مقالات

الدوري المصري.. من مدرجات الجماهير إلى مكاتب الشركات.. من يُنقذ الأندية الشعبية؟

الدوري المصري.. من مدرجات الجماهير إلى مكاتب الشركات..
من يُنقذ الأندية الشعبية؟

بقلم: د. أحمد شلغم

د. أحمد شلغم
د. أحمد شلغم

تُعَدُّ ظاهرة سيطرة أندية الشركات على الدوري المصري الممتاز من أبرز التحولات التي شهدتها كرة القدم المصرية في العقدين الأخيرين، ونستعرض في هذا التقرير تفاصيل هذه الظاهرة، مع تحليل أسبابها وتأثيراتها، ومقارنة مع تجارب الدول العربية الأخرى.

صعود أندية الشركات: أرقام ودلالات:
في موسم ٢٠٢٣ – ٢٠٣٤، شكّلت أندية الشركات والمؤسسات نسبة ٦٦% من فرق الدوري المصري الممتاز، بواقع ١٢ ناديًا من أصل ١٨، تشمل هذه الأندية: بيراميدز، زد، الجونة، البنك الأهلي، سيراميكا كليوباترا، طلائع الجيش، المقاولون العرب، إنبي، الداخلية، مودرن فيوتشر، فاركو، وسموحة.

وتُظهِر القيم التسويقية لهذه الأندية تفوقًا ملحوظًا، حيث تبلغ قيمة نادي بيراميدز ٢١.٣٣ مليون يورو، متفوقًا على الزمالك (١٩.٩٥ مليون يورو).

الأندية الشعبية: تراجع وحضور باهت:
في المقابل، تراجع عدد الأندية الجماهيرية إلى ٦ فقط: الأهلي، الزمالك، الإسماعيلي، الاتحاد السكندري، المصري البورسعيدي، وبلدية المحلة، تعاني هذه الأندية من أزمات مالية وإدارية، مما أثر على قدرتها التنافسية.
• على سبيل المثال، أنفق نادي طوخ ٢٠ مليون جنيه على فريق كرة القدم، بينما أنفق منافسه ١٠٠ مليون جنيه، مما أدى إلى صعود الأخير.
• وفي المواسم الأخيرة: ظهرت أندية الشركات في الواجهة وهي أندية (فيوتشر FC المتحدة، البنك الأهلي، زد FC Zed)، إنبي، بتروجت، المقاولون العرب، غزل المحلة (قابضة للغزل)، وجميعها كيانات مؤسسية، بعضها تابع لشركات بترول أو بنوك أو شركات استثمار، وهي تتمتع باستقرار مالي، وموارد مستقرة مقارنة بالأندية الجماهيرية.

ضحايا التوسع: الأندية الجماهيرية:
بالتوازي، شهدت الساحة تراجع عدد من الأندية العريقة مثل أندية (المنصورة، الترسانة، بلدية المحلة، الشرقية، الأوليمبي السكندري، السكة الحديد، أسوان) وغيرها، وذلك رغم جماهيريتها التاريخية، لكنها تراجعت بسبب ضعف التمويل أو سوء الإدارة.

الظاهرة عربيًا: وهل مصر حالة استثنائية؟
• في الدول العربية الأخرى، الحضور الطاغي لأندية الشركات قليل نسبيًا:
• في مصر: أكثر من (٨) ثمان فرق كما سبق.
• في الإمارات: شباب الأهلي (اندماج مع نادي شركة دبي)، والشارقة تم دمج الشركات في كيانات جماهيرية.
• في قطر: السد، الدحيل (أساسها مؤسسي لكن لها قاعدة جماهيرية)، وسيطرة مؤسسية جزئية.
• في السعودية: نادِيا الحرس الوطني وأرامكو (فرق درجات أدنى)، وأغلب الفرق جماهيرية أو أهلية.
• في الجزائر: شباب قسنطينة (SCP) مدعوم من مؤسسة وطنية.

لماذا لا يُخصص دوري مستقل لأندية الشركات؟
طرح عدد من المتابعين هذا المقترح لعدة أسباب منها:
• حماية الأندية الجماهيرية من الانقراض التدريجي.
• إتاحة منافسات عادلة بين أندية ذات موارد متقاربة.
• تشجيع الجمهور على العودة للمدرجات بدلاً من متابعة فرق بلا قاعدة جماهيرية.

لكن المعارضين يرون أن:
• ذلك يُقلل من قوة الدوري الممتاز.
• ويُكرّس التمييز داخل الرياضة.
• ويصعب تنظيمه اقتصادياً.

أسباب تفوق أندية الشركات:
١. الدعم المالي الضخم: تتمتع أندية الشركات بميزانيات كبيرة تسمح لها بالتعاقد مع لاعبين ومدربين مميزين.
٢. غياب الجماهيرية: رغم الأداء الجيد، تفتقر هذه الأندية لقاعدة جماهيرية، مما يؤثر على الحضور الجماهيري للمباريات.
٣. تسهيلات إدارية: تُتهم بعض الجهات بتسهيل صعود أندية الشركات عبر توزيعها على مجموعات أسهل في دوري الدرجة الثانية.

تجارب عربية مقارنة:
• في السعودية: تُدار الأندية الكبرى مثل الهلال والنصر من قبل هيئات رياضية مستقلة، مع دعم حكومي واستثماري، مما يحافظ على التوازن بين الأندية.
• تونس والمغرب: تُدار الأندية من قبل جمعيات رياضية، مع وجود دعم حكومي ورعاية من شركات، دون أن تتحول الأندية إلى كيانات تجارية بحتة.

مقترحات وحلول:
١. إنشاء دوري خاص بأندية الشركات: لتحقيق عدالة المنافسة، يمكن فصل أندية الشركات في دوري مستقل.
٢. دعم الأندية الشعبية: من خلال توفير دعم مالي وإداري، وتشجيع الاستثمارات فيها.
٣. تعديل اللوائح: لضمان توزيع عادل للفرق في المجموعات المختلفة، ومنع التحيز لأندية معينة.
٤. تشجيع الشراكات: بين الأندية الشعبية والشركات، على غرار تجربة بيراميدز مع الأسيوطي.
• تُظهر هذه التحولات الحاجة إلى إعادة تقييم هيكلية الدوري المصري، لضمان توازن المنافسة والحفاظ على الهوية الجماهيرية لكرة القدم في مصر.

في النهاية.. يبقى السؤال مطروحًا:
• هل يستمر صعود أندية الشركات حتى تختفي الجماهيرية من المشهد؟ أم تُعاد صياغة منظومة الدوري المصري لتوازن بين المال والانتماء؟

#مجلة_نهر_الأمل

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى