النفوذ الغربى فى منطقة الساحل وأثره على الاقتصاد والتنمية
النفوذ الغربى فى منطقة الساحل وأثره على الإقتصاد والتنمية
تقرير: وفاء آلاجة
انطلقت فعاليات الحلقة النقاشية التى نظمها المركز الإفريقى للأبحاث والدراسات الإستراتيجية ACRESS برئاسة د.غادة فؤاد بالتعاون مع المعهد الدولي للنظم المتقدمة (ارياس) (IRIAS) في موسكو بمشاركة ممثلى السفارة الأمريكية وممثلي السفارة الروسية والسفارات الإفريقية ورؤساء إتحاد الطلبة الأفارقة وبمشاركة الدكتور ألكسندر أجييف المدير العام لمعهد الإستراتيجيات الإقتصادية بموسكو عبر الزووم وبحضور د.محمد عاشور أستاذ العلوم السياسية بكلية الدراسات الإفريقية العليا بجامعة القاهرة، والدكتور محمد الطماوى عضو مجلس إدارة مركز المعلومات والإستشارات الإفريقية بجامعة القاهرة والأستاذ أبو بكر الحاج مهمن رئيس جالية النيجر فى مصر والدكتور إسماعيل محمد طاهر باحث فى الشأن الإفريقى بجامعة إنجمينا والدكتور جوناثان أريمو أستاذ العلاقات الدولية بنيجيريا والسيدسياكا كويليبالى محلل سياسى من بوركينا فاسو والدكتور أحمد يعقوب دابيو خبير فض النزاعات ورئيس مركز الدراسات للتنمية والوقاية من التطرف فى تشاد والأستاذ عمر أحمد البستنجى كاتب ومحلل إقتصادى من الأردن وباحث دكتوراه إقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة ورؤساء الجاليات الإفريقية .
وأشارت د.غادة فؤاد أنه منذ إعلان الإتحاد الكونفدرالى بين 3 دول من دول الساحل الإفريقى وإبراز الموقع الهام لتلك الدول توجهت دول كبرى لتفوز بفرصة التواجد فى هذه الدول وهى مالى والنيجر وبوركينا فاسو ودائما ما يهتم المركز الإفريقى للأبحاث والدراسات الإستراتيجية بقضايا القارة ولاسيما منطقة الساحل بغرب إفريقيا ويتصدى المركز اليوم لمناقشة مشكلتين أساسيتين وهما التبعية النقدية وتأثير السياسات الإستعمارية على الهيكل الإدارى والحكومى فى الدولة والسياسات التى تضر بمصالح الدولة والمنظومة الحكومية .
والتبعية النقدية يحرم الدول الإفريقية من إتخاذ أى قرار خاص بالسياسات النقدية ولاتستطيع التدخل فى التضخم أوالوفاء بالديون فمنطقة الساحل لديها ديون كبيرة لم تنعم بها فى تنمية دولها ومنهكة إقتصادياً بسبب تكالب الدول الكبرى على المنطقة للسيطرة على مواردها وإستغلال الفرص الإستثمارية والمعادن النادرة مثل اليورانيوم والذهب والماس والبترول .
وتعد منطقة الساحل من أهم الدوائر الإستراتيجية ضمن السياسة الخارجية الفرنسية، إذ تسعى فرنسا كغير ها من القوى الدولية الأخرى للإستحواذ على أكبر قدر ممكن من موارد الطاقة وتتبع فرنسا إستراتيجية لاستغلال ثروات المنطقة، كما تعمل على تحقيق مصالحها في المنطقة من خلال إضفاء الطابع الأمني و الاقتصادي على معظم مبادراتها لدول المنطقة، للحفاظ على مكانتها في ظل المنافسة الدولية على المنطقة، إذ أصبحت منطقة الساحل منطقة تصادم مصالح القوى الدولية وذلك له بالغ الأثر على مكانة فرنسا في المنطقة، كما تسعى إلى إبقاء الساحل الإفريقي حبيس نفوذها بعيدا عن أي تواجد دولي آخر.
وقد عقد المركز الإفريقى للأبحاث والدراسات الإستراتيجية (ACRESS) بروتوكول مع المعهد الدولي للنظم المتقدمة (IRIAS) في موسكو وتعد تلك الحلقة النقاشية أولى ثمار هذا البروتوكول لإيجاد الحلول لإعادة بناء المنطقة وإعادة هيكلة الإقتصاد فى دول الساحل وتحديد الخطوات التى يجب إتخاذها لإدخال التحسينات على الوضع الحالى بدول الساحل
وأكد الدكتور ألكسندر أجييف المدير العام لمعهد الإستراتيجيات الإقتصادية بموسكو أن هناك فرص وتكنولوجيا حديثة وقوى عسكرية وإقتصاد فى دول الساحل ولكن تتمثل المشكلة فى التمويل ومانراه الآن هو تمييز فى نظام التبادل التجارى لصالح الدول الكبرى فهى مشكلة إقتصادية ذات صلة بإنعدام العدالة ويتطلب ذلك إقامة نظام لايتمثل فقط فى العملة الموحدة ولكن يستوجب إنشاء منهجية جديدة ونظام قائم على تعدد الأطراف ونظام جديد للمدفوعات ومعالجة أزمة الثقة الموجودة والهيمنة على العملة والتبعية للدول الأجنبية فالدول الكبرى تمارس السيطرة على المعاملات والبنية التحتية وتسيطر على رأس المال وتحتاج دول الساحل لمنظومة متكاملة من المؤسسات المالية القائمة ووضع حلول تكنولوجية تقضى على الهيمنة ووضع قواعد واضحة لاتخاذ الإجراءات الصحيحة للتخلص من الديون وإتباع سياسة نقدية مستقلة للتخلص من التضخم والاستعانة التكنولوجيا الحديثة للتنمية وإتباع نظم إدارية غير مركزية.
وأشار د.محمد عاشور أن المشكلة فى دول الساحل لها ثلاثة أبعاد بعد نقدى ومالى نظراً لهيمنة إقتصاد الدول الكبرى على إقتصاديات تلك الدول وبعد خاص بالتنمية والتى تتحكم فيها الدول الإستعمارية ولها أثار على النظام الادارى والحكومى فى المنطقة وعلاقة ذلك بالتطرف والإرهاب بالمنطقة والبعد الثالث إيجاد الفرص والحلول للمشكلات الإفرقية فى ظل دعم الدول التى تعترف بحقوق دول الساحل فى حل أزمتها وتوفير الظروف الملائمة للحوار المثمر دون شروط.
وإستعرض أ.أبو بكر الحاج مهمن رئيس جالية النيجر فى مصر الأوضاع والصعوبات التى تعانى منها دول منطقة الساحل الإفريقى وفرص التنمية ومحاولة التغيير فى مجريات الأمور الإقتصادية والعسكرية والإدارية فالنيجر تعتبر من أفقر الدول بالرغم من إمكانياتها ومواردها الإقتصادية فالانتخابات الرئاسية التى تجريها البلاد لا تعود على الشعب بأى تحسن فى الأوضاع لإرتباط السلطة بالمستعمر القديم الذى يبغى الحصول على موارد الدولة فى صفقات غير عادلة فالعملة مرهونة بسيطرة ونفوذ الدولة الفرنسية والنفوذ السياسى الذى يؤثر فى مجريات أمورالدولة فالشعب لايثق فى الأنظمة .
وتعد العملة فى منطقة دول الساحل وهى “الفرانسيفا” أحد عوامل عدم التقدم الادارى لأن البنوك فى النيجر ليست دولية فمن يسافر يأخذ معه ما يكفيه من النقود غلا يوجد تعامل بتلك العملة خارج المنطقة فلا يحدث تبادل للعملة أو تداول لها الا من خلال الدولة الفرنسية لإتمام أى صفقات أو عقود ولذلك يجب إعادة صياغة العقود المبرمة بما يضمن حقوق الدول الافريقية .
والتعليم فى منطقة الساحل سىء جداً ولايسمح بتأهيل كوادر تصلح للقيادة والوصول للمناصب ومعظم المتعلمين والمثقفين لايجيدون غير اللغة الفرنسية والنفوذ السياسى يتحكم فى التعيينات ونظم مبنية على العلاقات العامة والتقرب من السلطة والنفوذ الغربى وهو نظام لايعتد على الكفاءات ولايهتم ببناء القدرات والمهارات للشباب لتفتقر الدولة للأساسيات التى تضمن التقدم والتنمية ، وكذلك الإنتخابات فى مجلس الشعب قائمة على المصالح ولاعلاقة لها بالشفافية أو الديمقراطية.
وفرضت فرنسا مبادىء على رؤساء الدول الإفريقية منها أن تدفع لفرنسا ثمن الإصلاحات التى قامت بها أثناء الإستعمار ونظل ندفع لمدة 100 سنة ثمن باهظ لم ننعم به فى تنمية أو نهضة حقيقية وكذلك تفرض على الدول الافريقية حجز 80% من الإحتياطى النقدى ولا تنعم الدول الافريقية بسوى نسبة قليلة من ذلك الاحتياطى لايسمح لها بالتنمية كما تفرض فرنسا أن تتمتع بالاحتكار للموارد الطبيعية فى المنطقة فلها الحق فى معادن الدول الفرانكوفونية .
وأكد الدكتور محمد الطماوى عضو مجلس إدارة مركز المعلومات والإستشارات الإفريقية بجامعة القاهرة أن التبعية النقدية لدول الساحل ةتضر بفرص التنمية لتلك الدول التى تعانى من الاستعمار الجديد فهى مقيدة إقتصادياً من خلال الأنظمة التى تدار من الخارج فالتحديات الإقتصادية الناتجة عن التبعية النقدية هى محط للإستثمارات الدولية ولكنها تواجه تحديات امنية وإرهاب وهجرة غير شرعية .
ومنذ عام 1670 والاستعمار الفرنسى للدول الإفريقية بنهب ثرواتها فقد أصدر نابليون الثالث 1853 مرسوم بإنشاء بنك السنغال بهدف دعم التجار الفرنسيين فى السنغال بالتزامن مع إلغاء العبودية ليسمح البنك بالتوظيف للأفارقة بدلا من الاستعباد والرق وفى مؤتمر برلين 1858 تم تقنين نفوذ الدول الأوروبية وإستولت فرنسا على 8 دول من غرب إفريقيا وأنشأت بنك غرب إفريقيا لتوحيد العمليات الحسابية للدول الثمانية فهو بنك إستثمارى تجارى لإصدار عملة تكون تبعيتها الوحيدة لفرنسا .
ومازالت الهيمينة والنفوذ الغربى على دول القارة موجودة حتى بعد الإستقلال فالعملات غير قابلة للتحويل ولايتم التعامل بها إلا فى المنطقة ولن يقوم أى تكامل إقتصادى بين دول القارة فى ظل تلك التبعية النقدية لفرنسا.
والفرنك الإفريقى مكن فرنسا من إدارة الأراضى بشكل أفضل وأصبح السكان الأصليين مجرد رعايا للدولة الفرنسية لدعم الإقتصاد الفرنسى والقوة الشرائيوة فى يد المستعمر ويضطر المنتجين للإستسلام للظروف التى يفرضها المستعمر الجديد.
والسياسة النقدية أمر حساس وسيادى لكل دولة ولكن الدول الغربية قومت العملة باليورو مما زاد من مشكلة تغيير العملة ولايسمح بتداولها خارج منطقتها الإقتصادية فلا توجد مطابع وطنية لطباعة العملة وكافة النقود التى يتم تجميعها توضع داخل بنوك فرنسا مما يضعف من قدرة الاقتصاد الإفريقى ولاتوجد إستقلالية نقدية ويتحكم المستعمر الجديد فى معدلات الإستثمار والتضخم ويعيش 64% من السكان فى منطقة الساحل على النشاط الزراعى والحيوانى والناتج الإجمالى المحلى لايتعدى 20 مليار دولار فى مالى و16 مليار دولار فى النيجر ولايتعدى دخل الفرد السنوى فى تلك الدول 779 دولار والاحتياطى النقدى فى بوركينافاسو لا يتجاوز 225 مليون جنيه فقط أما باقى النقود توضع فى البنوك الفرنسية مما أدى لزيادة القروض وإنخفاض المنح الدولية لدول الساحل خلال العشر سنوات الماضية.
لينكات ذات صلة :
https://youtu.be/bwHc9ljWs3ohttps://youtu.be/bwHc9ljWs3o