منظمة المرأة العربية تُطلق التقرير الختامي لمشروع تقييم تطبيق الكوتا النسائية في المنطقة العربية
منظمة المرأة العربية تُطلق التقرير الختامي لمشروع
تقييم تطبيق الكوتا النسائية في المنطقة العربية
أطلفت منظمة المرأة العربية صباح اليوم الثلاثاء الموافق 5 مارس 2024 فعاليات ورشة العمل الافتراضية لعرض ومناقشة مخرجات التقرير الإقليمي التحليلي لمشروع “صيغ مشاركة المرأة العربية في الحياة السياسية: فاعلية واستدامة مشاركة المرأة في القرار السياسي عبر نظام الكوتا”.
وفي كلمتها الافتتاحية، أعربت الأستاذة الدكتورة فاديا كيوان، المديرة العامة للمنظمة، عن سعادتها بعقد هذا اللقاء الذي يستهدف تبادل الآراء والمعلومات والتجارب في مجال المشاركة السياسية للمرأة وآليات تعزيز هذه المشاركة لا سيما عبر نظام الحصص (الكوتا) سعيا لتراكم الخبرات واستخلاص الدروس والعبر وتصحيح المسارات الحالية.
وأشارت سيادتها إلى أن المنظمة بدأت العمل في مشروع فاعلية واستدامة مشاركة المرأة في الحياة السياسية عبر نظام الكوتا منذ أكثر من أربع سنوات وغطى المشروع 17 دولة عربية، واستهدف تقييم الممارسات في مجال المشاركة السياسية للمرأة خلال ربع قرن مضى، لافتة إلى أن منهاج عمل بكين الصادر عام 1995، كوثيقة مرجعية في العمل من أجل حقوق المرأة دوليًا، هدف إلى تعزيز تمكين النساء في المشاركة السياسية، ومن المهم اليوم تقييم التجربة العربية على هذا الصعيد واستقصاء الدروس المستفادة منها.
وأضافت المديرة العامة أن الدول العربية لديها قواسم مشتركة أساسية في المجال الديني والثقافي والاجتماعي والسياسي والتاريخي، لكن، مع ذلك، فهناك تنوع، وهناك خصوصية لكل دولة تعود إلى ظروفها الوطنية المتميزة، وهذا أمر يحفز على ضرورة بحث هذه الخبرات المتنوعة في إطار القواسم المشتركة.
ولفتت سيادتها كذلك إلى أهمية الإدارة السياسية في صياغة سياسات عامة وتبنى أنظمة وأدوات مثل نظام الكوتا لتشجيع المشاركة السياسية للمرأة، معتبرة أن توافر مثل هذه الإرادة من أهم محفزات تعزيز وضع النساء في المجال السياسي.
واختتمت المديرة العامة كلمتها بالتأكيد على المسؤولية التي تتحملها المنظمة والشركاء الاستراتيجيين لها لدفع مسيرة مشاركة النساء في صنع القرار والوصول إلى المناصب العليا المؤثرة.
في كلمتها الافتتاحية، عبرت الدكتورة آنيت فونك، ممثلة الوكالة الألمانية للتعاون الدولي GIZ ومديرة مشروع WoMENA الممول من وزارة التعاون الاقتصادي والتنمية الألمانية والمنفذ من خلال GIZ، عن سرورها بالمشاركة في الورشة.
وأوضحت أن العديد من النساء في جميع أنحاء العالم ما زلن يفتقرن إلى حقوق الإنسان الأساسية ويواجهن التمييز والعنف. والبرلمانات ليست استثناءً؛ حيث يهيمن الرجال عالمياً على عضوية البرلمانات بل تغيب النساء في بعض الأحيان عن عضوية البرلمان.
وأشارت إلى أنه، ورغم ارتفاع مشاركة النساء في البرلمانات خلال الفترة الأخيرة، فإن التقدم بطيء وتظل المساواة مطلبا صعبا، ويراوح متوسط عدد النساء في البرلمانات في جميع أنحاء العالم عند نسبة 30% تقريباً.
ولفتت إلى أن النساء المترشحات للانتخابات يواجهن تحديات عديدة، تشمل المعتقدات الثقافية التي تحد من دور المرأة في المجتمع، ومعضلة تحقيق التوازن بين الحياة الخاصة والعائلية والسياسية، وتحدي الحصول على دعم الأحزاب السياسية وتأمين تمويل للحملات الانتخابية. وقد يواجهن أيضًا العنف والتحرش والترهيب لإبعادهن عن المناصب السياسية.
وأكدت سيادتها أن التغيير ممكن إذا توفر الالتزام السياسي والأطر القانونية والسياساتية اللازمة لتوفير فرص متكافئة لكل من النساء والرجال في الحياة السياسية، مشددة على ضرورة أن تكون البرلمانات أماكن تلبي متطلبات كل من النساء والرجال سواء في هياكلها أو في طريقة إدارتها، وأن تكون كذلك بيئات صديقة للأسرة، وأن تكون أماكن لا يتم التسامح فيها مع أي تمييز جنسي؛ لفظي أو سلوكي.
واعتبرت أن البرلمان المراعية للمساواة بين الجنسين في عملها هي البرلمانات الأكثر شرعية والأجدر على تحقيق الديمقراطية والمساواة الفعلية في المجتمع.
وأكدت سيادتها أن استخدام نظام الكوتا بشكل جيد هو أداة مهمة لزيادة عدد النساء في الحياة السياسية، الأمر الذي يشكل شرطا أساسيا لإيصال صوت المرأة، مؤكدة مجددًا على ضرورة أن تصبح البرلمانات نفسها مؤسسات تراعي الفروق بين الجنسين وتسعى جاهدة لإعمال حقوق المرأة.
وفي كلمتها، عبَّرت السيدة وفاء الضيقة حمزة، رئيسة المجلس التنفيذي للمنظمة في دورته الحالية، عن تقديرها للدراسة الإقليمية التي تتم مناقشة نتائجها اليوم، والتي قام بإعدادها 17 خبير/ة من الدول العربية، وأن لقاء اليوم يُشكل فرصة لإلقاء نظرة شاملة على ما تم تحقيقه في الدول التي شملتها الدراسة، والتحديات التي لا زالت تواجه النساء في مجال المشاركة السياسية، وكذلك سُبل ضمان فاعلية واستدامة هذه المشاركة في هذا الجانب الحيوي من الحياة العامة.
وأكدت سيادتها على أهمية مقاربة مسألة المشاركة السياسية للنساء ضمن المنظومة الحقوقية للمواطنة بكل أوجهها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والقانونية، حيث إن المشاركة السياسية في صلب مبادئ الدولة الوطنية الحديثة، والتي تقوم على المواطنة والمساواة في الحقوق والواجبات، وبالتالي فإن إقصاء النساء عن العمل السياسي أو غيابهن بمثابة انتقاص من هذه الحقوق.
واعتبرت سيادتها أن نظام الكوتا يعد نظاما فعالا لأنه يوفر فرصا حقيقية للنساء ويضمن لهن صوت ويكفل أن يتم تمثيل الاحتياجات المجتمعية بشكل عادل ويساهم في تغيير الرؤى والسلوكيات المجتمعية.
وأشارت إلى أن التطورات التي تشهدها الدول العربية تُحتم بذل المزيد من الجهد لدعم النساء، حيث إن واقع ما تتعرض له بعض المناطق العربية من صراعات ونزاعات وحروب، وخاصة ما يحدث في قطاع غزة يضع الجميع أمام مسؤولية كبيرة، مؤكدة أن مشاركة النساء بشكل أكبر سيعزز من سُبل السلام والأمن في العالم العربي، وهو أمر يدعو إلى تحقيق المساواة في المشاركة السياسية والتشريعية.
وعبّرت الشيخة فادية سعد العبدالله الصباح، رئيسة الاتحاد الكويتي للجمعيات النسائية، في كلمتها عن سعادتها بالمشاركة في ورشة العمل، وذلك للتأكيد على أن التمكين السياسي للمرأة هو أحد أهم الآليات في مسار التنمية الشاملة، وأوضحت أنه في إطار الاتحاد الكويتي للجمعيات النسائية ومبرة السعد للمعرفة والبحث العلمي وشراكات إقليمية ودولية، تمت المساهمة على مدار سنوات في التعريف بأهمية إدماج المرأة في الحياة السياسية والتمثيل النيابي باعتباره سبيل للتنمية الشاملة والمستدامة، فكان على سبيل المثال مؤتمر “التمكين المجتمعي للمرأة: نماذج دولية…وآفاق كويتية” الذي تم تنظيمه من قبل الاتحاد الكويتي للجمعيات النسائية خلال الفترة 5 و6 ابريل 2021، والذي شارك فيه عدد من النخب الفكرية من عدة بلدان، وقد خلص إلى توصيات تصب كلها في أهمية وآليات إشراك المرأة في مراكز صنع القرار ولاسيما في صياغة الخارطة التشريعية عن طريق اعتماد نظام “الكوتا” كحل مؤقت.
وذكرت سيادتها أن التمكين السياسي للمرأة يعني بالأساس إزالة العوائق والعقبات التي تحول دون ممارستها لحقوقها السياسية، وبيّنت أنه إذا كانت هناك عدة عوامل قد اجتمعت وأدت إلى انخفاض نجاح النساء في الانتخابات النيابية، فقد كان من الضروري ابتداع نظام يضمن للنساء الفرصة للتواجد في الهياكل السياسية المنتخبة وبالأخص الهيئات النيابية حتى تستطيع التعبير عن حقوقها ومصالحها بشكل مؤثر، وقد أثبتت خبرات وتجارب الدول المختلفة أن تخصيص حد أدنى من المقاعد للمرأة كنوع من التمييز الإيجابي لها يعد من أكثر الأساليب نجاحاً وتأثيراً في رفع مستوى تمثيل المرأة خصوصاً في المجالس المنتخبة وهو ما يمثل روح الديموقراطية وفلسفة إنشائها، وأن هذا النظام يعطي للمرأة الحق في أن يكون لها نسبة تمثيل في جميع الهياكل المنتخبة تصل إلى نسبة تتراوح ما بين 30% و40% كحدٍّ أدنى. وهذا النظام أيضاً يمثل واحدة من الآليات الجادة لتخطي الحواجز والعقبات التي تعوق تمثيل المرأة في الحياة السياسية بشكل متكافئ مع الرجل، ويستهدف تهيئتها وإعدادها للعمل السياسي إلى أن تستطيع إثبات ذاتها وقدراتها ووصولها إلى مواقع صنع القرار.
وعقب فعاليات الجلسة الافتتاحية لورشة العمل، قامت الأستاذة رويدة حمادة منسي، منسقة مشروع “صيغ مشاركة المرأة العربية في الحياة السياسية: فاعلية واستدامة مشاركة المرأة في القرار السياسي عبر نظام الكوتا”، بعرض مخرجات التقرير الإقليمي التحليلي للمشروع، والذي هدف إلى تقييم السياسات المعتمدة في ربع قرن في مجال تمكين المرأة السياسي، أي منذ اعتماد خطة عمل بيجين، وذلك عبر إلقاء الضوء على ثلاثة مسارات، الأول هو فعالية سياسات التمييز الإيجابي لصالح المرأة (الكوتا) لجهة تأمين وصولها إلى مواقع القرار التشريعي والتنفيذي، والثاني استدامة سياسات التمييز الإيجابي لصالح المرأة (الكوتا) عبر مأسستها وتعزيزها بسياسة متكاملة تعمل على معالجة كل المعوقات التي تحول دون المساواة بين الرجل والمرأة من سياسية وتشريعية واجتماعية واقتصادية وثقافية وتربوية ودينية، وصولًا إلى إرساء مفهوم المساواة في المواطنة، وأخيراً الرؤية المستقبلية لمشاركة المرأة في مواقع صناعة القرار عبر نظام الكوتا: رصد التحديات والمعوقات التي تواجهها النساء عند مشاركتهن في الفضاء السياسي وما هي الدروس والعبر التي يمكن استخلاصها، وكيفية الانتقال بمشاركة المرأة السياسية من مجرد تمثيل عددي إلى تمثيل نوعي فعّال.
وأوضحت أن الدراسة الإقليمية محل النقاش في ورشة العمل تشمل رؤية عامة ومقارنة لخلاصات المشروع ككل والذي استند إلى تقصي ميداني استهدف 672 شخصية من النخب السياسية والمهتمين بالشأن العام من 17 دولة عربية.
وأكدت سيادتها أن الدراسة بينت أنه رغم أهمية نظام الكوتا في تعزيز المشاركة السياسية للمرأة على مدار السنوات السابقة لكنها لا يكفي وحد إنما لابد أن يستكمل العمل بسياسات تطال المجتمع ككل لاسيما فيما يخص تحسين الثقافة المجتمعية تجاه المرأة.
وجدير بالذكر أن المشروع البحثي “صيغ مشاركة المرأة العربية في الحياة السياسية: فاعلية واستدامة مشاركة المرأة في القرار السياسي عبر نظام الكوتا” يعتبر مبادرة رائدة لتقييم صيغ مشاركة المرأة العربية في الحياة السياسية على مدى ما يقارب ربع قرن 1995-2020، وتم العمل فيه على مدار أربعة مراحل؛ حيث تم إطلاق المرحلة الأولى منه عام 2019، وشملت دراسات ميدانية في خمس دول عربية هي: الأردن وتونس والجزائر ولبنان والمغرب، فيما أطلقت المرحلة الثانية من المشروع عام 2021، وتناولت تجارب كل من: العراق وفلسطين وموريتانيا ومصر. وفي عام 2022، أطلقت المنظمة المرحلتين الثالثة والرابعة من المشروع؛ وتناولت المرحلة الثالثة تجارب كل من سلطنة عمان ودولة ليبيا والجمهورية اليمنية. فيما تناولت المرحلة الرابعة كل من: الإمارات والبحرين والسعودية وقطر والكويت.