كلمة رئيس لجنة الطاقة المتجددة بغرفة الرياض في احتفالية اليوم العالمي للبيئة
كلمة رئيس لجنة الطاقة المتجددة بغرفة الرياض في احتفالية اليوم العالمي للبيئة
كتب: محمود علي
خلال احتفالية اليوم العالمي للبيئة التي عقدت في رحاب جامعة الدول العربية والتي نظمها الإتحاد العربي للتنمية المستدامة والبيئة تحت إشراف الأمين العام للإتحاد، الأستاذ الدكتور أشرف عبد العزيز، وبالتعاون مع جمعية المهندسين المصرية، وكلية الدراسات العليا والبحوث البيئية بجامعة عين شمس، وبرعاية إعلامية لمجلة نهر الأمل.
جاءت كلمة المهندس بندر أحمد علاف – عضو لجنة الطاقة باتحاد المهندسين العرب ونائب رئيس لجنة الطاقة المتجددة بغرفة الرياض – السعودية، قائلاً أن هذا اليوم يأتي تحت شعار “إيجاد الحلول للتلوث البلاستيكي”، وهي قضية تهدد بيئتنا وتؤثر بشكل كبير على الحياة البرية وصحة الإنسان والحيوان والنظم البيئية كافة، حيث وجدت إحصائيات التقارير الصادرة عن الأمم المتحدة أن حجم الإنتاج السنوي للبلاستيك يقارب الأربعمائة وثلاثون مليون طن، وهو ما يعادل من ناحية الوزن ثلاث وسبعون هرماً من أهرامات الجيزة العظيمة التي نجتمع بجوارها اليوم.
وأوضح أن من هذه الكمية الضخمة يتم إعادة تدوير 10% فقط، بينما تنتهي الكمية المتبقية في مكاب النفايات أو في النظم البيئية التي سيتراكم فيها البلاستيك لقرون قادمة، فعلى مر قرن من الزمان منذ اختراع مبلمرات البلاستيك في عام 1907، وصل حجم النفايات البلاستيكية التراكمي على سطح كوكبنا وحتى هذه اللحظة إلى ما يقارب ثمانية مليار وثمانمائة مليون طن.
وأشار بأن التوث البلاستيكي قد وصل إلى كل زاوية وبقعة من كوكبنا الأزرق، حيث رصدت النفايات البلاستيكية في أعمق نقطة من كوكبنا عند خندق مارينا البحري على عمق إحدى عشر كيلو متراً تحت سطح البحر، بينما تتراكم النفايات البلاستيكية التي يأتي بها المتسلقون أيضاً على جبل إيفرست، والتي وصلت كميتها إلى ثلاثون طناً حتى هذه اللحظة.
وأفاد بأن المشكلة لا تحسب بالأطنان فقط، بل بالنانو أيضاً. إذ وجد الباحثون أن البلاستيك لا يتحلل بالكامل عند تفككه، بل يتكسر إلى قطع أصغر فأصغر إلى أن يصل حجمها إلى ما هو أصغر من رأس الشعرة، لتتسرب في النظم البيئية وإلى أجسام المخلوقات الحية. موضحاً أن الأطباء رصدوا البلاستيك النانوي بالفعل في دماء البشر، وفي أرحام الأمهات، وحليب المرضعات، وفي داخل أحشاء السمك والماشية والطير، وغيرها من المواطن التي لا يعلم ضررها إلا الله.
وأوضح إن هذا التلوث البلاستيكي العارم يستدعي وقفة جادة وحازمة وسريعة، وهو بالفعل ما أدركته الحكومات والمجتمعات والمنظمات غير الحكومية والمنظمات الدولية، وتمثل ذلك بحراك قانوني وتشريعي وتقني مثير للإعجاب خلال السنوات القليلة الماضية على كافة المستويات، سواء كان ذلك بالحظر الكامل لتصنيع أو بيع البلاستيك في بعض الدول، أو بوضع المعايير والمواصفات الدقيقة التي تقلل من ضرره، أو عبر إجراء الأبحاث العلمية التي تزيد من سبل الإستفادة منه وإعادة تصنيعه، ونفخر في هذا الصدد بأن العديد من الدول العربية كانت سباقة في هذا المجال، وقائدة للجهود الدولية الساعية إلى مكافحة التلوث البلاستيكي.
ونوه إلى اختتام أعمال “اللجنة التفاوضية بين الحكومات” وكان مقرها اليونسكو بالعاصمة الفرنسية باريس، منذ أيام قليلة، الساعية للحد من التلوث البلاستيكي، والتي ترمي إلى تأسيس اتفاقية دولية ملزمة قانونياً في هذا الشأن بحلول نهاية العالم المقبل 2024، ولقد شاركت الدول العربية في أعمال هذه اللجنة كما هو معهود منها، وساهمت في بناء التشريعات المنظمة لهذه الإتفاقية مستقبلاً وطرق حوكمتها وتطبيقها.
وأوضح أن الحكومات تعمل على وضع الأطر التي ستحدد الخطوات القانونية والتشريعية للحد من التلوث البلاستيكي بإذن الله، وضع العلماء بالفعل خارطة طريق مبدئية لتطبيق ذلك، واعتماد بذلك على علوم وخبرات ممتدة من المعارف والدراسات، لتقترح بذلم ما يطلق عليه “الإقتصاد الدائري للبلاستيك”، مشيراً بأن الإقتصاد الدائري للبلاستيك يهدف إلى الإبتعاد عن النهج الخطي الذي تعمل به أسواق البلاستيك حالياً، والذي يبدأ بتصنيع البلاستيك، ومن ثم استخدامه، وأخيراً رميه والتخلص منه. وبدلاً من ذلك، يسعى الإقتصاد الدائري للبلاستيك إلى خلق نهج دائري يتم فيه تحقيق الإستفادة القصوة من البلاستيك وتقليل المهدر منه، وذلك عبر خطوات بسيطة وهي خفض الطلب، إعادة الإستخدام، إعادة التدوير، التنويع، ومعالجة آثار البلاستيك المتراكم حالياً. ولن يمكن أن تتحقق هذه الأهداف إلا بخلق الأسواق التي ستحرك عجلة التغيير، ليبرز دور الحكومات كممكن ومشرع ومحفز، والقطاع الخاص لجوانب التمويل والتنفيذ.
وأشار إلى الأهمية الكبيرة التي أولتها حكومة المملكة العربية السعودية لمسألة مكافحة التلوث بكل أنواعه، بتوجيه كريم من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وبتمكين سمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان –حفظهما الله. حيث اتخذت المملكة خطوات جادة للتوجه نحو الإقتصاد المستدام للحد من المخاطر البيئية وتحقيق التنمية المستدامة، ويتجلى ذلك بوضوح في الأهداف التي وضعتها وزارة البيئسة والمياه والزراعة في الإستراتيجية الوطنية للبيئة، والتي تشمل تعزيز فعالية الإطار المؤسسي والحوكمة والأنشطة البيئية، وتحسين جودة حياة أفراد المجتمع ورفع الوعي البيئي، وتحفيز التقنيات الصديقة للبيئة ودعم البحث والتطوير، وتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر، وحماية الحياة الفطرية والتنوع الأحيائي، وتعزيز دور الجمعيات والعمل التطوعي، وتحسين خدمات الأرصاد وزيادة نظاقها، وتعزيز القدرة على التكيف مع التغير المناخي.
وأوضح أن هذه الأهداف الإستراتيجية تتقاطع بشكل كبير مع جهود مكافحة التلوث البلاستيكي. وبما أن الأفعال أبلغ وأصدق من الأقوال، سأعرج الآن للحديث عن بعض الجهود المباركة لحكومة المملكة وما تحقق منها في السنوات القليلة الماضية، وذلك ضمن مفاهيم الإقتصاد الدائري للبلاستيك المذورة أنفاً.