اليوان الرقمى الصينى هل يهدد عرش الدولار الأمريكى؟
تقرير..وفاء آلاجة
توجد العديد من الفرص المتاحة أمام العملات الافتراضية في المستقبل القريب، خصوصًا في مجال العملات الرقمية للبنوك المركزية، وفي مقدمتها “اليوان الرقمي” الصيني الذي بدأت تجربته بالفعل، لكن هذا النوع من العملات ما زال يواجه تحديات تتعلق بالقبول والانتشار، فضلًا عن الإشكاليات المتعلقة بالاحتيال، وإمكانية استخدامها في عمليات غير مشروعة
اليوان الرقمى
اليوان الرقمي الذى يصدره بنك الشعب الصينى بنفس سعر العملة العادية، ويُستخدم اليوان الرقمي بشكل رئيسي في معاملات التجزئة، مما يتيح للناس الدفع بسرعة وأمان وفعالية من حيث التكلفة
ما هي فوائد اليوان الرقمي في الصين؟
1- تعزيز اعتماد الدفع الرقمي
زاد اليوان الرقمي بشكل ملحوظ من اعتماد المدفوعات الرقمية في الصين وتم إنشاء أكثر من 261 مليون محفظة رقمية لليوان، مما يُبرز التكامل السريع لهذه العملة الرقمية. ومع ذلك، لا يزال معدل الاستخدام متواضعًا مقارنةً بـ 903.6 مليون شخص يستخدمون المدفوعات عبر الهاتف المحمول في الصين. ولتوسيع نطاق الاعتماد، تعاون البنك المركزي مع منصات تجارية رئيسية مثل Alipay وWeChat Pay، بهدف جعل معاملات اليوان الرقمي سلسة مثل طرق الدفع الحالية.
2- تعزيز الشمول المالي والكفاءة الاقتصادية
يُسهّل اليوان الرقمي تعزيز الشمول المالي، لا سيما في المناطق الريفية حيث يصعب الوصول إلى الخدمات المصرفية التقليدية. تُدمج الحكومات المحلية مدفوعات اليوان الرقمي للضرائب والمواصلات العامة وغيرها من الخدمات، مما يُسهّل المعاملات اليومية. على سبيل المثال، في مقاطعة تشجيانغ، يُمكن لسكانها استخدام اليوان الرقمي في مختلف الخدمات العامة. علاوة على ذلك، بدأت البنوك الحكومية بتقديم منتجات مالية تعتمد على اليوان الرقمي، مثل القروض ودفع الرواتب، مما يُوسّع نطاق استخدامه
3- تعزيز تدابير مكافحة غسل الأموال
من أهم مزايا اليوان الرقمي قدرته على تعزيز جهود مكافحة غسل الأموال . فطبيعة العملة القابلة للتتبع تتيح مراقبة المعاملات المالية بفعالية أكبر. ويستخدم بنك الشعب الصيني (PBOC) نموذج “إخفاء الهوية القابل للتحكم”، حيث تكون المعاملات الصغيرة مجهولة المصدر، بينما يمكن تتبع المعاملات الكبيرة. ويهدف هذا النهج إلى الحد من الجرائم المالية مثل غسل الأموال والتهرب الضريبي . ووفقًا لتقارير بنك الشعب الصيني، من المتوقع أن تُسهّل هذه القدرة على التتبع كشف الأنشطة المالية غير المشروعة وملاحقة مرتكبيها، مما يُحسّن سلامة النظام المالي الصيني بشكل عام
ومن داخل الولايات المتحدة، الملياردير الأمريكى إيلون ماسك أحد الرأسماليين الفاعلين فى الاقتصاد الأمريكى وإدارة ترامب الحالية كان قد أعطى تصريحا عن الدولار أثار جدلا واسعا، حيث تنبأ ماسك بأن الدولار الأمريكى لن يساوى شيئا لأن طباعة الدولار الخفية بكميات فلكية ستدفع أسعار البيتكوين والإيثيريوم والعملات المشفرة الأخرى إلى الارتفاع التدريجى البطىء فى مقابل الدولار، الذى يتهاوى من جهته فى مقابلها.
وفى ذات الإطار أعلن ملياردير البيتكوين، تيم دريبر، توقعات صادمة عن مستقبل الدولار الأمريكى محذرا من أن الدولار سوف ينهار بحلول عام 2030، أما المحللون الاقتصاديون فى مؤسسة جيفريز فقد توقعوا أن يواصل بنك الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى تشغيل طابعة الدولار بذات الكميات والقيم الفلكية، مما سيؤدى إلى انهيار الدولار الأمريكى وتغذية طفرة هائلة فى أسعار البيتكوين لمنافسة الذهب.
أما خارج الولايات المتحدة فقد أعلن بنك الشعب الصينى أن نظام التسوية العابرة للحدود للعملة الرقمية الصينية المعروفة باسم اليوان الرقمى سيتم ربطه بالكامل مع الدول العشر الأعضاء فى رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) وست دول فى منطقة الشرق الأوسط، مما يعنى أن 38% من حجم التجارة العالمية سيتجاوز نظام سويفت الذى يهيمن عليه الدولار الأمريكى وتتحكم به الولايات المتحدة
الصين تختبر اليوان الرقمي
حقَّقت الصين تقدمًا في مجال العملات الرقمية للبنك المركزي، ومنذ أوائل عام 2020، صعّدت تدريجيًّا من اختبار «اليوان الرقمي» الذي يتم إصداره والتحكم فيه من قِبل بنك الشعب الصيني، ويهدف إلى منح السلطات الصينية مزيدًا من السيطرة على الاقتصاد الرقمي السريع، وتختبر بكين اليوان الرقمي في عدد من المقاطعات، وتمت أكبر عملية اختبار في هذا الشأن في أكتوبر 2020، عندما أجرت حكومة مقاطعة شنتشن يانصيبًا لمنح 10 ملايين يوان (حوالي 1,5 مليون دولار) من العملة الرقمية، وأتاحت للفائزين إمكانية إنفاقها لدى أكثر من 3000 تاجر في المقاطعة
وكان العمل قد بدأ على اليوان الرقمي في عام 2014، لكن التفاصيل بدأت في الظهور بعد أن كشفت شركة Facebook النقاب عن مشروع العملة الرقمية Libra في يونيو 2019، وتسرع الصين من إجراء تجارب عملتها الرقمية في عدد من مقاطعات البلاد، بهدف استباق الألعاب الأوليمبية الشتوية المقرر عقدها في بكين في فبراير 2022، بحيث يمكن استغلال هذه الألعاب للترويج لليوان الرقمي إذا نجحت التجارب الأولية، ومن شأن اتساع نطاق استخدام الدفع الإلكتروني في الصين أن يسهل عملية الانتقال نحو استخدام اليوان الرقمي في أوساط المستهلكين
ويرى الخبراء أن أسباباً داخلية تقف وراء تسريع الصين لتجارب اليوان الرقمي؛ فارتفاع نسبة الصينيين الذين يستخدمون منصات الدفع الرقمية، أتاح لعدد محدود من شركات التكنولوجيا السيطرة على نسبة كبيرة من أموال الصينيين، وهو ما أثار مخاوف السلطات الصينية من توجُّه المواطنين نحو إيداع أموالهم في محافظ رقمية بدلاً من البنوك؛ مما يؤثر سلبًا على القطاع المصرفي التقليدي، كما توجد أسباب خارجية أيضًا دفعت الصين للإسراع في هذا الاتجاه، أهمها: القلق المتزايد من أن تحاول الولايات المتحدة الأمريكية إعاقة وصول الصين إلى النظام المالي العالمي القائم على الدولار الأمريكي، في ظل التوترات بين واشنطن وبكين، كما أنه في حال أصبحت الصين أول قوة عالمية تهيمن على مجال العملات الرقمية، فإن ذلك من شأنه أن يعزِّز مكانتها في الاقتصاد الدولي، ويجعلها أقل عُرضة للعقوبات الأمريكية
توقعات سوق العملات المشفرة
بلغت القيمة السوقية العالمية للعملات المشفرة 3.57 تريليونات دولار وقت كتابة هذا التقرير، وبلغ إجمالي حجم تداولها 220.78 مليار دولار
وفي ما يلي توقعات سوق العملات الرقمية عام 2025 وفقًا لمنصة “ستاتيستا
من المتوقع أن تصل الإيرادات في سوق العملات المشفرة عالميا إلى 45.3 مليار دولار في عام 2025
سيصل عدد المستخدمين في سوق العملات المشفرة على الأرجح إلى 861 مليون مستخدم في عام 2025 يصل معدل انتشار المستخدمين إلى 11.02%
من المتوقع أن يبلغ متوسط الإيرادات لكل مستخدم في سوق العملات المشفرة 52.6 دولارا في عام 2025.
ورغم التحديات التنظيمية، تظل الولايات المتحدة في طليعة الابتكار في مجال العملات المشفرة وتبنّيها، حيث تقود المؤسسات المالية الكبرى وشركات التكنولوجيا الطريق.
وكان ترامب وعد في حملته الانتخابية بأن يكون الرئيس الأكثر صداقة للعملات المشفرة في التاريخ
