توعية وإرشاد

تنامى ظاهرة العنف المجتمعى والانتحار

مؤسسة "زون للتدريب" تنظم الملتقى العربى للصحة النفسية لمناقشة ظاهرة

الملتقى العربى للصحة النفسية يناقش ظاهرة العنف المجتمعى والانتحار

تغطية إخبارية : وفاء ألاجة

شهدت مجلة “نهر الأمل” فعاليات الملتقى العربى للصحة النفسية ” ظاهرة العنف المجتمعى والانتحار” الذى نظمته مؤسسة زون للتدريب والاستشارات برئاسة الدكتورة سحر الهلالى وبمشاركة الدكتور علاء الدين متولى أستاذ تدريس مناهج الرياضيات بجامعة بنها ورئيس مركز تدريب هيئة أعضاء التدريس بكلمة حول “الاستاذ الجامعى قدوة الجيل ودوره فى التصدى لظاهرة العنف والانتحار بين الشباب” ، والدكتور أسامة جعفر مستشار سابق بوزارة الخارجية وورقة عمل حول ” دراسة ظاهرة العنف فى المجتمعات العربية “، والدكتورة فاطمة عبد الوهاب رئيس قسم تطوير المناهج بكلية التربية بجامعة بنها وورقة عمل حول “تطوير المناهج فى الجامعات العربية حاجة ملحة”، وناقشت الدكتورة راندا الديب أستاذ أصول تربية الطفل بجامعة طنطا ومحكم باللجنة الدولية للطفولة المبكرة بالمجلس الأعلى للجامعات أخطار الالعاب الإلكترونية والحوت الازرق على الأطفال والمراهقين ، وشارك الدكتور اسلام القزاز أستاذ الفقه بمحاضرة تحت عنوان”  دور المؤسسات الدينية والتوعوية فى التصدى لظاهرة العنف والانتحار”، وبحضور العديد من التربويين ورجال الدين والإعلام والمنيين بالشأن التربوى .

وأكدت الدكتورة سحر الهلالى أهمية مناقشة قضية العنف التى يشهدها المجتمع المصرى بعد تزايد وتيرتها وأصبحنا نطلع على الصحف لمتابعة زوج يقتل زوجته ، وإبن يقتل أبواه ،وتم رصد ظاهرة انتشار الانتحار بين الشباب وهو مالم يشهده مجتمعنا من قبل ونقوم كأخصائيين تربويين ومؤسسات مجتمع مدنى بمناقشة تلك الظواهر فى ملتقى الصحة النفسية لنشر الوعى بأسباب العنف والانتحارإقتصادياً وإجتماعياً ونفسياً، ومعالجة تلك الأسباب وصولا لحلول فاعلة تمنع تزايد تلك الظاهرة وتحجمها قبل أن تنفلت الأمور عن نصابها وتلقى بظلالها السلبية على مجتمعاتنا العربية بمزيد من المشكلات الاجتماعية والنفسية .

وإستعرض الدكتور علاء متولى فى كلمته حول الاستاذ الجامعى قدوة الجيل ودوره فى التصدى لظاهرة العنف والانتحار بين الشباب مشيراً لتلك المبادرة المجتمعية الهادفة التى تقوم بها مؤسسة زون لمعالجة أحد القضايا التى تمس المجتمع نفسياً وإجتماعياً ومعنوياً وإقتصادياً فمشكلة الانتحار بين الشباب تعد ظاهرة وعلينا دراسة أسبابها ونعرض مقترحات لعلاجها ومعرفة الدوافع التى تجعل الشاب يخالف شرع الله وينهى حياته بإختياره ومن الظاهر أن العديد يقدم على الانتحار بسبب الاكتئاب والهوس الاكتئابى أو الفصام ، أو لادمان الكحول وتعاطى المخدرات أو الضغوط بسبب الأهل والأصدقاء أو لمرور الشباب بأزمة عاطفية .

وتنتشر تلك الظاهرة لدى الشباب مابين 18 و30 عاماً ويقدم الشاب على الانتحار بسبب عدم تحمل المسؤلية أوالاحباط  واليأس وعدم التقرب من الله وقلة الوازع الدينى أو بسبب التدليل الزائد والتربية الخاطئة أو لقلة الرقابة الأسرية ، وقلة الاشباع بالحب ، والجلوس لفترات طويلة لمتابعة الانترنت والغزو الفكرى الذى لايتناسب مع هويتنا الثقافية والفكرية ، وبسبب البطالة والحالة الاقتصادية ،وبسبب الانغلاق الأسرى وعدم إعتياد صلة الأهل والأقارب وفقد الانتماء والترابط الأسرى  .

والانتحار ليس حلاً ولكنه يحدث نتيجة نقص الوعى بمخاطر الانتحار الذى يهدد حياه الفرد وبسبب نقص الثقافة والعلم بالدين وعدم التفكير فى الأشياء الجيدة والانصياغ للأفكار السيئة والهدامة ويعتقد الشاب أن أسهل الطرق هو الموت أو الانتحار ولأساتذة الجامعات دور فاعل فى توجيه هؤلاء الشباب لحل مشكلاتهم لتلافى مسببات تلك الظاهرة .

وهناك بعض المؤشرات للإقدام على الانتحار يجب ملاحظتها وتتمثل فى الانسحاب المجتمعى والانطواء واليأس والحزن الشديد وعدم الاهتمام بالمظهر وقلة الاقبال على الطعام والغضب والتقلبات النفسية والبعد عن الوالدين وعدم التحدث معهم والأرق وعدم النوم وإختلال الساعة البيولوجية لديه مما يزيد من العصبية والاكتئاب والجلوس منفرداً لساعات طويلة والعزوف عن المشاركة فى الأنشطة الاجتماعية والتهديد بالانتحار وينبغى عدم الاستهانة بتلك التهديدات فكل ذلك يؤدى إلى إتجاه الشباب للعنف وإعتناق الأفكار السيئة التى تدفعه للإنتحار .

وقد أشار أساتذة علماء النفس بمركز البحوث الجنائية والاجتماعية بأن المنتحر ضحية لعدة عوامل متشابكة ومتفاعلة تدفعه لذروة اليأس حتى يقدم الفرد على الانتحار فقد يعانى من أحد الأمراض النفسية كالإكتئاب العقلى والنفسى ، والهلاوس السمعية والبصرية وهى أفكار تتسلط على الذهن وتعزل الفرد عن العالم الخارجى ، كما تعد مشكلة الادمان من العوامل المساعدة على الانتحار فالألم النفسى الناجم عن الاصابة بمرض ما يدفع المريض أحياناً للجوء للمخدرات وتحت تأثيرها يسهل عليه الاقدام على الانتحار .وتزيد مشكلة التفكك الأسرى من إندفاع الفرد للإنتحار للهروب من المشكلات.

 وعلينا دراسة من المسؤل عن ذلك المدرسة  أم الأسرة والأصدقاء ورجال الدين والاعلام أم كل هؤلاء؟فالأسرة هى خط الدفاع الأول ثم يأتى بعد ذلك دور المدرسة ودور علماء الدين والاعلام وينبغى على الحكومات منح فرص للشباب للعمل والحياه الكريمة وإستغلال تلك الطاقات المهدرة وتحقيق العدالة السريعة .

وفى الحقيقة الانسان السوى هو المسؤل الأول عن طرد الأفكار السلبية من ذهنه والتفكير بإيجابية وعليه مصاحبة الوالدين ومواصلة الحوار معهم بهدوء وعقلانية وغرس الوازع الدينى والحرص على اتباع الأخلاق والقيم وتنمية الأنشطة والهوايات ونشر الود والحب فى الأسرة والمجتمع ،ومساعدة الأخرين وخلق فرص للعمل بين الشباب ونشر ثقافة الايثار والعطاء وإحترام الآخرين وشغل أوقات الفراغ والتوعية بالغاية من خلق الانسان وهى العبادة وإعمار الكون وعلى الاعلام نشر الوعى بخطورة تلك الظاهرة ودراسة السياسات الاعلامية للإستثمار فى الشباب والاستفادة من قدراتهم بدلا من تركهم للتعرض للإحباط وتفعيل دور الأزهر فى التوعية بتلك المشكلة وتقديم النصح والارشاد للمفكرين فى هذا السلوك الخاطىء.

 وإستعرض الدكتور أسامة جعفر ورقة عمل حول ” دراسة ظاهرة العنف فى المجتمعات العربية ” مؤكداً أن ظاهرة العنف من الظواهر التى رافقت الانسان منذ وجوده على الأرض ويعد تحد دائم لوجود الانسان نتيجة لانتشاره فى الفترة الأخيرة وينبغى دراسة ظاهرة العنف التى أصبحت تهدد مجتمعاتنا ومعرفة أبعادها الاجتماعية والاقتصادية لعلاجها والاستجابة لمعاناة بعض فئات المجتمع من الأوضاع المتردية والشعور بقسوة الحياه وتعرضهم للتهميش بسبب الخلل المجتمعى والتفكك الأسرى وتشير تلك الأوضاع لترسيخ ظاهرة العنف ويحدث ذلك عندما تنشر وسائل الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعى بعض الوقائع المتصلة بالعنف بصورة تداعب الخيال كما يظهر فى الأفلام مما يشجع الشباب على محاكاة تلك الوقائع فى تعاملهم مع الآخرين .

وهناك عوامل أخرى ساعدت على إدمان الشباب والذى يؤدى لأنماط أخرى من العنف ويزداد العنف نتيجة التغيرات التى يشهدها العالم والتى تساعد على تفكك الروابط المجتمعية ، ويرى البعض أن المجتمعات العربية ليست بكل ذلك السوء لأن هناك عوامل تقى من خطورة المشكلة ومنها الشعور بقيمة الذات ومعرفة الحقوق والواجبات وتنمية الشعور بالمواطنة والقضاء على النعرات العرقية والدينية ، وضرورة بذل الجهود لتعديل الأوضاع المتردية فى معظم الدول العربية وتدفع للجوء الى العنف كالتفاوت الاجتماعى والاقتصادى وغياب القيادة الرشيدة وبذل جهود لتهذيب ثقافة العنف لاستحالة القضاء عليه بحكم طبيعة المجتمع الانسانى.

وتعد التربية والتعليم الوسيلة الناجحة فى مواجهة العنف وكذلك التنشئة الاجتماعية التى يتلقاها الفرد ، ولينبغى الاعتماد على التشريع والقانون فقط لمعالجة مشكلة العنف لأن العديد من مشكلات العنف تأتى للسيطرة على الشارع فى بعض المراكز والقرى وتعد التوعية ووسائل الإقناع والحوار ومراعاة الحقوق والواجبات أداة داعمة للقضاء على ظاهرة العنف والاهتمام بغرس ثقافة تقبل الرأى الآخروالتسامح وإلتماس العذر .

ويلقى الملتقى الضوء على الاهتمام والتركيز على قضية العنف ضد المرأة فهى ضحية فى أغلب الحالات وتصاب بالعاهات والكسور فى ظواهر العنف والتى من الممكن أن تؤدى للموت وذلك نتيجة لتردى الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والاجتماعية ولزيادة حالات التفكك الأسرى والبطالة مما يتعين توضيح أسباب العنف فى المجتمع والعمل على تلافيها لوقف مظاهر العنف ، وتحديد دور الأجهزة المجتمعية فى إطار تكاملى للأسرة مع منظمات المجتمع المدنى والمؤسسات الاعلامية والدينية.

ومفهوم العنف يعنى ” حمل القوة تجاه الاآخرين، والأخذ بالشدة والقوة ” وهى ضد الرفق وهناك عنف إنسانى ضد الانسان سواء كان إعتداء لفظى أو بدنى أو إلحاق الأذى بممتلكات الغير واللجوء للقوة لارغام الأفراد على الأفعال المهينة ، وينبغى تضافر جهود الأسرة والمؤسسات لاتخاذ إجراءات وقائية للحد من إنتشار السلوك العدوانى فى المجتمعولعلاج أثاره ونشر الجهود التنموية التى تعم بالخير على المجتمع بكامله.

ومن أنماط العنف ماهو متصل بالشكل الفردى أو الجماعى ، ويصنف وقتا لفترة إستمراه ونوعية الضرر الذى يلحقه الفرد بنفسه أو بالآخرين وهناك عنف كامن وعنف ظاهر وعنف جسدى وعنف نفسى وعنف منظم إحترافى وعنف غير إحترافى ، وهناك عوامل وأسباب للعنف الشخصى أوالأسرى أو المجتمعى أو ترتبط بالعمل أو المدرسة ، وهناك آثار مترتبة على العنف فى المجتمع العربى تتمثل فى تدهور العلاقات بين من يقوم بممارسة العنف والضحايا ويتسبب العنف الأسرى فى تشرد الأبناء والتفكك الأسرى ،وهناك أثار نفسية تتمثل فى زعزعة الشعور بالأمن والاحساس بالخوف والعجز والمخاوف المرضية وزعزعة الثقة بالنفس وينتج عن ذلك عدم تقدير الذات ، ومظاهر إقتصادية تتمثل فى إلحاق الضرر بالممتلكات العامة وإعاقة إندماج المرأة فى العمليات الانتاجية .

وعلينا وضع أهداف وقائية وإستراتيجيات لمعرفة المعوقات الاجتماعية ووضع أهداف علاجية تقوم بها المؤسسات المجتمعية لاعادة التكيف لأفراد المجتمع لأداء أدوارهن وتكثيف جهود التنمية التى تمارسها المؤسسات لاكساب المواطنين السلوكيات الايجابية لوقاية المجتمع من سلوك العنف والاكتشاف المبكر لحالات العنف بين المواطنين ووقاية الأفراد من التطور السلبى لهذا السلوك وتصحيح العواقب السلبية وتوفير المناخ الأسرى يساعد صاحب السلوك العنيف لتصحيح سلوكه والعمل على ضمان حقوق الأفراد والتمتع بفرص العمل التشاركى والقضاء على أشكال التمييز ضدهم.

 ووضع إستراتيجية الضبط الاجتماعى لتغيير إتجاهات الأفراد وتنميتهم إجتماعياً ، وإستراتيجية الاقناع والضغط لتغيير مهارات التعامل مع الرفقاء وإستراتيجية تحسين الوضع الاجتماعى وتحسين الخدمات المقدمة للمواطن وإستراتيجية تعديل البيئة الاجتماعية والالتزام بقواعد السلوك السوى ومتابعة دور المؤسسات الداعمة لسلوك الفرد .

وهناك عدة إقتراحات تسهم فى قيام الفرد بدوره مثل تطويق الغضب وتحجيم الممارسات العنيفة والسعى لحل الخلافات بأسلوب عقلانى ، والمقاومة النشطة للسلوك العدوانى وإعلان الرفض على المعتدى ومنع الفرد من ممارسة العنف ، وتقليل مصادر التوتر وتوسيع دوائر المشاركة السياسية وحث الافراد على الانخراط فى ممارسة الأنشطة التطوعية.       

#مجلة_نهر_الأمل

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى