منتدى الأمن العالمي ٢٠٢٤ يشهد دعوات لتعضيد الوحدة الإفريقية
منتدى الأمن العالمي ٢٠٢٤ يشهد دعوات لتعضيد الوحدة الإفريقية
– الرئيس الروانديّ يؤكد أن الاستثمار في الشعوب هو حجر الزاوية في الوحدة
– رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي يقول إن وحدة القارة الإفريقيّة تعدّ تحدّيًا كبيرًا
– وزير خارجية توجو يصرح بأن أفريقيا تشهد الآن قيادة جيوسياسيّة جديدة
في اليوم الثاني من فعاليات منتدى الأمن العالمي ٢٠٢٤، المُقام في الدوحة تحت رعاية الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجيّة، صدحت أصوات داعية إلى تعضيد الوحدة الأفريقية، أصواتٌ حمل لواءها فخامة الرئيس الرواندي بول كاغامي الذي أشار في كلمته خلال الجلسة الحواريّة الأولى إلى الاستثمار في رأس المال البشري بوصفه عاملا يحفّز جهود الوحدة ويؤسس للاعتماد على الذات الأفريقيّة، قائلا: «إن حجر الأساس بالنسبة لنا هو الوحدة، ونحن نضطلع بالبناء منطلقين من هذا الأساس عن طريق الاستثمار في البشر»، ومشيرًا إلى التعافي الملحوظ الذي حققته بلاده من تبعات الإبادة الجماعية، وإلى خارطة طريق التنمية التي رسمتها، والنهج الذي اتبعته في استضافة اللاجئين وطالبي اللجوء.
وقد جاء حديث السيّد موسى فقي محمد، رئيس مفوضيّة الاتحاد الأوروبي، رافدًا لحديث فخامة الرئيس بول كاغامي ومعضّدًا له. فأكّد في جلسة حوارية على أهميّة الأمم المتحدة في حلّ الصراع الإسرائيلي-الفلسطينيّ، مُشدّدًا على الحاجة إلى المزيد من الوحدة على المستوى العالميّ والإفريقي ومُعربا عن خيبة أملٍ تعتريه جراء نزوح شباب القارة الأفريقيّة.
وقال: «نحن لسنا على النحو الذي نصبو إليه من الوحدة، إذ يختلجنا أحيانا شعورٌ بأن قادة بعض الدول لا يلتزمون بالقرارات المأخوذة على مستوى القارة». وأضاف: «إننا لفي حاجةٍ إلى جهود حقيقيّةٍ كي نتوحّد… كي نتحدّث بصوتٍ واحدٍ لأجل تعزيز مكانة أفريقيا على الساحة الدوليّة. وإن في ذلك لتحديًا حقيقيًّا لنا أيضًا».
ويتناول منتدى الأمن العالمي لهذا العام، الذي تنظّمه أكاديميّة قطر الدوليّة للدراسات الأمنيّة (قياس) ومركز صوفان، موضوع المنافسة الاستراتيجيّة في ظل التعقيدات التي يفرضها الاعتماد المتبادل بين الدول. وقد احتضن الملتقى عددا من القادة الدوليين والخبراء الأمنيين وصانعي السياسيات، لاستكشاف الديناميكيات المتشابكة للأمن العالمي ومعالجة التحدّيات المتعددة الأوجه لعالم شديد الترابط.
وقد أكّد سعادة السفير أحمد أبو بكر، المدير العام لوكالة الاستخبارات الوطنية النيجيريّة، في كلمته على التوازن الدقيق والمطلوب للأمن في عالم اليوم، وضرورة الحفاظ على الزخم الحاليّ، وأضاف قائلا: «نشهد اليومَ كيف أنّ جهات فاعلة قديمة وجديدة، وقوى كبرى ومتوسطة، تلعب تدريجيًّا أدوارًا أساسيّة في عملية تشكيل القضايا والأوضاع الأمنيّة العالميّة والإقليميّة، وفي مدّ نفوذها وتعزيز مصالحها الاستراتيجيّة في ربوع العالم أجمع، وذلك بتوظيف كافة عناصر القوّة الوطنيّة».
