عمرو موسى من جامعة الدول العربية:آن الأوان لتحويل صراع الحضارات إلى مشروع عربي للحوار العالمي
عمرو موسى من جامعة الدول العربية:آن الأوان لتحويل صراع الحضارات إلى مشروع عربي للحوار العالمي

رندة رفعت
أطلق صالون جامعة الدول العربية الثقافي حوارًا فكريًا وسياسيًا موسعًا حول مستقبل حوار الحضارات، في جلسة رفيعة المستوى حاضر فيها السيد عمرو موسى، الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية، تحت عنوان: «حوار الحضارات بعد عقدين: مستقبل حوار الحضارات والثقافات من أجل التعايش السلمي»، بمشاركة نخبة من كبار صناع القرار والدبلوماسيين ورموز الفكر الديني.
وشهدت الجلسة حضور الدكتور عصام شرف رئيس مجلس الوزراء الأسبق، والسفير محمد العرابي وزير الخارجية الأسبق، إلى جانب ممثلين عن الأزهر الشريف والكنيسة المصرية، وعدد كبير من السفراء ومندوبي البعثات الدبلوماسية وممثلي الأمانة العامة لجامعة الدول العربية.
وفي كلمته، استعرض عمرو موسى الدور الدولي المتنامي لـ تحالف الأمم المتحدة للحضارات (UNAOC) الذي تأسس عام 2005 بمبادرة من الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة كوفي عنان، كإطار أممي يهدف إلى تعزيز الحوار بين الأديان والثقافات، ومواجهة التطرف، وبناء جسور التفاهم بين الشعوب، مشيرًا إلى تخصيص يوم 10 يونيو من كل عام يومًا دوليًا للحوار بين الحضارات.
ودعا موسى جامعة الدول العربية إلى إنشاء إدارة عربية متخصصة لحوار الحضارات، تكون معنية بترسيخ ثقافة التفاهم بين أتباع الديانات السماوية الإبراهيمية، إلى جانب المعتقدات الدينية والفلسفية الأخرى، مؤكدًا ضرورة الانتقال من خطاب «صراع الحضارات» الذي تفرضه بعض القوى الدولية، إلى حوار حضاري حقيقي قائم على السلام والتعاون وبناء المصالح المشتركة.
وشدد الأمين العام الأسبق على أهمية تفعيل الدور السياسي والثقافي للجامعة العربية في مواجهة التحولات الدولية، في ظل اتساع رقعة التوتر بين الشرق والغرب، داعيًا إلى إطلاق آلية فاعلة لحوار «الجنوب العالمي»، وفتح قنوات اتصال مؤسسية مع الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي والقوى الدولية المؤثرة، بما يسهم في تخفيف حدة الاستقطاب العالمي.
كما تطرق موسى إلى التحولات الكبرى التي يشهدها العالم في مجالات الذكاء الاصطناعي وعلوم الفضاء والبحار والأرض، متسائلًا عن موقع العالم العربي من هذا التقدم المتسارع، رغم امتلاكه طاقات بشرية قادرة على الإبداع، داعيًا إلى التحول من مستهلك للمعرفة إلى منتج لها، وتعزيز الحضور العربي في ميادين العلم والتكنولوجيا.
وأشار إلى أن النظام الدولي يتجه نحو قيادة محتملة لخمس قوى كبرى، هي الولايات المتحدة والصين وروسيا والهند واليابان، محذرًا من أن ممارسات الهيمنة وازدواجية المعايير على حساب القانون الدولي تغذي صراع الحضارات بدلًا من ترسيخ حوار قائم على العدالة.
من جانبه، أكد الدكتور عصام شرف أن مفهوم حوار الحضارات، كما طُرح دوليًا قبل عقود، جاء في سياق يخدم مصالح القوى المنتصرة، مشددًا على ضرورة تكتل دول الجنوب العالمي لمواجهة أنماط الصراع المفروضة على الدول النامية.
بدوره، رأى السفير محمد العرابي أن المشهد الدولي الراهن يشهد في جوهره «صراع أديان» أكثر منه حوار حضارات، محذرًا من خطورة هذا المسار على الأمن والسلم الدوليين، وداعيًا إلى إعادة الاعتبار للحوار الحضاري كمدخل أساسي لتحقيق السلام العالمي.
وأكد ممثل الكنيسة أن الحوار بين الحضارات لم يعد خيارًا فكريًا، بل «ضرورة إنسانية»، انطلاقًا من طبيعة الإنسان ككائن اجتماعي يقوم وجوده على التواصل والتعايش لا الصدام.
فيما شدد ممثل الأزهر الشريف على أن الإسلام يؤمن بجميع الأديان السماوية، ويحترم العقائد المختلفة، ويدعو إلى السلام والتعارف بين الشعوب، مستعرضًا تجربة «بيت العائلة المصرية» كنموذج عملي للتعايش، يعكس شراكة الأزهر والكنيسة في تعزيز الوحدة الوطنية ونبذ التطرف وترسيخ القيم الإنسانية المشتركة.
ويأتي هذا الحوار في توقيت دولي بالغ الحساسية، ليؤكد أن جامعة الدول العربية يمكن أن تلعب دورًا فاعلًا في إعادة صياغة خطاب عالمي بديل، يُعيد للحوار الحضاري مكانته كأداة للسلام، لا كترف فكري في عالم يموج بالصراعات.









