السفير مصطفى الشربيني: مؤتمر قمة المناخ في بون 2025 SB62 ليس مجرد محطة تقنية.. بل محطة مفصلية في مسار العمل المناخي العالمي

السفير مصطفى الشربيني: مؤتمر قمة المناخ في بون 2025 SB62
ليس مجرد محطة تقنية.. بل محطة مفصلية في مسار العمل المناخي العالمي
– بين الأمل والضغوط السياسية: محطات مفصلية حاسمة على طريق COP30 في بيليم، ما الذي يمكن توقعه من مؤتمر بون لتغير المناخ لعام 2025؟
– حيث يُعقد مؤتمر بون لتغير المناخ 2025 SB62 كمحطة مفصلية في مسار العمل المناخي العالمي، حيث يجتمع المفاوضون من كل الدول لاستكمال القضايا المعلقة من مؤتمر COP29 في باكو، والاستعداد الفني والسياسي لمؤتمر الأطراف الثلاثين COP30 الذي سيعقد في مدينة بيليم بالبرازيل.
– ونستطيع القول ان مؤتمر بون 2025 ليس مجرد محطة تقنية، بل نقطة محورية على طريق COP30.
– سيمثل لحظة اختبار للنظام الدولي في ظل تصاعد الأزمات الجيوسياسية، وتراجع الالتزامات التمويلية، وتنامي الخطابات الشعبوية.
– وفي ظل ذلك، فإن التقدم في قضايا التكيف، التخفيف، النوع الاجتماعي، والشفافية سيُحدّد ما إذا كان العالم قادرًا فعليًا على تسريع العمل المناخي أم لا.
أكّد السفير مصطفى الشربيني، رئيس وفد سفراء المناخ، حضوره ومشاركته الرسمية في مؤتمر بون لتغير المناخ 2025، المنعقد حاليًا في مدينة بون الألمانية، في الفترة من 16 إلى 26 يونيو، وذلك في إطار الاجتماعات السنوية الهيكلية للهيئتين الفرعيتين لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ SBSTA وSBI التابعة لـ UNFCCC.
وأوضح السفير الشربيني في تصريح خاص لوكالة أنباء الشرق الأوسط، أنه من المقرر عقد مؤتمر صحفي رسمي له وللوفد المرافق يوم الاثنين الموافق 16 يونيو الجاري، في تمام الساعة 3:30 عصرًا، بالغرفة رقم 4، وذلك ضمن جدول المؤتمرات الرسمية الصادر عن الأمانة العامة للاتفاقية.
وأشار السفير الشربيني إلى أن مؤتمر بون لهذا العام يُمثّل منعطفًا فاصلًا في مسار مفاوضات المناخ العالمية، لا سيما مع تصاعد التحديات المناخية، وتعثر تقدم التزامات التخفيف من الانبعاثات، وضرورة تسريع مسارات التكيف.
وأضاف: “ندخل مؤتمر بون هذا العام في ظل مؤشرات خطيرة تؤكد تسارع آثار تغيّر المناخ، في وقت تتراجع فيه التزامات بعض الدول الكبرى، وتتسع الفجوة بين ما هو ممكن علميًا وما هو متحقق سياسيًا على الأرض. ومن هنا، فإن الدور الذي يمكن أن تلعبه الأطراف غير الحكومية والمجتمع المدني، لا سيما سفراء المناخ، يزداد أهميةً وتأثيرًا.”
ملفات حساسة ومصيرية تناقش في بون
وأوضح الشربيني أن من أبرز الملفات المطروحة للنقاش:
1. ملف التكيف:
من الأهداف الغامضة إلى مؤشرات قابلة للقياس، سيتصدر الهدف العالمي للتكيف GGA جدول أعمال المؤتمر، بوصفه أحد أعقد الملفات التي ما زالت تعاني من بطء في التقدم.
ورغم أن اتفاق باريس قد أقر هذا الهدف منذ 2015، إلا أن ترجمة مفهوم “تعزيز القدرة على التكيف والمرونة وتقليل الهشاشة” إلى آليات عمل ملموسة لا تزال قيد التطوير.
في مؤتمر دبي COP28 تم اعتماد إطار شامل يحدد أهدافًا للتكيف في مجالات المياه، الصحة، الزراعة، التنوع البيولوجي، البنية التحتية، والتراث الثقافي. ويجري الآن العمل على تحديد 490 مؤشرًا محتملًا لقياس التقدم، وهي نسخة مصغرة من قائمة أولية ضخمة شملت 9000 مؤشر.
وسيُركز مفاوضو بون على مناقشة هذه المؤشرات، وتحليل قابليتها للتطبيق، ومدى اتساقها مع السياقات المحلية والدولية، والعدالة الاجتماعية.
2. ملف التخفيف: الآمال المهددة بالتلاشي
رغم وجود برنامج عمل للتخفيف MWP ، فإن زخم التخفيف لا يزال ضعيفًا مقارنة بالطموحات، حيث لم تؤدِ الحوارات القطاعية إلى تعزيز الالتزامات ولا تسريع التنفيذ على الأرض.
وتواجه نتائج التقييم العالمي الأول GST1 ، الذي دعا بوضوح إلى التحول عن الوقود الأحفوري، مقاومة قوية من بعض الدول التي ترفض تحويل هذا الإعلان السياسي إلى خطوات تنفيذية فعلية.
3. المساهمات المحددة وطنيًا NDCs: سباق ضد الزمن
بحلول فبراير 2025، كان من المفترض أن تكون جميع الدول قد قدمت الجولة الثالثة من مساهماتها المحددة وطنيًا NDC3 .
حتى الآن، قدمت 22 دولة فقط تلك المساهمات، ما يضع ضغطًا على بقية الأطراف لتقديم خططها قبل الموعد النهائي الثاني في سبتمبر 2025.
وتشكل هذه الخطط الأساس لقياس التقدم العالمي نحو تحقيق هدف 1.5 درجة مئوية، وستُعرض في تقرير تجميعي تحضره أمانة اتفاقية باريس.
4. تقارير الشفافية الثنائية: أول اختبار لنظام الإبلاغ العالمي
لأول مرة، تُقدم الدول تقاريرها بموجب نظام الشفافية المعزز لاتفاق باريس، حيث أرسلت أكثر من 110 دولة تقارير الأداء الثنائية، التي تشمل التقدم في تنفيذ NDCs، والدعم المالي والتقني، واحتياجات التمويل.
وفي بون، ستُعرض هذه التقارير في جلسات عامة، وسيتبادل المفاوضون الدروس المستفادة بشأن التحديات والفرص في جمع وتحليل البيانات المناخية.
5. التمويل المناخي: أزمة ثقة متواصلة
رغم تحديد هدف تمويلي جديد NCQG بقيمة 300 مليار دولار سنويًا في COP29، إلا أن هذا الرقم قوبل باستياء واسع من الدول النامية، التي اعتبرته دون التوقعات، ودون خارطة طريق واضحة لتحقيقه.
ومن غير المتوقع إحراز تقدم كبير في بون على هذا الصعيد، خاصةً أن اجتماع يونيو لا يركّز عادة على التمويل، لكنه قد يشهد نقاشات جانبية حول خارطة طريق “باكو-بيليم” التي تعمل عليها البرازيل لرفع سقف التمويل إلى 1.3 تريليون دولار بحلول 2030.
6. النوع الاجتماعي وحقوق الإنسان: جبهات تفاوضية متوترة
من المنتظر أن يبدأ المفاوضون في بون إعداد خطة عمل جديدة لبرنامج النوع الاجتماعي بعد أن تم تمديده لعشر سنوات في باكو.
لكن المناخ السياسي العالمي المحافظ يعقّد التقدم، حيث ظهرت اعتراضات من دول ترفض مصطلحات مثل “النوع الاجتماعي” أو “التمييز المتقاطع”، وتفضل لغة محافظة تحصر النقاش في “الرجال والنساء”.
هذا الصراع الثقافي قد يؤثر سلبًا على جوهر خطة العمل إذا لم يتفق المفاوضون على بنود تضمن مشاركة النساء والفئات المهمشة بفعالية.
7. التحضيرات اللوجستية لـ COP30 في بيليم
نظرًا لموقع مدينة بيليم في قلب غابات الأمازون، يثير مؤتمر COP30 تحديات تنظيمية غير مسبوقة.
في بون، سيتم التباحث حول البنية التحتية، وأعداد المشاركين، وربما فرض قيود على الوفود. كما ستُستخدم الاجتماعات لتقييم جاهزية البرازيل لتنظيم مؤتمر قد يتجاوز 80,000 مشارك.
8. دور البرازيل كرئاسة COP30: عودة الثقل السياسي
تأتي رئاسة البرازيل لمؤتمر COP30 في سياق عودة هذه الدولة الكبرى إلى ساحة المناخ الدولية، بعد سنوات من الغياب. وتُظهر البرازيل قيادة استباقية، تحاول دمج وزارات المالية والزراعة في العملية المناخية، وتعزيز أولوياتها في حماية الأمازون وحقوق الشعوب الأصلية.
وتحرص على أن يكون COP30 مؤتمرًا لـ الإجراءات التنفيذية لا مجرد الوعود المستقبلية، وهو ما سينعكس في لغة الخطاب التفاوضي في بون.
رسالة من وفد سفراء المناخ
وأكد الشربيني أن وفد سفراء المناخ، الذي يضم ممثلين من المجتمع المدني وخبراء من الدول العربية والإفريقية، يحمل رسالة واضحة في بون: “نريد التأكيد على ضرورة الالتزام بمخرجات COP28، وعلى أهمية تسريع العمل المناخي على مستوى التنفيذ، وبناء الثقة من جديد بين الشمال والجنوب. كما سنسعى إلى تقديم مبادرات مبتكرة في مجال تمويل المناخ، والتكيّف المجتمعي، وتمكين الشباب والنساء.”
كما دعا الشربيني إلى إعادة توجيه تمويل المناخ إلى مشروعات حقيقية وواقعية تعزز القدرة على التكيف في الدول الأكثر هشاشة، لا سيما في إفريقيا والدول الجزرية.
نحو COP30 في البرازيل
واختم الشربيني تصريحه بالتأكيد على أن مؤتمر بون سيكون بمثابة “محطة تحديد الاتجاه” نحو COP30 المقرر عقده في مدينة بيليم البرازيلية، قائلاً: “علينا أن نعمل على ألا يكون مؤتمر بون محطةً إجرائية فحسب، بل أن يشكل أرضيةً توافقية تُفضي إلى قرارات واضحة وطموحة في COP30 نحن بحاجة إلى إجراءات فعلية تتجاوز الشعارات، والكرة الآن في ملعب الحكومات والمؤسسات المالية الدولية”.