مقالات

نصائح للشتاء من د. يسر كاظم – أستاذ بالمركز القومي للبحوث

نصائح للشتاء من د. يسر كاظم – أستاذ بالمركز القومي للبحوث

كيف يؤثر فصل الشتاء على صحتنا وعادات الأكل لدينا وكيف نستطيع ان نحافظ علي عادات غذائيه صحيه في فصل الشتاء

بقلم/الدكتورة يسر كاظم
أستاذ باحث التغذيه الطبية بالمركز القومي للبحوث

التحديات:
في فصل الشتاء ونتيجة لارتباط نظام الجسم بالكرة الارضية وفصول العام والتغيرات ما بين موسم الشتاء والصيف ودوره، الليل والنهار وكل ذلك بسبب وجود نظام دقيق يسمى بالساعه البيولوجية الداخلية والتي تنظم وتدير نظام الجسم كله من خلال تناسق إفراز هرمونات معينة وعلي رأسها هرمون يفرز من الجسم الصنوبري بالمخ يقوم بعمل تحكم مركزي في هرمونات الجسم المختلفة ومن ضمنها هرمون الجرلين واللبتين والسريتونين الذي يتحكم في الإحساس بالجوع والشبع وأيضا الحاله المزاجيه، بحيث يحدث نوع من التناغم بين وظائف الجسم ومواعيد النوم والنشاط والليل والنهار.

هذا بالإضافة أنه هناك بعض الأشخاص لديهم قابلية أعلي لتخزين الدهون وانخفاض معدل الحرق مع انخفاض درجات الحرارة في الشتاء، ويرجع ذلك إلي أسباب جينية يعتقد بعض الباحثين أن الطقس البارد قد يؤدي إلى تفعيل بقايا بعض الجينات القديمه التطورية بداخلنا للبقاء على قيد الحياة في الظروف البيئية القاسية، حيث ان هناك بعض الجينات في الإنسان لديها بعض الأصول القديمه في حماية الإنسان من البرد الشديد بتكوين طبقة عازلة من الدهون لحمايته من البرد القارص وهو شيء مشترك في كل الثدييات. هذا ينتج عنه تحدي اضافي، أن الجسم يخزن الطاقه في صورة دهون مما يزيد من فرصة الجسم للبدانة.

وهناك نظرية أخرى

فتغيير الموسم قد يؤثر على توازن بعض الهرمونات التي تتحكم في الجوع والشهية.

-قد تلعب ساعات النهار الأقل دوراً في الرغبة الشديدة في تناول الطعام أيضًا.

-ضوء الشمس هو أحد العوامل التي تحفز إفراز هرمون السيروتونين، وهو ناقل عصبي ثبت أنه يعزز المزاج بشكل كبير، حيث تزيد الرغبه في تناول الكربوهيدرات بفضل الأنسولين الذي يتم إطلاقه نتيجة لتناول الكربوهيدرات، حيث يساعد الانسولين علي تكوين مزيد من السيروتونين، وهذا هو السبب  أن الأبحاث السابقة تشير  ان الناس قد يشتهون الكربوهيدرات كوسيلة لتحسين الحالة المزاجية.

-يظهر هذا بشكل خاص في الأشخاص المصابين بالاكتئاب الموسمي، والذين قد يكون لديهم مستويات منخفضة من السيروتونين والمزاج بسبب انخفاض التعرض لأشعة الشمس.

وبالتالي في فصل الشتاء مع انخفاض عدد ساعات النهار وقلة التعرض للشمس والضوء الطبيعي مما ينتج عنه تغير في نمط الحياة وقلة الحركة والنشاط، وبالتالي تتغير عادات الطعام وتزيد ساعات الليل التي كثيراً ما يصاحبه بعض الشعور بالممل وأحياناً الجوع، وأحياناً الرغبه في الأكل لتبديد الشعور بالملل فيزيد الرغبه في الأكل، مما ينتج عنه زيادة في الوزن والذي يؤدي الي الشعور بالخمول والضيق والإكتئاب.

أيضا بسبب قلة التعرض للشمس وانخفاض معدل تكوين فيتامين د، والذي يتأثر بصورة مباشرة بكمية الوقت التي نتعرض فيه لاشعة الشمس، يزيد معدلات الإصابه بالمزاج السيء وأحيانا الإكتئاب.

من المهم جداً الإشارة إلى ان البرد وقلة فيتامين د، وعدم التعرض لأشعه الشمس المباشرة يزيد معدلات الإصابة بالأنفلوانزا وأدوار البرد.

بالإضافه إلى  قلة الماء والحركة كثيراً ما يعاني الشخص من الإمساك والذي بدوره ثبت أن الإمساك المزمن يزيد من درجات القلق والإحباط عند الأشخاص و يزيد من القابلية لتخزين الدهون، وذلك بسبب أن بعض الفضلات الضاره لا يتم التخلص منها بسرعه كافية مما يزيد من احتمالات امتصاص بعض منها، وبالتالي تؤثر على الحاله المزاجيه والإلتهابية بالجسم.

السؤال هو:

كيف يساعد الغذاء من حيث المحتوي والنوعية والتوقيت والكمية في التعامل مع كل هذه التحديات وكيفية اتخاذ خيارات صحية هذا الموسم:

أولاً: يجب عمل خطة واضحة وبتركيز واهتمام واقتناع حيث أن كل ما يحدث في المخ يؤثر على الجهاز الهضمي، وكل ما يحدث في الجهاز الهضمي يؤثر علي المخ، وذلك من خلال وصلات قوية وعالية الكفاءة والسرعة تربط بين الاثنين. فالرغبه في الأكل والشعور بالجوع يتحكم فيها المخ وأيضا الطعام عالي الدهون والإضافات الصناعية تصيب الإنسان بالتوتر والاكتئاب وقلة القدرة علي التركيز.

وهناك مبدأ أو قانون مهم جداً في هذا العلم –

علم التغذية الطبية وهو: يجب أن يكون المخ مقتنعاً وأيضاً سعيداً بالنظام الغذائي الذي تلزم نفسك به حتي تستطيع الإستمرار والنجاح فيه، بدون هذا الإقتناع والتهيء النفسي لن تستطيع الاستمرار.

ولذلك نوصي أولا باقناع النفس بأهميه الإلتزام بالطعام الصحي والنوم الجيد والحركة المستمرة حتي لا يضيع منا فصل الشتاء في إجهاد ومزاج سيء وعدم إنجاز ونخرج منه ونحن في زيادة في الوزن مصاحب بالإحباط.

ولذلك هناك بعض التوصيات العملية  لتحقيق ذلك :

-الإهتمام بشرب كثير من الماء والمشروبات الساخنة مثل الشاي والشاي الاخضر والكاكاو والينسون والنعناع والزعتر مع محاوله عدم اضافه السكر.

-الاهتمام بوجود طبق شوربة يومياً (مثل شوربة العدس وشوربة الخضار وشوربة الدجاج قليلة الدسم) لأنه يساعد علي الشعور بالإمتلاء وبه عناصر غذائية جيدة بدون سعرات حرارية مرتفعة.

-الاهتمام بتناول وجبه فطور مشبعة، ممكن تحتوي علي بيض وفول وسلطة ومشروبات ساخنة. فقد ثبت أن وجبة فطور مشبعة تساعد علي عدم الشعور بالجوع الحاد باقي اليوم والذي في حال حدوثه خاصة في الشتاء يؤدي إلي تناول كميات كبيرة من الطعام إلي حد الإفراط والتخمة.

-تناول كثير من خضروات الشتاء مثل البروكلي والقرنبيط فهي ترفع المناعة بسبب احتواءها علي كثير من العناصر الغذائية والفيتامينات والمعادن التي تعزز المناعة وتقلل أدوار البرد.

-الاكثار من تناول الخضار مثل الجزر والبطاطا والبقوليات والفراخ والزبادي وذرة الفيشار فهي مشبعة وتساعد علي تكوين هرمون السريتونين الذي يساعد على الشعور بحسن الحال وتحسين المزاج وتعديل الشهية.

-فاكهة الشتاء علي رأسها البرتقال والجريب فروت والموز والفراولة تتميز بارتفاع محتواها من الفيتامين ج والبوتاسيوم والألياف المفيدة جداً لتعزيز نمو البكتريا المفيدة في الجهاز الهضمي والتي تساعد علي رفع المناعة وتحسين المزاج وإبقاء الوزن المثالي.

-تناول الزبادي الطبيعي ويا حبذا الذي يتم عمله في المنزل حيث يمدد الجسم بكثير من البكتريا المفيدة السابق ذكرها وخاصه اللاكتوباسلس.

-يجب عدم تناول السكر مع الزبادي لأن السكر يقلل من فرصة نمو كل أنوع البكتريا المفيدة.

-من المهم جداً محاولة تناول معظم طعامنا قبل المغرب، أما بعد المغرب فهناك وجبه واحدة فقط هي وجبة العشاء والتي من الممكن ان تتكون من زبادي وموزة ومشروب دافيء خالي من السكر والكافيين مثل الينسون او الزعتر او الشمر وهو يتم عمله باضافة الماء المغلي لملعقة صغيرة من هذه الحبوب وتغطى لمدة خمس دقائق.

-تناول حوالي خمس وجبات صغيرة وقليلة الدهون والسكر تساعد علي عدم زيادة الوزن أثناء فصل الشتاء، وأيضاً رفع المناعة التي تتاثر كثيراً بالحالة المزاجية والتي بدورها تكون غير جيدة في حاله الإفراط في الطعام وزيادة الوزن. فقد ثبت علمياً أن السمنة والإفراط في تناول الطعام من أهم أسباب الشعور بالمزاج السيء وعدم انتظام النوم والذي بدوره يزيد الرغبة في تناول المزيد من الطعام مما يؤدي إلي السمنة.

-يجب النوم مبكراً والاستيقاظ مبكراً للإستفادة قدر الإمكان من وجود أشعة الشمس الطبيعية، وكذلك يجب التعرض لأشعة الشمس المباشرة في الصباح الباكر لتكوين فيتامين د. الذي يرفع المناعة ويحسن الحالة المزاجية والصحية.

-الإنشغال في أشياء إيجابية والإهتمام بالآخرين والقراءة وتعلم الجديد والحركة المستمرة من أهم العوامل التي تساعد الإنسان أن يكون في حالة مزاجية وعقلية وذهنية جيدة، والتي بدورها تقلل حاله الافراط في تناول الطعام خاصه في الشتاء بسبب الملل والشعور بالفراغ والذي يسمي بتناول الطعام التعويطي .. اي الاكل للترفيه وتعويض او الهروب من الملل.

-هناك علم كامل لتعديل السلوك حتي لا نسرف في تناول الطعام والتحكم في الشهيه وتمرين المخ علي التركيز والانشغال فيما هو مفيد ويعطي الاحساس بالرضا و السكينه . يجب ان ناكل فقط في حاله الجوع وليس في حاله الملل او الغضب او الاكتئاب ويتحقق ذلك بالتمرين المستمر للذات والانتباه جيدا والوعي الكامل اثناء تناول الطعام واختيار الاصناف التي يتم تناولها او شراءها . فالاكل الروتيني والانسان غير مركز يؤدي الي تناول كميات كبيره من الطعام بدون وعي ولاتحكم.

-الحرص علي شراء وتواجد الاصناف الصحية من الاطعمة مثل الخضروات والفاكهه والبقوليات مثل العدس والفول والحمص . وعدم شراء الاطعمه الغير الصحية مثل الحلويات والبسكوتات والمقرمشات التي تحتوي علي الكثير من الدهون المهدرجة والسكر والمواد الحافظه وكلها تصيب الجسم بالبدانة والاكتئاب وكثير من الامراض الاخري .

-من المهم ان يكون هناك روتين يومي لمواعيد النوم والاستيقاظ ومواعيد تناول الطعام فكل ذلك يساعد المخ واجهزه المخ علي عمل نمط ونظام يومي يجعل افراز الهرمونات اكثر انتظاما وفاعليه مما يقلل احتمالات الاصابه بالسمنة والقلق ويعطي شعور افضل للمخ بالهدوء والاطمئنان .

-المساء الباكر هو وقت ضعيف لكثير من الناس قد تكون إحدى طرق التأقلم هي اللجوء إلى الأطعمة المريحة ، والتي تميل إلى أن تكون عالية السعرات الحرارية بها كثير من الدهون والكربوهيدرات ، وتناول المزيد منها أكثر في حالات التوتر او القلق او الاجهاد البدني او النفسي كوسيلة لرفع الحاله المزاجيه . تشير دراسةحديثه إلى وجود صلة قوية بين الإجهاد والشراهة عند الأكل..

هذا بالاضافه الي انه من المهم أن نعي أن الكثير من الإفراط في تناول الطعام وخاصه في فصل الشتاء قد يكون نتيجة ازدياد عدد ساعات التواجد بالمنزل مع جائحه كورونا والتي جعلت العمل والتعلم عن طريق الاون لين اكثر شيوعا .
بالطبع ما ينطبق علينا كبالغين ينطبق بصوره اكثر وضوحا وتاثيرا علي الاطفال وطلبة المدارس ولذلك يجب الانتباه لصغارنا في هذا الوقت من العام

,مع التركيز علي اهميه وجبه الفطور واخذ اكل صحي للمدرسة وتجنب الاكل الجاهز والوجبات السريعه والاكثار من تناو ل الخضروات والفاكهه والمشروبات قليله السكر والنوم المبكر وعدم السهر امام التلفزيون او الكمبيوتر او الموبيل او العاب الفيديو.

مع خالص التمنيات الطيبة بشتاء سعيد وأمن وصحي .

#مجلة_نهر_الأمل

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى