الاخبارتوعية وإرشاد
“مهارات الشباب من أجل الاستدامة والابتكار”شعار اليوم العالمي لمهارات الشباب
تحيي منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة ” اليونسكو” يوم 15 يوليو الجاري اليوم العالمي لمهارات الشباب، تحت شعار ” “مهارات الشباب من أجل الاستدامة والابتكار” ، ويهدف الاحتفال هذا العام إلي زيادة الوعي بأهمية تطوير مهارات الشباب.
ويوجد اليوم نحو 1.2 مليار شاب بين 15 و 24 عاما ويمثلون 16 % من سكان العالم. وتعد مشاركة الشباب النشطة في جهود التنمية المستدامة ضرورة لا بد منها لتحقيق مجتمعات مستدامة وشاملة ومستقرة بحلول عام 2030. ومع أن مشاركة الشباب تلك هي وسيلة لتفادي أسوأ التهديدات والتحديات التي تواجه التنمية المستدامة، بما في ذلك آثار تغير المناخ والبطالة والفقر وغياب المساواة بين الجنسين، والصراعات، والهجرة، فأنهم يواجهون بنسبة تزيد بثلاث مرات عن الأكبر منهم سنا احتمال البطالة والتفاوت في الفرص في سوق العمل. فضلا عما يواجهونه من معروض وظائف لا ترقى إلى طموحاتهم.
ويواجه الشباب عملية انتقال صعبة بين مرحلتي الدراسة والدخول في سوق العمل. وتواجه الشابات مشاكل أكثر، حيث المعروض الوظيفي عليهن أقل جودة وإبهارا — غالبا أشغال بدوام جزئي — وأجور أقل أو عقود عمل مؤقتة. ولهذه الأسباب يعد التعليم والتدريب من المفاتيح الأساسية للنجاح في سوق العمل ، ولكن للأسف، أخفقت النظم القائمة في تلبية احتياجات الشباب التعليمية. وتشير الدلائل إلى أن الشباب يفتقرون إلى المهارات الكافية في القراءة والكتابة والرياضيات، وهي المهارات التي تؤهلهم للتنافس في سوق العمل الرسمي .
وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد اعتمدت القرار 145/ 69 في ديسمبر 2014 ، للاحتفال يوم 15 يوليو من كل عام ، باليوم العالمي لمهارات الشباب لإذكاء الوعي العام بأهمية الاستثمار في المهارات الإنمائية للشباب.
ويشير تقرير منظمة العمل الدولية ، إلى أن ارتفاع معدلات البطالة في صفوف الشباب يعتبر من أكبر المشكلات التي تواجهها مختلف الاقتصادات والمجتمعات في عالم اليوم، وذلك في البلدان المتقدمة والبلدان النامية على حد سواء. وسيتعين استحداث ما لا يقل عن 475 مليون وظيفة جديدة خلال العقد المقبل لاستيعاب الشباب العاطلين عن العمل حاليا والبالغ عددهم 73 مليونا، والوافدين الجدد إلى أسواق العمل الذين يبلغ عددهم 40 مليونا كل سنة.
وفي الوقت ذاته، تشير استقصاءات منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي إلى أن أرباب العمل والشباب على حد سواء يعتبرون أن الكثير من الخريجين يفتقرون إلى المهارات اللازمة لعالم العمل. ولا يزال الحصول على عمل لائق يقترن بصعوبات كبيرة. ويبقى القطاع غير الرسمي والقطاع الريفي التقليدي مصدرين رئيسيين من مصادر العمل في بلدان عديدة. ويقدر العدد الحالي للأشخاص الذين تتسم ظروف عملهم بعدم الاستقرار بـ 1.44 مليار نسمة على صعيد العالم. ويمثل العمال في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وجنوب آسيا أكثر من نصف هذا العدد، بحيث يعمل ثلاثة من أصل كل أربعة عمال في هاتين المنطقتين في ظروف يعوزها الاستقرار.
وقد أعد المجتمع الدولي خطة طموحة للتنمية المستدامة لعام 2030. وتدعو هذه الخطة إلى اتباع نهج متكامل لتحقيق التنمية يقر بأن هناك أمورا مترابطة يجب معالجتها من أجل تحقيق أهداف هذه الخطة ، وهذه الأمور ، هي : القضاء على الفقر بجميع صوره وأبعاده، ومكافحة انعدام المساواة داخل البلدان وفيما بينها، وحفظ كوكب الأرض، وتحقيق النمو الاقتصادي الشامل والمستدام، وضمان العمالة الكاملة والمنتجة وتوفير العمل اللائق لجمع النساء والرجال، وتحقيق المساواة التامة بين الجنسين وتعزيز الإدماج الاجتماعي.
ويؤدي التعليم والتدريب دورا محوريا في تنفيذ أهداف خطة التنمية المستدامة لعام 2030. ويعبر الهدف 4 للتنمية المستدامة المتمثل في ” ضمان التعليم الجيد والمنصف والشامل للجميع وتعزيز فرص التعلم مدى الحياة للجميع” تعبيرا تاما عن رؤية إعلان إنشيون: التعليم حتى عام 2030. ويولي إطار العمل الخاص بالتعليم حتى عام 2030 اهتماما كبيرا لمسألة تنمية المهارات التقنية والمهنية، ولا سيما لمسائل الانتفاع بالتعليم والتدريب الجيدين والميسور الكلفة في المجال التقني والمهني؛ واكتساب المهارات التقنية والمهنية اللازمة للعمل وشغل وظائف لائقة ومباشرة الأعمال الحرة؛ والقضاء على التفاوت بين الجنسين وضمان تكافؤ فرص الوصول إلى التعليم والتدريب في المجال التقني والمجال المهني للفئات الضعيفة.
ويتوقع في هذا الصدد أن يفضي التعليم والتدريب في المجال التقني والمهني إلى تلبية احتياجات متعددة على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي والبيئي عن طريق مساعدة الشباب والبالغين على تنمية المهارات التي يحتاجون إليها للعمل وشغل وظائف لائقة ومباشرة الأعمال الحرة، وتعزيز النمو والاقتصاد المنصف والشامل والمستدام، وتيسير الانتقال إلى الاقتصادات الخضراء والاستدامة البيئية.
ويؤدي التعليم والتدريب في المجال التقني والمهني إلى تزويد الشباب بالمهارات اللازمة للالتحاق بعالم العمل، بما في ذلك مهارات العمل الحر. ومن شأنهما كذلك أن يحسنا القدرة على التكيف مع الطلب المتغير على المهارات في الشركات والمجتمعات المحلية. ويمكن للتعليم والتدريب في المجال التقني والمهني أن يحدان من العراقيل التي تعوق الالتحاق بعالم العمل، وذلك بوسائل عدة تشمل التعلم في مكان العمل، وضمان الاعتراف بالمهارات المكتسبة والتصديق عليها. ومن شأنهما كذلك أن توفير فرص لتنمية قدرات ذوي المهارات المحدودة العاطلين عن العمل أو الذين يعانون من العمالة الناقصة، والشباب غير الملتحقين بالمدارس، والأفراد المفتقرين إلى التعليم والعمل والتدريب.
وتظهر البيانات الجديدة التي أطلقتها منظمة العمل الدولية في تقريرها “عالم التوظيف والتوقعات الاجتماعية: اتجاهات عام 2019″، أن الغالبية من مجموع الـ 3.3 مليار شخص في سوق العمل خلال عام 2018 ظلوا “يعانون إحساسا أقل بالأمان لعدم كفاية الأمن الاقتصادي والرفاه المادي وتكافؤ الفرص”. وأكثر من ذلك، يقول التقرير، إن التقدم في الحد من البطالة على مستوى العالم لا ينعكس على تحسين نوعية العمل، وظروفه اللائقة.
وقال “ديميان غريمسو” مدير البحوث في منظمة العمل الدولية، أنه من النتائج الرئيسية في تقرير الاتجاهات المتوقعة للتوظيف لعام 2019، أن البطالة تواصل الانخفاض منذ الأزمة المالية، بمعدلات بطيئة جدا ، وهي ثابتة الآن. ووصول البطالة إلى مستوى منخفض هو من الأخبار السارة، لكن ما يثير قلقنا هو عدم وجود فرص للعمل اللائق، بشكل كاف. فمن بين الـ 3.3 مليار الذين يعملون في العالم الآن، يقلقنا أن الكثيرين منهم يواجه إحساسا بعدم الأمان فيما يخص مستقبل مداخيلهم. وهم موظفون بعقود عمل لا تناسبهم . نعرف ذلك لأن هؤلاء يقولون إنهم اختاروا هذه الوظيفة دون إرادتهم؛ فهم مضطرون لقبول وظائف عمل مؤقتة أو بدوام جزئي، بينما ينتظرون فرصة لوظيفة دائمة أو بدوام كامل .
وحسب تقرير منظمة العمل الدولية فمن المتوقع أن تظل البطالة في الدول العربية مستقرة عند حد الـ 7.3% حتى عام 2020، مع ملاحظة أن مستويات البطالة في الدول العربية خارج دول مجلس التعاون الخليجي مضاعفة. لكن العمال المهاجرين يمثلون 41 % من إجمالي العمالة في المنطقة، وفي دول مجلس التعاون الخليجي يعد أكثر من نصف العاملين من المهاجرين.
من ناحية أخرى، تمثل بطالة النساء في المنطقة العربية والتي تبلغ %15.6 ما يعادل ثلاثة أضعاف البطالة في أوساط الرجال؛ بينما تبلغ البطالة في أوساط الشباب من الجنسين أربعة أضعاف معدل الكبار.
و مع استمرار أوجه القصور الرئيسية في مسألة العمل اللائق، يحذر التقرير، من أن الوصول بالمعدل الحالي للتقدم نحو تحقيق هدف العمل اللائق للجميع، كما هو محدد في أهـداف التنمية المستدامة يبدو “غير واقعي” بالنسبة للعديد من البلدان. وقد أشارت “ديبرا غرينفيلد” نائبة المديرة العامة للشؤون السياسية في المنظمة، إلي أن الهدف 8 من أهداف التنمية المستدامة ،لا يتعلق فقط بالتوظيف الكامل ولكن بنوعية هذا التوظيف، مشيرة إلى أن المساواة والعمل اللائق هما ركيزتان أساسيتان من ركائز التنمية المستدامة.
وقد أبرز التقرير عددا من القضايا المهمة مثل عدم إحراز تقدم في سد الفجوة بين الجنسين في المشاركة في قوة العمل، وأشار إلى أن 48% فقط من النساء يسهمن كقوى عاملة في سوق العمل مقارنة بنسبة 75% من الرجال. كما يشير التقرير إلى استمرار ظاهرة العمالة غير الرسمية إذ تصل نسبة العمال المصنفين تحت هذه الظاهرة إلى 61% من القوة العاملة في العالم. بالإضافة إلى تدني نسبة توظيف الشباب المقلقة، فيقول التقرير إن أكثر من واحد من بين كل خمسة شبان (أقل من 25 سنة) خارج التوظيف أو التعليم أو التدريب.
وقدر تقرير، منظمة العمل الدولية التابعة للأمم المتحدة عدد العاطلين عن العمل في العالم في 2018 بـ172 مليون شخص، أي ما نسبة 5 % (مقارنة بـ5.1 % في 2017)، ما يعني أن معدل البطالة قد عاد إلى مستوى ما قبل الأزمة المالية في 2008. وتوقعت المنظمة استقرار معدل البطالة عند 4.9 % في 2019 و2020 إذا لم يشهد الاقتصاد العالمي “ركودا كبيرا”. لكن المنظمة حذرت من أن توقعات معدل البطالة غير مؤكدة بسبب المخاطر الاقتصادية والمالية والجيوسياسية.
وأشار التقرير إلى وجود “مؤشرات لتراجع القدرات الاقتصادية العالمية مثل خفض صندوق النقد الدولي توقعاته للنمو”. وعلى الرغم من عدم تسجيل ركود، ستؤدي الزيادة السكانية في العالم إلى ارتفاع حتمي في عدد العاطلين عن العمل إلى 173.6 مليونا في 2019 و174.3 مليونا في 2020 بسبب عدم قدرة سوق العمل على استيعاب هذه الزيادة. وفي منطقة آسيا المحيط الهادئ حيث نسبة البطالة هي الأدنى تتوقع المنظمة بقاء المعدل عند 3.6 % حتى 2020، فيما توقعت أن تسجل البطالة في أميركا الشمالية أدنى مستوى لها هذا العام مع 4.1%.
وفي الوقت نفسه ، كشف تقرير صندوق النقد العربي، عن أن أوروبا وأمريكا والصين تحتاج 97 مليون عامل مهاجر حتى 2050 للحفاظ على قاعدتها الضريبية من التآكل . وقال صندوق النقد العربي إن الدول العربية تحتاج 60 مليون وظيفة جديدة حتى 2020 للإبقاء على مستويات بطالة الشباب عند مستوياتها الحالية .
وأشار الصندوق في تقرير آفاق الاقتصاد العربي، إلى أن معدل البطالة في الدول العربية بلغ 10% خلال العام الماضي وفق تقديرات البنك الدولي، وهو ما يمثل تقريبًا ضعف المتوسط العالمي البالغ 5.4%. وأوضح أن تتبع تطور معدل البطالة خلال الفترة 2000 – 2008 و2009 – 2018 يشير إلى أنه في الفترة الأولى اتجه معدل البطالة للانخفاض التدريجي بما يعكس ارتفاع معدل النمو الاقتصادي، وزيادة معدلات التشغيل وهو ما خفض المعدلات من 12% في عام 2000 إلى 9% في عام 2009. بينما اتسمت الفترة من 2009 – 2018 بانخفاض معدل النمو الاقتصادي ليسجل 2.6% مقارنة بمعدل نمو القوى العاملة 3.3 % ، كما أضعفت التحديات الاقتصادية التي شهدتها البلدان العربية على الصعيدين الإقليمي والعالمي خلال تلك الفترة من قدرة الدول على زيادة معدلات التشغيل .
وأشار التقرير إلى أن ما يزيد من حجم التحديات التي يفرضها ارتفاع معدلات البطالة في المنطقة العربية تركزها في أوساط الشباب في الشريحة العمرية 15 – 24 سنة، حيث بلغ معدل بطالة الشباب في الدول العربية 26.1% في عام 2018 ،وهو تقريبا المستوى المسجل عام 2000 ويعادل نحو ضعف معدل بطالة الشباب على مستوى العالم 13.2% .
من جانب آخر ترتفع مستويات بطالة الشباب بشكل كبير بين أوساط الإناث في الدول العربية لتصل إلى 40% مقابل 15% في المتوسط العالمي وهو ما يحد من آفاق النمو في الدول العربية .
وأكد تقرير الصندوق أنه لتفادي مشكلة البطالة كأكبر التحديات التي تواجه الاقتصاديات العربية يجب أن تعمل الدول العربية على مواصلة استراتيجيات تنويع الاقتصاد، وتنفيذ إصلاحات مؤسسية لزيادة ديناميكية ومرونة أسواق العمل والمنتجات، وزيادة فرص التمويل للشباب والاستفادة من تسارع وتيرة التقنيات المالية .بالإضافة إلى زيادة مساهمة المرأة في سوق العمل، وترتيبات عمل أكثر مرونة بالاستفادة من التطورات التقنية، بجانب رفع جودة التعليم وتوجيه السياسات التعليمية نحو مجالات ديناميكية أكثر طلبا في مجال العمل، والتفكير في مبادرات لدعم التكامل العربي والإقليمي.
وبينما يعاني الوطن العربي من البطالة أورد التقرير أنه من المتوقع انخفاض مستويات القوى العاملة في الدول المتقدمة وبعض البلدان النامية سريعة النمو نتيجة شيخوخة السكان . ولفت التقرير إلى أنه من المتوقع ارتفاع الطلب على العمالة المهاجرة، حيث تشير التقديرات إلى حاجة دول الاتحاد الأوروبي إلى استقطاب نحو 70 مليون مهاجر حتى عام 2050 للوفاء بمتطلبات سوق العمل، والحفاظ على القاعدة الضريبية الحالية، وكذا حاجة الولايات المتحدة والصين إلى استقطاب 27 مليون عامل. وينتج عن ذلك توقعات بارتفاع مستويات الطلب على العمالة العربية المؤهلة، إلا أن ذلك سيكون في ظل إطار تنافسي قوي مع بعض الدول النامية الأخرى خاصة في ظل الوفر المتوقع في مستويات المعروض من العمالة في الهند بنحو 47 مليون عامل.