الاخبار

أمين عام المجلس العالمى للمجتمعات المسلمة يوضح التكامل المعرفي بين الأخلاق والفقه وأصوله

 

أمين عام المجلس العالمى للمجتمعات المسلمة يوضح التكامل المعرفي بين الأخلاق والفقه وأصوله

د.محمد البشارى

إستعرض الدكتور محمد بشاري امين عام المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة ((التكامل المعرفي بين الأخلاق والفقه وأصوله)) خلال كلمته في المؤتمر العالمي التاسع للامانة العامة لدور و هيآت الافتاء في العالم حول :” الفتوى و البناء الاخلاقي في عالم متسارع” القاهرة يومي 29-30 يوليوز 2024 مشيراً  إنّ البحث في التكامل المعرفي بين الأخلاق والفقه وأصول الفقه يعدّ موضوعًا ذا أهمية بالغة في الدراسات الإسلامية. هذا التكامل يعكس الترابط العميق بين الشريعة الإسلامية ككل ومبادئ الأخلاق، حيث أن الأخلاق لا تنفصل عن الفقه وأصوله، بل تتكامل معها لتشكل إطارًا شاملاً يوجه السلوك الإنساني ويضبطه وفقًا لمبادئ الشريعة الإسلامية.

مفهوم التكامل المعرفي

التكامل المعرفي يشير إلى التفاعل والتداخل بين مختلف المجالات المعرفية بحيث لا تعمل كل منها بمعزل عن الأخرى، بل تتكامل لتحقيق فهم أعمق وأشمل للموضوعات المدروسة. في السياق الإسلامي، هذا التكامل يظهر بوضوح في العلاقة بين الأخلاق والفقه وأصوله، حيث يعتمد الفقه على المبادئ الأخلاقية لتفسير الأحكام الشرعية وتطبيقها في الحياة اليومية.

الأخلاق في الإسلام

الأخلاق في الإسلام ليست مجرد مجموعة من القواعد السلوكية، بل هي جزء لا يتجزأ من العقيدة والشريعة. الأخلاق الإسلامية تهدف إلى تهذيب النفس البشرية وتوجيهها نحو الفضيلة والخير، مستمدة من القرآن الكريم والسنة النبوية. الأخلاق تعبر عن القيم والمبادئ التي يجب أن يتحلى بها المسلم في تعامله مع الله، ومع نفسه، ومع الآخرين.

الفقه وأصول الفقه

الفقه هو العلم الذي يعنى بفهم وتطبيق الأحكام الشرعية المستمدة من القرآن والسنة والإجماع والقياس. الفقه يهدف إلى تنظيم حياة المسلمين وفقًا للشريعة الإسلامية. أما أصول الفقه فهي القواعد والمبادئ التي يعتمد عليها الفقهاء في استنباط الأحكام الشرعية. أصول الفقه توضح كيفية استخدام الأدلة الشرعية وتطبيقها على الوقائع المختلفة.

العلاقة بين الأخلاق والفقه

الأخلاق والفقه يرتبطان ارتباطًا وثيقًا في الإسلام. الأخلاق توفر الإطار القيمي الذي يوجه الفقه ويضبطه، حيث يجب أن تكون الأحكام الفقهية متوافقة مع المبادئ الأخلاقية. الفقه بدون الأخلاق يمكن أن يصبح مجموعة من القواعد الجافة التي تفتقر إلى الروح والقيم. على سبيل المثال، الفقه يعالج قضايا مثل الصدق والأمانة والعدل في المعاملات، وهذه القضايا ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالأخلاق.

أهمية التكامل بين الأخلاق والفقه وأصوله

1. تحقيق العدالة الشاملة: التكامل بين الأخلاق والفقه يضمن أن تكون الأحكام الشرعية عادلة وشاملة، تحقق التوازن بين الحقوق والواجبات.

2. ضبط السلوك الإنساني:!الأخلاق توجه الفقه لضبط السلوك الإنساني وفقًا لمبادئ الشريعة الإسلامية، مما يسهم في بناء مجتمع فاضل.

3. الاستجابة للتحديات المعاصرة: التكامل المعرفي يمكن الفقه من الاستجابة للتحديات المعاصرة بمرونة وفعالية، حيث يتم تفسير الأحكام الشرعية في ضوء القيم الأخلاقية.

.
امل المعرفي بين الأخلاق والفقه

إن تسليط الضوء على معالم التكامل المعرفي بين الأخلاق والفقه وأصول الفقه يمثل خطوة حاسمة في بناء رؤية أخلاقية قرآنية معاصرة. هذا التكامل يهدف إلى دمج الأبعاد الفلسفية والعلمية للأخلاق مع الفقه الإسلامي لتقديم إطار أخلاقي شامل يواكب متطلبات العصر. الفقه الإسلامي، بأصوله وفروعه، يحتوي على منظومة من القيم والمبادئ التي تهدف إلى تحقيق العدالة والمساواة والرحمة في المجتمع.

الفيلسوف باروخ اسبينوزا، على سبيل المثال، عدّ الأخلاق علمًا بحد ذاته وليس مجرد انعكاس فلسفي . أما الفيلسوف أوجست كونت فقد أكد على الحاجة لترقية مباحث الأخلاق بحيث تشكل علم أخلاق مستقلة وذلك من خلال علم الاجتماع . هذه النظرة العلمية للأخلاق تسهم في تعزيز دورها كعلم مستقل يمكن دراسته وتحليله باستخدام الأدوات العلمية.

استنتاج

إن التكامل المعرفي بين الأخلاق والفقه وأصول الفقه يعكس عمق وحكمة الشريعة الإسلامية في توجيه حياة المسلمين نحو الخير والفضيلة. هذا التكامل يضمن أن تكون الأحكام الشرعية مبنية على قيم ومبادئ أخلاقية، مما يسهم في تحقيق العدالة والشمولية والرحمة في جميع جوانب الحياة. من خلال فهم هذا التكامل والعمل به، يمكن للمجتمعات الإسلامية أن تحقق التوازن بين الروح والمادة، وبين الحقوق والواجبات، مما يؤدي إلى بناء مجتمع متماسك ومستقر قائم على القيم الإسلامية السامية.

خاتمة: نحو بناء رؤية أخلاقية قرآنية معاصرة

في عصرنا الحالي، يشهد العالم تحولاً كبيرًا في المسارات الأخلاقية والاجتماعية نتيجة لتراكم المعارف وتقدم العلوم والتكنولوجيا. هذه التحولات تتطلب إعادة النظر في العديد من المفاهيم والقيم الأخلاقية لضمان ملاءمتها للعصر الحالي. من هنا، تأتي الحاجة الملحة لبناء رؤية أخلاقية قرآنية معاصرة تواكب هذه التحولات وتقدم إطارًا أخلاقيًا شاملاً ومستدامًا يستند إلى النصوص الشرعية وقيم الإسلام الأساسية.

الأخلاق الإسلامية ليست مجرد منظومة توجيهات سلوكية، بل هي جزء لا يتجزأ من العقيدة الإسلامية. الأخلاق في الإسلام ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالإيمان وبالسلوك اليومي للفرد المسلم، وتنعكس في جميع جوانب الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. لذلك، فإن بناء رؤية أخلاقية معاصرة يستدعي النظر في التكامل بين الأخلاق والفقه وأصول الفقه، بما يعزز من قدرة المسلمين على التعامل مع التحديات الراهنة بفاعلية وحكمة.

المجتمع المتكامل أخلاقيًا

بناء مجتمع أخلاقي سوي يتطلب تعزيز القيم الأخلاقية والفقهية المستمدة من القرآن الكريم والسنة النبوية. هذا المجتمع يعتمد على التفاعل الإيجابي بين مختلف شرائحه وعلى تطبيق العدالة والاحترام المتبادل. يقول الله تعالى: *”وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ”* (المائدة: 8)، مشيرًا إلى أهمية العدل كقيمة أساسية في العلاقات الإنسانية.

#مجلة_نهر_الأمل

 

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى