مقالات

الوزان يكتب: “نار النفس”

الوزان يكتب: “نار النفس”

بقلم: أ.د. عبد الكريم الوزان

سأل جلال الدين الرومي شيخهُ شمس الدين التبريزي: كيف تبرد نار النفس؟

‏قال: بالاستغناء، ‏استغنِ يا ولدي فمن تَركَ مَلَكْ.

كثيرا ماتدفع الرغبات غير المشروعة والنزوات الجارفة والاندفاعات الطائشة بعض البشر نحو ارتكاب سلوك غير سوي ينعكس وبالاً عليهم ويصيب المقابل بالضرر بجسامة متفاوتة.

وفي قوله جل وعلا: (وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي).* و ” وَنَفۡسٖ وَمَا سَوَّىٰهَا (٧) فَأَلۡهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقۡوَىٰهَا (٨) قَدۡ أَفۡلَحَ مَن زَكَّىٰهَا (٩) وَقَدۡ خَابَ مَن دَسَّىٰهَا (١٠)*

يقينا فإن ضبط النفس لايعني الحرمان مما أحل لنا ولاتبديد الطموح ولاتثبيط الأمل وتضييق الصدور، بل مزاولة الحياة بشكل طبيعي ومتوازن، دون جزع أو مغالاة أوانفلات أو إسراف، وبتحكيم العقل والبصيرة.

لقد شهد العالم عبر التاريخ، كيف دفع الغضب وهوى النفس، بساسة وحكام إلى تدمير بلدانهم ، ولم يجنوا سوى الندم والضياع.. فلابد اذن من أن نبرّد النفس مهما كانت مكانتنا ووقع مصابنا، حتى ننأى عن نارها !!.

النَفسُ تَبكي عَلى الدُنيا وَقَد عَلِمَت
إِنَّ السَلامَةَ فيها تَركُ ما فيها
لا دارَ لِلمَرءِ بَعدَ المَوتِ يَسكُنُها
إِلّا الَّتي كانَ قَبلَ المَوتِ بانيها
فَإِن بَناها بِخَيرٍ طابَ مَسكَنُها
وَإِن بَناها بَشَرٍّ خابَ بانيها
أَينَ المُلوكُ الَّتي كانَت مُسَلطَنَةً
حَتّى سَقاها بِكَأسِ المَوتِ ساقيها
أَموالُنا لِذَوي الميراثِ نَجمَعُها
وَدورُنا لِخرابِ الدَهرِ نَبنيها
كَم مِن مَدائِنَ في الآفاقِ قَد بُنِيَت
أًمسَت خَراباً وَدانَ المَوتُ دانيها
لِكُلِّ نَفسٍ وَإِن كانَت عَلى وَجَلٍ
مِنَ المَنيَّةِ آمالٌ تُقَوّيها
فَالمَرءُ يَبسُطُها وَالدَهرُ يَقبُضُها
وَالنَفسُ تَنشُرُها وَالمَوتُ يَطويها*

*يوسف آية ٥٣
*الشمس آية٦ -١٠
*الأمام علي (رض)

التعريف بالكاتب:
أ.د. عبد الكريم عبد الجليل الوزان
أستاذ الإعلام
رئيس الجامعة الأفروآسيوية الأسبق

#مجلة_نهر_الأمل

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى