تحقيقات وتقارير

نبتة خضراء.. حولها الإنسان لعدو له وللبيئة

نبتة خضراء.. حولها الإنسان لعدو له وللبيئة

تحقيق: عبير سلامة

أما يكفي الإنسان ما تخلفه الحروب والكوارث الطبيعية من دمار له وللبيئة حتي يصنع بيديه ما يفسد عليه حياته وحياة من حوله من المخلوقات والبيئة كلها.

كيف حول نبتة خضراء لا تتجاوز طولها 3 أمتار خلقها -الله- ليستغلها الإنسان في فائدته مثل استخدامها كمبيد حشري طبيعي – يدخل في الأبحاث العلمية والطبية المتقدمة لتطوير أدوية أو تجارب علاج أمراض خطيرة مثل الإيدز إلي صناعة تجارية بحتة (السجائر) أضرارها الصحية لا تعد ولا تحصى ليس على المدخنين فقط، بل والمحيطين بهم، فضلاً عن تأثيرها الضار على البيئة فالسيجارة لا تنتهي عند آخر نفس… لكن الحقيقة أن أعقاب السجائر تبدأ بعدها رحلة طويلة من التلويث والدمار، تصيب الإنسان والحيوانات والبيئة.

وفي إطار الاحتفاء باليوم العالمي للامتناع عن تعاطي التبغ الذي أطلقته منظمة الصحة العالمية (WHO) في 31 مايو من كل عام، التقت مجلة نهر الأمل بعدد من الخبراء لتوضيح الأضرار الناتجة عن الأفراط في زراعة تلك النبتة واستغلالها في صناعة التبغ، وأضرار مخلفاتها “أعقاب السجائر”، حيث يدفع الإنسان ثمناً باهظاً من صحته وبيئته، في واحدة من أكثر الصناعات ضرراً على الكوكب.

المهندس الزراعي سعيد اللبان – أمين عام مساعد الاتحاد العربي للتنمية المستدامة والبيئة
المهندس الزراعي سعيد اللبان – أمين عام مساعد الاتحاد العربي للتنمية المستدامة والبيئة

تحذير من الإفراط في زراعة نبات التبغ:
حدثنا المهندس الزراعي سعيد اللبان – أمين عام مساعد الاتحاد العربي للتنمية المستدامة والبيئة عن زراعة التبغ، فيقول أنها تستهلك كمية كبيرة من المياه، وتعد من المحاصيل التي تنهك التربة بشدة وتساهم في تصحرها، خصوصاً إذا لم تمارس بطرق زراعية مستدامة، فتستهلك كميات كبيرة من النيتروجين والبوتاسيوم والفوسفور. فبعد موسم أو اثنين تصبح التربة فقيرة جداً وتضعف قدرتها على دعم المحاصيل الأخرى، وتمنع تجديد مادتها العضوية الطبيعية فتؤدي إلى تدهور خصوبة التربة.

كما أشار أن المزارعون يستخدمون أسمدة ومبيدات كيميائية مكثفة لتحسين نموها مما يؤدي لتلوث التربة ويقتل الكائنات الدقيقة النافعة، ولكي يتم استخدامه في صناعة التبغ يقوم المزارعون بتجفيف الأوراق الخاصة به باستخدام الحطب المقطوع من الأشجار مما يؤدي إلى التصحر.

أعقاب السجائر قنبلة موقوتة:
وعن مخلفات صناعة السجائر تحدثنا أ.د. نشوى عبد العليم – معهد بحوث الأراضي والمياه والبيئة – مركز البحوث الزراعية.

أعقاب السجائر التي تحتوي على مواد سامة مثل النيكوتين، والقطران، والرصاص، والزرنيخ، علاوة على أسيتات السليلوز التي تدخل في صناعة الفلاتر، وعن آثارها على التربة والنبات تقول:

عند تحلل أعقاب السجائر في التربة، تنتقل المواد السامة التي تدخل فيها من نيكوتين، وقطران، ورصاص، وزرنيخ، وغيرها من المواد السامة إلى الوسط المحيط مما يؤدي إلى:
– تسمم التربة، فتؤثر سلباً على جودة المحاصيل.
– إعاقة نمو النباتات.
– تقلل من إنبات البذور.
– تبطل نمو الجذور.
– تضعف مقاومة النباتات للأمراض.
– تقتل الكائنات الحية الدقيقة المفيدة في التربة، والتي تلعب دوراً أساسياً في تفكيك المواد العضوية، وتثبيت النيتروجين مما يضعف خصوبة التربة.
– تلوث المياه الجوفية.

