أطفال التوحد ليسوا متخلفين وإنما مختلفين: الطفل التوحدي بين الحقوق والتحديات.
كتبت: د.آمال مختار متولى (أستاذ الصحة العامة وطب المجتمع – قسم بحوث طب المجتمع – بالمركز القومى للبحوث).
كان واحدًا من أهداف مبادرة المسح القومى لمعدل انتشار اضطراب التوحد والإعاقات للأطفال 1-12 سنة بجمهورية مصر العربية بقيادة أ.د / أمال مختار متولي الباحث الرئيسي للمبادرة / أستاذ باحث الصحة العامة والطب الوقائي وطب المجتمع – قسم بحوث طب المجتمع- المركز القومي للبحوث هو استطلاع رأي أولياء أمور الأطفال الذين يعانون من اضطراب التوحد فيما يخص التحديات والاحتياجات في 8 محافظات تمثل جميع مناطق مصر الجغرافية وفقًا لكثافتها السكانية عدد: منطقه حضرية واحدة (القاهرة) ، 3 من الوجه القبلى (الفيوم وأسيوط وأسوان) ، 3 من الوجه البحري (الدقهلية والغربية ودمياط) وواحدة حدودية ( مرسى مطروح) خلال أربعة سنوات (مارس 2017 –يونية 2021 )،
والجدير بالذكر أن المبادرة تم تمويلها من أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا (منحة رقم 13893)، وتنفيذها من خلال فريق متخصص من المركز القومي للبحوث ومركز القاهرة الديموغرافي بالتعاون مع الإدارة العامة للحد من الإعاقة بوزارة الصحة والسكان.
وقد أشارت أ.د / أمال مختار أن اضطراب طيف التوحد يعد من الاضطرابات النمائية العصبية التى تؤدى إلى مشاكل كبرى فى القدرة علي التفاعل الوجدانى، والتواصل اللفظى، وغير اللفظى، وكذلك فى انضباط السلوك. وذلك لأن المعالجة المركزية بالمخ للمعلومات، والمثيرات المتنوعة تكون مختلفة بالكلية بين ذوى التوحد ، وغيرهم.
وأوضحت أ.د امال مختار بأن التوحد يؤثر على العديد من جوانب الحياة الأسرية، وليس فقط يؤدي إلى الضعف البدني والنفسي للآباء والأمهات ذلك كونة إعاقة تطورية قد تمتد مدى الحياة. وأنه يتسبب في مشكلة بطالة كبيرة وأعباء مالية ضخمة خاصة في مصر التي تعتبر البلد الأكثر اكتظاظًا بالسكان في الشرق الأوسط والثالث الأكثر اكتظاظًا بالسكان في القارة الأفريقية وكذلك لوجود نسبة كبيرة من المصريين تحت خط الفقر.
وأشارت د. أمال أن هذا الوضع يضاعف العبء على المجتمع. حيث تؤثر علي التكاليف المباشرة والتي تشمل خدمات الأطباء وخدمات العيادات الخارجية، والأدوية الموصوفة بوصفة طبية، والعلاجات السلوكية والتكاليف غير الطبية المباشرة مثل التعليم الخاص وقد تؤدي التكلفة العالية للتعليم الخاص لطفل التوحد إلى جعل الوضع المالي لأسر التوحد أسوأ، وبعض الأسر ذات الدخل المنخفض تكون غير قادرة على تحمل تكاليفها على الإطلاق. في ذات الوقت نجد أن أولياء أمور الأطفال الذين يعانون من اضطراب التوحد المزمن لديهم مشاكل لرعاية الأطفال تؤثر بشكل كبير على قرارات التوظيف الخاصة بهم.
وأوضحت أ. د. آمال مختار بأن نتائج الاستطلاع تشير إلي أن معظم أولياء الأمور يتفاعلون مع التوحد بالشفقة والتعاطف (84.4%) ،وبأنه يجب وصف الطفل المصاب باضطراب التوحد باستخدام مصطلحات: مثل له الطبيعة الخاصة ، أو ذو قدرات مختلفة أو مختلف وهذا مايرغب به أولياء الأمور، كما وأنه هناك قصور شديد في وعي أولياء الأمور بالمسببات، والمقدمات الأولى لحدوث وتطور اضطراب التوحد.
ويرى الغالبية أن المجتمع لا يساوي بين الأطفال المصابين باضطراب التوحد مع غير المصابين به في الحقوق بنسبة 94.5%، وأن الأطفال المصابين بالتوحد لا يتلقون معاملة جيدة ولا يتمتعون بالحماية (90.6%) ، ولا يمكنهم أن يعيشوا حياة طبيعية أو يحضروا المناسبات الاجتماعية بنسبة 75.7 %. كما يعترفون بأن الحياة في وجود طفل مصاب بالتوحد ليس مريحًا بشكل عام ويشكل عبئا علي الأسرة بنسبة 71.4 %، على الرغم من أنهم يستطيعون التواصل معهم بشكل جيد . كما أقر 51.4% من أولياء الأمور بأنه يتم إخفاء أطفالهم المصابون باضطراب التوحد عن المجتمع بسبب ما يتسببوا بة من إحراج أسرهم ، وأشاروا أنهم أكثر عرضة للإساءة بما في ذلك التعذييب والتحرش والاعتداء الجنسي (80.8%).
أفاد أولياء الأمور أن أطفالهم المصابين باضطراب التوحد برغم عدم قدرتهم بالمساهمة بأي شيئ للأسرة أو المجتمع عندما يكبرون ،وبأن لديهم أنشطة اجتماعية محدودة إلا أنهم يجب أن يتمتعوا بجميع حقوقهم ، ويجب أن يذهبوا إلى المدرسة (97.8%)وأن يصادقوا الأطفال الغير مصابين بالتوحد (85.5%)، وكانت أبرز التحديات الرئيسية التي واجهها آباء الأطفال المصابين بالتوحد هي التواصل اليومي في الحياة (24.% %) وفرط النشاط لدى أطفالهم (24.4%) ، والإحراج بسبب سلوكيات أطفالهم (12.4%). ذكر نصف الآباء أن الخروج من الأمور التي لا يمكن القيام بها. كانت التحديات الأكثر انتشارًا التي أبلغ عنها الآباء الذين شملهم الاستطلاع وعددهم 267 هي العوائق المتعلقة بالحصول على التعليم (67.1٪) والرعاية الصحية (66.7٪). كان النقل و / أو دخول المباني والأماكن العامة أكثر الحواجز التي تم تحديدها والتي واجهها أكثر من نصف الآباء (58.5٪) للوصول إلى الخدمات. تعرض ما يقرب من نصف الآباء للتمييز أو الوصم إما ضد أطفالهم (56٪) أو ضد الأسرة بأكملها (41.8) مع التنمر الذي تم الإبلاغ عنه بشكل خاص من الأقارب يليه الأجانب. فقط 34٪ من الأطفال المصابين بالتوحد يذهبون حاليًا إلى المدرسة ، حيث يذهب 75٪ منهم إلى مدارس ذوي الاحتياجات الخاصة. التحدي الأكثر شيوعًا في إرسال الأطفال إلى المدرسة هو الإفتقار الي المعلمين المدربين الذين يمكنهم التعامل مع الأطفال المصابين باضطراب التوحد (53.2٪).وفيما يتعلق بتوفر الرعاية والخدمات الصحية للأطفال المصابين باضطراب التوحد وأسرهم ، يرى معظمهم أنه لا يتم تقديم خدمات حكومية للأسر (49.7 %)، ولا يعرفون الخدمات الخاصة المتاحة لأطفالهم المصابين بالتوحد (55.8 %) مثل خدمات تكافل وكرامة ومراكز التواصل.
وأفاد معظمهم بأن تقديم الخدمات الصحية (88%) تليها الخدمات التعليمية (77.2%)كأهم الخدمات التي يجب على الحكومة أن تعطيها الأولوية. يعتقدون أن العوائق الرئيسية التي تمنع الأطفال المصابين بإضطراب التوحد من التمتع بحياة أفضل هي ما لديهم من مشاكل فى الكلام (33.7%) وقلة فرص التعليم(28.3%) بالإضافه إلى عدم الوعي او عدم تقبل او نظرة المجتمع (21.7%)، ولذلك فإن المجالات الرئيسية التي يجب تحسينها لتقديم مساعدة أفضل هي فرص تعليمية أفضل(89.1%) ، وخدمات طبية أفضل (85.5%) ، ومزيد من المساعدة المالية (79.3%)، وأنشطة إعادة التأهيل المجتمعية (70.7%).