديد من الآثار السلبية على كل دول العالم حيث تسبب الفيروس في العديد من الوفيات في جميع أنحاء العالم ، وبسبب الاجراءات الاحترازية والغلق أثر سلبا على الاقتصاد وزيادة البطالة بشكل كبير فى معظم انحاء العالم، بالنظر إلى هذه الأنشطة السلبية ورغم ذلك يمكن ان نقول انه كانت هناك بعض التاثيرات الايجابية لهذه الجائحة فعلى سبيل المثال:-
– جودة الهواء ضرورية لصحة الناس ، ومع ذلك ، يعيش 91٪ من سكان العالم في أماكن تتجاوز فيها جودة الهواء السيئة الحدود المسموح بها (منظمة الصحة العالمية ، 2016). تتجلى عواقب تدهور جودة الهواء في نسبة مئوية كبيرة من الوفيات العالمية كل عام،. وفي هذا الصدد ، يشير تقرير منظمة الصحة العالمية لعام 2016 (WHO) إلى أن تلوث الهواء يساهم في ما يقرب من 8٪ من إجمالي الوفيات في العالم ؛ البلدان الأكثر تضررا هي تلك الموجودة في أفريقيا وآسيا وجزء من أوروبا (منظمة الصحة العالمية ، 2016( وقد تحسنت مستويات جودة الهواء في المدن الرئيسية في العالم بشكل كبير في مارس وأبريل الماضى بسبب انخفاض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وأكاسيد النيتروجين وتكوين الأوزون والجسيمات العالقة نتيجة لقواعد الإغلاق التي وضعتها معظم البلدان لانخفاض حركة السيارات والشاحنات والطائرات وقد اظهرت التقارير أن تلوث الهواء من أكسيد النيتروجين ، قد انخفض بشكل كبير في الصين كما انخفضت الجسيمات العالقة الموجودة فى الجو في شمال الهند إلى أدنى مستوى لها منذ 20 عامًا بسبب انخفاض نشاط المصانع وكذلك انخفاض حركة السيارات والحافلات والشاحنات والطائرات.

– يستخدم حوالي 60 إلى 70 في المائة من المياه العذبة فى المجال الزراعى ، ونظرًا لأن العديد من الصناعات قد قللت من أنشطتها ، فإن استهلاك المياه في قطاع الصناعة ، والذي يبلغ حوالي 20 إلى 30 في المائة من الإجمالي انخفض ايضا فى فترة الجائحة.
– تسبب الاستخدام غير المسؤول من قبل الناس في ظهور العديد من الشواطئ في العالم لمشكلات التلوث ولذلك فان نقص السياح رغم انه اثر اقتصاديا على الفئات التى تعمل فى السياحة الا انه كان له تأثير ايجابى فى تقليل تلوث الشواطىء حيث بدت كثير من الشواطىء على مستوى العالم ذات مياه نظيفة وصافية.

ولكن لم يكن كل شىء ايجابى لان الغلق تسبب فى تزايد حجم النفايات حيث أوقفت العديد من الشركات أنشطة إعادة التدوير بسبب مخاوف من انتشار الفيروس في مراكز إعادة التدوير. و ادى الانخفاض الشديد فى الصادرات الزراعية والسمكية إلى توليد كميات كبيرة من النفايات العضوية. كما استأنف تجار بيع المواد الغذائية استخدام الأكياس البلاستيكية بسبب مخاوف صحية بشأن إعادة استخدام المستهلكين للأكياس الورقية. والبقاء في المنزل ادى الى زيادة نمط الاستهلاك للأطعمة الجاهزة التي يتم تسليمها مع عبوات تستخدم مرة واحدة.
وختاما نقول ان الاثار الاقتصادية والصحية والبيئية لجائحة كورونا ظاهرة جديرة بالدراسة ولم تتضح ابعاد هذه التداعيات بعد لانشغال العالم حاليا بالبحث عن لقاح لعلاج المرض وبكيفية مواجهة هذه الجائحة ، كما ظهر بعض الوعي بأننا بحاجة بالفعل إلى المزيد من العمل على خطط التنمية المستدامة حيث يمكن أن يكون العالم مكانًا أنظف وأقل تلوثًا.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى