زواج القاصرات: مواجهة جنائية واجتماعية

سلسلة نهر الأمل للتوعية بالقانون الجنائي
مصطلح اليوم
(زواج القاصرات: مواجهة جنائية واجتماعية)
بقلم: د. محمد رمضان عيد محمود جمعه غريب

انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة زواج القاصرات بصورة واضحة في المجتمع المصري، إذ يقوم بعض أولياء الأمور بتزويج بناتهم وهن في سن صغير لأشخاص متمكنين مادياً، وهذه الظاهرة هي نتاج عدم مراعاة القيمة الإنسانية للفتاة حيث يجب أن نوليها الرعاية والاهتمام لتكون مؤهلة لأداء مسئولية قيادية مهمة في بناء الأسرة.
وهناك الكثير من الأسباب التي تساعد على تفشي ظاهرة زواج القاصرات، ومن أهم هذه الأسباب صعوبة الظروف المادية لرب الأسرة؛ وارتفاع الزواج وتكاليفه بصفة مستمرة؛ وعدم كفاية دخل رب الأسرة لرعايتها والانفاق عليها، وكذلك اعتبار الزواج في سن صغيرة سترة للبنت.
وقد تصدت التشريعات الجنائية الوضعية والشريعة الإسلامية لظاهرة زواج القاصرات، ففي القانون المصري لا يجوز مباشرة عقد الزواج ، ولا المصادقة على زواج في مستند رسمي، ولا تسمع دعوى الزوجية في جمهورية مصر العربية إلا بوثيقة رسمية، ولا تسمع دعوى الزوجية ما لم تكن سن الزوجة ثماني عشرة سنة.
وفي الفقه الإسلامي هناك رأي ذهب إلى عدم جواز تزويج القاصر الصغير والصغيرة قبل بلوغهما، ومن هنا نجد مدى قرب القانون الجنائي للشريعة الإسلامية في مواجهة ظاهرة زواج القاصرات.
وباستعراض دقيق للتشريعات الوطنية ذات الصلة في عدد من الدول المختلفة يتبين لنا أن بعض الدول تمتلك تشريعات وطنية متطورة تجرم زواج القاصرات والزواج القسري للفتيات وتعاقب مرتكبيه، وقد اتخذت العديد من الدول تدابير تشريعية للتصدي لممارسات زواج القاصرات والقسري للفتيات، ومن أبرز هذه التدابير تعديل التشريعات الوطنية من أجل رفع الحد الأدنى لسن الزواج إلى 18 سنة، وحظر ممارسات الزواج القسري للفتيات، وكذلك إنزال عقوبات بمرتكبي هذه الظاهرة، في حين نجد أن هناك دولاً أخرى لا تمتلك مثل هذه التشريعات.