وأتت الجلسة النقاشية الحاملة لعنوان «الخريطة الحالية للجغرافيا السياسية في إفريقيا» لتتابع اليوم الإفريقيّ بامتياز، وألقت الضوء على الخريطة الجيوسياسيّة لإفريقيا حيث تظهر على الساحة جهات فاعلة جديدة، حكومية وغير حكوميّة، وحيث تبرز عدّة خيارات جديدة أمام الأنظمة السياسيّة ومعارضيها على حد سواء. وهي جلسةٌ أكد خلالها السيد روبرت دوسي، وزير الشؤون الخارجية والتعاون والتكامل الأفريقي في توغو، على أهمية مشاركة بلدان القارة الأفريقيّة في الحوار الداخلي من أجل إيجاد حلولٍ مستدامةٍ، قائلا «إن القارة الأفريقيّة يجتاحها تغييرٌ، فعندما نتحدّث عن القضايا الجيوسياسيّة في العالم، وخاصة تلك التي ترتبط بأفريقيا، فعلينا أن نقول إن لدينا الآن قيادة جديدة في قارّتنا».
وفي وقتٍ لاحقٍ توجّه تركيز المنتدى صوبَ قضية الرهائن، حيث شدّد سعادة السفير روجر كارستينز، المبعوث الرئاسي الخاص لشؤون الرهائن بوزارة الخارجية الأمريكية، على أهميّة التواصل الشخصيّ مع عائلات الرهائن مستشهدًا بأمثلةٍ من قضية الرهائن الإسرائيليين الأخيرة في غزّة، وقال: «ما حاولنا القيام به على الفور هو إقامة اتصالاتٍ مع العائلات والبدء في جمع المعلومات وبناء العلاقات اللازمة مع الحكومة الإسرائيليّة».
وقد توالت الكلمات وحلقات النقاش على مدار اليوم، متناولة عددًا من القضايا الحاسمة بما في ذلك مكافحة الإرهاب وتعاظم شأن الجهات الفاعلة غير الحكوميّة.
واختُتم اليوم الثاني من منتدى الأمن العالميّ بعدّة فعاليّات على هامشه، تضمّنت – بين ما تضمّنت – توقيع السيد علي فيلشي، مقدم برنامج «Velshi» ورئيس مراسلي قناة MSNBC، والمحرر الاقتصادي في برنامج «هنا والآن» الأسبوعي على قناة NPR لكتابِه الجديد «شجاعاتٌ صغيرةٌ: إرث التحمّل والكفاح من أجل الديمقراطيّة»، فضلا عن حدثٍ حصريٍّ أُقيم برعاية المديريّة التنفيذيّة للجنة مكافحةِ الإرهاب في مجلس الأمن التابع للأمم المتّحدة.
وقال علي فيلشي إن المنتدى كان خير معرضٍ لكتابه الذي يسرد إرثًا من التحمل والنضال من أجل الديمقراطيّة، والذي يروي فيه ذكريات هجرة عائلته من الهند إلى جنوبِ أفريقيا ثم إلى كينيا فكندا، ثم سيرته هو كمواطنٍ أمريكيٍّ. وأضاف: «لقد حان الوقت كي أتحدّث عن الأعمال الصغيرة من الشجاعة مع أهلها من الحضور والمتحدّثين في المنتدى، هؤلاء الذين يدركون جيّدًا أنّ حل المشكلات التي نعاني منها يبدأ بمناقشة بسيطة تستتبع تغييرا بسيطا في السياسات لتتلوها مناقشة أخرى وهكذا دواليك. فمجمع المشاكل التي يتعيّن العمل عليها لجعل العالم مكانًا آمن كبير جدا. إلا أنّنا مجتمعين ومتوسّلين بأعمالٍ صغيرة من الشجاعةٍ، سنجعل من العالمِ مكانًا أفضل».
سيختتم منتدى الأمن العالمي ٢٠٢٤ أعمالَه غدًا، مُستهلا نقاشات اليوم الثالث بالاستماع إلى كلمة السيد علي إحسان، وزير الأمن الداخلي والتكنولوجيا بجمهورية المالديف، كما سيتضمّن حوارات حول التداعيات الجيوسياسيّة للحرب في غزّة، والتهديدات التي يتعرّض لها الأمن البشريّ في الجنوب العالمي والتأثير الأمنيّ للذكاء الاصطناعيّ والتقنيّات الناشئة.