بصمات الأصابع الجينية بين تحقيق الأمن واحترام الخصوصية.. كيف ينظمها القانون المصري؟

بصمات الأصابع الجينية بين تحقيق الأمن واحترام الخصوصية..
كيف ينظمها القانون المصري؟
دراسة قانونية للدكتور محمد رمضان عيد محمود جمعة غريب
بسم الله الرحمن الرحيم
{ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ (12)
ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ (13)
ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً
ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (14) }
سورة المؤمنون
الآيات ( 12- 13- 14)

في ظل التطورات التكنولوجية المتسارعة، أصبحت البصمة الجينية وعمليات تسجيل الهوية من الأدوات الأساسية لتحديد هوية الأفراد في مجالات الأمن القومي، العدالة الجنائية، والهجرة. ومع ذلك، يثير استخدامها تساؤلات حول مدى تأثيرها على الحق في احترام الخصوصية، خاصة مع حساسية المعلومات الجينية وإمكانية إساءة استخدامها.
ما هي بصمات الأصابع الجينية؟
تعتمد تقنية بصمات الأصابع الجينية على تحليل الحمض النووي (DNA) للأفراد، حيث يحمل كل شخص تركيبة جينية فريدة، تمامًا مثل بصمات الأصابع التقليدية. يتم استخراج الحمض النووي من عينات بيولوجية مثل الدم أو الشعر، ثم تحليله لاستخدامه في تحديد الهوية، سواء في التحقيقات الجنائية، إثبات النسب، أو حتى في حالات الكوارث لتحديد الضحايا.
التوازن بين الأمن والخصوصية في القانون المصري:
يضمن الدستور المصري في المادة 57 من دستور 2014 حماية الحق في الخصوصية، مع السماح بفرض قيود قانونية في حالات معينة مثل القضايا الجنائية والأمنية. ويؤكد القانون أن استخدام بصمات الأصابع الجينية يجب أن يكون مقيدًا بضوابط قانونية واضحة، تضمن عدم انتهاك حقوق الأفراد أو استغلال بياناتهم الوراثية بطرق غير مشروعة.
تجربة فرنسا.. وهل بصمات الأصابع الجينية انتهاك للخصوصية؟
في حكم صادر عن محكمة النقض الفرنسية عام 2021، أكدت المحكمة أن إلزام الأفراد بالخضوع لأخذ بصمات الأصابع الجينية أو تسجيل الهوية لا يُعد انتهاكًا غير متناسب للحق في الخصوصية، طالما يتم ذلك وفقًا لضوابط قانونية محددة.الحكم الفرنسي الذي اصدرته
محكمة النقض الفرنسية
Cour de cassation,
Chambre criminelle.
Pourvoi n°/
20-80.489(B)
22 septembre 2021
استنتاجات وتوصيات:
رغم أهمية بصمات الأصابع الجينية في تعزيز الأمن القومي وكشف الجرائم، فإن استخدامها العشوائي أو غير المنظم قد يشكل خطرًا على خصوصية الأفراد. لذا، من الضروري أن تضع الدول تشريعات واضحة تنظم استخدامها، مع توفير آليات لحماية بيانات المواطنين وضمان عدم إساءة استخدامها. التحدي الأكبر يكمن في تحقيق توازن عادل بين الأمن وحقوق الإنسان، وهو ما تسعى القوانين الحديثة إلى تحقيقه.