وتؤكد عبد العليم أن الأكثر خطراً هو الميكروبلاستيك الذي يدخل في تركيب الفلاتر حيث تستغرق سنوات إن لم يكن عقود حتى ينهار، مما يؤدي إلى تراكم نفايات بلاستيكية يصعب تحللها تسبب أضرار جسيمة للتربة الزراعية والبيئة.

أ.د. محمد علي بدوي - أستاذ الأراضي بمركز البحوث الزراعية - رئيس المجلس العربي لتمكين ابحاث الأراضي والمياه
أ.د. محمد علي بدوي – أستاذ الأراضي بمركز البحوث الزراعية – رئيس المجلس العربي لتمكين ابحاث الأراضي والمياه

تأثير أعقاب السجائر على الحياة المائية:
وعن الآثار السلبية لأعقاب السجائر على المياه، يوضح أ.د. محمد علي بدوي – أستاذ الأراضي بمركز البحوث الزراعية ورئيس المجلس العربي لتمكين أبحاث الأراضي والمياه، أن أعقاب السجائر تحتوي على أسيتات السليلوز، وهي مادة بلاستيكية لا تتفكك بسهولة في البيئة، وتتسرب إلى التربة والمياه مع المواد الكيماوية السامة الأخرى من نيكوتين، وقطران، ومعادن ثقيلة، وغيرها تؤدي إلي تلوث التربة، وتؤثر على الحياة المائية من أسماك، وكائنات حية أخرى في المياه.

كما تتسرب هذه المواد إلى المياه الجوفية أو السطحية من خلال أمطار المياه والري مما يلوث المياه.

وأشار أن الأعقاب ممكن أن تؤدي إلى اندلاع حرائق في الشوارع أو المناطق الخضراء مما يؤدي إلى خسائر مادية وبشرية، علاوة على التلوث البصري، وتدهور المظهر الجمالي للمكان.

أ.د. حنان محمد خير – أستاذ الهيدروبيولوجي بالمعهد القومي لعلوم البحار والمصايد بالإسكندرية
أ.د. حنان محمد خير – أستاذ الهيدروبيولوجي بالمعهد القومي لعلوم البحار والمصايد بالإسكندرية

أعقاب السجائر والبيئة البحرية:
وأكدت أ.د. حنان محمد خير – أستاذ الهيدروبيولوجي بالمعهد القومي لعلوم البحار والمصايد بالإسكندرية، أن أعقاب السجائر تؤدي إلى أضرار جسيمة على البيئة البحرية، نظراً للمدة الطويلة التي تستغرقها المادة البلاستيكية المكونة للفلتر في التحلل.

وأوضحت أن عقب سيجارة واحد قادر على تسمم لتر من الماء، ونادت بضرورة عمل حملات للتوعية في المدارس والجامعات والجمهور العام عبر وسائل الإعلام المختلفة بضرورة التخلص من أعقاب السجائر في صناديق مخصصة لها.

أ.د. أمل سعد الدين حسين، الأستاذ المتفرغ بصحة البيئة والطب الوقائي ورئيس عيادة الإقلاع عن التدخين بالمركز القومي للبحوث
أ.د. أمل سعد الدين حسين، الأستاذ المتفرغ بصحة البيئة والطب الوقائي ورئيس عيادة الإقلاع عن التدخين بالمركز القومي للبحوث

مخاطر تناول الأسماك التي تغذت على أعقاب السجائر

أكدت أ.د. أمل سعد الدين حسين، الأستاذ المتفرغ بصحة البيئة والطب الوقائي ورئيس عيادة الإقلاع عن التدخين بالمركز القومي للبحوث
خطورة التدخين ليس فقط على صحة الإنسان، بل أيضاً على البيئة والكائنات الحية التي تتأثر بمخلفاته.
وأشارت إلى نتائج بحث علمي أجرته بالتعاون مع الراحل د. محمود عبد المجيد، أستاذ بحوث تلوث الهواء، ونُشر في مجلة دولية مرموقة ذات معدل علمي عالي ، حيث أثبتت الدراسة
زيادة تركيزات الزنيخ احد العناصر المسرطنة والمسببة للفشل الكلوي في جسم الإنسان المصرى المدخن عنه في الغير مدخنين وكذلك بين الأسر التي تتناول أسماك بمعدلات تزيد عن مرتين في الأسبوع وهذا يعزز الكلام السابق ذكره عن تواجد عنصر الزرنيخ في السجائر وتلوث الأسماك التي تنمو في مياه ملوثة بمخلفات أعقاب السجائر
وتختتم بالتشديد على أن مكافحة التدخين لم تعد مسألة صحية فقط، بل أصبحت قضية بيئية وإنسانية شاملة، تتطلب تضافر الجهود للحد من آثاره المدمرة على الإنسان والطبيعة على حد سواء.

 

د. محمود حمدي - وكيل النقابة العامة للأطباء البيطريين
د. محمود حمدي –
وكيل النقابة العامة للأطباء البيطريين

أضرار أعقاب السجائر على الحيوانات:
وعن تأثير أعقاب السجائر على الحيوانات والطيور، يحدثنا د. محمود حمدي – وكيل النقابة العامة للأطباء البيطريين، فيقول أن أعقاب السجائر قد تثير فضول بعض الحيوانات خاصة الكلاب والطيور بسبب رائحة التبغ المنبعثة منها أو النكهات الصناعية المضافة مثل المنثول أو الفانيليا، وقد تمضغها أو تبتلعها، والمشكلة تكمن في الفلتر الذي لا يتحلل في الفم بسرعة، وقد يلتصق أو يسبب انسداد في المرئ أو الجهاز الهضمي.

وعن آثار أسيتات السليلوز، والنيكوتين، والقطران، والمعادن الثقيلة على صحة الحيوانات والطيور:

النيكوتين:
مادة سامة للحيوانات حتى بجرعات منخفضة، فقد تسبب قيء أو إسهال أو ارتعاشات وبطء في نبض القلب ونوبات، وفي بعض الحالات تؤدي إلى الوفاة.

القطران والمعادن الثقيلة:
تساهم في تلف الكبد، والكلى، والرئة، وتؤثر سلباً على المناعة.

أسيتات السليلوز:
مادة بلاستيكية غير قابلة للهضم تسبب انسدادات معوية أو إمساك مزمن عند تناولها، وتزداد الخطورة كلما كانت الكمية المنبعثة أكبر

أخطار تناول الحيوانات التي تغذت على أعقاب السجائر:
أوضح د. محمود حمدي أن صحة الإنسان تتأثر سلباً عند تناول الحيونات التي تغذت على أعقاب السجائر، وذلك طبقاً لمنظمة الصحة العالمية.

فالنيكوتين يسبب اضطرابات عصبية وارتفاع ضغط الدم وتهيج الجهاز الهضمى.

والرصاص والكادميوم يعمل على تلف الكلى وفقر الدم وتأثير على الخصوبة للذكور والإناث.

أما الديوكسينات والمعادن الثقيلة تسبب اضطرابات هرمونية وسرطان نتيجة تراكم مزمن.

متى يستيقظ البشر ويستفيقون ويعلنون كوكبنا بلا تدخين؟

أ. عبير سلامة - المدير التنفيذي لمجلة نهر الأمل - المستشار الإعلامي للاتحاد العربي للتنمية المستدامة والبيئة
أ. عبير سلامة – المدير التنفيذي لمجلة نهر الأمل – المستشار الإعلامي للاتحاد العربي للتنمية المستدامة والبيئة

#مجلة_نهر_الأمل

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى